السلطة الفلسطينية ماضية في عمليتها ضد المسلحين بجنين

العملية الأمنية تستهدف «سحب الذرائع» من إسرائيل

أحد أفراد قوات الأمن الفلسطينية يلوح بيده خلال العملية في مخيم جنين (الفرنسية)
أحد أفراد قوات الأمن الفلسطينية يلوح بيده خلال العملية في مخيم جنين (الفرنسية)
TT

السلطة الفلسطينية ماضية في عمليتها ضد المسلحين بجنين

أحد أفراد قوات الأمن الفلسطينية يلوح بيده خلال العملية في مخيم جنين (الفرنسية)
أحد أفراد قوات الأمن الفلسطينية يلوح بيده خلال العملية في مخيم جنين (الفرنسية)

قال وزير الداخلية الفلسطيني، اللواء زياد هب الريح، إن العملية التي تشنها السلطة في مدينة جنين ومخيمها ستستمر حتى تحقيق أهدافها بفرض الأمن والنظام وبسط القانون.

وأطلقت السلطة الفلسطينية قبل نحو أسبوعين حملة أمنية واسعة، في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، ضد مسلحين في المخيم، في بداية تحرك هو الأقوى والأوسع منذ سنوات طويلة، ويفترض أن يطال مناطق أخرى، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

تحديات صعبة

وأضاف هب الريح، الذي ترأس اجتماعاً أمنياً في جنين على وقع اشتباكات مستمرة في المخيم: «عملية (حماية وطن) مستمرة ومتواصلة (...) لن نتراجع عن تحقيق أهدافنا وسنلاحق كل مَن يحاول العبث بمقدرات شعبنا وتخريب المشروع الوطني الفلسطيني، والجميع تحت القانون».

وتخطط السلطة لتوسيع العملية إذا نجحت في جنين. واعترف وزير الداخلية الفلسطيني بـ«وجود تحديات صعبة على المستوى الميداني في كل محافظات الضفة الغربية».

وزير الداخلية الفلسطيني مترئساً الاجتماع الأمني في جنين (وفا)

وقال هب الريح: «ثمة تحديات مرتبطة بالعصابات المسلحة وعصابات المخدرات وعصابات السطو وغيره»، وتابع: «ما يهمنا هو الوصول إلى عقول هؤلاء الشبان للحد من المفاهيم التحريضية التي تغرر بهم من جهات مغرضة. نريد إنزالهم عن الشجرة ودمجهم في المجتمع الفلسطيني، ومَن لا يلتزم ببرنامجنا في ظل التغيرات الراهنة بالمنطقة، فسنستهدفه».

«حماية وطن»

من جانبه، أعلن الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني، العميد أنور رجب، أن الأجهزة الأمنية بدأت حملة «حماية وطن» لحفظ الأمن والسلم الأهلي وبسط سيادة القانون، وقطع دابر الفتنة والفوضى في مخيم جنين.

وتواجه السلطة مسلحين داخل المخيم تقول إنهم «متطرفون وداعشيون يتبعون أجندات خارجية» لنشر الفوضى في الضفة الغربية. في المقابل يقول المسلحون إنهم «مقاتلون ضد إسرائيل»، لذلك تريد السلطة كبح جماحهم لأنها «متعاونة مع إسرائيل».

وقتلت السلطة خلال العملية مسلحين واعتقلت آخرين، وتعرضت لهجمات أدت إلى إصابات وخسائر في المدرعات. ويتبادل عناصر الأمن مع المسلحين اشتباكات شبه يومية في المخيم ما حوّل الوضع هناك إلى مأساوي.

فلسطينيون غاضبون أثناء تشييع جنازة شابين قتلا في اشتباكات بجنين شمال الضفة (رويترز)

واتهم رجب من وصفهم بـ«الخارجين عن القانون» باستهداف المواطنين في حياتهم وأمنهم والتضييق عليهم في حركتهم في مدينة جنين ومخيمها، بعد أن اتخذوا مساراً داعشياً في ممارساتهم وسلوكهم. وقال إن الأجهزة الأمنية تمكنت، خلال العملية المتواصلة، من السيطرة على سيارتين مفخختين بمواد متفجرة شديدة التأثير، فيما تم تفجير سيارتين وسط مدينة جنين. كما تمكنت من تفكيك متفجرات زرعت في الشوارع والطرقات العامة، وبجانب المرافق الحكومية والخدمية.

إنقاذ الضفة

وهدد رجب المسلحين، قائلاً إنهم بـ«سلوكهم الداعشي» لن يكونوا قادرين على «ثني الأجهزة الأمنية عن المضي قدماً في العملية الأمنية». لكن المسلحين ردوا على السلطة وقالوا إنهم لا يحملون أي أفكار متطرفة.

وقال مصدر أمني كبير لـ«الشرق الأوسط» إن «الحملة تستهدف إنقاذ الضفة من محاولة جرها إلى غزة ثانية»، وأضاف: «ثمة من يتلقى تعليمات من إسرائيل، وثمة من يتلقى تعليمات من الخارج، لتخريب الوضع الأمني في الضفة».

وخلال عام الحرب الإسرائيلية على غزة، هاجمت الرئاسة وحركة «فتح» إيران أكثر من مرة، واتهمتها بـ«التدخل في الشأن الفلسطيني» و«محاولة جلب حروب وفتن وفوضى».

حجارة الدومينو

وبدأت الحملة الفلسطينية في جنين بعد أيام من تحذيرات إسرائيلية من احتمال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، تحت تأثير التطورات الحاصلة في سوريا (انهيار نظام الأسد) ضمن وضع تعرفه الأجهزة بأنه «تدحرج حجارة الدومينو».

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن التقديرات في أجهزة الأمن بأن تدهوراً محتملاً في الضفة قد يقود كذلك إلى انهيار السلطة الفلسطينية.

وتصف إسرائيل المواجهات في جنين بأنها «غير عادية»، وتقول إنها حاسمة لمستقبل السلطة الفلسطينية.

قوات الأمن الفلسطينية في مخيم جنين للاجئين شمال الضفة الغربية الأربعاء وسط اشتباكات مستمرة مع المسلحين (وكالة الصحافة الفرنسية)

وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن بدء العملية الأمنية يستهدف سحب الذرائع من إسرائيل، وأضاف: «لم نرد أن نعطي إسرائيل الفرصة كي تفتك بالضفة مثلما فعلت في غزة ولبنان وتفعل الآن في سوريا باسم أمنها»، وتابع المصدر: «تريد إسرائيل الفوضى. وتشجع عمليات هنا. والهدف معروف. الرد والانتقام وهذا سيناريو اختبرناه»، مؤكداً أن «السلطة تحركت أيضاً لأن عليها إثبات أنها موجودة على الأرض وقادرة على الحكم هنا وفي قطاع غزة بالمستقبل»، وأردف: «الشرق الأوسط يتغير».


مقالات ذات صلة

قوات الأمن الفلسطينية تحاول السيطرة على الاضطرابات بالضفة الغربية

العالم العربي قوات الأمن الفلسطينية (رويترز)

قوات الأمن الفلسطينية تحاول السيطرة على الاضطرابات بالضفة الغربية

تخوض قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية معارك مع مقاتلين إسلاميين في مدينة جنين منذ أيام، في محاولة لفرض سيطرتها على أحد المعاقل التاريخية للفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يغلقون أحد الطرق في الضفة الغربية (د.ب.أ)

مقتل فلسطينيين اثنين برصاص إسرائيلي في الضفة

قتل شابان فلسطينيان برصاص القوات الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، قرب منطقة صوفين شرق مدينة قلقيلية بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
الولايات المتحدة​ الناشطة الحقوقية الأميركية من أصل تركي عائشة نور إزجي إيجي (أرشيفية - رويترز)

عائلة ناشطة أميركية قُتلت بالضفة: واشنطن لم تعد بفتح تحقيق

قالت عائلة ناشطة حقوقية أميركية من أصل تركي قتلتها إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة إنها ناشدت الخارجية الأميركية، الاثنين، فتح تحقيق في مقتلها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أطفال نازحون يبحثون في صندوق قمامة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

اتهامات لحكومة نتنياهو بـ«تجويع الفلسطينيين»

قيادة الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الأخرى تحاول إقناع حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإعادة منح تصاريح العمل لنحو 150 ألفاً من سكان الضفة للعمل في إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من الأمن الفلسطيني في أثناء اشتباكات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة السبت (رويترز)

السلطة الفلسطينية تطلق حملة أمنية ضد المسلحين في الضفة

أعلن الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني، العميد أنور رجب، أن الأجهزة الأمنية بدأت حملة «حماية وطن»؛ لحفظ الأمن والسلم الأهلي وبسط سيادة القانون في مخيم جنين

كفاح زبون (رام الله)

مستوطنو ترمب هايتس في الجولان السوري المحتل مستعدون للتوسع

مستوطنة «ترمب هايتس» (أ.ف.ب)
مستوطنة «ترمب هايتس» (أ.ف.ب)
TT

مستوطنو ترمب هايتس في الجولان السوري المحتل مستعدون للتوسع

مستوطنة «ترمب هايتس» (أ.ف.ب)
مستوطنة «ترمب هايتس» (أ.ف.ب)

في نهاية طريق متعرج أعلى تلة ترابية في مرتفعات الجولان السوري المحتل التي ضمتها إسرائيل، تفتح بوابات صفر ببطء لتسمح بدخول مركبات تمر بجانب تمثال نسر ولافتة ذهبية تحمل اسم الرئيس الأميركي المنتخب.

يوجد علمان إسرائيلي وأميركي على لافتة مدخل مستوطنة «ترمب هايتس» (مرتفعات ترمب) على اسم دونالد ترمب؛ امتناناً له لاعترافه في عام 2019 بضم إسرائيل للهضبة ذات الموقع الاستراتيجي، لتكون الولايات المتحدة الدولة الأولى والوحيدة حتى الآن التي أقدمت على هذه الخطوة.

وبعد خمس سنوات، يعيش في المستوطنة نحو 26 عائلة في منازل مؤقتة ومتنقلة بانتظار تنفيذ خطط توسيعها على نطاق كبير.

يقول مسؤول التجمع ياردن فريمان إن عدد سكان مستوطنة مرتفعات ترمب سيتضاعف في غضون ثلاث سنوات. وهو يتوقع أن تنتقل 99 عائلة إلى منازل جديدة على أراض واسعة مع بنية تحتية جديدة تناسبها.

ويتوقع فريمان أن تحظى الخطة بدعم رسمي مع انتظار موافقة الحكومة الإسرائيلية الأحد على خطة لإنفاق 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لمضاعفة عدد المستوطنين اليهود في الجولان.

أعلنت الخطة بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ودخول قوات الجيش إلى المنطقة العازلة مع سوريا والسيطرة عليها.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على المنشآت العسكرية السورية فيما تقول إنها محاولة لمنع وقوعها في أيد معادية، كما حذرت مراراً وتكراراً من التهديد الذي يشكله قادة سوريا الجدد.

احتلت إسرائيل معظم مرتفعات الجولان عام 1967 وأعلنت ضمها عام 1981 في خطوة لم تعترف بها سوى الولايات المتحدة.

«جبهة مدنية قوية»

رحب المستوطنون بالميزانية الجديدة، خاصة بعد أكثر من عام من هجمات نفذها «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.

ويقول نائب رئيس المجلس الإقليمي يعقوب سيلفان: «نحن سعداء جداً لأن الحكومة تدرك أهمية الجولان وضرورة الاستثمار فيه، ليس فقط في الأمن، ولكن أيضاً في تنمية المجتمع فيه».

ويضيف: «بصفتنا الجبهة الشمالية الشرقية لإسرائيل، نحن لسنا هنا لمجرد إمعان النظر بالمشاهد الخلابة».

ويرى سيلفان أن هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل أظهر «ضرورة وجود جبهة مدنية قوية».

ويؤكد سيلفان المقيم في تجمع «يوناتان» الاستيطاني المجاور: «بعد أسوأ مأساة في تاريخ دولة إسرائيل، الآن نحتاج إلى الاستمرار في البناء وإعادة البناء بشكل أفضل».

ويشير إلى أن هناك خطة استراتيجية لتطوير المنطقة، التي يبلغ عدد سكانها اليهود نحو 30.000 نسمة، إلى جانب نحو 23.000 من الدروز الذين لم يغادروا أرضهم عند احتلالها ويفخرون لكونهم سوريين.

وإلى جانب تحسين الطرق ومنشآت البنية التحتية الأخرى وتوسيع التجمعات الاستيطانية القائمة، بما في ذلك بلدة كاتسرين الوحيدة في الجولان، تشمل الخطة إنشاء ثلاثة تجمعات جديدة، واحد بجانب مرتفعات ترمب وآخر قد يُبنى على أرض متنازع عليها مع لبنان.

ويقول سيلفان: «لقد حصلنا للتو على الأوراق من سلطة الأراضي الإسرائيلية»، مشيراً إلى المنطقة التي يسميها الإسرائيليون «جبل دوف» والمعروفة لدى اللبنانيين بمزارع شبعا.

ويشير إلى أن فريقاً كان يستعد لاستكشاف إمكانية البناء هناك. لكن سلطة الأراضي لم تعلق على الفور على أقواله.

«هذا هو واقعنا»

في مرتفعات ترمب، وبجانب مبان قيد الإنشاء، تم تمهيد الأرض لوضع أساسات لبناء نحو 50 منزلاً جديداً.

ويقول فريمان إنه منذ وصول أول عائلة إلى المنطقة في عام 2021، يضم التجمع اليوم نحو 70 شخصاً بالغاً وأكثر من 60 طفلاً تحت سن الثالثة عشرة.

ويضيف أن جميع العائلات بقيت رغم الحرب التي اندلعت في 2023 بفضل الروابط الشخصية بينها، موضحاً أن التجمع الاستيطاني يضم يهوداً متدينين وعلمانيين.

ورغم محاولات الحكومة تشجيع النمو السكاني، فإنه كان بطيئاً.

خارج أحد المنازل الصغيرة، كان يديديا أوستروف (31 عاماً) يقوم بجمع فروع الأشجار المتساقطة والأوراق.

أوستروف الذي انتقل مع زوجته إلى مرتفعات ترمب الثلاثاء، قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «جئنا إلى هنا لأننا نتفق مع رؤية التجمع، والناس هنا، وطموحاتهم بشأن المستقبل».

وعند سؤاله عن مخاوفه بشأن الوضع الأمني المتقلب، قال أوستروف: «لست قلقاً... هذا ما اعتدنا عليه للأسف. آمل أن يبقى الوضع هادئاً، لكن هذا هو واقعنا».