البرلمان الكوري الجنوبي يعزل رئيس البلاد بالوكالة

جرت عملية التصويت وسط احتجاجات صاخبة من نواب الحزب الحاكم تعبيراً عن غضبهم

متظاهرون في سيول (أ.ف.ب)
متظاهرون في سيول (أ.ف.ب)
TT
20

البرلمان الكوري الجنوبي يعزل رئيس البلاد بالوكالة

متظاهرون في سيول (أ.ف.ب)
متظاهرون في سيول (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة في كوريا الجنوبية، الجمعة، لصالح عزل رئيس الجمهورية بالوكالة هان داك-سو، في فصل جديد من أزمة سياسية تعصف بالبلاد منذ محاولة الرئيس يون سوك يول، الذي عزل في وقت سابق، فرض الأحكام العرفية.

وصوت نحو 192 نائباً لصالح عزل هان في البرلمان المكون من 300 عضو. وقال رئيس الجمعية الوطنية وو ون-شيك: «أعلن أن مذكرة عزل رئيس الوزراء هان داك-سو قد أقرت. ومن أصل 192 نائباً شاركوا في التصويت، أيد 192 مذكرة العزل». وبعد عزل هان، يصبح وزير المالية تشوي سانج-موك هو التالي لتولي الرئاسة مؤقتاً، وفقاً للقانون الكوري الجنوبي.

رئيس وزراء كوريا الجنوبية هان دوك سو (في الوسط) الذي أصبح زعيماً بالنيابة للبلاد بعد عزل الرئيس يون سوك يول (أ.ب)
رئيس وزراء كوريا الجنوبية هان دوك سو (في الوسط) الذي أصبح زعيماً بالنيابة للبلاد بعد عزل الرئيس يون سوك يول (أ.ب)

وجرت عملية التصويت وسط احتجاجات صاخبة من نواب الحزب الحاكم الذين راحوا يغنون ويرفعون قبضاتهم تعبيراً عن الغضب.

وتولى رئيس الوزراء هان منصب القائم بأعمال الرئيس منذ التصويت على مساءلة الرئيس يون سوك يول تمهيداً لعزله. وكان النواب صوتوا في 14 ديسمبر (كانون الأول) تأييداً لعزل الرئيس المحافظ يون الذي فرض الأحكام العرفية وأرسل الجيش إلى البرلمان في مطلع الشهر الحالي قبل أن يتراجع عن قراره بعد ساعات قليلة.

وقرّر الحزب الديمقراطي المعارض، الذي يسيطر على البرلمان، عزل هان لعدم تعيينه على الفور 3 قضاة لشغل المناصب الشاغرة في المحكمة الدستورية.

ونشأ خلاف بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة وبعض خبراء الدستور حول ما إذا كان الأمر يلزم أغلبية بسيطة أو تصويتاً بثلثي الأعضاء لعزل الرئيس المؤقت.

إلا أن رئيس البرلمان وو وون-شيك، المنتمي للحزب الديمقراطي، قال إن أغلبية بسيطة فقط مطلوبة لعزل هان.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)
زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

واعتبر زعيم الحزب الحاكم أنه ينبغي لهان أن «يواصل تصريف أعمال الدولة من دون الإذعان لمذكرة العزل الصادرة عن المعارضة». غير أن الأخير أعرب، في بيان، عن نيته «احترام قرار البرلمان». وقال هان في بيان بعد التصويت إنه يتقبل النتيجة. وأردف قائلاً: «أحترم قرار البرلمان، ولتجنب المزيد من الفوضى والضبابية، سأعلق مهامي وفقاً للقوانين ذات الصلة». وأضاف أنه سينتظر قرار المحكمة الدستورية بعد مراجعة اقتراح العزل. وقال حزب «سلطة الشعب الحاكم»، الذي اعترض على تحرك المعارضة لعزل هان، إنه قدم التماساً للمحكمة الدستورية.

وسوف يتم تعليق صلاحيات هان رسمياً، عندما يتم تسليم نسخ من وثيقة عزله إليه وإلى المحكمة الدستورية. وسيتولى نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، تشوي سانج-موك، مهام منصبه. وهي المرة الأولى التي يُقال فيها رئيس بالإنابة بعد عزل الرئيس الأصيل في كوريا الجنوبية.

وكانت المعارضة تأخذ على هان رفضه تعيين 3 قضاة من أصل 9 في المحكمة التي ينبغي أن تتخذ قرارها بشأن عزل يون بغالبية الثلثين.

وكان زعيم كتلة نواب الحزب الديمقراطي في البرلمان، بارك شان-داي، قد قال إن رفض هان تعيين قضاة جدد يثبت «أنه لا يملك الإرادة ولا المؤهلات لاحترام الدستور».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وفتح تحقيق بحق الرئيس المعزول البالغ 64 عاماً بشبهة «التمرد» وهي جريمة يواجه فيها المتهم احتمال الحكم عليه بالإعدام.

واستدعى مكتب التحقيق حول الفساد حتى الآن الرئيس المعزول مرتين لاستجوابه حول أحداث 3-4 ديسمبر، التي أحدثت صدمة في البلاد. إلا أن يون رفض تلبية الاستدعاء في المرتين. ووجه المحققون، الخميس، إليه استدعاء ثالثاً لجلسة تُعقد صباح الأحد.

ومن جهة أخرى، ذكرت «وكالة الأنباء الألمانية»، الجمعة، أن الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي اتهم هان بالتواطؤ في قرار يون، ثم اتهمه لاحقاً بوصفه القائم بأعمال الرئيس، بعرقلة التحقيق بشأن يون ورفض استكمال عملية العزل ضده.

الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول (رويترز)
الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول (رويترز)

وستدرس المحكمة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ما إذا كان التصويت بعزل يون، في الهيئة التشريعية، تماشى مع الدستور أم لا. ومصير يون رهن بقرار منتظر من المحكمة الدستورية التي عليها المصادقة على قرار عزله من عدمه في مهلة أقصاها 6 أشهر.

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

وحال تأكيد القضاة العزل، فسوف يتعين تحديد موعد لانتخابات مبكرة، خلال 60 يوماً. لكن إذا ألغوا قرار العزل، فسوف يعود يون إلى الرئاسة.

وتعهد الرئيس الجديد بالوكالة شوي سانغ-موك بذل قصارى جهده لوضع حدّ للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد. وقال في خطاب ألقاه بعيد تعيينه «إنهاء الأزمة الحكومية بات الآن الأولوية المطلقة»، مشدّداً على أن «الحكومة ستبذل كلّ ما في وسعها لتخطي فترة الاضطرابات هذه».

ويعمق عزل هان الأزمة السياسية في كوريا الجنوبية ويضر بصورتها الدولية. وفي مؤشر إلى مخاوف المستثمرين في رابع اقتصاد آسيوي، تراجع سعر صرف الوون الكوري الجنوبي، صباح الجمعة، إلى أدنى مستوى له في غضون 16 عاماً تقريباً في مقابل الدولار.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا على وشك فقدان موطئ قدمها في كورسك الروسية

أوروبا رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف (يمين) يتفقد القوات المشاركة بموقع محدد كمنطقة كورسك بروسيا في 11 مارس 2025 (رويترز)

أوكرانيا على وشك فقدان موطئ قدمها في كورسك الروسية

تُوشك القوات الأوكرانية، على ما يبدو، على فقدان موطئ القدم، الذي حصلت عليه بمنطقة كورسك الروسية، إذ أعلنت موسكو، اليوم الأربعاء، تحقيق مزيد من التقدم هناك.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يقفون بالقرب من مركبة عسكرية على الحدود الروسية بمنطقة سومي بأوكرانيا 16 أغسطس 2024 (رويترز)

خرائط تُظهر قرب تطويق القوات الأوكرانية داخل كورسك الروسية

أظهرت خرائط مفتوحة المصدر، الجمعة، أن القوات الروسية تقترب من محاصرة آلاف الجنود الأوكرانيين، الذين دخلوا روسيا في الصيف الماضي، وعزلهم عن خطوط إمدادهم الرئيسية

«الشرق الأوسط» (كييف)
شمال افريقيا سلفا كير (يسار) يصافح ريك مشار (أرشيفية - رويترز)

توتر في جنوب السودان بعد اعتقالات مقربين من نائب الرئيس

جاءت الاعتقالات بعد قتال نشب بمدينة الناصر الاستراتيجية في الشمال، بين القوات الأمنية وميليشيا «الجيش الأبيض» المؤلف بالأساس من قبيلة نائب الرئيس مشار.

«الشرق الأوسط» (جوبا)
الاقتصاد يشاهد الناس نافورة راقصة جديدة في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا تعلن عن أول جولة مناقصات للتنقيب عن النفط منذ 17 عاماً

تخطط ليبيا لأول جولة مناقصة للتنقيب عن النفط منذ أكثر من 17 عاماً، وفق ما أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا قمة لقادة غربيين بالعاصمة الأوكرانية الاثنين دعماً لكييف في الذكرى الثالثة لبدء الحرب (أ.ف.ب) play-circle

لندن وباريس تتنافسان على زعامة المعسكر الأوروبي في التعامل مع واشنطن

يتنافس ماكرون وستارمر على زعامة المعسكر الأوروبي والتعامل مع ترمب، والرئيس الفرنسي يكشف «نصائحه» إزاء مقاربة العمل مع الرئيس الأميركي.

ميشال أبونجم (باريس)

شريف يزور المنطقة التي خطف بها مسلحون قطاراً في باكستان

وصل مسؤولون أمنيون باكستانيون إلى محطة ماخ للسكك الحديدية بإقليم بلوشستان المضطرب 13 مارس 2025 بعد أن هاجم مسلحون مشتبه بهم قطار «جعفر إكسبرس» (أ.ب.أ)
وصل مسؤولون أمنيون باكستانيون إلى محطة ماخ للسكك الحديدية بإقليم بلوشستان المضطرب 13 مارس 2025 بعد أن هاجم مسلحون مشتبه بهم قطار «جعفر إكسبرس» (أ.ب.أ)
TT
20

شريف يزور المنطقة التي خطف بها مسلحون قطاراً في باكستان

وصل مسؤولون أمنيون باكستانيون إلى محطة ماخ للسكك الحديدية بإقليم بلوشستان المضطرب 13 مارس 2025 بعد أن هاجم مسلحون مشتبه بهم قطار «جعفر إكسبرس» (أ.ب.أ)
وصل مسؤولون أمنيون باكستانيون إلى محطة ماخ للسكك الحديدية بإقليم بلوشستان المضطرب 13 مارس 2025 بعد أن هاجم مسلحون مشتبه بهم قطار «جعفر إكسبرس» (أ.ب.أ)

زار رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إقليم بلوشستان، الخميس، تزامناً مع وصول عشرات الأشخاص الذين تم إنقاذهم من قطار خطفه مسلحون انفصاليون في جنوب غربي باكستان إلى مدينة كويتا بعد ساعات من قتل قوات الأمن جميع المهاجمين وعددهم 33 لإنهاء مواجهة استمرت يوماً كاملاً.

مسؤولو الأمن الباكستانيون يؤمّنون محطة قطار ماخ بإقليم بلوشستان المضطرب 13 مارس 2025 بعد أن هاجم مسلحون مشتبه بهم قطار «جعفر إكسبرس» (أ.ب.أ)
مسؤولو الأمن الباكستانيون يؤمّنون محطة قطار ماخ بإقليم بلوشستان المضطرب 13 مارس 2025 بعد أن هاجم مسلحون مشتبه بهم قطار «جعفر إكسبرس» (أ.ب.أ)

وجاءت زيارة شريف في وقت نفت فيه جماعة «جيش تحرير بلوشستان»، التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم، ادعاء الجيش بانتهاء المواجهة، مؤكدة أن «المعركة» مستمرة وأن رهائن لا يزالون محتجزين لديها.

وفجَّر المسلحون خطوط السكك الحديدية وفتحوا النار على قطار «جعفر إكسبريس» بينما كان في طريقه من كويتا عاصمة إقليم بلوشستان الغني بالمعادن إلى بيشاور في إقليم خيبر بختون خوا واحتجزوا رهائن عدة من بين 440 راكباً كانوا على متنه.

ويخوض المسلحون تمرداً مستمراً منذ عقود من أجل انفصال الإقليم الواقع في جنوب غربي البلاد والذي يضم مشروعات كبرى تقودها الصين مثل ميناء ومنجم للذهب والنحاس.

ووفقاً للجيش، قُتل ما مجموعه 21 رهينة وأربعة من رجال الأمن في المواجهة، لكن جيش تحرير بلوشستان، أكبر الجماعات العرقية المسلحة التي تقاتل الحكومة في بلوشستان، قال إنه جرى إعدام 50 رهينة.

مسؤولو الأمن الباكستانيون يؤمّنون محطة قطار ماخ بإقليم بلوشستان المضطرب 13 مارس 2025 بعد أن هاجم مسلحون مشتبه بهم قطار «جعفر إكسبرس» وهو قطار ركاب متجه من كويتا إلى بيشاور (أ.ب.أ)
مسؤولو الأمن الباكستانيون يؤمّنون محطة قطار ماخ بإقليم بلوشستان المضطرب 13 مارس 2025 بعد أن هاجم مسلحون مشتبه بهم قطار «جعفر إكسبرس» وهو قطار ركاب متجه من كويتا إلى بيشاور (أ.ب.أ)

وأعلنت الحكومة أن رئيس الوزراء في زيارة ليوم واحد إلى كويتا، حيث سيطلع خلالها على الوضع الأمني ​​في المنطقة.

وندد شريف بالهجوم في منشور على منصة «إكس»، الأربعاء، قائلاً إن «مثل هذه الأعمال الجبانة لن تهز عزم باكستان من أجل السلام».

وقالت السلطات إن 25 جثة نُقلت إلى محطة قطار محلية، ومنها إلى كويتا في سيارات إسعاف.

وأكدت حركة تحرير بلوشستان أن الأشخاص الذين «زعمت» باكستان إنقاذهم قد أطلقت الجماعة نفسها سراحهم.

وقال جياند بلوش، المتحدث باسم الجماعة، في بيان، الخميس: «الآن وقد تخلت الدولة عن رهائنها للموت، فإنها ستتحمل أيضاً مسؤولية مقتلهم».

وهددت جماعة جيش تحرير بلوشستان بالبدء في قتل الرهائن إذا لم تطلق السلطات سراح سجناء سياسيين ونشطاء ومفقودين من البلوش الذين قالت إنهم اختُطفوا على يد الجيش، وذلك خلال مهلة 48 ساعة.

وقال أرسلان يوسف، أحد الذين وصلوا إلى كويتا برفقة قوات الأمن، إن رجالاً مسلحين بقاذفات صواريخ وبنادق وأسلحة أخرى اقتحموا القطار الثلاثاء وبدأوا في إطلاق النار على الناس.

وأضاف يوسف أن المسلحين قسموا الركاب مجموعات على أساس المنطقة التي ينحدرون منها.

وتابع أنه «في بعض الأحيان أخذوا جنوداً وأعدموهم»، مشيراً إلى ركاب من جنود الجيش الباكستاني وأفراد قوات الأمن الأخرى الذين كانوا يسافرون على القطار في عطلة.

وأردف يوسف: «في أوقات أخرى، استهدفوا أفراداً بعينهم. وإذا كان لديهم ضغينة ضد شخص ما، كانوا يطلقون النار عليه على الفور».

وقال محمد تنوير، راكب آخر، إن الرهائن كانوا يتغذون على الماء فقط في أثناء احتجازهم.

وأظهرت لقطات مصورة لـ«رويترز» الرهائن الذين تم إنقاذهم يتلقون الإسعافات الأولية في محطة سكة حديد كويتا.