صفوان بهلوان: تحجّجت بأعذار لعدم تمجيد الأسد موسيقياً

الموسيقار السوري قال لـ«الشرق الأوسط» إنه متفائل بمستقبل بلاده

الموسيقار السوري صفوان بهلوان (الشرق الأوسط)
الموسيقار السوري صفوان بهلوان (الشرق الأوسط)
TT

صفوان بهلوان: تحجّجت بأعذار لعدم تمجيد الأسد موسيقياً

الموسيقار السوري صفوان بهلوان (الشرق الأوسط)
الموسيقار السوري صفوان بهلوان (الشرق الأوسط)

لم يتمكن الموسيقار السوري صفوان بهلوان من إخفاء فرحته بخبر سقوط بشار الأسد الذي ظل يترقّبه طويلاً ليتفاعل معه سريعاً ويهنئ أهله بعودة سوريا إلى السوريين، ويُفرج عن أعمال بقيت في أدراجه تنتظر تلك اللحظة لتصافح آذان السوريين، وقد أهداهم قصيدة غنائية بعنوان «أرض الياسمين»، كما أهداهم أغنية تؤكد وحدة سوريا «الشعب السوري واحد»، وكتب عبر حسابه في «فيسبوك»: «كنت على يقين بأنني سأشهد هذا اليوم، وقد شهدته بالفعل».

ويكشف بهلوان عن أعماله التي أعدّها انتظاراً لتلك اللحظة قائلاً: «لحّنت قصيدة (أرض الياسمين) عام 2015 أمّا أغنية (الشعب السوري واحد) فقد كتبت كلماتها ووضعت لحنها في بدايات الثورة بعدما لاحظت أن ثمة (تجييشاً) طائفياً يسعى إليه النظام، وهناك من كان يُزكي هذا الميل وإلصاقه بالثورة، علماً بأن النظام هو من كان يفتعل ذلك وهو المستفيد الأول من هذا النهج».

وعن توقعه لنهاية نظام الأسد يقول: «بالتأكيد توقعت ما سيحدث من سقوط هذا النظام الذي لا يرتكز على مقومات البقاء إلا بالقسر والظلم والتخويف، وتلك عناصر تبقيك خوفاً، وحين يزول هذا الخوف لا بد أنك ستسقط، لكنني لم أكن أتوقع هذا السقوط السريع، فقد بدا النظام الذي حكم البلاد بالحديد والنار أوهن من كومة قشٍّ متداعية».

الموسيقار السوري صفوان بهلوان (الشرق الأوسط)

ووصف الموسيقار السوري الوضع في بلاده خلال السنوات الأخيرة لحكم بشار الأسد بأنه كان «مأساوياً ومُظلماً».

وبسؤاله عن كيفية عمله خلال تلك السنوات، يقول: «كنت أؤلف موسيقاي في البيت وأعيش في مخيلتي بعيداً عن كل هذا العالم، ومما لا شك فيه أن الحكم الديكتاتوري القمعي ينعكس على الفن، فهو ينتج فناً ممسوخاً بعيداً كل البعد عن مسميات الفن، لأن الفن هو حرية وانطلاق، ولا يمكن أن تقدم فناً صحيحاً تحت وطأة الإملاء.

وتعرّض الفنان الذي عُزفت موسيقاه في أوبرات عالمية لمضايقات وتهميش في الإعلام الرسمي بسوريا، يكشف عنه قائلاً: «في بداية الأحداث خرجت من سوريا وعدت إليها في عام 2015. كنت أتردّد إلى القاهرة من حين لآخر، ولم أتعرّض لمضايقات بشكل مباشر. كنت بعيداً عن الصورة خشية تكليفي بعمل لا أودّ القيام به، ورغم ذلك كان هناك من يتصل بي لكتابة أعمال موسيقية تمجّد النظام، وكنت أتحجج بأعذار بغية التهرب من ذلك، وكان واضحاً تهميشي عن الإعلام الرسمي بيد أن الأمر لم يزعجني قط».

ووصف نظام الأسد بأنه «فاجر ومجرم» لا سيما بعد الكشف عن جرائم سجن صيدنايا: «كان الأمر صادماً ومُريعاً بشكل لا حدود له»، ويقسم قائلاً: «والله إن الشيطان ليقف مذهولاً متعحباً من تلك الجرائم»، مشدداً على ضرورة أن تأخذ العدالة مجراها وتلاحق المجرمين حتى لو كانوا في أقاصي الدنيا، ليكونوا عبرة لغيرهم».

بهلوان مع عناصر من الإدارة العسكرية الجديدة في سوريا (الشرق الأوسط)

ورغم كل هذا يرى بهلوان المشهد السوري الآن مشرقاً ينبعث منه الأمل، مؤكداً: «لقد خرجنا من ظلمة القبور إلى النور». وطالب الشعب السوري بالحفاظ على ثورته وألا ينجرّ خلف الشائعات التي تكثُر في وسائل التواصل الاجتماعي: «أرجو ألا يستعجلوا النتائج، فالشباب لم تمضِ على ثورتهم سوى أيام، فكيف لهم أن يحققوا كل ما تأملون في أيام، لو أن أحدنا انتقل من بيت إلى آخر لاحتاج إلى شهور لترتيب بيته الجديد، فكيف والأمر في بلد أنهكه الظلم والفساد والدمار طيلة 60 عاماً؟ كيف له أن ينهض في أشهر؟ لذا أقول صبراً جميلاً أيها المستعجلون والمنتقدون».

وينفي الفنان أن يكون قد انتابته مخاوف من المستقبل ومن شائعات تقسيم سوريا، قائلاً: «لا أعتقد ذلك أبداً، فالأمور تسير سيراً حسناً وبكل سلاسة، باستثناء بعض المشكلات الصغيرة، وهناك أيادٍ خارجية كانت لها مصالح في سوريا وقد خسرتها تريد ذلك وتتمناه، فيعمدون إلى التشكيك بُغية حصول ما يتمنون، لكنهم سيفشلون أمام الشعور العام باللُحمة الوطنية والرغبة في بناء سوريا موحدة وقوية، وإن شاء الله ستبقى سوريا حرة عصية على هذا التخيل».

بهلوان متفائل بمستقبل سوريا (الشرق الأوسط)

ويرى الفنان السوري أن أفضل إنجاز حققته الثورة السورية حسبما يقول إنها «خلصتنا من نظام بالغ الفساد والطغيان والإجرام». كما يرى في إعلان الفنان جمال سليمان إمكانية ترشحه للرئاسة «أمراً طيباً وجميلاً»، بل وعَدّه من «أهم تباشير الديمقراطية والحرية»، متسائلاً: «مَن كان يجرؤ أو يفكر حتى ولو في خياله في مثل هذا الأمر، فقد حصّن النظام نفسه من خلال إثارة النعرات الطائفية باعتماده على فئة من الضباط من طائفته وترك لها المجال واسعاً لتنهب وتسرق وتعيث في الأرض فساداً، وأوهمهم بأنه هو من يحميهم ومن دونه سيموتون، في حين أن العكس كان هو الصحيح، الآن نحن معهم ومع بقية الطوائف، نحمي بعضنا بعضاً، ونُكوِّن سوريتنا التي لا تكتمل إلا بهذا النسيج الملون الذي يرسم ويشكل سوريا الجميلة».


مقالات ذات صلة

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

ثقافة وفنون خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

فتحت وزارتا «الثقافة» و«التعليم» في السعودية، الأحد، التسجيل للمرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمات رياض الأطفال للتدريب على مهارات الفنون الموسيقية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

في ذكرى رحيل منصور الرحباني يتحدّث غسان صليبا ورفيق علي أحمد وهبة طوجي عن ذكرياتهم مع أحد عباقرة لبنان والشرق وما تعلّموا من العمل على مسرحه

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

بالنسبة إلى جويل حجار، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة».

فاطمة عبد الله (بيروت)
الوتر السادس تحرص حنان ماضي على تقديم الحفلات في دار الأوبرا أو في ساقية الصاوي ({الشرق الأوسط})

حنان ماضي لـ«الشرق الأوسط»: لا أشبه مطربي التسعينات

«عصفور في ليلة مطر»، و«في ليلة عشق»، و«شباك قديم»، و«إحساس»... بهذه الألبومات التي أصبحت فيما بعد من علامات جيل التسعينات في مصر، قدمت حنان ماضي نفسها للجمهور

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس تثابر الحلاني على البحث عن التجديد في مسيرتها (ماريتا الحلاني)

ماريتا الحلاني لـ«الشرق الأوسط»: «يا باشا» عمل يشبه شخصيتي الحقيقية

تلاقي أغنية الفنانة ماريتا الحلاني «يا باشا» نجاحاً ملحوظاً، لا سيما أنها تصدّرت الـ«تريند» على مواقع التواصل الاجتماعي

فيفيان حداد (بيروت)

الأجنَّة تتحكَّم في الأمهات بـ«الريموت كونترول»

امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)
امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)
TT

الأجنَّة تتحكَّم في الأمهات بـ«الريموت كونترول»

امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)
امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)

كشف فريق من الباحثين في جامعة كامبريدج البريطانية النقاب عن آلية مدهشة يستطيع الجنين من خلالها التحكُّم في طبيعة المغذّيات التي يحصل عليها من الأم خلال فترة الحمل اعتماداً على جين معيَّن ينتقل إليه عن طريق الأب.

وفي إطار دراسة نشرتها الدورية العلمية «سِلْ ميتابوليزم» المتخصِّصة في بحوث الأيض الخليوي التي تتعلّق بعملية تحويل الغذاء إلى طاقة داخل جسم الإنسان، ونقلتها «وكالة الأنباء الألمانية»، وجد الباحثون أنّ الأجنَّة تستخدم هذا الجين للتأثير في جسم الأم من أجل الحصول على مزيد من المغذّيات خلال أشهر الحمل. ويوضح الباحثون أنّ هذه الآلية التي تشبه التحكُّم عن بُعد بـ«الريموت كونترول»، تعمل عن طريق إشارات هرمونية تنتقل من الجنين إلى الأم عبر المشيمة من أجل تغيير عملية الأيض لديها، وتوفير أفضل فرص النمو بالنسبة إلى الجنين. ويرى الفريق البحثي أنّ هذه الآلية التي يصفونها بأنها «معركة من أجل الغذاء» تتم وفق توازن دقيق نظراً لانطوائها على أهمية بالغة، ليس فقط من أجل نمو الجنين، وإنما أيضاً لسلامة الأم وصحتها الإنجابية في المستقبل.

ويؤكد الباحثون أنه في إطار هذه المعركة، يحاول الجنين التحكّم بـ«الريموت كونترول» في عملية الأيض لدى الأم للحصول على أقصى استفادة، في حين يحاول جسم الأم إحداث نوع من التوازن بين حاجاته من جهة، وتلبية متطلّبات النمو لدى الجنين من جهة أخرى؛ لذلك من الضروري أن تحصل الأم خلال الحمل على كميات كافية من الغلوكوز والدهون لتلبية حاجاتها للطاقة والحفاظ على استدامة الحمل، ثم الرضاعة لاحقاً، مع تعزيز فرصها في الإنجاب مرة أخرى.

ويوضحون أنّ المشيمة، وهي عضو يتكوَّن داخل الرحم ويربط بين الأم والجنين طوال فترة الحمل، ويحصل الجنين من خلالها على الغذاء والأكسجين اللازم للبقاء على قيد الحياة والنمو، تلعب دوراً رئيساً في هذه العملية البيولوجية؛ إذ تفرز هرمونات معيّنة للتواصل مع جسم الأم من أجل إعطاء الأولوية لنمو الجنين. وقد نجحوا خلال تجارب معملية في تعطيل الإشارة التي تنتقل عبر المشيمة لدى فئران تجارب للتحكُّم في طبيعة المغذّيات التي تنتقل من الأم إلى الجنين.

وتقول اختصاصية علوم الأجنَّة، الباحثة أماندا بيري، إنّ هذا البحث هو «أول دليل مباشر يثبت أنّ الجين الذي يحصل عليه الجنين من الأب يعطي إشارات للأم من أجل الحصول على المغذّيات التي يحتاج إليها». ويضيف أستاذ علوم الأيض الغذائي من معهد ويلكام إم أر سي البحثي التابع لجامعة كامبريدج، ميغيل كونستانسيا، في تصريح للموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصِّص في البحوث العلمية أنّ «منظومة التحكّم بـ(الريموت كونترول) لدى الجنين تعمل عن طريق الجينات، ويمكن تشغيلها أو تعطيلها وفق الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأب والأم على السواء عن طريق ما يُعرف باسم التطبُّع الجيني».

ويتابع كونستانسيا أنّ «الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأب تتّسم بالطمع والأنانية وتسعى إلى التلاعب في الموارد الغذائية بجسم الأم لمصلحة الجنين لينمو ويكون في أفضل وضع. ورغم أنّ الحمل هو عملية تعاونية إلى حدّ كبير، فإنّ ثمة ساحة كبيرة للصراع بين الأم والجنين؛ المشيمة والجينات المنسوخة تلعب دوراً رئيساً في هذا الصراع».

وتبيَّن للباحثين أنّ الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأب تهدف إلى تعزيز النمو، في حين أنّ التي يحصل عليها من الأم تسعى إلى الحدّ من نموّه وعدم استنزاف جسم الأم. وأعربت أماندا بيري عن اعتقادها بأنّ «الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأم، وتقلّل عملية النمو، هي طريقة الأم من أجل البقاء، بحيث لا يستولي الجنين على جميع المغذّيات ويصبح كبير الحجم، مما يؤثّر في عملية الولادة، كما تعطي هذه الآلية الأم الفرصة للحفاظ على صحتها والإنجاب مرات أخرى في المستقبل».

وفي إطار التجربة، أوقف الباحثون عمل أحد الجينات المهمّة التي تنتقل إلى الجنين من الأب، ويحمل اسم «Igf2»، وهو الجين الذي يعطي الإشارات لجسم الأم لإنتاج البروتين، ويلعب دوراً رئيساً في نمو أنسجة الجنين بما فيها المشيمة والكبد والمخ. ويقول الباحث في قسم علوم وظائف الأعضاء وعلم الأعصاب بجامعة كامبريدج، وأحد المشاركين في الدراسة، خورخي لوبيز تيلو، إنه «إذا ما عُطِّل عمل هذا الجين، فإنّ جسم الأم لا ينتج كمية كافية من الغلوكوز والدهون في الدورة الدموية، وبالتالي لا يحصل الجنين على المغذّيات الكافية ولا يستطيع النمو بشكل سليم».

ووجد الباحثون أيضاً أنّ حذف جين «Igf2» من خلايا المشيمة يؤثّر في إنتاج هرمونات أخرى تنظِّم إفراز الإنسولين في البنكرياس، ويؤثّر أيضاً في استجابة الكبد والأنسجة المسؤولة عن عملية الأيض. وتقول أماندا بيري: «وجدنا أنّ الجين (igf2) يتحكّم في الهرمون المسؤول عن تقليل الحساسية تجاه الإنسولين في جسم الأم خلال فترة الحمل، أي أنّ أنسجتها لا تستطيع امتصاص الغلوكوز، ما يزيد من كمية المغذّيات المُتاحة للجنين في دورتها الدموية».

وتشير إلى أنّ الأجنَّة الذين يعانون خللاً في الجين المذكور قد يعانون نمواً مفرطاً أو قصوراً في عملية النمو داخل الرحم؛ لكنّ الباحثين لم يستطيعوا حتى الآن تحديد الجزء المسؤول داخل الجين عن توجيه الإشارات من أجل زيادة المغذّيات التي يحصل عليها الجنين من جسم أمه، مؤكدةً أنّ هذه الدراسة «تُضيء على أهمية ضبط عملية تحويل المغذّيات من الأم إلى الجنين خلال فترة الحمل من أجل الحفاظ على صحة المولود في المستقبل، فضلاً عن الدور الرئيس الذي تلعبه المشيمة في هذه العملية».