تتصاعد حدة التوتر على الساحة السياسية في تركيا، في ظل زيادة الضغط على المعارضة وتمسكها في الوقت ذاته بالتوجه إلى الانتخابات المبكرة.
وفي هذه الأجواء، أعلن زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، عن خريطة طريق جديدة لحزبه استعداداً لانتخابات مبكرة قال إن البلاد ستشهدها خلال العام الحالي.
وقال أوزال إن الحزب أطلق عملية لتحديد مرشحه لرئاسة تركيا، وسيصوت مليون و600 ألف عضو في الحزب لاختيار المرشح، فيما يبدو أن رئيسي بلدية أنقرة منصور ياواش، وإسطنبول أكرم إمام أوغلو، هما أبرز الأسماء التي تدور حولها الترشيحات.
![أوزال متحدثاً أمام نواب حزب «الشعب الجمهوري» بالبرلمان الثلاثاء (موقع الحزب)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937113.jpeg)
وأضاف أوزال، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه، الثلاثاء: «اليوم هو اليوم الأول من المسيرة الجديدة ضد أولئك الذين لا يريدون مغادرة المقعد، الذي وصلوا إليه بالديمقراطية، عن طريق الشر والعنف، وكما قلنا سابقاً صندوق الاقتراع قادم في عام 2025 ونحن مستعدون، وسوف نحدد المرشح للرئاسة ليس من خلالي بوصفي رئيساً للحزب، ولكن من خلال هيئتنا المنتخبة بصفتها جمعية عامة للحزب».
بهشلي يستهدف إمام أوغلو
في غضون ذلك، دخل رئيس حزب «الحركة القومية»، الشريك الأساسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، في سجال حاد مع رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه من أبرز المرشحين المحتملين لخلافة الرئيس رجب طيب إردوغان، قائلاً إن «إمام أوغلو تجاهل التحقيقات وشن حرباً على قضايا ليست من مسؤولياته، وللأسف، ألقت هذه الأحداث بظلالها مرة أخرى على جدول الأعمال».
وفيما يتعلق بالتحقيق ضد إمام أوغلو بتهمتي «استهداف خبير شاهد مسؤول عن التحقيقات والقضايا»، و«محاولة التأثير على المحاكمة القضائية»، قال بهشلي، في بيان: «إذا كانت هناك جريمة فسيتم دفع الثمن بالتأكيد أمام القانون، حتى لو كنت منتخباً».
![رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي (موقع الحزب)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937110.jpeg)
وأضاف أن إمام أوغلو يحاول التشكيك في القضاء ودولة القانون والديمقراطية، ويتجاوز حدود صلاحياته، ويقع في مأزق سياسي وقانوني، وهذا هو السبب الذي يجعله قلقاً، وإذا كان يملك الثقة بأنه يحظى بالدعم في أوساط السياسيين والقضاء ومختلف شرائح المجتمع، فليقدم استقالته من منصبه رئيساً لبلدية إسطنبول واتحاد بلديات تركيا، ويجمع 100 ألف توقيع للترشح للرئاسة.
ورداً على بيان بهشلي، قال إمام أوغلو خلال فعالية في إسطنبول، الثلاثاء: «يظنون أنهم قادرون على تخويفي، لا أحد يستطيع أن يُثنيني عن الطريق، وسأواصل الطريق حتى نهايته».
وأضاف أن «السلطة السياسية تعمل على عرقلة بلديات المعارضة، وتريد رسم شكل السياسة من خلال القضاء. حب المقاعد أعمى أعينهم، لقد حان الوقت لإرسالهم إلى ديارهم بالسياسة وصندوق الاقتراع».
واستدعت النيابة العامة في إسطنبول إمام أوغلو للإدلاء بإفادته، الجمعة المقبل، في تحقيق أمر المدعي العام للمدينة، أكين جورليك، بفتحه تلقائياً، الاثنين، بتهمتي «محاولة التأثير في شخص يقوم بواجب قضائي أو خبير أو شاهد»، و«محاولة التأثير في محاكمة قضائية».
وجاء فتح التحقيق في أثناء حديث إمام أوغلو في مؤتمر صحافي بثّته قنوات قريبة من المعارضة على الهواء مباشرة، اتهم فيه حكومة إردوغان باستخدام القضاء أداةً سياسية للضغط على البلديات التي تديرها المعارضة.
![رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حسابه في إكس)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937112.jpeg)
وهذا هو التحقيق الثاني ضد إمام أوغلو، خلال أسبوع، بعد انتقادات وجهها إلى بعض التحقيقات المتعلّقة ببلديات تديرها المعارضة، ما عُدَّ تهديداً للمدعي العام في إسطنبول.
عودة إلى احتجاجات « غيزي بارك»
على صعيد آخر، أوقفت محكمة تركية، احتياطياً، مديرة أعمال فنانين مشهورة بتهمة دعم محاولة الإطاحة بالحكومة خلال احتجاجات «غيزي بارك» في إسطنبول في مايو (أيار) عام 2013، التي عدّها رئيس الوزراء في ذلك الوقت، الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، محاولة ممولة من الخارج للانقلاب على حكومته.
كانت السلطات ألقت القبض على عائشة باريم، الجمعة الماضي، واستدعت 8 من أبرز الممثلين في تركيا للإدلاء بإفاداتهم بوصفهم شهوداً في قضيتها.
![عائشة باريم (إعلام تركي)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937109.jpeg)
ورفضت باريم الاتهامات. وقالت، خلال التحقيق معها، إنها ذهبت إلى منطقة الاحتجاجات في ميدان تقسيم عام 2013 مرات عدة بشكل فردي بصفتها مراقبة ومرافقة لبعض من كانت تعمل معهم، وإنها لم تنسق بين الممثلين الذين تعمل معهم، ولم تطلب منهم دعم الاحتجاجات، ومهمتها هي إدارة المسيرة المهنية للممثلين الذين تعمل معهم، وتمثيلهم بأفضل طريقة ممكنة، وإنهم لديهم أفكارهم وإرادتهم وقراراتهم، ولم تنظم أي شيء من خلال توجيه أفكارهم.
وانطلقت احتجاجات «غيزي بارك» لرفض الاعتداء على البيئة، والاحتجاج على اقتطاع مساحة من متنزه «غيزي بارك»، وهو من إرث مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، لصالح إقامة منشآت، وسرعان ما تحولت إلى احتجاجات صاخبة ضد حكومة إردوغان.
وبحسب منظمات حقوقية محلية ودولية، قُتل 11 شخصاً، وأُصيب أكثر من 8000 خلال حملة قمع حكومية لاحتجاجات «غيزي بارك». كما اعتقلت السلطات ما يزيد على 3000 آخرين بأوامر من إردوغان، الذي وصف المحتجين بأنهم «لصوص» يحصلون على تمويل من الخارج، وهو ادعاء نفاه المتهمون ومنظمات المجتمع المدني.
ومن بين المتهمين في القضية رجل الأعمال الناشط المدني البارز، عثمان كافالا الذي اعتُقل عام 2017، وحُكم عليه في أبريل (نيسان) 2022 بالسجن المشدد مدى الحياة، دون الحق في العفو المشروط.
![احتجاجات «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013 (أرشيفية)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937114.jpeg)
وقالت النيابة العامة في قرار الإحالة إن باريم أجرت اتصالات مكثفة مع المتهمين في قضية «غيزي بارك» وقت الاحتجاجات.
وأثار توقيف باريم تساؤلات عن أسباب العودة لقضية «غيزي» بعد قرابة 12 عاماً. ووصف المحلل السياسي الكاتب الصحافي البارز، مراد يتكين، الحملات الأخيرة للسلطات التركية بأنها «عملية ترهيب» تتراوح من اعتقال عائشة باريم بسبب قضية «غيزي بارك» إلى التحقيق الأخير الذي تم فتحه ضد أكرم إمام أوغلو، مروراً باعتقال رئيس حزب «النصر»، أوميت أوزداغ.
ورأى أن الهدف هو إبقاء أقل عدد ممكن من الأصوات المعارضة، وأن الضغوط على حزب «الشعب الجمهوري» بشكل عام، وعلى أكرم إمام أوغلو بشكل خاص، تعمل على إبقاء المعارضة الرئيسية في موقف دفاعي، وأنه إذا تم استبعاد إمام أوغلو، الذي يعد أحد المنافسين الأقوياء لإردوغان، إلى جانب منصور ياواش، في سعيه للحصول على ولاية رئاسية جديدة، وهو ما لم يعد يخفيه، من السياسة بقرارات قضائية، فإن إردوغان يأمل في الاستفادة من هذا بالطبع.