فرنسي تحتجزه إيران منذ عامين يكشف هويته للمرة الأولى

أوليفييه غروندو أكد معاناته من الإرهاق الشديد في سجن إيفين

أُسر المحتجَزين الفرنسيين بإيران يشاركون في وقفة احتجاجية بباريس 28 يناير 2023 (رويترز)
أُسر المحتجَزين الفرنسيين بإيران يشاركون في وقفة احتجاجية بباريس 28 يناير 2023 (رويترز)
TT

فرنسي تحتجزه إيران منذ عامين يكشف هويته للمرة الأولى

أُسر المحتجَزين الفرنسيين بإيران يشاركون في وقفة احتجاجية بباريس 28 يناير 2023 (رويترز)
أُسر المحتجَزين الفرنسيين بإيران يشاركون في وقفة احتجاجية بباريس 28 يناير 2023 (رويترز)

بعد عامين من احتجازه في إيران، قرر الفرنسي أوليفييه غروندو، 34 عاماً، الخروج من الظل بإعلان اسمه الكامل للمطالبة بالمساعدة، في وقت كثفت باريس ضغوطها على طهران لإعادة مواطنيها المحتجزين الذين تصفهم بالرهائن.

وقال غروندو في رسالة بثتها إذاعة «فرانس إنتر»: «ما معنى العودة؟ إنه حلم قديم لم يعد كافياً ليعطي معنى لهذا الانتظار المرهق. أنا مرهق للغاية».

واعتقل أوليفييه أثناء زيارة مدينة شيراز في جنوب البلاد، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، أثناء قيامه بجولة حول العالم، حسبما أوضحت والدته، تيريز غروندو، لإذاعة «فرانس إنتر».

وأدانت محكمة إيرانية هذا السائح الفرنسي في 19 فبراير (شباط) 2024 بالسجن خمس سنوات بتهم «التجسس والمؤامرة ضد الجمهورية الإسلامية» وهو يقضي عقوبته حالياً في الجناح الخاص بالمحتجزين الأجانب ومزدوجي الجنسية، بسجن إيفين سيئ السمعة في طهران.

وقال غروندو في تصريح هاتفي: «أنتم الذين تملكون القدرة على التأثير في هذه القضية، استمعوا إلى هذه الحقيقة. طاقة سيسيل، طاقة جاك، وطاقة أوليفييه تنفد»، في إشارة إلى الفرنسيين الآخرين سيسيل كولر وجاك باري، المحتجزين أيضاً في إيران منذ 2022.

وأكد غروندو أن «مسؤوليتكم تتمثل في الحفاظ على حياة ثلاثة أشخاص»، مشيراً إلى أنهم «منهكون».

وأوضح أنه قرر الكشف عن اسمه الكامل رغم المخاطر التي قد تنطوي على ذلك، بسبب «الإرهاق الشديد» الذي يعاني منه.

الآن نبدأ

وفي جزء آخر من رسالته، الذي بثته إذاعة «فرانس إنفو»، شدد غروندو: «مسؤوليتي هي إيصال رسالتي باستمرار، ومسؤوليتكم هي الحفاظ على حياة ثلاثة أشخاص».

وأضاف: «أتحدث من زنزانتي في السجن المركزي بطهران»، متابعاً: «أنا بريء. الجميع هنا يعلم أنني بريء».

وتعد هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها غروندو علناً منذ احتجازه.

وقالت والدته: «مررنا بثلاث مراحل، مرحلة أولى كانت دبلوماسية، حيث تركنا الأمور تسير كما هي، ولم يحدث شيء. ثم جاء وقت أوليفييه، مرحلة التفكير، وأخيراً هو قرر الإعلان عن هويته». وقالت: «عندما بلغ عامين من السجن، قال: الآن نبدأ، لذلك استعد أصدقاؤه ونحن أيضاً لذلك».

وعلى خلفية ذلك، استدعت فرنسا السفير الإيراني في باريس يوم الجمعة، للتنديد بما وصفته بـ«احتجاز الدولة» للمواطنين الفرنسيين في إيران، الذين يعانون من أوضاع «لا تُحتمل»، بحسب بيان وزارة الخارجية الفرنسية.

كما أدانت الوزارة «ظروف الاحتجاز المهينة، التي ترقى في بعض الحالات إلى مستوى التعذيب، وفقاً للقانون الدولي».

بارو يُلقي خطاباً بجانب وزير الخارجية البولندي رادوسواف سيكورسكي خلال المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين 6 يناير الماضي (رويترز)

ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الأسبوع الماضي مواطني فرنسا إلى عدم التوجه لإيران حتى «الإفراج الكامل» عن المواطنين الفرنسيين المعتقلين هناك. وأكد أن وضعهم «غير مقبول» وأنهم محتجزون ظلماً في ظروف غير لائقة، مشيراً إلى تدهور وضعهم رغم الجهود المبذولة. وأوضح أن العلاقات الثنائية ومستقبل العقوبات يعتمد على الإفراج عنهم، داعياً السلطات الإيرانية إلى الإفراج عن الرهائن.

واحتجز «الحرس الثوري» الإيراني العشرات من مزدوجي الجنسية والأجانب في السنوات الأخيرة، ومعظمهم واجهوا تهماً تتعلق بالتجسس والأمن. وتنفي إيران اللجوء لمثل هذه الاعتقالات لتحقيق مكاسب دبلوماسية، بينما يتهم نشطاء حقوقيون إيران باعتقال مزدوجي الجنسية والأجانب، بهدف الضغط على دول أخرى لتقديم تنازلات، فيما بات يُعرف بـ«دبلوماسية الرهائن».


مقالات ذات صلة

بوتين وبزشكيان يوقعان اتفاقية استراتيجية الجمعة

شؤون إقليمية بوتين وبزشكیان خلال لقائهما في عشق آباد اكتوبر الماضي (الرئاسة الإيرانية)

بوتين وبزشكيان يوقعان اتفاقية استراتيجية الجمعة

أعلن الكرملين، الاثنين، أن موسكو وطهران ستوقعان في غضون أيام اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التي استغرق إعدادها نحو 3 سنوات تخللتها مراحل مد وجزر.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية صورة وزعها الجيش الإيراني من حصوله على طائرات مسيرة أنتجتها وزارة الدفاع والوحدة الجوية في «الحرس الثوري» (أ.ب)

الجيش الإيراني يتسلم ألف طائرة مسيرة جديدة

أعلن الجيش الإيراني حصوله على ألف طائرة مسيرة جديدة في وقت تستعد فيه البلاد للمزيد من المواجهات المحتملة مع إسرائيل وكذلك مع الولايات المتحدة في عهد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية طائرتان تابعتان للخطوط الجوية الإيرانية في مطار الإمام الخميني الدولي جنوب طهران (ميزان)

شركات الطيران الإيرانية تستأنف رحلاتها إلى أوروبا قريباً

أعلنت إيران عن إطلاق رحلات مباشرة عبر شركات طيران خاصة إلى أوروبا، وذلك بعد أكثر من 3 أشهر من إيقاف الخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير) رحلاتها إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية تقوي تجلس على أريكة بعد إطلاق سراحها مؤقتاً من سجن إيفين سيئ السمعة بطهران سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

طهران تطلق سراح ألمانية إيرانية قبيل محادثات مع الأوروبيين

أطلقت طهران سراح الألمانية الإيرانية ناهيد تقوي، بعد أربع سنوات على احتجازها، عشية محادثات نووية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن-برلين)
شؤون إقليمية مجتبى خامنئي خلال مشاركته بمراسم تكريم غلام علي حداد عادل والد زوجته ومستشار المرشد في الشؤون الثقافية في يوليو الماضي (إرنا)

خامنئي «يصر» على استبعاد أبنائه من خلافته

قالت صحيفة مقربة من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، إنه لا يزال معارضاً تسمية أحد أبنائه لخلافته، مشددة على أن «مجلس خبراء القيادة سيحترم هذا القرار».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

تقرير: جنود إسرائيليون يرفضون الخدمة العسكرية في غزة

جنود إسرائيليون يشاركون في جنازة جندي قُتل في المعارك بقطاع غزة... الصورة في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 9 يناير 2025 (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يشاركون في جنازة جندي قُتل في المعارك بقطاع غزة... الصورة في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 9 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

تقرير: جنود إسرائيليون يرفضون الخدمة العسكرية في غزة

جنود إسرائيليون يشاركون في جنازة جندي قُتل في المعارك بقطاع غزة... الصورة في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 9 يناير 2025 (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يشاركون في جنازة جندي قُتل في المعارك بقطاع غزة... الصورة في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 9 يناير 2025 (إ.ب.أ)

قال يوتام فيلك (28 عاماً)، وهو ضابط في سلاح المدرعات بالجيش الإسرائيلي، إن التعليمات كانت بإطلاق النار على أي شخص غير مصرَّح له بالدخول إلى منطقة عازلة تسيطر عليها إسرائيل في قطاع غزة.

وأفاد بأنه رأى ما لا يقل عن 12 شخصاً يُقتلون، لكن إطلاق النار على مراهق لا تزال حاضرة في ذاكرته، حسبما أفادت به وكالة «أسوشييتد برس».

يعد فيلك من بين عدد متزايد من الجنود الإسرائيليين الذين يتحدثون ضد الصراع المستمر منذ 15 شهراً، ويرفضون الخدمة بعد الآن، قائلين إنهم رأوا أو فعلوا أشياء تجاوزت الخطوط الأخلاقية.

وفي حين أن الحركة لا تزال صغيرة، حيث وقّع نحو 200 جندي إسرائيلي على رسالة تقول إنهم سيتوقفون عن القتال إذا لم تؤمن الحكومة وقف إطلاق النار - يقول الجنود إنها البداية، ويريدون من الجنود الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه.

يوتام فيلك الذي خدم في وحدة مدرعة في قطاع غزة وهو الآن واحد من عدد متزايد من الجنود الإسرائيليين الذين يتحدثون ضد الصراع المستمر منذ 15 شهراً... تل أبيب 10 يناير 2025 (أ.ب)

يأتي رفض هؤلاء الجنود الخدمة في وقت تزداد فيه الضغوط على إسرائيل و«حماس» لإنهاء القتال في محادثات وقف إطلاق النار، ودعا كل من الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى التوصل إلى اتفاق بحلول تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

تحدث 7 جنود رفضوا الاستمرار في القتال في غزة مع وكالة «أسوشييتد برس»، ووصفوا كيف قُتل فلسطينيون دون تمييز، ودُمِّرت منازلهم. وقال العديد منهم إنهم أُمروا بحرق أو هدم منازل لم تشكِّل أي تهديد، وشاهدوا جنوداً ينهبون ويخربون المساكن.

ويُطلب من الجنود الإسرائيليين الابتعاد عن السياسة، ونادراً ما يتحدثون ضد الجيش.

بعد اقتحام «حماس» لإسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، توحدت إسرائيل بسرعة وراء الحرب التي شنتها ضد الجماعة المسلحة. ونمت الانقسامات في إسرائيل مع تقدم الحرب، لكن معظم الانتقادات ركزت على العدد المتزايد من الجنود القتلى والفشل في إعادة الرهائن إلى ديارهم، وليس الإجراءات في غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي لوكالة «أسوشييتد برس» إنه يدين رفض الخدمة، ويأخذ أي دعوة للرفض على محمل الجد، مع فحص كل حالة على حدة. ويمكن للجنود الذهاب إلى السجن لرفضهم الخدمة، لكن لم يتم اعتقال أي شخص وقّع على الرسالة، وفقاً لأولئك الذين نظموا التوقيعات.

ماكس كريش طبيب احتياطي في الجيش انضم إلى عدد متزايد من الجنود الإسرائيليين الذين يرفضون مواصلة القتال في قطاع غزة... القدس 9 يناير 2025 (أ.ب)

ردود أفعال الجنود في غزة

عندما دخل فيلك قطاع غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، قال إنه اعتقد أن الاستخدام الأولي للقوة قد يجلب كلا الجانبين إلى طاولة المفاوضات، لكن مع استمرار الحرب، قال إنه رأى قيمة الحياة البشرية تتفكك. وقال إن الجنود الإسرائيليين صرخوا على المراهق الفلسطيني في اليوم الذي قُتل فيه الفتى في أغسطس (آب) الماضي، مطالبين إياه بالتوقف من الدخول إلى المنطقة العازلة، وأطلقوا طلقات تحذيرية على قدميه، لكنه استمر في الحركة. وأضاف أن آخرين قُتلوا أيضاً أثناء سيرهم إلى المنطقة العازلة ـ ممر نتساريم، وهو طريق يفصل بين شمال وجنوب غزة.

واعترف فيلك بأنه من الصعب تحديد ما إذا كان الناس الذين أُطلقت النار عليهم كانوا مسلحين، لكنه قال إنه يعتقد أن الجنود تصرفوا بسرعة كبيرة. وقال في النهاية إن «حماس» هي المسؤولة عن بعض الوفيات في المنطقة العازلة.

ووصف فيلك فلسطينياً احتجزته وحدته، وقال إن «حماس» دفعت للناس 25 دولاراً للسير إلى الممر لقياس رد فعل الجيش الإسرائيلي. وقال بعض الجنود لوكالة «أسوشييتد برس» إنهم استغرقوا بعض الوقت لاستيعاب ما رأوه في غزة. وقال آخرون إنهم شعروا بالغضب الشديد لدرجة أنهم قرروا التوقف عن الخدمة على الفور تقريباً.

يوفال غرين طبيب تخلى عن منصبه في الخدمة الاحتياطية مع الجيش الإسرائيلي في يناير الماضي بعد أن أمضى ما يقرب من شهرين في قطاع غزة... القدس 9 يناير 2025 (أ.ب)

ووصف يوفال غرين، وهو طبيب يبلغ من العمر 27 عاماً، ترك منصبه في يناير الماضي في الجيش الإسرائيلي بعد أن أمضى ما يقرب من شهرين في غزة، أنه عاجز عن التعايش مع ما رآه. وقال إن الجنود دنّسوا المنازل، واستخدموا أقلاماً سوداء مخصصة للطوارئ الطبية لرسم الشعارات على الجدران، ونهبوا المنازل بحثاً عن تذكارات، وقال إن قائده أمر القوات بحرق منزل، قائلاً إنه لا يريد أن تتمكن «حماس» من استخدامه.

وقال غرين إنه جلس في مركبة عسكرية، يختنق بالدخان وسط رائحة البلاستيك المحترق. لقد وجد الحريق انتقامياً - وقال إنه لا يرى أي سبب لأخذ مزيد من الفلسطينيين أكثر مما فقدوه بالفعل.

غادر غرين وحدته قبل اكتمال مهمتهم. وقال إنه يتفهم الغضب الإسرائيلي بشأن السابع من أكتوبر، لكنه يأمل أن يشجع رفضه الخدمة في الجيش جميع الأطراف على كسر دائرة العنف.