تنديد أوروبي واسع بالانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا

نتيجة شبه محسومة لألكسندر لوكاشينكو... والمعارضة تتظاهر في وارسو

لوكاشينكو لدى وصوله للإدلاء بصوته في مينسك 26 يناير (إ.ب.أ)
لوكاشينكو لدى وصوله للإدلاء بصوته في مينسك 26 يناير (إ.ب.أ)
TT

تنديد أوروبي واسع بالانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا

لوكاشينكو لدى وصوله للإدلاء بصوته في مينسك 26 يناير (إ.ب.أ)
لوكاشينكو لدى وصوله للإدلاء بصوته في مينسك 26 يناير (إ.ب.أ)

توجّه البيلاروسيون، الأحد، إلى مكاتب الاقتراع في انتخابات رئاسية نتيجتها شبه محسومة لصالح ألكسندر لوكاشينكو، الذي يتولّى السلطة منذ العام 1994، في ظلّ غياب معارضة قمعت خلال حكمه.

وتُعدّ هذه أول انتخابات رئاسية في مينسك منذ قمع لوكاشينكو الاحتجاجات الحاشدة ضد حكمه في عام 2020. ومذّاك، سمح الرئيس البيلاروسي لموسكو باستخدام أراضي بلاده لغزو أوكرانيا عام 2022، في خطوة قال إنه «ليس نادماً عليها بتاتاً». ووصف الاتحاد الأوروبي ومنتقدو لوكاشينكو والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان هذه الانتخابات بأنها «شكلية»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت زعيمة المعارضة البيلاروسية المنفية سفيتلانا تيخانوفسكايا، في وارسو، إن «ما يحدث في بيلاروسيا مهزلة»، ووصفت لوكاشينكو بأنه «مجرم استولى على السلطة»، ودعت إلى إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وإجراء انتخابات حرة.

ولاية جديدة

ومع هذه الانتخابات، يعتزم لوكاشينكو البالغ 70 عاماً مواصلة حكمه لمدة خمس سنوات على الأقل على رأس هذه الجمهورية السوفياتية السابقة المتاخمة للاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وروسيا.

مواطنون يستعدون للإدلاء بأصواتهم في راتومكا قرب مينسك 26 يناير (إ.ب.أ)

وفي مينسك، قالت ناديجدا غوجالوفسكايا (74 عاماً) التي تصف نفسها بأنها «وطنية»، إنها أتت للتصويت «للمرة الأولى منذ 20 عاماً»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. ومثل كثير من الناخبين، صوّتت لصالح ألكسندر لوكاشينكو. وقالت: «لا أريد انتفاضة هنا»، في إشارة إلى الثورة المؤيدة للديمقراطية التي اندلعت عام 2014 في كييف. وأضافت: «قد لا يكون كل شيء مثالياً لأننا لسنا في دولة ديمقراطية»، متطرّقةً إلى موضوع يعد من المحرمات في سياق قمعي للأصوات المنتقدة للسلطة. من جهتها، رأت إيرينا ليبيديفا (68 عاماً) أنه «بفضل رئيسنا، يعم السلام في البلاد».

«غياب الشرعية»

في المقابل، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، السبت، إن لوكاشينكو «لا يتمتع بأي شرعية»، واصفةً الانتخابات بأنها «مهزلة» و«إهانة للديمقراطية».

قادة المعارضة البيلاروسية يتظاهرون ضد لوكاشينكو في وارسو يوم 26 يناير (أ.ف.ب)

من جهته، حذّر لوكاشينكو خصومه، الجمعة، قائلاً: «لن نُكرّر أبداً ما حدث في 2020!» عندما نزل عشرات الآلاف من البيلاروسيين إلى الشوارع للتنديد بانتخابات رئاسية مزورة. وبدعم من حليفه الروسي فلاديمير بوتين، تمكّن لوكاشينكو من تعزيز سلطته، واستهدف معارضيه باعتقالات وأحكام طويلة بالسجن. وتفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 300 ألف بيلاروسي، من أصل 9 ملايين نسمة، فروا من بلادهم لأسباب سياسية، خصوصاً إلى بولندا.

وفي مواجهة هذا القمع، فرض الغرب عقوبات شديدة على بيلاروسيا، مما دفع ألكسندر لوكاشينكو إلى تسريع تقاربه مع الكرملين والتخلي عن التوازن الذي كان يحافظ عليه في علاقته مع موسكو والغرب.

قاعدة خلفية لحرب أوكرانيا

ونتيجة هذا التقارب، أصبحت الأراضي البيلاروسية بمثابة قاعدة خلفية لقوات فلاديمير بوتين في فبراير (شباط) 2022 لغزو أوكرانيا. ونشرت موسكو أسلحة نووية تكتيكية هناك في صيف 2023، وهو ما يمثل تهديداً لكييف ولأعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذين يتشاركون حدوداً مع بيلاروسيا.

لكنَّ لوكاشينكو قدّم نفسه على أنه حصن ضد فوضى الحرب في أوكرانيا، مؤكداً أن بلاده «لا تريد المشاركة في القتال».

لوكاشينكو لدى وصوله للإدلاء بصوته في مينسك 26 يناير (إ.ب.أ)

واحتفظت بيلاروسيا في عهد لوكاشينكو، الملقّب بـ«آخر ديكتاتور في أوروبا»، بكثير من تقاليد الاتحاد السوفياتي وبنيته التحتية. وعلى عكس روسيا، احتفظ جهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي) باسمه، فيما لا تزال بيلاروسيا تطبق عقوبة الإعدام.

أما اقتصاد البلاد، فهو خاضع لسيطرة الدولة، وقد غيّر لوكاشينكو علم بيلاروسيا في التسعينات الذي أصبح منذ ذلك الحين رمزاً للمعارضة.

وتقدر منظمات حقوق الإنسان أن في البلاد أكثر من 1200 سجين سياسي. والأحد، قال لوكاشينكو إنه يمكن إطلاق سراح السجناء السياسيين إذا طلبوا العفو، لكنه استبعد في الوقت نفسه حواراً مع المعارضين المنفيين. وقال لصحافيين بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات: «لدينا ديمقراطية راسخة في بيلاروسيا (...) نحن لا نضغط على أحد ولن نُسكت أحداً»، وأضاف أن المنتقدين المسجونين يجب أن يطلبوا العفو، موضحاً: «إذا لم تطلب عفواً، فهذا يعني أنك على ما يرام. عليك أن تطلب ذلك».


مقالات ذات صلة

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

شمال افريقيا مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

تلاحق عشرات الطعون نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، لتضاف إلى سلسلة طعون رافقت المرحلة الأولى، وأدت إلى إعادة الانتخابات ببعض الدوائر.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون أمام اللجان في انتخابات إعادة إحدى الدوائر الملغاة بالإسكندرية الأربعاء (تنسيقية شباب الأحزاب)

تراجع جديد للمعارضة المصرية في المرحلة الثانية لانتخابات «النواب»

تتسارع استعدادات المرشحين لخوض جولات الإعادة في انتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) وسط ضغوط كبيرة تلاحق أحزاب المعارضة

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا على الرغم من قبول البعض بمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية فإنهم أبدوا مخاوفهم من عقبات كبيرة تعترض المسار الذي اقترحته المفوضية (مفوضية الانتخابات)

كيف يرى الليبيون إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل؟

رفض مجلس حكماء وأعيان طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وجود دستور، وذهب إلى ضرورة تجديد الشرعية التشريعية أولاً عبر الانتخابات البرلمانية.

علاء حموده (القاهرة )
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش «قمة شرم الشيخ» يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

نأت المرجعية الدينية في النجف عن أي حراك بشأن حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في حين تحدثت مصادر عن ارتباك في خطط «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي أعضاء مبادرة «عراقيون» بعد اجتماعهم في بغداد يوم 26 أبريل 2025 (الشرق الأوسط)

نخب عراقية تحذر من عودة «ظاهرة سجناء الرأي»

حذر العشرات من الناشطين والمثقفين العراقيين من تصاعد ظاهرة الدعاوى التي يقيمها في الآونة الأخيرة «مقربون من السلطة أو يحركها مخبرون سريون ضد أصحاب الرأي».

فاضل النشمي (بغداد)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.


النرويج تعتزم تعزيز دفاعاتها بغواصات وصواريخ لمواجهة روسيا

نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)
نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)
TT

النرويج تعتزم تعزيز دفاعاتها بغواصات وصواريخ لمواجهة روسيا

نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)
نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)

تعتزم النرويج شراء غواصتين ألمانيتين إضافيتين وصواريخ بعيدة المدى، مع سعي البلد المحاذي لروسيا إلى تعزيز دفاعاته، وفق ما أعلنت الحكومة، الجمعة.

وفي بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، أعلن فيه عزم البلاد على إتمام صفقة الشراء المقدّرة بمليارات الدولارات، قال وزير الدفاع توري ساندفيك، إن «النرويج دولة ساحلية وبحرية، والغواصات أساسية للغاية للدفاع عن بلدنا. نشهد زيادة في أنشطة القوات الروسية في شمال الأطلسي وبحر بارنتس».

وللنرويج حدود مشتركة بطول 198 كيلومتراً مع روسيا التي تخوض منذ عام 2022 حرباً في أوكرانيا، إضافة إلى حدود بحرية في بحر بارنتس.

وكانت الحكومة النرويجية قد طلبت 4 غواصات من شركة «تيسنكروب» الألمانية في عام 2021، ومن المقرّر تسليم أولى هذه الغواصات في 2029، وفق بيان الوزارة.

وأضاف ساندفيك: «بوصف النرويج (عيون وآذان) حلف شمال الأطلسي في الشمال، فإن هذا الأمر يتطلب قدرة أكبر لإبراز حضورنا، وللمراقبة والردع في جوارنا القريب. في هذا السياق، لا غنى على الإطلاق عن الغواصات».

واقترحت الحكومة زيادة ميزانية الدفاع بمقدار 46 مليار كرونة (4.5 مليار دولار)، نظراً لارتفاع تكلفة الغواصات وأنظمة تسليحها.

وفي بيان منفصل، قالت وزارة الدفاع إن 19 مليار كرونة ستُنفق على صواريخ قادرة على بلوغ أهداف على بُعد 500 كيلومتر.

ولم توضح الوزارة أي صواريخ سيتم شراؤها، لكن وكالة الأنباء النرويجية «إن تي بي» أوردت أن البحث يشمل نظام «هيمارس» (Himars) الأميركي، وصواريخ «تشانمو» (Chunmoo) الكورية الجنوبية، ونظاماً من صنع مجموعة «كيه إن دي إس» (KNDS) الألمانية.