عامٌ من الاحتفالات بمئوية منصور الرحباني «الشاعر النادر»

هنري زعيب لـ«الشرق الأوسط»: كتب «زهرة المدائن» و«يا شام» وليس سعيد عقل

منصور الرحباني ترك روائعه قبل الرحيل (أرشيف مروان وغدي الرحباني)
منصور الرحباني ترك روائعه قبل الرحيل (أرشيف مروان وغدي الرحباني)
TT
20

عامٌ من الاحتفالات بمئوية منصور الرحباني «الشاعر النادر»

منصور الرحباني ترك روائعه قبل الرحيل (أرشيف مروان وغدي الرحباني)
منصور الرحباني ترك روائعه قبل الرحيل (أرشيف مروان وغدي الرحباني)

يحتفي لبنان، السنة المقبلة، بمرور 100 عام على ولادة الكبير منصور الرحباني (1925 - 2025). بهذه المناسبة، أُعلن عن برنامج يستمرّ طوال العام، يشمل أنشطة عدّة؛ من بينها عرض عدد من مسرحياته المصوَّرة في مراكز ثقافية، منها في طرابلس (مركز الصفدي)، وبيروت (المركز الثقافي الفرنسي)، وزحلة (مركز البلدية)، وعجلتون (المركز الثقافي البلدي)، بالإضافة إلى مراكز ثقافية في مناطق أخرى من لبنان.

وأعلن عن البرنامج كاملاً في ندوة صحافية نظَّمتها «لجنة مئوية منصور الرحباني»، بحضور أولاد منصور؛ مروان وغدي وأسامة الرحباني، وذلك في «مسرح الأخوين رحباني» بكنيسة مار إلياس - أنطلياس.

«زهرة المدائن» كتبها منصور

كان لبنان قد احتفل عام 2023 بمئوية عاصي الرحباني. وشرح زغيب أنه وقد حانت مئوية منصور، فقد «تنادى أبناؤه مروان وغدي وأسامة، وفاءً لذكراه، وشاركوني أمر الاحتفال بمئوية ولادته في أنطلياس يوم 17 مارس (آذار) 1925. وها نحن اليوم، نتيجة اجتماعات متتالية لبرمجة المئوية، نعلن بعض الأنشطة التي هيّأناها طوال 2025، إِلى برامج أخرى في مرحلة التحضير».

كان زغيب قد رافق منصور الرحباني، مما أتاح له التعرُّف إليه وإلى أعماله وشخصيته من قرب. يرى فيه شاعراً كبيراً لا يقلّ مستوى شعره أبداً عن شعر الكبار في لبنان. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بدليل أنّ كثيرين أحياناً يخلطون بين شعره وشعر سعيد عقل الذي نسبوا إليه قصائد ذاعت مثل (خذني بعينيك واهرب أيها القمر)، أو (زهرة المدائن)، أو (يا شام عاد الصيف متئداً وعاد بي الجناح)، وقصائد أخرى... في حين هي لمنصور. هذا لأقول إنّ قصائد منصور جديرة بالدراسة كما قصائد أي شاعر لبناني كبير».

إنها واحدة من مفاجآت المئوية؛ فهذه القصائد غالباً ما نُسبت لسعيد عقل أو للأخوين معاً. أنْ يُخبرنا هنري زغيب المُقرَّب من منصور وأولاده بهذا الخبر، فهو أمر قد يثير أخذاً ورداً في مقبل الأيام. أما سبَّب ذاك الخلط كما يشرحه زغيب، فهو أنّ «شعر الأخوين رحباني العالي المستوى أخذ اللحن فيه من وهج الشعر، وجاء صوت فيروز حاملاً الشعر واللحن إلى مدى أبعد، فخَفُت نوعاً ما وهج الشعر في الذاكرة الجماعية».

عاصي ومنصور الرحباني اسمان للتاريخ (وسائل التواصل)
عاصي ومنصور الرحباني اسمان للتاريخ (وسائل التواصل)

كتبٌ تبصر النور

من خلال برنامج المئوية، سيتعرّف الجمهور أكثر على شعر منصور مكتوباً، إذ ستصدر دواوينه على مدار الأشهر المقبلة؛ وهي: «أنا الغريب الآخر»، و«أسافر وحدي ملِكاً»، و«القصور المائية»، و«بحَّار الشتي»، و«الأولى القصائد»... وكلها لدى «منشورات سائر المشرق».

على أي حال، يبقى الفصل بين الأخوين رحباني رغم مرور العقود، عصياً. فلم يكن فراق عاصي بالسهل على منصور، ويصفه زغيب بأنه كان حدثاً «صاعقاً». وإكمال المسيرة الفنّية وحيداً، لم يستسغه منصور بسهولة. «فهو منذ انفجار دماغ عاصي (سبتمبر/ أيلول 1972)، تولّى المواصلة وحده؛ يكتب ويلحّن باسم (الأخوين) حتى إذا عاد عاصي إلى العمل الإبداعي، تابع يتقاسم معه الأعمال كالعادة. وبعد غياب عاصي (يونيو/ حزيران 1986)، شعر بالفراغ الكبير، ونذر أن يكمل وفي قلبه نبض عاصي».

مخططات لمسرحيات طيّ الأدراج

يروي لنا الشاعر هنري زغيب حادثتين كان شاهداً بنفسه عليهما: الأولى حين كان يجلس زغيب إليه ليدوّن سيرة الأخوين التي أصدرها في كتابه «طريق النحل» (2000)، وطبعة ثانية بعنوان «في رحاب الأخوين رحباني» (2012). ويضيف: «كان دائماً يقول لي: (كتبنا)، (لحَّنا)، (قدَّمنا)، (هيأْنا)... دائماً بصيغة الجمع (هو وعاصي). ومرتين خلال أحاديثنا توقّف عن الكلام تأَثّراً. كان يتحدّث عن عاصي بصيغة الحاضر حتى كنت أشعر أنه سيدّق الباب ويدخل علينا».

أما الحادثة الأخرى، فوقعت يوم مأتم عاصي، إذ يقول: «في حين كان الشباب يُدخلون نعش عاصي في الضريح، التفت وقال لي: (إنكم الآن تدفنون مع عاصي نصف منصور). وحدها هذه العبارة تختصر ما تركه غيابه في قلبه».

وحين نستفسر عما إذا كانت ثمة تركة فنية لمنصور لا تزال طيَّ الأدراج، ولا نعرفها بعد، يجيب: «لمنصور مخططات ومختصرات لأعمال مسرحية كان ينوي إنجازها، وهي باقية بين أوراقه. ليس في علمي أن لديه غير ذلك شعرياً أو مسرحياً».

ندوتان تبحثان في كنوز منصور

رحل عاصي عام 1986، وبذلك انطوت مرحلة «الأخوين رحباني» التي أنتجت على مدار ثلث قرن تراثاً فنّياً فريداً من الأَعمال الخالدة. بعدها، أكمل منصور وحده نسْج تراثه الرحباني لما يقارب ربع قرن من الكتابة والأعمال الفنّية، من بينها 11 مسرحية، والقداس الماروني، وحلقات تلفزيونية، وأغنيات منفردة، و5 كتب شعرية؛ فكان حتى غيابه عام 2009 ورشة فنّية متواصلة في دأْب عجيب على الإبداع شعراً وموسيقى ونتاجاً لا يهدأ.

وستُبرز احتفالات المئوية غنى هذا المسار الذي قطعه منصور شراكةً مع عاصي، أو منفرداً بعد رحيل الأخير، من خلال الأنشطة؛ من ضمنها ندوتان: الأولى في جلستَين يوم 25 يناير (كانون الثاني) لدى الصالون الأدبي في «معهد فيلوكاليا» بمنطقة عينطورة، يتحدَّث فيهما كلٌّ من الأخت مارانا سعد افتتاحاً، والصحافي رفيق خوري، والشاعر سهيل مطر، والأب يوحنا جحا، والفنان غسان صليبا.

وثانية في جلستين، يستضيفها «مركز التراث اللبناني» في «الجامعة اللبنانية الأميركية»، يوم 17 مارس، يتحدَّث فيهما كلٌّ من الدكتور فيليب سالم (من هيوستن)، والإِعلامية وردة زامل، والأب الدكتور بديع الحاج، والشاعر عبد الغني طليس، والدكتور ناجي قزيلي.

ويتضمَّن برنامج المئوية إِعداد مجموعة حلقات تلفزيونية وبثّها عبر محطات لبنانية وعربية تتحدّث عن منصور وأَعماله. وستُصدر وزارة التربية تعميماً على المدارس الرسمية لتشارك في برامج عن الأخوين رحباني وعن منصور. وخلال «المهرجان اللبناني للكتاب»، في مارس، تُقام ندوة شعرية خاصة بصاحب المئوية.

منصور الرحباني إرثٌ خالد
منصور الرحباني إرثٌ خالد

كتَبَ حتى الرمق الأخير

ولمَن يودّ متابعة سير البرامج والإِعلان عن الآتي منها خلال سنة المئوية، بإمكانه العودة إلى صفحة «يوتيوب» ستنشأ لهذا الغرض باسم «منصور الرحباني». كما سيُطلق «أوراتوريو سمفوني» مع غناء كورالي ومنفرد من تأليف أسامة الرحباني موسيقياً، لقصائد منصور في كتابه «أُسافر وحدي ملِكاً»، على أن يصدر «الأوراتوريو» أيضاً على أسطوانة مدمجة.

وبقي منصور يكتب حتى أيامه الأخيرة، فيروي زغيب: «لا أزال أذكر آخر لقاء لي معه في بيته عشية الميلاد، حين أسمعني قصيدة جديدة كان فرغ من كتابتها. في نهاية السهرة، وكنا وحدنا، أوصاني بأولاده، شاعراً بأن دخوله المستشفى بعد يومين سيكون الأخير. وهكذا كان (توفي 13 يناير 2009). فقدتُ به صديقاً نادراً وشاعراً نادراً».


مقالات ذات صلة

«جائزة السعودية الكبرى»: جينيفر لوبيز تلهب حماس الحاضرين بـ«أون ذا فلور» المثيرة

رياضة عالمية جينيفر حظيت بإعجاب الجماهير التي حضرت حفلتها الرائعة (جائزة السعودية الكبرى)

«جائزة السعودية الكبرى»: جينيفر لوبيز تلهب حماس الحاضرين بـ«أون ذا فلور» المثيرة

في واحدة من أبرز لحظات سباق «جائزة السعودية الكبرى» لـ«فورمولا 1»، خطفت النجمة العالمية جينيفر لوبيز الأضواء خلال زيارتها مدينة جدة، حيث حضرت بوصفها ضيفة شرف.

فاتن أبي فرج (جدة)
يوميات الشرق المغنية الأميركي كيتي بيري تظهر بعد الرحلة الفضائية في تكساس (إ.ب.أ)

بعد الرحلة الفضائية النسائية... كيتي بيري تصف العودة إلى «الواقع»

بعد أن سافرت إلى الفضاء ضمن طاقم شركة «بلو أوريجين» التابعة للملياردير جيف بيزوس - والذي ضمّ لورين سانشيز وجايل كينغ - عادت نجمة البوب كيتي بيري إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الذكاء الاصطناعي يقلق الموسيقيين (رويترز)

القطاع الموسيقي يتصدى لـ«تجاوزات» الذكاء الاصطناعي... والنجاح محدود

يبذل الفاعلون في القطاع الموسيقي جهداً في المنصات الرقمية والمحاكم إلى جانب مسؤولين منتخبين، لمنع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي من سرقة المحتوى الموسيقي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق من جمهور مهرجان كواتشيلا (أ.ب)

انطلاق مهرجان «كواتشيلا» الموسيقي الأميركي وليدي غاغا من أبرز المشاركين

انطلق، الجمعة، مهرجان كواتشيلا الأميركي الضخم في صحراء كاليفورنيا، مع حفلة لليدي غاغا التي أشعلت الأجواء عبر مجموعة من أعمالها القديمة، والحديثة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق «رجعنا يا لبنان» شعار «مهرجانات الأرز الدولية» لصيف 2025 (الشرق الأوسط)

إطلاق برنامج «مهرجانات الأرز الدولية» بعنوان «رجعنا يا لبنان»

تفتتح «مهرجانات الأرز الدولية» برنامجها الفنّي مع فرقة «مياس» في 19 يوليو (تموز) المقبل، فيما يُحيي وائل كفوري أمسية في 26 منه، ليُختتم مع الـ«دي جي» بلاك كوفي.

فيفيان حداد (بيروت)

هزة أرضية شرق السعودية... ولا تأثيرات

تبعد الهزة الأرضية 66 كم عن شرق مدينة الجبيل (واس)
تبعد الهزة الأرضية 66 كم عن شرق مدينة الجبيل (واس)
TT
20

هزة أرضية شرق السعودية... ولا تأثيرات

تبعد الهزة الأرضية 66 كم عن شرق مدينة الجبيل (واس)
تبعد الهزة الأرضية 66 كم عن شرق مدينة الجبيل (واس)

رصدتْ «هيئة المساحة الجيولوجية» السعودية، مساء الثلاثاء، هزةً أرضيةً في الخليج العربي بلغ قدرها الزلزالي 4.36 درجات على مقياس ريختر تبعد 66 كم شرق مدينة الجبيل (شرق المملكة).

وأرجع طارق أبا الخيل، المتحدث الرسمي للهيئة، أسباب الزلزال إلى الإجهادات التي تتعرض لها صدوع قديمة موجودة في منطقة الخليج العربي تسببها حركة الصفيحة العربية واصطدامها بالصفيحة الأوراسية، موضحاً أن هذه الهزة تعد أقل من المتوسطة، ومؤكداً أن «الحدود السعودية لم تتأثر، والوضع آمن».

وهذه الهزة هي الثانية خلال أقل من شهر بعد أخرى في 4 أبريل (نيسان) الحالي تبعد 55 كم عن شرق الجبيل بلغ قدرها 4 درجات على مقياس ريختر، ولم تسجل أي تأثيرات ناتجة عنه، مضيفةً أنها «من الهزات الصغيرة».