غزة ولبنان وسوريا... 3 حروب متتابعة ومترابطة

تساقطت أحجار الدومينو واحدة تلو الأخرى بعد ضربة إسرائيل لـ «حزب الله»

صور ممزقة لقادة سوريين ولبنانيين وإيرانيين في بلدة نبّل الشيعية بريف حلب يوم 11 ديسمبر (رويترز)
صور ممزقة لقادة سوريين ولبنانيين وإيرانيين في بلدة نبّل الشيعية بريف حلب يوم 11 ديسمبر (رويترز)
TT

غزة ولبنان وسوريا... 3 حروب متتابعة ومترابطة

صور ممزقة لقادة سوريين ولبنانيين وإيرانيين في بلدة نبّل الشيعية بريف حلب يوم 11 ديسمبر (رويترز)
صور ممزقة لقادة سوريين ولبنانيين وإيرانيين في بلدة نبّل الشيعية بريف حلب يوم 11 ديسمبر (رويترز)

هل توقّعت حركة «حماس» قبيل تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أن نجاحها سيكون مُذهلاً؟ هل اعتقد «حزب الله» أن جبهة المساندة لقطاع غزّة سترتدّ عليه كالموجة الارتداديّة لزلزال عظيم؟ هل توقّع أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) أن حربه الخاطفة ضد الجيش السوري ستوصله إلى دمشق بمدة لا تزيد على 11 يوماً؟ هل توقّعت كل من «حماس» وإيران كيف سيكون الردّ على «طوفان الأقصى» وإلى أيّ مدى سيصل؟ وهل راهنت إيران على أن التعب الأميركي من المنطقة سيجعلها متردّدة في التدخّل؟

لقد أصبحت هذه الأسئلة من الماضي، لكنها حتماً كانت ضمن حسابات الأفرقاء المتقاتلة قبيل التخطيط للحرب والذهاب إليها.

كانت غزّة النقلة الأولى على رقعة الشطرنج الإقليميّة، لتُعلن انطلاق اللعبة الجيوسياسية الكبرى. وإذا كانت اللعبة الجيوسياسيّة جديدة وكبيرة، وتغييريّة، فهذا يعني أنه لا بد من وضع قواعد واستراتيجيّات جديدة لها. ولا بدّ أيضاً من تغيير سلوكيّات القوى المنخرطة فيها، وحتى في بعض الأحيان تغيير الوسائل. وعليه، يسعى الخاسر إلى تقليل خسائره وتبريرها. في المقابل، يسعى الرابح إلى تثبيت نصره عبر رسم قواعد جديدة تعكس نصره العسكريّ، والسعي إلى ترجمته سياسياً في الداخل، وجيوسياسيّاً في ديناميكيّة اللعبة الكبرى. حالياً، قد يمكن القول إن صورة التوازنات الجيوسياسيّة لا تزال ضبابيّة، غامضة وزئبقيّة.

عناصر من «حزب الله» في صورة تعود إلى 22 أكتوبر الماضي في جنوب لبنان (أ.ب)

ماذا عن مسارح الحرب الثلاثة؟

ما يربط هذه المسارح هو مبدأ وحدة الساحات. وكلما توسّعت الساحة وكبُرت، ارتفع مستوى الهشاشة فيها. وقد يمكن القول هنا، إن جوهرة التاج في وحدة الساحات هذه، كان بالطبع المسرح اللبنانيّ عبر «حزب الله». من هنا، وبعد الضربة الكبيرة التي تلّقاها الحزب (Strategic Shock)، بدأت أحجار الدومينو تتساقط واحدة تلو الأخرى.

قد يمكن تقسيم المسرح اللبناني إلى ثلاثة مسارح مترابطة. العمق في البقاع، حيث يوجد السلاح الاستراتيجي. الضاحية الجنوبية، حيث مركز الثقل القيادي. وأخيراً وليس آخراً، منطقة جنوب الليطاني، حيث القتال المباشر. تعاملت إسرائيل مع المسارح الثلاثة من ضمن مبدأ الصدمات العملانيّة (Operational Shock)؛ الأمر الذي أدّى إلى الانهيار الاستراتيجيّ. فماذا يعني هذا الأمر؟

يعتبر كثير من المفكرين العسكريين أن المستوى العملاني للحرب هو الأهم فيها. فهو الرابط بين التكتيكي والاستراتيجيّ. فيه تُنفّذ الصدمة. وإذا نجحت الصدمة، فإن هذا الأمر سيؤدّي إلى فصل المستوى الاستراتيجي عن المستوى التكتيكي لتنهار المنظومة. وكي تنجح الصدمة، يجب تحديد مراكز ثقل العدو ونقاط ضعفه، والسعي لتدميرها عبر استغلال عنصر المفاجأة، مع الحفاظ المستمر على الاندفاعة (Momentum) لمنع العدو من التقاط أنفاسه. فعلى سبيل المثال، وبعد حادثة تفجير أجهزة الاستدعاء (Pagers) كان من الطبيعي أن يظن «حزب الله» أن كل وسائل الاتصال المتوافرة لديه أصبحت مشبوهة. وعليه، وكي تعمل منظومة القيادة، كان لا بد من الاجتماعات المباشرة للقيادات وعبر الحضور الشخصيّ. كان الحضور الشخصيّ، فكان الاغتيال الجماعي لقيادات «قوة الرضوان»، قوة النخبة في الحزب. وكي لا يسترد الحزب توازنه، توالت الاغتيالات وصولاً إلى الأمين العام حسن نصر الله، فكانت الصدمة الاستراتيجيّة الأكبر.

باختصار، اعتمدت إسرائيل في بداية الاشتباك مع «حزب الله» الحرب التموضعيّة (Positional Warfare) لفترة سنة تقريباً. بعدها انطلقت إلى حرب المناورة البريّة المحدودة، لكن باستراتيجيّة مختلفة تماماً عن حرب يوليو (تموّز) 2006، مع اعتماد المناورة الجويّة دون قيود، مع الاستغلال المُفرط للتكنولوجيا الحديثة ومن ضمنها الذكاء الاصطناعيّ.

ملصق لزعيم «حزب الله» الراحل حسن نصرالله في القصير السورية قبل انسحاب مقاتلي الحزب منها يوم 15 ديسمبر (أ.ف.ب)

المسرح السوري

تختلف ديناميكية المسرح السوري عن كل من لبنان وغزّة. وإذا كان لبنان قد اعتُبر على أنه المخفر المتقدّم لوحدة الساحات، فقد يمكن القول إن سوريا كانت المحور الأساسيّ لهذه الساحات (Linchpin). فيها صراع بين القوى الإقليمية الفاعلة. فيها التواجد الأميركي، كما الروسيّ. فيها التنوع الإثني، الديني كما المذهبيّ. فيها تعدّدية ميليشياويّة، محليّة وغريبة. فيها الأصولية، كما العلمانيّة. فيها نظام يتموضع، ويتلوّن باستمرار لتقديم خدمات جيوسياسيّة لمن هو قادر على تأمين استمراريّته وديمومته. أُسقط هذا النظام بحرب خاطفة استغرقت 11 يوماً، ومن قِبل تنظيم مسلّح لا يتجاوز عدد مقاتليه الرسميّ الـ30 ألف مقاتل.

سقط النظام في سوريا، وبدأت عملية تكوين السلطة. كما بدأ مسار السعي للحصول على الشرعية، المحلية أولاً، الإقليمية، وكذلك الدوليّة. لكن الحصول على الشرعيّة له دفتر شروط مهمّ جداً. ويبدو أن القيادة السياسية - العسكرية الحالية تعي هذا الأمر بعمق. لكن التحدّي الأكبر سيكون حتماً في إعادة تكوين القوى العسكرية، خصوصاً الجيش الذي هو الآلة العسكرية المفروض أن تخدم السياسة، لكن بعد أن تحدّد السياسة من هو العدو، ومن هو الصديق، وما هي المخاطر المحتملة على الأمن القوميّ، وبعدها توضع عقيدة قتالية للجيش.

باختصار، ستكون صورة الجيش على صورة الدستور المُنتظر. هذا في السيناريو الممتاز للثوار في سوريا. لكن لا يزال السيناريو السيّئ ممكناً، خصوصاً إذا لم تستطع المكونات الداخلية السورية الارتقاء إلى مستوى مفهوم الدولة. فهل سيكون السيناريو السيئ لسوريا بتنازعها من الشمال والجنوب بين تركيا وإسرائيل، على غرار ما خطط له هنري كيسنجر قبل عقود للبنان الذي اعتُبر حينها منطقة عازلة بين سوريا وإسرائيل؟

دخلت إسرائيل إلى الحرب السورية استباقيّاً، وبحجم لم نعهده منذ حرب 1973، فخلقت منطقة عازلة على مرتفعات الجولان، وسيطرت على قمم جبل الشيخ، وذلك بالإضافة إلى تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية وبنسبة 80 في المائة، كما تقول إسرائيل. وبذلك استغلت الدولة العبرية الفراغ السياسي السوري الداخلي، إلى جانب غياب شرعية الثوار حالياً، وكأنها ترسم بذلك الصورة المستقبليّة للجيش السوري وقدراته وحتى دوره. فمن سيُسلّحه مستقبلاً؟ ومن سيُموّل تسليحه؟

إذا اعتبرنا أن الحرب في غزّة هي ميكرو - حرب، وإذا اعتبرنا أن الحرب السورية هي ماكرو - حرب نظراً لما لها من تأثير جيوسياسيّ إقليميّ، فقد يمكن تسمية الحرب على لبنان بالميكرو- ماكرو. وإذا كانت الحرب في غزّة هي أساس التغيير الجيوسياسيّ الحاصل حالياً، فإن نتائج الحرب في غزّة ستكون كارثيّة على مستقبل القضية الفلسطينيّة. وإذا لم تعط إسرائيل للقضية حقوقاً أساسيّة عندما كانت ضعيفة، فهل ستعطيها هذه الحقوق اليوم في الوقت الذي تعتبر نفسها أنها قضت على «حماس» و«حزب الله» وعلى كل المشروع الإيراني الإقليميّ ووحدة الساحات؟ وهل ستخرج مستقبلاً من المنطقة العازلة التي بنتها على المسارح الثلاثة، بدءاً بغزة، مروراً بجنوب لبنان ووصولاً إلى قمم جبل الشيخ والجولان؟



سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.


مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
TT

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

قُتل فلسطيني، الجمعة، إثر إطلاق قوات إسرائيلية النار اتجاهه خلال اقتحامها قرية أودلا، جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية، في وقت تصاعدت فيه هجمات المستوطنين بمناطق متفرقة من الضفة، ووسط تحذيرات رسمية من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بمقتل الشاب بهاء عبد الرحمن راشد (38 عاماً) برصاص الاحتلال في بلدة أودلا، بينما ذكرت طواقم الهلال الأحمر أن راشد أُصيب برصاصة في رأسه بشكل مباشر، وجرت محاولات لإنعاشه وإنقاذ حياته في عيادة طوارئ بلدة بيتا، إلا أنه فارق الحياة فيها.

وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن قوات الاحتلال اقتحمت وسط القرية ومحيط المسجد القديم في أودلا، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز السام والصوت تزامناً مع خروج المصلين من المسجد؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهات، وإصابة شاب بالرصاص الحي بالرأس أُعلن مقتله لاحقاً.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

وشنَّت القوات الإسرائيلية، فجر وصباح الجمعة، حملة اعتقالات طالت ما لا يقل عن 6 فلسطينيين، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، داهمت خلالها عشرات المنازل، وأخضعت سكانها لتحقيق ميداني، كما عاثت في المنازل خراباً.

وأضرم مستوطنون، فجر الجمعة، النار في مركبتين، وكتبوا شعارات عنصرية، خلال هجومهم على قرية الطيبة شرق رام الله، التي داهموها وسط حماية من جيش الاحتلال، قبل أن ينسحبوا منها بعد تصدي السكان لهم.

وهذه المرة السادسة التي تتعرَّض فيها البلدة لهجمات، يتخللها إحراق مركبات وخط شعارات عنصرية، منذ بداية العام الحالي، حيث تَزَامَنَ هذا الاعتداء مع بدء استعدادات البلدة لاستقبال عيد الميلاد المجيد، حيث جرى، أمس، افتتاح سوق «ميلادي» بحضور عدد من الدبلوماسيين وأهالي البلدة التي تقطنها غالبية مسيحية.

في حين قطع مستوطنون خطوطاً ناقلة للمياه في خربة الدير بالأغوار الشمالية، بينما شرع آخرون - بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي - في حراثة أرض وزراعتها بعد السيطرة عليها من فلسطينيين، في منطقة خلايل اللوز جنوب شرق بيت لحم، بينما اعتدى آخرون على المزارعين في خربة يرزا شرق طوباس، ومنع آخرين من فلاحة أراضيهم ورعي مواشيهم في قرية الزويدين ببادية يطا جنوب الخليل.

فلسطيني يمر قرب جنود إسرائيليين خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (أ.ف.ب)

وأخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بإزالة المئات من أشجار الزيتون على جانب الشارع الرئيسي بمسافة كيلومتر واحد، من أراضي بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم، بعد أن علّقت إخطارات على الأشجار وواجهات المنازل.

البرغوثي

يأتي هذا التصعيد الميداني، في وقت ذكرت فيه هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن اتصالاً هاتفياً من رقم إسرائيلي، ورد لعائلة القيادي الفلسطيني، الأسير مروان البرغوثي، ادَّعى فيه المتصل أنه أسيرٌ مُحرَّرٌ أُفرج عنه فجر الجمعة من سجون الاحتلال، أثار حالةً من الهلع والقلق في أوساط عائلة البرغوثي بعد أن أبلغهم المتصل بأن حالته صعبة وخطيرة جداً.

وأوضحت الهيئة أنه وبعد المتابعة والتواصل، تبيَّن أن المعلومات التي نُقلت للعائلة تتحدث عن اعتداء وحشي تعرَّض له البرغوثي على يد السجانين الإسرائيليين، حيث ادعى المتصل أن «جزءاً من أذنه قد قُطع، وتعرَّضت أضلاعه وأصابع يده وأسنانه للكسر، وذلك خلال جولات متكررة من التعذيب والتنكيل».

مروان البرغوثي يحضر جلسة مداولات بمحكمة الصلح في القدس (أرشيفية - رويترز)

وأشارت الهيئة إلى أن هذا الاتصال شكَّل حالةً من الذعر لدى أسرة البرغوثي ولدى الشعب الفلسطيني بأكمله، وقد جرت محاولة الاتصال بالرقم ذاته دون جدوى، مؤكدةً أن هناك حالات سابقة تم تسجيلها تتضمَّن تهديداً وتخويفاً ومضايقات لعائلات الأسرى، مشددةً على استمرار عملها المشترك والمكثف مع القيادة الفلسطينية والأصدقاء والمتضامنين الدوليِّين للوقوف على حقيقة حالة البرغوثي، مع تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عمّا يتعرَّض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.

وفي أعقاب ذلك، حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من خطورة ما يتعرَّض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمس كرامتهم الإنسانية، وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة، وفي مقدمتها اتفاقات جنيف الـ4.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية، بشكل خاص، ما يتعرَّض له البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملةً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجونها. مؤكدةً أن «استمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى يُشكِّل جريمة حرب مكتملة الأركان، تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، في محاولة لكسر إرادتهم ومعاقبتهم جماعياً». وفق نصِّ بيانها.

وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي، ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتحرك الفوري والعاجل لتحمُّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ لوقف هذه الانتهاكات فوراً، وضمان الحماية الدولية للأسرى، وتمكينهم من حقوقهم التي كفلتها الشرائع الدولية، مؤكدةً العمل الدؤوب على إطلاق سراحهم جميعاً، وعلى رأسهم البرغوثي.


الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار قرار في العراق، تضمن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب، ثم التراجع عنه سريعاً، توتراً سياسياً واسعاً داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق، في وقت يحتدم فيه الجدل حول تشكيل الحكومة المقبلة.

وجاء القرار والتراجع عنه ليعيد تسليط الضوء على واحدة من نقاط الاحتكاك المستمرة بين «الضغوط الأميركية على بغداد» و«النفوذ الإيراني» في البلاد.

ونفت رئاسة جمهورية العراق، الجمعة، علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعة «الحوثي» و«حزب الله» اللبناني «جماعة إرهابية»، وتجميد الأصول والأموال العائدة إليهما.

وقالت الرئاسة في بيان، إن مثل هذه القرارات لا تُرسل إليها، مشيرة إلى أن ما يصل إليها للتدقيق والمصادقة والنشر يقتصر على القوانين التي يصوت عليها مجلس النواب والمراسيم الجمهورية.

وأضاف البيان أن قرارات مجلس الوزراء أو لجان تجميد أموال الإرهابيين وتعليمات مكافحة غسيل الأموال لا تُحال إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة، وأن رئاسة الجمهورية لم تطلع أو تعلم بهذا القرار إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ما استدعى إصدار التوضيح الرسمي.

وأدرجت السلطات العراقية عبر لجنة تجميد أموال الإرهابيين «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» في اليمن على قوائمها، تنفيذاً لحزم من قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتمويله، وذلك بحسب ما ورد في العدد 4848 من جريدة «الوقائع العراقية» الصادر في 17 نوفمبر 2025.

وسرعان ما تراجعت السلطات عملياً عن قرار الإدراج هذا، بعد نشر توضيح رسمي ووثيقة صادرة عن البنك المركزي العراقي تؤكد أن موافقة بغداد اقتصرت على الكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيم «داعش» و«القاعدة» حصراً.

رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

توتر داخل «التنسيقي»

وقال سياسيون وخبراء قانونيون إن البنك المركزي، بصفته مؤسسة مستقلة، لا يخضع إدارياً للحكومة، لكن الإجراء التصحيحي الذي اتخذه رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، عبر إصدار توضيحات وفتح تحقيق «عاجل»، دفع الأزمة إلى مستوى سياسي داخل «الإطار التنسيقي»، في وقت يحتدم فيه الجدل حول اسم رئيس الوزراء للولاية المقبلة.

ورغم غياب بيان رسمي موحد من قوى «الإطار التنسيقي»، اتهمت أحزاب وفصائل قريبة منه الحكومة بأن الخطأ لم يكن تقنياً، بل خطوة محسوبة تهدف إلى إظهار انسجام بغداد مع مطالب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالتزامن مع توقع وصول المبعوث الرئاسي مارك سافايا إلى بغداد بعد زيارة مماثلة لمبعوث واشنطن إلى سوريا ولبنان.

السوداني، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة داخل تحالفه السياسي، حتى إن بعض قيادات «الإطار التنسيقي» أزالوه من مجموعة «واتساب» خاصة بالتنسيق الداخلي، حسب مصادر سياسية، أصدر بياناً مقتضباً قال فيه إنه «لا مساومة» بشأن دعم العراق لـ«حقوق الشعوب وتضحياتها»، في إشارة غير مباشرة إلى موقفه من «حزب الله» و«الحوثي».

لكن نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، وهو حليف سياسي للسوداني، دافع عنه قائلاً إن ما حدث «خطأ فني» في قرار صدر عن لجنة تابعة للبنك المركزي «الذي يعد مؤسسة مستقلة لا تخضع للإرادة الحكومية». وأضاف على منصة «إكس»، أن الخطأ «سيُصحّح»، وأن التحقيق سيمنع «المتصيدين» من استغلال الواقعة سياسياً، على حد تعبيره.

«انعكاسات على تشكيل الحكومة»

تأتي الحادثة فيما يعمل «الإطار التنسيقي» على الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، وسط انقسام واضح بين قواه الرئيسية بشأن بقاء السوداني لولاية ثانية أو استبداله.

ومع تصاعد الجدل حول «خطأ البنك المركزي»، زاد من صعوبة مهمة «الإطار التنسيقي» في التوصل إلى اتفاق داخلي، وفتح الباب أمام «سيناريوهات مفاجئة»، وفق مصادر سياسية.

في المقابل، صعّدت فصائل شيعية مسلّحة من انتقاداتها للحكومة. وقال رئيس المجلس السياسي لـ«حركة النجباء»، علي الأسدي، إن إدراج الحزبين على قوائم الإرهاب «خيانة»، واعتبر أن ترشيح الرئيس السابق دونالد ترمب لجائزة نوبل «من قِبَل العراق»، حسب تعبيره، يمثل «إهانة للتضحيات». وأضاف أن «مثل هذه الحكومة لا تمثل الشعب العراقي»، مرفقاً تعليقاته بوسم «قرار إعدام الولاية الثانية».

وتعكس الواقعة، التي بدأت بخطأ إداري ثم تحولت إلى أزمة سياسية، هشاشة التوازن الذي تحاول بغداد الإبقاء عليه بين علاقتها بالولايات المتحدة الشريك المالي والعسكري الرئيسي وعلاقاتها مع قوى مرتبطة بإيران.