تقرير: إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا

TT

تقرير: إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا

من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)
من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا، في حين دفعت حرب إسرائيل ضد وكلاء طهران إلى تصعيد الهجمات السرية ضد تل أبيب في القارة العجوز. وتُعدّ الدول الاسكندنافية ذات الجاليات المهاجرة الكبيرة معرّضة للخطر.

وأضاف المحققون في السويد إن ثلاث هجمات ضد مؤسسات إسرائيلية شهدتها بلادهم وشارك فيها أطفال هذا العام؛ هي جزء من اتجاه جديد؛ حيث تجنّد جهات تابعة لإيران مجرمين محليين، بمن في ذلك القاصرون، لضرب أهداف يهودية وإسرائيلية في أوروبا.

وحسب الوكالة، تُظهِر هذه الحوادث كيف تدفع الحرب بين إسرائيل ووكلاء إيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط طهران إلى تصعيد عملياتها السرية في أوروبا، وهذا يزعج الحكومات التي تشعر بالقلق بالفعل من أن الصراع يُثير التوتر بين المجتمعات المنقسمة بشأن الهجرة.

وهذا الخريف، حذّر كل من الأجهزة الأمنية السويدية والنرويجية من العمليات المدعومة من إيران. وفي أكتوبر (تشرين الأول) رفعت النرويج مؤقتاً حالة التأهب الإرهابي إلى مستوى مرتفع من متوسط، وسلّحت شرطتها وأقامت ضوابط على الحدود مع جارتها الاسكندنافية.

وفي بروكسل في مايو (أيار)، عثرت الأجهزة الأمنية على أطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً وهم يدبرون هجوماً على السفارة الإسرائيلية.

وأصدرت الاستخبارات البريطانية تحذيرات من زيادة الهجمات المرتبطة بإيران.

ولكن الدول الاسكندنافية معرّضة للخطر بصفة خاصة، فلدى هذه الدول مجتمعات مفتوحة تقليدياً مع الحد الأدنى من أعمال الشرطة والثقة العالية، ولكن الآن ترسخت عصابات الجريمة الدولية بين المجتمعات الأكثر فقراً التي يهيمن عليها المهاجرون في كثير من الأحيان.

وقال مسؤولون إن الغضب بين بعض الجماعات إزاء عدد المدنيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي في غزة ولبنان جعل من السهل العثور على المجندين.

ضباط شرطة خارج السفارة الإسرائيلية في استوكهولم 31 يناير 2024 (أ.ف.ب)

وحسب الباحث في شؤون الإرهاب في معهد أبحاث الدفاع النرويجي، بيتر نيسر، فإن الأشخاص الذين يعملون نيابة عن النظام الإيراني يتواصلون مع المرتزقة المحتملين على منصات؛ مثل: «تلغرام»، أو «تيك توك»، أو «واتساب».

وقال نيسر إن الأسعار تبدأ من نحو 1500 يورو (1560 دولاراً) للقتل، ويمكن أن يكلّف هجوم بقنبلة حارقة ما لا يقل عن 120 يورو، وفقاً لأحد الأشخاص الذين تتبعوا التجارة غير المشروعة.

وبعد نحو 14 شهراً من رد إسرائيل المدمر على الهجمات القاتلة التي شنتها «حماس» في أكتوبر 2023، ضعف أو اختفى حلفاء طهران المتشددون، بمن في ذلك «حماس» في غزة، و«حزب الله» في لبنان، والرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

ووفقاً لمسؤول أوروبي كبير: «شلّ شبكة حدّدت السياسة الإقليمية لإيران لمدة نصف قرن تقريباً لم يقلّل من خطر الهجمات المدعومة من طهران في أوروبا».

وبينما عدد من الشباب مدفوع بالإحباط من حرب إسرائيل الوحشية في غزة، فإن آخرين مدفوعون بالمال، وأحياناً لا يكون لديهم أي فكرة عما يوقعون به، وإذا كانوا تحت سن 15 عاماً فلا يمكن مقاضاتهم في السويد أو النرويج.

وقال جهاز الأمن السويدي، في بيان، في وقت سابق من هذا العام: «هناك حالات حيث لا يدرك الوكلاء أو يدركون أنهم يتصرفون نيابة عن قوة أجنبية».

ووفقاً لتقارير الشرطة، لم يكن الصبي الذي استهدف الإسرائيليين في استوكهولم في مايو، يعرف مكان السفارة عندما أقلّته سيارة الأجرة، وكان عليه الاتصال بشخص آخر لطلب العنوان، عندما سأله السائق عن المكان الذي كانوا ذاهبين إليه، وكانت الشرطة تتعقّب تحركاته، وأوقفت سيارة الأجرة قبل أن يصل إلى وجهته.

عناصر من الشرطة السويدية يقفون بالقرب من السفارة الإسرائيلية في اليوم الذي تمّ فيه العثور على جسم يُعتقد أنه عبوة ناسفة وتدميره من قِبل فرقة القنابل الوطنية باستوكهولم (رويترز)

وفي الأول من أكتوبر، هرعت الشرطة السويدية إلى مبنى السفارة نفسه، بعد الإبلاغ عن إطلاق نار، لكنها وصلت متأخرة للغاية للقبض على الجاني.

وتشير تقارير الشرطة إلى أن المشتبه به كان على متن قطار متجه جنوباً إلى كوبنهاغن التي شهدت انفجارين قويين بالقرب من بعثة إسرائيل، وقال مسؤولون أمنيون إنهم يعتقدون أن الرجل تمّ تجنيده أيضاً من قِبل إيران.

واستخدم شاب بالغ من العمر 16 عاماً، هاجم شركة «إلبيت سيستمز» في مايو، قارورتين مملوءتين بالمتفجرات في محاولته مهاجمة شركة الدفاع الإسرائيلية، وتمّ اتهامه إلى جانب شريك يبلغ من العمر 23 عاماً. وفي حين لم يتمكّن التحقيق من الكشف عمّن أعطاهم التعليمات أو حوّل لهم الأموال، قال المدعي العام في القضية إنه يبدو من الواضح أنهم كانوا يتصرفون نيابة عن شخص آخر.

خلال سنوات كانت السويد تكافح الوجود المتزايد لعصابات الجريمة المنظمة التي تسعى إلى تجنيد الشباب من مجتمعاتها المهاجرة.

وانتقل أكثر من 1.5 مليون شخص إلى البلاد منذ عام، والآن وُلد نحو 20 في المائة من السكان خارج البلاد، لكن كثيرين يكافحون من أجل الاندماج، ففي استطلاع حديث، قال 40 في المائة من المهاجرين إنهم لا يشعرون بالاندماج في المجتمع.

والآن هناك مخاوف في النرويج من أن هذه المشكلات تنتشر عبر الحدود المفتوحة التي يبلغ طولها 1000 ميل (1600 كيلومتر) والتي تفصل بين البلدين.

وأصبحت التحذيرات بشأن الظروف في السويد شائعة في المناقشة السياسية في أوسلو، حيث بدأ المسؤولون يرون الأنماط نفسها التي ترسخت في السويد والدنمارك.

في السويد، ساعد القلق المتزايد بشأن الهجرة والسلامة العامة في تغذية الدعم لحزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف، ثاني أكبر حزب في البرلمان، والداعم الرئيس لحكومة الأقلية المحافظة لرئيس الوزراء أولف كريسترسون. وبمساعدة اليمين المتطرف، فتح كريسترسون سجوناً للشباب تحت سن 15 عاماً.

وتواجه النرويج انتخاباتها الخاصة في أقل من عام، وقد جعل رئيس الوزراء الديمقراطي الاجتماعي، يوناس جار ستور، جرائم الشباب أولوية، واعداً بمعالجة أكثر صرامة لأخطر الجرائم.

ويريد حزب التقدم المعارض اليميني المتطرف الذي يتصدّر استطلاعات الرأي، أن يذهب إلى أبعد من ذلك، وأن يجعل من الممكن حبس الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً، على غرار النهج السويدي.

وفي بلد صغير وثري مثل النرويج، فإن احتمال وقوع المزيد من الهجمات التي قد تخدم مصالح اليمين المتطرف في الفترة التي تسبق التصويت في سبتمبر (أيلول) يجعل بعض المسؤولين متوترين.

ويقول نيسر إن الضربات التي تتعرّض لها إيران قد تدفع النظام إلى «التراجع والتركيز على إعادة بناء نفسه في الداخل، ولكنهم قد يحاولون أيضاً خلق المزيد من الفوضى».


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية وزارة الدفاع الإيرانية تعرض نظام الدفاع الجوي بعيد المدى «أرمان» في حفل بطهران فبراير الماضي (رويترز)

هل استعادت إيران قدراتها الدفاعية مع تصاعد توقعات الحرب؟

تتضارب الإشارات الصادرة من إيران بشأن استعادة قدراتها الدفاعية على طول حدودها الغربية، بعد الدمار الذي تعرّضت له بنيتها العسكرية خلال الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية خامنئي يلقي كلمة متلفزة مساء اليوم الخميس (التلفزيون الرسمي)

خامنئي يحذر من الانقسام الداخلي ويدعو لـ«الوقوف بوجه الأعداء»

حذر المرشد الإيراني علي خامنئي، في خطاب متلفز، من الانقسام الداخلي، داعياً الإيرانيين إلى الوقوف معاً «بوجه الأعداء».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية قائد «الحرس الثوري» يتفقد وحدات «الباسيج» على هامش مناورات «الاقتدار» في طهران اليوم (دانشجو)

قيادي إيراني: الحرب المقبلة لن تتوقف قبل محو إسرائيل بالكامل

حذّر مستشار قائد «الحرس الثوري»، محمد رضا نقدي، الخميس، من أن قواته لن توقف أي حرب مقبلة إلا بعد تدمير كامل لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وانغ (أرشيفية - أ.ب)

أستراليا تدرج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة الإرهاب

أدرجت الحكومة الأسترالية، جهاز «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة الإرهاب، وذلك عقب تقييم استخباراتي خلص إلى تورطه في تدبير هجمات ضد اليهود في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (لندن - سيدني)

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

وتناولت المحادثات «التعاون الثنائي بين مصر و(الوكالة) في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية دعماً لجهود التنمية الوطنية، لا سيما مشروع المحطة (النووية) بالضبعة، الذي يعد نموذجاً للتعاون والتنسيق بين مصر و(الوكالة)».

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة.

ومحطة «الضبعة» النووية، هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون المشترك لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وتضم المحطة 4 مفاعلات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، بواقع 1200 ميغاواط لكل مفاعل، حسب وزارة الكهرباء المصرية.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أعرب عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع غروسي، الذي جرى مساء الجمعة، عن «دعم مصر الكامل للدور المهم الذي تضطلع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار نظام التحقق بموجب معاهدة منع الانتشار النووي ونظامها الأساسي»، مؤكداً أن «مصر تولي أهمية كبيرة للحفاظ على مبدأ عالمية المعاهدة، ومنع الانتشار النووي، ومصداقية المعاهدة بوصفها ركيزة أساسية لنظام منع الانتشار النووي»، معرباً عن «التطلع لمواصلة التنسيق والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال التوقيع على «اتفاق القاهرة» في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وتناول الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية المصري والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الملف «النووي الإيراني»، حيث أكد الوزير عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وبناء الثقة وتهيئة الظروف اللازمة لاستمرار التعاون القائم، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي الإيراني، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

وأعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نهاية نوفمبر الماضي، انتهاء «اتفاق القاهرة» رسمياً، عقب تبني مجلس محافظي «الوكالة الذرية»، قراراً يطالب طهران بأن تبلغ الهيئة التابعة للأمم المتحدة (دون تأخير) بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي.

وكان عراقجي وغروسي قد وقَّعا، في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، في القاهرة، اتفاقاً لاستئناف التعاون بين الجانبين، بما يشمل إعادة إطلاق عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية.


وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
TT

وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل، السبت، التي تستمر حتى الأحد، إلى تعزيز العلاقة «الخاصة» بين البلدين، رغم تحفظات برلين الأخيرة بشأن الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة والعنف في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعد زيارة قصيرة لمدة ساعتين إلى العقبة في الأردن؛ حيث سيلتقي بالملك عبد الله الثاني، سيقضي ميرتس أمسية ويوماً في القدس؛ إذ من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد.

ويُعد هذا حدثاً بارزاً في ظل العزلة الدولية التي يعانيها نتنياهو منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عامين.

ورغم الحرب وتداعياتها، أكد سيباستيان هيل، المتحدث باسم المستشار، الجمعة، أن «العلاقات الألمانية الإسرائيلية سليمة ووثيقة ومبنية على الثقة».

وتدعم ألمانيا إسرائيل بشدة، وتُبرر ذلك بمسؤوليتها التاريخية عن محرقة اليهود. ومن المقرر أن يزور فريدريش ميرتس الأحد مؤسسة «ياد فاشيم» التذكارية التي تخلّد ذكرى الضحايا اليهود لألمانيا النازية.

ورغم ذلك، شدّدت برلين في الأشهر الأخيرة من نبرتها تجاه إسرائيل، مع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل كبير.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أحدث المستشار الألماني عاصفة سياسية، عندما قرر فرض حظر جزئي على صادرات الأسلحة من بلاده إلى إسرائيل، ردّاً على تكثيف الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.

«تباعد خطابي»

أتاحت الهدنة في قطاع غزة لألمانيا رفع العقوبات بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأكّد المتحدث باسم ميرتس أن «الأهمية الخاصة» للعلاقات بين ألمانيا وإسرائيل «لا تمنع إمكانية انتقاد جوانب معينة» من سياسة بنيامين نتنياهو.

ومن المتوقع أن يبحث المستشار ورئيس الوزراء صباح الأحد الجهود المبذولة للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد نحو شهرين من دخوله حيّز التنفيذ.

يظل هذا الاتفاق غير مستقر، مع تبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بانتهاكه بشكل شبه يومي، وهو ما يُثير التساؤلات حول استكمال تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة.

الجمعة، أدان سيباستيان هيل مجدداً «الزيادة الهائلة في عنف المستوطنين»، وكرر دعوته للحكومة الإسرائيلية «لوقف بناء المستوطنات».

وأثار إعلان حظر الأسلحة في أغسطس (آب) رداً قوياً من جانب حكومة نتنياهو، التي اتهمت حليفها التقليدي بـ«مكافأة إرهاب (حماس)».

وقد «احتدم النقاش» عندما أبلغ ميرتس رئيس الوزراء الإسرائيلي بقراره عبر الهاتف، وفق ما أكد المستشار لقناة «إيه آر دي».

لكن جيل شوحط، مدير مكتب تل أبيب لمؤسسة «روزا لوكسمبورغ» المرتبطة بحزب اليسار الراديكالي الألماني «دي لينكه»، رأى في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن ذلك ليس أكثر من «تباعد خطابي» بين الزعيمين.

وقد أظهر تشغيل الجيش الألماني، الأربعاء، القسم الأول من منظومة الدرع الصاروخية «آرو» (حيتس)، التي نُشرت لأول مرة خارج إسرائيل، مدى اعتماد ألمانيا على الدولة العبرية لضمان أمنها على المدى البعيد.

وقد سلّطت برلين الضوء مؤخراً أيضاً على المساعدة التي قدمتها لها إسرائيل لتحسين دفاعاتها ضد الطائرات المسيّرة.

«انتظارات عالية»

على صعيد آخر، قوبل قرار إشراك إسرائيل في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) المقبلة، الذي اتخذ الخميس، بترحيب حار في ألمانيا، في حين قاد دولاً أخرى لإعلان مقاطعة المسابقة.

ويرى شوحط أن زيارة المستشار الألماني لبنيامين نتنياهو، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، تُشكل «بادرة سلبية للتطبيع في وضع لا ينبغي التطبيع معه».

وكان فريدريش ميرتس قد أكد مباشرة بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية نهاية فبراير (شباط)، أن نتنياهو يمكنه زيارة ألمانيا، رغم مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

لكن المستشارية عادت وأكدت مؤخراً أن هذا «ليس موضوعاً للنقاش في الوقت الراهن».

ويرى مايكل ريميل، مدير مكتب القدس لمؤسسة «كونراد أديناور» المرتبطة بالحزب «الديمقراطي المسيحي» الذي يتزعمه ميرتس، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن نتنياهو لديه الآن «انتظارات عالية»، ويأمل في «إشارة دعم مستمرة» من برلين.

من ناحية أخرى، تبدو نداءات برلين في الأشهر الأخيرة غير فعّالة مقارنة مع «النفوذ الأكبر» لترمب، الذي أظهر أنه الوحيد القادر على دفع إسرائيل نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ريميل.


موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.