حشود في دمشق حداداً على أرواح المفقودين بعد سقوط الأسد

مطالبات بمعرفة مصير المفقودين قسرياً بسجون النظام السابق

جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق  إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
TT

حشود في دمشق حداداً على أرواح المفقودين بعد سقوط الأسد

جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق  إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)

احتشد مئات الآلاف من السوريين في ساحتي الأمويين والحجاز وسط العاصمة السورية دمشق، الجمعة، إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية، وقبل سقوط نظام بشار الأسد، وسط دعوات أهلية ومن جهات حقوقية بمساعدة الأهالي في كشف مصير ذويهم.

كما خرج الآلاف في أغلب المدن والمحافظات السورية للمناسبة نفسها، حيث شكَّل الشباب الشريحة الكبرى بين الحشود.

ووصل مئات الآلاف إلى ساحة الأمويين للمشاركة في الجمعة الثالثة، حيث تعالت أصوات الهتافات والصيحات تعيد رمزية المظاهرات الحاشدة التي كانت تخرج في كل يوم جمعة في كثير من المدن السورية، بعد انطلاق شرارة الاحتجاجات المناهضة للنظام في ربيع 2011.

وفي ساحة الحجاز وسط مدينة دمشق، تَجَمَّعَ مئات الناشطين والفنانين السوريين إلى جانب عائلات المعتقلين والمغيَّبين قسراً، للمطالبة بكشف مصير أَحِبَّتِهم، حيث رفع المشاركون صوراً وشعارات تطالب بمعرفة مصيرهم، وحماية المقابر الجماعية والأدلة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، وطالبوا بإنزال أشد العقوبات لمحاسبة المسؤولين.

وقال وائل خبيباتي، وهو ناشط تَعَرَّضَ لكثير من الملاحقات الأمنية إبان حكم النظام السابق، إن المحتشدين بدأوا الزحف نحو ساحة الأمويين منذ ظهر يوم الجمعة، معبراً عن مشاعره المختلطة «بالفرحة لسقوط بشار الأسد، لكنها منقوصة بسبب غياب الضحايا والمختفين، لأننا لا نعرف مصيرهم، ولا أي شيء يثبت بقاءهم على قيد الحياة».

وقالت الشابة داليا سعدي، التي رسمت على وجهها أعلام سوريا الجديدة، إن هذا النصر والفرحة بالنسبة لها ولجميع السوريين: «بمثابة روزنامة جديدة، فمن ساعة التحرير 8 ديسمبر (كانون الأول) أصبح عندنا تاريخ استقلال جديد، فهذا الإنجاز مطلوب من كل سوري حر التمسك به، والحفاظ عليه، وتحقيق تطلعات الشعب».

وتقف لمياء مصطفى، زوجة المناضل السوري علي مصطفى أبو صامد، وبناتها الثلاث أمام محطة الحجاز، وهي لا تعرف أي شيء عن مصير زوجها المفقود منذ 11 عاماً، بعد أن أخذه مسلحون بالقوة من شقتهم في يوليو (تموز) 2013 بدمشق، حيث شارك أبو صامد بحسب زوجته في تجمعات مناهضة لنظام الحكم السابق، وهي على ثقة بأنه اعتُقل لدى أجهزة المخابرات السورية بسبب نشاطه السياسي المعارض.

أهالي المفقودين يرفعون صور ذويهم مطالبين بمعرفة مصيرهم (الشرق الأوسط)

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تمتلك أي خيار سوى الوقوف في هذه الساحات مطالِبةً بمعرفة مصير المفقودين والمغيَّبين: «نعم أتحدث إليه، وأفتح حوارات ونقاشات حتى أُقْنِع نفسي (إنه عايش) وموجود في مكان ما، لأنه تصعب مشاركة أوجاعك وأحزانك مع الآخرين»، منوهة بأنها متمسكة بالأمل: «لن أتنازل عن معرفة الحقيقة، وقتها فقط آخذ مساحتي للحزن وقبول الواقع».

وحاولت الزوجة وبناتها على مدار سنوات إجراء اتصالات، وطرقن كل الأبواب، لكن دون نتيجة.

وتابعت حديثها لـ«الشرق الأوسط» بنبرة حزينة: «السنوات الماضية وحتى تاريخ اليوم كانت قاسية جداً علينا، فمنذ سقوط النظام لم أعرف طعم النوم، أنتظر أي جواب أو دليل أو شاهد عن زوجي، فروحه تطوف حولنا».

وبحسب منظمات غير حكومية دولية وسورية، فإن هناك نحو 100 ألف شخص فُقدوا منذ بداية الانتفاضة الشعبية في 2011، جراء القمع وزجِّهم في المعتقلات، فضلاً عن حالات الخطف من قبل ميليشيات حاربت مع النظام السابق.

وقالت حسيبة عبد الرحمن، إحدى المشاركات في وقفة الحجاز: «نطالب بمعرفة مصير من اعتُقل، ولم نعرف أي شيء عنه، لا جثة ولا شهادة وفاة، ولا أي وثيقة تثبت وفاته، وهذه الوقفة رسالة لكل نظام سيحكم البلد أن قضية المغيَّبين مصيرية». وشددت على أن هذه القضية بالنسبة لها ولكثير من السوريين تعد مركزية. واختتمت حديثها بالقول: «الآلاف من السوريين فُقِدوا بهذه الطريقة، ومن حقنا دفنهم بشكل لائق، ووقفتنا هنا لنرفع أصواتنا بأن هؤلاء يستحقون كل شيء، ولهم علينا التضامن، وننتظر ظهور الحقيقة».


مقالات ذات صلة

زيارة وزير الخارجية المصري لسوريا «ما زالت مستبعدة»

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماع «لجنة الاتصال العربية» بشأن سوريا (الخارجية المصرية)

زيارة وزير الخارجية المصري لسوريا «ما زالت مستبعدة»

قال مصدران مطلعان، مصري وعربي، إن «ما تردد بشأن زيارة قريبة لوزير الخارجية المصري إلى سوريا غير صحيح».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شؤون إقليمية أحمد الشرع في أثناء استقباله هاكان فيدان في دمشق (رويترز)

فيدان لبلينكن: لن نسمح بوجود مقاتلين أكراد في سوريا

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في اتصال مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، السبت، إنه «لا يمكن السماح» بوجود مقاتلين أكراد في سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي التشييع الرمزي في نصب «الشهيد» (إعلام الحشد والفصائل)

«الحشد» وفصائله يحيون ذكرى ضحايا الضربة الأميركية قبل 5 سنوات

أحيت هيئة «الحشد الشعبي»، والفصائل المنضوية تحت مظلتها، الذكرى الخامسة لتعرُّض «كتائب حزب الله» إلى ضربة جوية أميركية استهدفت خلالها مقرات للحشد الشعبي.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة وسط صمت رسمي من أنقرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي السوداني يلتقي المشهداني الجمعة (رئاسة الوزراء العراقية)

السوداني يحض القوى السياسية على حفظ استقرار العراق

أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تحذيرات مشددة بشأن المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها العراق، وحض القوى السياسية على تحمل المسؤولية لحفظ الاستقرار.

حمزة مصطفى (بغداد)

رئيس الاستخبارات العامة في سوريا: سيعاد تشكيل المؤسسة الأمنية

TT

رئيس الاستخبارات العامة في سوريا: سيعاد تشكيل المؤسسة الأمنية

عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيف - الشرق الأوسط)
عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيف - الشرق الأوسط)

نقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن رئيس جهاز الاستخبارات العامة في سوريا، أنس خطاب، قوله إن المؤسسة الأمنية في البلاد سيعاد تشكيلها «بعد حل كافة الأفرع الأمنية وإعادة هيكلتها».

وأعلنت وزارة الداخلية السورية، الجمعة، عن البدء في استقبال طلبات المنشقين عن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بين عامي 2011 و2021، الراغبين في العودة للعمل بوزارة الداخلية.

متطوعان سوريان يساعدان الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

يُذكر أن إدارة «العمليات العسكرية» التابعة للمعارضة السورية كانت أعلنت العفو العام عن «جميع العسكريين المجندين تحت الخدمة الإلزامية»، وذلك بعد يوم من سيطرتها على العاصمة دمشق، وإسقاط نظام بشار الأسد.