قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

النائب العام يبحث في روما عودتهم للبلاد وفق «ترتيبات»

النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
TT

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

أعادت محادثات ليبية - إيطالية إلى واجهة الأحداث قضية خمسة لاعبين لكرة القدم ليبيين معتقلين في روما منذ تسعة أعوام، بعدما طالبت أسرهم بضرورة العمل على إعادتهم إلى البلاد.

وسعى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، خلال زيارته لروما نهاية الشهر الماضي، إلى فتح ملف السجناء الخمسة خلال مناقشاته مع وزير العدل الإيطالي، كارلو نوريدو.

وكانت محكمة إيطالية قد قضت في السادس من ديسمبر (كانون الأول) 2015 بالسجن 30 عاماً على اللاعبين الخمسة، وهم: علاء فرج الزغيد من نادي أهلي بنغازي، وعبد الرحمن عبد المنصف وطارق جمعة العمامي من نادي التحدي الليبي، واللاعب محمد الصيد من طرابلس، ومهند نوري خشيبة من طرابلس أيضاً، بتهم «الاتجار في البشر والهجرة غير المشروعة».

النائب العام الليبي والمدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

ومنذ ذلك التاريخ وقضية اللاعبين الخمسة تراوح مكانها، إلا أن صالح أعاد مناقشتها مؤخراً مع السلطات الإيطالية. وقال المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب إن السلطات الإيطالية دعت النائب العام لزيارة روما، بعد مباحثات عديدة أجراها صالح مع المسؤولين الإيطاليين بشأن ملف السجناء الليبيين في روما.

وتتباين أسباب توقيف اللاعبين الليبيين وحبسهم؛ فالسلطات الإيطالية وجهت إليهم اتهاماً بـ«الاتجار في البشر»، لكن أسرهم يؤكدون أنهم «كانوا يستهدفون الهجرة للاحتراف بأحد الأندية الأوروبية».

وبحسب رواية أسرهم، فإنهم «فشلوا في الحصول على تأشيرة سفر، فاضطروا إلى الهجرة غير المشروعة»، عن طريق ركوب أحد القوارب مع بعض المهاجرين في مدينة زوارة (120 كيلومتراً غرب العاصمة) إلى إيطاليا، مشيرين إلى أنهم سقطوا في يد السلطات الأمنية بمجرد دخولهم البلاد، وبعد أن خضعوا للمحاكمة حُكِم عليهم بالسجن 30 عاماً بتهمة «الهجرة غير النظامية والمتاجرة في بيع البشر».

ومع إعادة الحديث عن اللاعبين الخمسة، تحدث الحقوقي الليبي طارق لملوم عما سمّاه «استغلال قضية هؤلاء السجناء من بعض السياسيين» دون تسميتهم، وقال إنه «من الطبيعي أن يتعاطف الشخص مع أقاربه وأصحابه وبني جلدته في حال تعرضهم لأي ضيق، لكن من المهم نقل الصورة واضحة حتى يتمكن أي شخص، أو جهة، أو أي حكومة، من المساعدة».

ويعتقد لملوم أنه «ليس صحيحاً أن سبب الحكم على هؤلاء الخمسة هجرتهم بطريقة غير نظامية»، مشيراً إلى أن اتهام المحكمة في البداية لهم كان «الترويج للهجرة غير النظامية»، ثم «التسبب في وفاة 49 شخصاً كانوا في نفس القارب، وتم إجبارهم على البقاء في مكان مغلق، وماتوا بسبب الاختناق».

ونوّه لملوم بأنه حسب ما نشرته الصحافة الإيطالية، فإن المحكمة استندت على شهادات كثيرة لمهاجرين كانوا في نفس المركب أكدوا أن «الشبان الليبيين كانوا ضمن الأشخاص الذين منعوهم من الخروج، وتم إقفال المكان عليهم؛ مما تسبب في موت 49 شخصاً».

وأضاف لملوم موضحاً أن المحامين «استطاعوا إثبات أن الشبان الليبيين ليسوا مهرّبين، وأن هواتفهم لم تكن تحمل أي ترويج للهجرة مع أي مهرب، لكن القاضي اعتبر أن هناك نية للأذى كانت متوفرة، بسبب منع المهاجرين من الخروج من أسفل القارب، كما أن بعض الشهود أكدوا أن هناك أشخاصاً قاموا بضربهم ومنعهم من الحركة».

ونقل مكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، يوم الخميس، أن لقاءه مع المدعي العام لدى المحكمة العليا تمحور حول ترتيب تعاون قضائي بين النيابتين، تنتظم آلية إنفاذه بإبرام مذكرة تفاهم تتناول المسائل الجنائية ذات الاهتمام المشترك، مشيراً أيضاً إلى أن الاجتماع انتهى إلى «تخطيط ترتيبات نقل المحكومين الليبيين الذين توفروا على الشروط، وفق جدول زمني يمتد طوال الربع الأول من العام المقبل».

جانب من وقفة احتجاجية للإفراج عن اللاعبين الليبيين (صفحات لأسر اللاعبين)

وسبق أن تظاهرت عائلات وأصدقاء اللاعبين لمطالبة السلطات بالتدخل لسرعة الإفراج عن أبنائهم، ونددت بما سمّوه «صمت السلطات في البلاد على سجن أبنائهم».

وبعد سلسلة من الوقفات الاحتجاجية على مدار السنوات الماضية، ومخاطبة المسؤولين، لم تفقد أسر هؤلاء اللاعبين الأمل في بحث قضيتهم من جديد، واصطفوا في مظاهرة سلمية انضمّ إليها عدد من الرياضيين بأندية بنغازي، وتوجهوا بمطلب رسمي للسلطات في البلاد.


مقالات ذات صلة

«إزاحة» المنفي والدبيبة... محاولة ليبية على وقع انقسام سياسي

شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في مدينة بوزنيقة المغربية (رويترز)

«إزاحة» المنفي والدبيبة... محاولة ليبية على وقع انقسام سياسي

تجاهلت سلطات العاصمة الليبية التعليق على اتفاق بين ممثلين لمجلسي النواب و«الدولة» في المغرب يقضي بإزاحتها من الحكم، وسط ترحيب من جبهة شرق البلاد.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

الدبيبة: لدينا مخاوف من تحول ليبيا إلى ساحة قتال بين الدول

أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، اليوم الخميس، عدم السماح بدخول أي قوات أجنبية لليبيا «إلا باتفاقات رسمية وضمن إطار التدريب».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع أعضاء من مجلسَي «النواب» و«الأعلى للدولة» في المغرب (مجلس النواب)

أعضاء «النواب» و«الأعلى للدولة» يبحثون في المغرب الأزمة الليبية

بدأت، الأربعاء، جولة جديدة لمدة يومين، من الاجتماعات التشاورية بين أعضاء من مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» الليبيين في بابوزنيقة بالمغرب.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)

«افتعال الأزمات للبقاء بالسلطة» اتهام يحاصر قادة ليبيا

تصاعدت حدة التراشق وتبادل الاتهامات في ليبيا بين رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ومجلس النواب، بالمسؤولية عن حالة الجمود السياسي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري اللواء خالد حفتر وقيادة بالجيش يستقبلون في بنغازي بك يفكيروف (القيادة العامة)

تحليل إخباري هل استقبل شرق ليبيا سلاحاً روسياً منقولاً من سوريا؟

بين نفي وتأكيد يتخوف ليبيون من «توسيع» روسيا نفوذها بالبلاد، في ظل تقارير تتحدث عن نقل موسكو عتاداً عسكري من قواعدها في سوريا إلى شرق ليبيا معقل «الجيش الوطني».

جمال جوهر (القاهرة)

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

أعلنت واشنطن، اليوم الخميس، عن تخصيصها مبلغاً إضافياً بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع حول السودان لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: «عملت الولايات المتحدة كثيراً مع الشركاء لتوفير المساعدة إلى السودان... ونحن اليوم نعلن عن مبلغ إضافي بنحو 200 مليون دولار».

والخميس، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص في البلد إما يعانون الجوع أو هم معرّضون له.

وبالإضافة إلى ذلك، يعاني نحو 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في البلد، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، يشهد السودان حرباً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بـ«حميدتي».

خلال عمليات الإنقاذ بعد الفيضانات المدمرة في جنوب طوكر بولاية البحر الأحمر بالسودان في 28 أغسطس 2024 (رويترز)

وتسيطر «قوات الدعم السريع» بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، بينما يسيطر الجيش على شمال وشرق البلاد.

وحتى الآن، لم يتمكّن أي من المعسكرين من السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم التي تبعد ألف كيلومتر شرق مدينة الفاشر.

وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف، وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص، وتسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.

ويُتّهم الجيش و«قوات الدعم السريع» باستهداف المدنيين والمرافق الطبية بشكل عشوائي، وبقصف مناطق سكنية عمداً.

وفي المجموع، لا بدّ من توفير مساعدة بقيمة 4.2 مليار دولار لتلبية حاجات السودانيين في 2025، على ما قالت إيديم وسورنو مديرة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. كما صرّحت بأن «كمّية المساعدة الإنسانية التي تصل إلى السودانيين في العوز ليست سوى جزء ضئيل مما يحتاجونه».

وأردفت: «في نهاية المطاف، تبقى الوسيلة الوحيدة لإنهاء دوّامة العنف والقتل والدمار هذه هو تحدّي إرساء سلام دائم في السودان».