الأنشطة غير النفطية تقود نمو الاقتصاد السعودي إلى 1.3 % خلال 2024

أعلى معدل في عامين للناتج المحلي الإجمالي بالربع الرابع عند 4.4 %

جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT
20

الأنشطة غير النفطية تقود نمو الاقتصاد السعودي إلى 1.3 % خلال 2024

جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

استعاد الاقتصاد السعودي نموه في عام 2024، محققاً 1.3 في المائة، مع قفزة مهمة خلال الربع الرابع وصلت إلى 4.4 في المائة، وهي الأعلى خلال العامين الأخيرين، مدفوعاً بشكل أساسي بنمو الأنشطة غير النفطية التي ارتفعت بنسبة 4.3 في المائة.

وجاء هذا النمو بعد انكماش سجله الاقتصاد في عام 2023 بواقع 0.8 في المائة، وهو أعلى من تقديرات وزارة المالية السعودية التي توقعت أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً بواقع 0.8 في المائة خلال 2024، وأقل قليلاً من تقديرات «صندوق النقد الدولي» الأخيرة البالغة 1.4 في المائة.

ويتقاطع ارتفاع نمو الأنشطة غير النفطية مع توجهات المملكة لتنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على النفط بصفته أكبر الإيرادات في موازنتها. وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال خلال «المنتدى الاقتصادي العالمي»: «نحن بحاجة إلى توخي الحذر عندما ننظر إلى الناتج المحلي الإجمالي بوصفه مقياساً للنمو؛ لأنك بحاجة إلى النظر لمؤشرات أخرى. لا يهم رقم الناتج المحلي الإجمالي حقاً. تركيزنا هو حقاً على الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وقد نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بشكل صحي للغاية على مدى السنوات القليلة الماضية؛ ومن المرجح أن نرى هذا النمو يتصاعد في الأمد المتوسط».

وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال جلسة «التحولات الاقتصادية في السعودية» بدافوس (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال جلسة «التحولات الاقتصادية في السعودية» بدافوس (الشرق الأوسط)

من جهته، توقع وزير الاقتصاد والتخطيط، فيصل الإبراهيم، خلال «المنتدى»، أن يسجل الاقتصاد غير النفطي نمواً في 2024 بواقع 3.9 في المائة. وقال: «نحن في السعودية نبحث عن فرص تعدّ محركات النمو على الرغم من التغيرات الاقتصادية، ولدينا نمو في الأنشطة غير النفطية؛ فهي تمثل 52 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا مؤشر على أن الأمور تمضي في الاتجاه الصحيح».

ووفق التقديرات السريعة الصادرة عن «الهيئة العامة للإحصاء»، الخميس، فقد جاء نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الأخير مدعوماً بنمو الأنشطة الاقتصادية الرئيسة؛ إذ نمت الأنشطة غير النفطية 4.6 في المائة، والنفطية بنحو 3.4 في المائة، والحكومية بنسبة 2.2 في المائة، مقارنةً بما كانت عليه في المدة نفسها من عام 2023. ووفق هذه التقديرات السريعة، فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام الماضي نمواً نسبته 1.3 في المائة، مقارنةً بـ2023، ويعود هذا النمو إلى ارتفاع الأنشطة غير النفطية 4.3 في المائة، إضافةً إلى نمو الأنشطة الحكومية 2.6 في المائة، في حين شهدت الأنشطة النفطية انخفاضاً بنسبة 4.5 في المائة.

المقارنة الربعية

تظهر نشرة «الهيئة» تطورات الناتج المحلي الإجمالي منذ الربع الأول من 2023 حين سجل نمواً بنسبة 3.2 في المائة، ثم 1.7 في الربع الثاني من العام نفسه. أما الربع الثالث، فشهد انكماشاً بنسبة 3.2 في المائة. واستمرت سلسلة التراجع إلى الربع الثالث من العام الماضي بعد تسجيل نمو قدره 2.8 في المائة، ليختتم العام بأعلى معدل عند 4.4 في المائة.

وأظهرت نتائج النشرة ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المعدَّل موسميّاً خلال الربع الرابع، بنسبة 0.3 في المائة، قياساً بما كان عليه في الربع الثالث من العام نفسه، وجاء ذلك نتيجة ارتفاع الأنشطة غير النفطية 1.3 في المائة، علاوةً على نمو الأنشطة الحكومية بمعدل 0.6 في المائة، بينما شهدت الأنشطة النفطية انخفاضاً بمقدار 1.5 في المائة، على أساس ربعي.

المقارنة السنوية

يلاحظ من خلال النشرة التقديرية أن عام 2022 شهد الناتج المحلي الإجمالي فيه أعلى نمو على مدار الأعوام الثمانية الماضية بتسجيله 7.5 في المائة، وكان في عام 2021 سجل 5.1 في المائة، وفي 2018 بلغ 3.2 في المائة، والعام الماضي سجل 1.3 في المائة.

برامج تحفيز الاقتصاد

ويرى مختصون أن استمرارية الإنفاق على جميع القطاعات الاقتصادية؛ بما فيها الجديدة والواعدة، ساهمت في نمو الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدين أن الأنشطة غير النفطية تعدّ المغذي الأول للاقتصاد السعودي بعد أن كان القطاع النفطي المتحكم الرئيسي في ذلك. وأوضح عضو مجلس الشورى، فضل سعد البوعينين، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاقتصاد السعودي يشهد إعادة بناء طويلة المدى، ولكنه أصبح أكبر قدرة على امتصاص الصدمات والتكيف مع المتغيرات وتحقيق النمو، رغم التحديات الاقتصادية العالمية، التي قطعاً تؤثر على الاقتصاد المحلي».

وتابع البوعينين أن «نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السعودية بنسبة 4.4 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2024، وهو أعلى معدل نمو خلال العامين الأخيرين، مدعوماً بنمو الأنشطة الاقتصادية الرئيسة، يؤكد على نجاح الإصلاحات الاقتصادية والإدارة الحصيفة من جهة؛ وأهمية برامج تحفيز الاقتصاد في تحقيق مزيد من النمو وضمان استدامته».

وقال: «من المهم الإشارة إلى نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.6 في المائة؛ مما يعني أن نمو القطاع غير النفطي هو المغذي الأول للنمو بعد أن كان القطاع النفطي المتحكم الرئيس في النمو».

وأشار إلى أن القطاع النفطي «لا يزال يشكل ثقلاً لا يمكن التقليل من أثره في الاقتصاد، غير أن نموه كان بنسبة 3.4 في المائة؛ أي أقل من الأنشطة غير النفطية التي تركز عليها مستهدفات (رؤية 2030)».

ووفق البوعينين، فإن نمو القطاع غير النفطي يحتاج إلى «مواصلة الجهود الحكومية ومعالجة التحديات التي تظهر بين الحين والآخر، ووضع رؤية استراتيجية محكمة للتعامل مع التحديات الاقتصادية العالمية والمالية، التي ربما ارتبطت بحجم السيولة في الاقتصاد، والتي قد تشكل تحدياً للقطاع الخاص والمالي ولاستدامة نمو القطاع غير النفطي مستقبلاً».

تمكين القطاع الخاص

من جهته، قال عضو مجلس الشورى السابق المختص في الاقتصاد، الدكتور فهد بن جمعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نمو الناتج المحلي السعودي جاء نتاج استراتيجية حكومية ركزت على التنوع الاقتصادي، عبر تطوير قطاعات عدة وجديدة أصبحت فعالة وذات مردود إيجابي على الاقتصاد الوطني، مما ساهم في تكوين قاعدة اقتصادية متينة وقوية قادرة على مجابهة الأزمات العالمية».

ولفت إلى أن نمو الناتج المحلي يؤكد أن «البلاد تسير على المسار الصحيح باقتصاد متنوع ينبئ بمستقبل جيد للبلاد»، مبيناً أن الأنشطة غير النفطية «ما زالت مستمرة في الصعود بفضل تمكين القطاع الخاص، والتسهيلات والدعم الحكومي المقدم للشركات السعودية؛ من أجل توسيع أعمالها والوصول إلى المستهدفات المحددة من قبل الدولة في ظل (رؤية 2030)».

وختم المختص في الاقتصاد قائلاً: «يلاحَظ من نتائج الربع الرابع عام 2024 أن الأنشطة النفطية تشهد تحسناً وتنمو بنسبة 3.4 في المائة، إلى جانب الأنشطة الحكومية بـ2.2 في المائة، وجميع تلك التطورات تنعكس إيجاباً على الاقتصاد السعودي».


مقالات ذات صلة

تتويج الفائزين بجوائز «المنتدى السعودي للإعلام»

يوميات الشرق وزير الإعلام سلمان الدوسري مكرماً الدكتور هاشم عبده هاشم (واس)

تتويج الفائزين بجوائز «المنتدى السعودي للإعلام»

كرّم «المنتدى السعودي للإعلام»، مساء أمس، الفائزين بجوائز نسخته الرابعة، التي نظمتها هيئة الإذاعة والتلفزيون في الرياض، على مدى ثلاثة أيام، بحضور جم.

الاقتصاد ياسر الرميان خلال مشاركته في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في ميامي (الشرق الأوسط)

الرميان: «صندوق الاستثمارات» يسهم في تشكيل الاقتصاد السعودي ويعزز حضوره دولياً

أكد ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة الدور الحاسم الذي يلعبه الصندوق في تشكيل مستقبل السعودية الاقتصادي، ووصفه بأنه «المحرك الاقتصادي للمملكة».

مساعد الزياني (ميامي)
الاقتصاد جيري إنزيريلو الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير الدرعية خلال مشاركته في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بميامي (الشرق الأوسط)

إنزيريلو: الدرعية تتحول إلى مركز عالمي مزدهر

أكد جيري إنزيريلو، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير الدرعية، أن مشروع تطوير الدرعية يمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية طموحة.

مساعد الزياني (ميامي)
الاقتصاد من مراسم توقيع الاتفاقية على هامش أعمال الجناح السعودي في معرض «آيدكس 2025» (الشرق الأوسط)

اتفاقية بين «بان نسما» و«جال» و«أمروك» في مجال صيانة الطائرات

شهد الأمير تركي بن عبد العزيز بن أحمد توقيع اتفاقية تعاون ثلاثية الأطراف بين شركات «بان نسما» السعودية و«جال» و«أمروك» الإماراتيتين.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد يزيد الحميد نائب محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي خلال مشاركته في المنتدى بمدينة ميامي الأميركية (الشرق الأوسط)

تنامي القطاع المالي في السعودية عبر مبادرات نوعية

شدد يزيد الحميد، نائب محافظ صندوق الاستثمارات العامة، على التزام السعودية بتطوير قطاعها المالي، وجذب الاستثمارات العالمية، وتعزيز نمو القطاع الخاص.

مساعد الزياني (ميامي)

قراصنة يستولون على 1.5 مليار دولار في أكبر سرقة بتاريخ العملات المشفرة

شعار شركة «باي بت» (وكالة بلومبرغ)
شعار شركة «باي بت» (وكالة بلومبرغ)
TT
20

قراصنة يستولون على 1.5 مليار دولار في أكبر سرقة بتاريخ العملات المشفرة

شعار شركة «باي بت» (وكالة بلومبرغ)
شعار شركة «باي بت» (وكالة بلومبرغ)

قالت شركة العملات المشفرة «باي بت» إن قراصنة سرقوا ما قيمته 1.5 مليار دولار (1.1 مليار جنيه إسترليني) من العملات الرقمية، فيما يمكن أن يكون أكبر سرقة عملات مشفرة في التاريخ.

وأخبر بن تشو، مؤسس الشركة، المستخدمين بأن أموالهم «آمنة»، وأن الشركة ستُعيد الأموال لأي «متضرر»، وفق هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وقالت الشركة إن القراصنة قاموا بالسرقة من محفظتها الرقمية الخاصة بعملة «إيثريوم»، التي تُعدُّ ثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة بعد «بيتكوين».

وأوضح تشو أن الأموال المسروقة «يمكن تغطيتها من قبل الشركة أو عن طريق قرض من الشركاء». وتمتلك «باي بت» أصولاً بقيمة 20 مليار دولار.

وقالت «باي بت» إن القراصنة حوَّلوا الأموال إلى «عناوين غير محدد»، وبعد السرقة انخفضت قيمة عملة «إيثريوم» بنحو 4 في المائة يوم الجمعة.

ويتجاوز حجم السرقة الرقم القياسي السابق الذي كان عبارة عن سرقة بقيمة 620 مليون دولار من شبكة «رونين» للمنتجات الرقمية في عام 2022.

وتأسست «باي بت» في عام 2018، وحسب ما ورد كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس شركة «باي بال» السابق بيتر ثيل من بين أوائل المستثمرين فيها.

وتقول «باي بال» إن لديها أكثر من 60 مليون مستخدم حول العالم، وتوفّر الوصول إلى عدد من العملات المشفرة.

وقالت الشركة في منشور على منصة «إكس» إنها أبلغت السلطات بالحادثة، وإنها تعمل «بسرعة وعلى نطاق واسع» لتحديد هوية القراصنة.

ويُسلط الحادث الضوء على المخاوف الأمنية داخل سوق العملات الرقمية. وفي عام 2014، تقدمت بورصة العملات المشفرة «Mt Gox» بطلب للإفلاس، بعد سرقة ما قيمته 350 مليون دولار من العملات الرقمية بسبب ثغرة أمنية.

وفي عام 2019، سرق قراصنة ما قيمته 41 مليون دولار من عملة «بيتكوين» في عملية سرقة كبرى أخرى للعملات المشفرة.