غزة ولبنان وسوريا... 3 حروب متتابعة ومترابطة

تساقطت أحجار الدومينو واحدة تلو الأخرى بعد ضربة إسرائيل لـ «حزب الله»

صور ممزقة لقادة سوريين ولبنانيين وإيرانيين في بلدة نبّل الشيعية بريف حلب يوم 11 ديسمبر (رويترز)
صور ممزقة لقادة سوريين ولبنانيين وإيرانيين في بلدة نبّل الشيعية بريف حلب يوم 11 ديسمبر (رويترز)
TT

غزة ولبنان وسوريا... 3 حروب متتابعة ومترابطة

صور ممزقة لقادة سوريين ولبنانيين وإيرانيين في بلدة نبّل الشيعية بريف حلب يوم 11 ديسمبر (رويترز)
صور ممزقة لقادة سوريين ولبنانيين وإيرانيين في بلدة نبّل الشيعية بريف حلب يوم 11 ديسمبر (رويترز)

هل توقّعت حركة «حماس» قبيل تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أن نجاحها سيكون مُذهلاً؟ هل اعتقد «حزب الله» أن جبهة المساندة لقطاع غزّة سترتدّ عليه كالموجة الارتداديّة لزلزال عظيم؟ هل توقّع أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) أن حربه الخاطفة ضد الجيش السوري ستوصله إلى دمشق بمدة لا تزيد على 11 يوماً؟ هل توقّعت كل من «حماس» وإيران كيف سيكون الردّ على «طوفان الأقصى» وإلى أيّ مدى سيصل؟ وهل راهنت إيران على أن التعب الأميركي من المنطقة سيجعلها متردّدة في التدخّل؟

لقد أصبحت هذه الأسئلة من الماضي، لكنها حتماً كانت ضمن حسابات الأفرقاء المتقاتلة قبيل التخطيط للحرب والذهاب إليها.

كانت غزّة النقلة الأولى على رقعة الشطرنج الإقليميّة، لتُعلن انطلاق اللعبة الجيوسياسية الكبرى. وإذا كانت اللعبة الجيوسياسيّة جديدة وكبيرة، وتغييريّة، فهذا يعني أنه لا بد من وضع قواعد واستراتيجيّات جديدة لها. ولا بدّ أيضاً من تغيير سلوكيّات القوى المنخرطة فيها، وحتى في بعض الأحيان تغيير الوسائل. وعليه، يسعى الخاسر إلى تقليل خسائره وتبريرها. في المقابل، يسعى الرابح إلى تثبيت نصره عبر رسم قواعد جديدة تعكس نصره العسكريّ، والسعي إلى ترجمته سياسياً في الداخل، وجيوسياسيّاً في ديناميكيّة اللعبة الكبرى. حالياً، قد يمكن القول إن صورة التوازنات الجيوسياسيّة لا تزال ضبابيّة، غامضة وزئبقيّة.

عناصر من «حزب الله» في صورة تعود إلى 22 أكتوبر الماضي في جنوب لبنان (أ.ب)

ماذا عن مسارح الحرب الثلاثة؟

ما يربط هذه المسارح هو مبدأ وحدة الساحات. وكلما توسّعت الساحة وكبُرت، ارتفع مستوى الهشاشة فيها. وقد يمكن القول هنا، إن جوهرة التاج في وحدة الساحات هذه، كان بالطبع المسرح اللبنانيّ عبر «حزب الله». من هنا، وبعد الضربة الكبيرة التي تلّقاها الحزب (Strategic Shock)، بدأت أحجار الدومينو تتساقط واحدة تلو الأخرى.

قد يمكن تقسيم المسرح اللبناني إلى ثلاثة مسارح مترابطة. العمق في البقاع، حيث يوجد السلاح الاستراتيجي. الضاحية الجنوبية، حيث مركز الثقل القيادي. وأخيراً وليس آخراً، منطقة جنوب الليطاني، حيث القتال المباشر. تعاملت إسرائيل مع المسارح الثلاثة من ضمن مبدأ الصدمات العملانيّة (Operational Shock)؛ الأمر الذي أدّى إلى الانهيار الاستراتيجيّ. فماذا يعني هذا الأمر؟

يعتبر كثير من المفكرين العسكريين أن المستوى العملاني للحرب هو الأهم فيها. فهو الرابط بين التكتيكي والاستراتيجيّ. فيه تُنفّذ الصدمة. وإذا نجحت الصدمة، فإن هذا الأمر سيؤدّي إلى فصل المستوى الاستراتيجي عن المستوى التكتيكي لتنهار المنظومة. وكي تنجح الصدمة، يجب تحديد مراكز ثقل العدو ونقاط ضعفه، والسعي لتدميرها عبر استغلال عنصر المفاجأة، مع الحفاظ المستمر على الاندفاعة (Momentum) لمنع العدو من التقاط أنفاسه. فعلى سبيل المثال، وبعد حادثة تفجير أجهزة الاستدعاء (Pagers) كان من الطبيعي أن يظن «حزب الله» أن كل وسائل الاتصال المتوافرة لديه أصبحت مشبوهة. وعليه، وكي تعمل منظومة القيادة، كان لا بد من الاجتماعات المباشرة للقيادات وعبر الحضور الشخصيّ. كان الحضور الشخصيّ، فكان الاغتيال الجماعي لقيادات «قوة الرضوان»، قوة النخبة في الحزب. وكي لا يسترد الحزب توازنه، توالت الاغتيالات وصولاً إلى الأمين العام حسن نصر الله، فكانت الصدمة الاستراتيجيّة الأكبر.

باختصار، اعتمدت إسرائيل في بداية الاشتباك مع «حزب الله» الحرب التموضعيّة (Positional Warfare) لفترة سنة تقريباً. بعدها انطلقت إلى حرب المناورة البريّة المحدودة، لكن باستراتيجيّة مختلفة تماماً عن حرب يوليو (تموّز) 2006، مع اعتماد المناورة الجويّة دون قيود، مع الاستغلال المُفرط للتكنولوجيا الحديثة ومن ضمنها الذكاء الاصطناعيّ.

ملصق لزعيم «حزب الله» الراحل حسن نصرالله في القصير السورية قبل انسحاب مقاتلي الحزب منها يوم 15 ديسمبر (أ.ف.ب)

المسرح السوري

تختلف ديناميكية المسرح السوري عن كل من لبنان وغزّة. وإذا كان لبنان قد اعتُبر على أنه المخفر المتقدّم لوحدة الساحات، فقد يمكن القول إن سوريا كانت المحور الأساسيّ لهذه الساحات (Linchpin). فيها صراع بين القوى الإقليمية الفاعلة. فيها التواجد الأميركي، كما الروسيّ. فيها التنوع الإثني، الديني كما المذهبيّ. فيها تعدّدية ميليشياويّة، محليّة وغريبة. فيها الأصولية، كما العلمانيّة. فيها نظام يتموضع، ويتلوّن باستمرار لتقديم خدمات جيوسياسيّة لمن هو قادر على تأمين استمراريّته وديمومته. أُسقط هذا النظام بحرب خاطفة استغرقت 11 يوماً، ومن قِبل تنظيم مسلّح لا يتجاوز عدد مقاتليه الرسميّ الـ30 ألف مقاتل.

سقط النظام في سوريا، وبدأت عملية تكوين السلطة. كما بدأ مسار السعي للحصول على الشرعية، المحلية أولاً، الإقليمية، وكذلك الدوليّة. لكن الحصول على الشرعيّة له دفتر شروط مهمّ جداً. ويبدو أن القيادة السياسية - العسكرية الحالية تعي هذا الأمر بعمق. لكن التحدّي الأكبر سيكون حتماً في إعادة تكوين القوى العسكرية، خصوصاً الجيش الذي هو الآلة العسكرية المفروض أن تخدم السياسة، لكن بعد أن تحدّد السياسة من هو العدو، ومن هو الصديق، وما هي المخاطر المحتملة على الأمن القوميّ، وبعدها توضع عقيدة قتالية للجيش.

باختصار، ستكون صورة الجيش على صورة الدستور المُنتظر. هذا في السيناريو الممتاز للثوار في سوريا. لكن لا يزال السيناريو السيّئ ممكناً، خصوصاً إذا لم تستطع المكونات الداخلية السورية الارتقاء إلى مستوى مفهوم الدولة. فهل سيكون السيناريو السيئ لسوريا بتنازعها من الشمال والجنوب بين تركيا وإسرائيل، على غرار ما خطط له هنري كيسنجر قبل عقود للبنان الذي اعتُبر حينها منطقة عازلة بين سوريا وإسرائيل؟

دخلت إسرائيل إلى الحرب السورية استباقيّاً، وبحجم لم نعهده منذ حرب 1973، فخلقت منطقة عازلة على مرتفعات الجولان، وسيطرت على قمم جبل الشيخ، وذلك بالإضافة إلى تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية وبنسبة 80 في المائة، كما تقول إسرائيل. وبذلك استغلت الدولة العبرية الفراغ السياسي السوري الداخلي، إلى جانب غياب شرعية الثوار حالياً، وكأنها ترسم بذلك الصورة المستقبليّة للجيش السوري وقدراته وحتى دوره. فمن سيُسلّحه مستقبلاً؟ ومن سيُموّل تسليحه؟

إذا اعتبرنا أن الحرب في غزّة هي ميكرو - حرب، وإذا اعتبرنا أن الحرب السورية هي ماكرو - حرب نظراً لما لها من تأثير جيوسياسيّ إقليميّ، فقد يمكن تسمية الحرب على لبنان بالميكرو- ماكرو. وإذا كانت الحرب في غزّة هي أساس التغيير الجيوسياسيّ الحاصل حالياً، فإن نتائج الحرب في غزّة ستكون كارثيّة على مستقبل القضية الفلسطينيّة. وإذا لم تعط إسرائيل للقضية حقوقاً أساسيّة عندما كانت ضعيفة، فهل ستعطيها هذه الحقوق اليوم في الوقت الذي تعتبر نفسها أنها قضت على «حماس» و«حزب الله» وعلى كل المشروع الإيراني الإقليميّ ووحدة الساحات؟ وهل ستخرج مستقبلاً من المنطقة العازلة التي بنتها على المسارح الثلاثة، بدءاً بغزة، مروراً بجنوب لبنان ووصولاً إلى قمم جبل الشيخ والجولان؟



إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في مناطق قطاع غزة والضفة الغربية، بذريعة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة، لممارسة أي أنشطة لها داخل تلك المناطق.

وقالت الحكومة الإسرائيلية إنها ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية منها «أطباء بلا حدود» و«أكشن إيد»، بدعوى «صلتها بالإرهاب»، زاعمة أن تلك المنظمات الإنسانية توظف فلسطينيين ضالعين فيما تصفها بـ«الأنشطة الإرهابية».

وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، بأن السلطات الإسرائيلية أرسلت بالفعل إخطارات إلى أكثر من 12 منظمة إنسانية دولية، بأن التصاريح الممنوحة لها للعمل داخل قطاع غزة والضفة الغربية، سيتم إلغاؤها بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأنه يجب إنهاء أنشطتها بالكامل في الأول من مارس (آذار) المقبل.

جنود إسرائيليون أمام مقر رئاسة «الأونروا» في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وادعت السلطات الإسرائيلية أن قسماً من تلك المنظمات رفض تقديم قوائم كاملة بأسماء الموظفين الفلسطينيين العاملين فيها لإجراء فحص أمني بشأنهم، مدعيةً أن فحصاً أمنياً لموظفين يعملون في منظمة «أطباء بلا حدود» أظهر تورط بعضهم في «نشاطات إرهابية»، حيث تم في يونيو (حزيران) 2024، تصفية ناشط في «الجهاد الإسلامي» كان يعمل لدى المنظمة، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، تم الكشف عن موظف آخر يعمل قناصاً لصالح حركة «حماس»، وفقاً لذات الصحيفة.

ويقود هذه الخطوة فريق وزاري مشترك برئاسة وزراء شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، الذي أرسل الخطابات الرسمية لتلك المنظمات، ومن بينها منظمة «أطباء بلا حدود».

وكانت الحكومة الإسرائيلية أمهلت المنظمات لاستيفاء المتطلبات حتى 9 سبتمبر الماضي، وتم تمديد القرار حتى 31 ديسمبر (كانون الثاني) الحالي.

وتزعم مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية أنه «لا توجد نية لعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في قطاع غزة». ووفقاً للمصادر التي نقلت عنها وسائل إعلام عبرية، فإن «المنظمات التي سُحبت تراخيصها لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من إجمالي المساعدات، وأن الغالبية العظمى منها لا تزال تقدم عبر جهات أخرى وبوسائل خاضعة للرقابة».

موظفو منظمة «أطباء بلا حدود» في أثناء تنظيمهم مظاهرة يونيو الماضي في جنيف ضد عسكرة إمدادات المساعدات الإنسانية في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مكتب تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية إنه يتوقع أن تقود تلك المنظمات حملات «تضليلية تهدف لتشويه سمعة إسرائيل»، تدعي من خلالها أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، زاعماً أنه «لن يُلحق أي ضرر بنطاق المساعدات الإنسانية بعد تطبيق القانون».

وقال وزير شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، عميحاي شيكلي: «أنا فخور بأن الحكومة قد فوضت وزارتي بقيادة الفريق المكلف بوضع حد للأنشطة المعادية لدولة إسرائيل تحت ستار المساعدات الإنسانية. الرسالة واضحة: المساعدات الإنسانية نعم، لكن استغلالها لأغراض إرهابية لا».

وفي الثاني والعشرين من الشهر الحالي، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، وهي إحدى أكبر المنظمات الطبية العاملة في غزة، من أن القواعد الإسرائيلية الجديدة لتسجيل المنظمات الدولية غير الحكومية قد تترك مئات آلاف الأشخاص في غزة من دون القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية المنقِذة للحياة بحلول عام 2026.

وقالت: «هذه المتطلبات الجديدة تهدّد بسحب تسجيل هذه المنظمات، ومن شأن عدم التسجيل هذا أن يحول دون تمكن منظمات، من بينها (أطباء بلا حدود)، من تقديم الخدمات الأساسية للناس في غزة والضفة الغربية».

ودعت المنظمة السلطات الإسرائيلية إلى ضمان تمكين المنظمات الدولية غير الحكومية من الحفاظ على استجابتها المستقلة وغير المتحيّزة في غزة والاستمرار فيها. فالاستجابة الإنسانية المقيّدة أساساً لا تحتمل مزيداً من التفكيك. كما قالت.


سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بالأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
TT

سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بالأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)

أوقفت السلطات السورية 21 شخصاً متهمين بالارتباط بحكم بشار الأسد في غرب البلاد، وفقاً للتلفزيون الرسمي، بعيد فرض حظر تجوّل في مدينة اللاذقية، غداة أعمال عنف شهدتها هذه المنطقة ذات الغالبية العلوية.

وشهدت أحياء ذات غالبية علوية أعمال عنف، الاثنين، غداة مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل جراء إطلاق نار أثناء مظاهرات شارك فيها الآلاف في محافظة اللاذقية دعت إليها مرجعية علوية؛ احتجاجاً على انفجار استهدف مسجداً في حي للطائفة بمدينة حمص، وقُتل اثنان منهم برصاص قوات الأمن.

وأورد التلفزيون السوري الرسمي أن «قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية» ألقت القبض «على 21 شخصاً من فلول النظام البائد متورطين بأعمال إجرامية، وتحريض طائفي، واستهداف قوات الأمن الداخلي».

وجاء الإعلان عن التوقيفات بعدما أفاد التلفزيون الرسمي بدخول حظر تجوّل أعلنته السلطات بدءاً من الساعة الخامسة عصراً وحتى السادسة صباح الأربعاء، حيّز التنفيذ في مدينة اللاذقية، وسط انتشار أمني كثيف.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الداخلية في بيان «فرض حظر تجوال» في المدينة «لا يشمل الحالات الطارئة، ولا الكوادر الطبية، ولا فرق الإسعاف والإطفاء»، بينما دعت السكان إلى «الالتزام التام بمضمون القرار والتعاون مع الوحدات المختصة».

وأفاد سكان في أحياء ذات غالبية علوية في مدينة اللاذقية بهجمات وأعمال نهب تخللها تخريب سيارات وممتلكات ليل الاثنين، قبل أن يعود الهدوء وتنتشر القوات الأمنية، حسب الإعلام الرسمي.

وأعرب من جهته المتحدّث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، الثلاثاء، عن رفض السلطات «المطلق لأي أعمال تخريبية أو اعتداءات تمس كرامة المواطنين أو ممتلكاتهم»، مضيفاً أن السلطات سوف تتخذ «الإجراءات القانونية اللازمة» بحقّ مرتكبيها.

وشدّد على أن وزارة الداخلية «لن تسمح بأي تصرفات عبثية أو خارجة عن القانون، مهما كانت المبررات»، مؤكداً «التزامها الكامل بحماية جميع المواطنين السوريين دون استثناء».

ويعدّ الهجوم على المسجد الذي أودى بحياة 8 أشخاص وتبنّته جماعة باسم «سرايا أنصار السنة»، الأحدث ضد الأقلية الدينية التي تعرضت لحوادث عنف عدة منذ سقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، المنتمي لهذه الطائفة، في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وشهدت سوريا موجات دموية من العنف الطائفي، أبرزها في منطقة الساحل بحق مدنيين علويين في مارس (آذار)، بعدما اتهمت السلطات الجديدة في دمشق أنصاراً مسلحين للأسد بإشعال العنف من خلال مهاجمة قوات الأمن.


استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان، وهي التي لا تزال ترفض تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية والاتفاق اللبناني - الفلسطيني في هذا الإطار.

وبلغ الاستياء الرسمي اللبناني من حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها مستويات غير مسبوقة نتيجة رفضها تسليم سلاحها المتوسط والثقيل الموجود جنوب نهر الليطاني، وبالتحديد في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، علماً بأن المهلة التي حددها الجيش اللبناني لإنجاز المرحلة الأولى من قرار الحكومة «حصرية السلاح»، والتي تلحظ المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود الإسرائيلية، تنتهي نهاية عام 2025.

ويفترض أن تعلن الحكومة في جلسة تعقدها مطلع عام 2026 إنجاز المرحلة الأولى وانتقالها لتطبيق المرحلة الثانية بمسعى منها لتجاوز التهديدات الإسرائيلية بشن جولة جديدة من الحرب «لمواجهة محاولات (حزب الله) إعادة بناء قدراته العسكرية».

وتشدُّد «حماس» وفصائل أخرى، يطرح علامات استفهام، لا سيما أن «حزب الله» رضخ وسلّم سلاحه جنوب الليطاني، ما يهدد سلامة واستقرار مخيم الرشيدية إذا قررت إسرائيل استهداف السلاح الموجود داخله، والذي يُعتقد أن بعضه متوسط وثقيل.

وساطات خارجية لمعالجة الملف

وكشف مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط» عن «طلب لبنان وساطات خارجية لمعالجة ملف سلاح (حماس)، وعن ممارسة هذه الدول ضغوطاً على الحركة لم تؤدِ غرضها حتى الساعة». واعتبرت مصادر مواكبة لهذا الملف أن تسليم «فتح» دفعة جديدة من السلاح من مخيم عين الحلوة، الثلاثاء، «هو بمثابة محاولة جديدة للضغط على (حماس) لتسليم سلاحها».

عنصر في الجيش اللبناني على مدخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (إ.ب.أ)

ويعبّر رئيس لجنة الحوار اللّبناني - الفلسطيني السّفير رامز دمشقية بوضوح عن الاستياء الرسمي اللبناني من موقف حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها، وطريقة تعاطيها مع هذا الملف.

وقال دمشقية، لـ«الشرق الأوسط»: «طالما هذه الفصائل تعلن أنها تحت سقف الدولة اللبنانية، فالمفروض بها أن تلتزم بقرارات الدولة، لا أن تلجأ للمراوغة من خلال ربط التسليم بملف الحقوق»، مضيفاً: «نعلم أن هناك حقوقاً ومطالب، ونحن نعمل على هذا الملف بجدية... لكننا نرفض أي مقايضة بين ملف وآخر».

ويرى دمشقية أنه «لا نفع أو جدوى من اجتماعات موسعة مع الفصائل»، معتبراً أن «المطلوب من (حماس) والفصائل الحليفة التواصل مع الجيش اللبناني لتحديد مواعيد لتسليم السلاح، تماماً كما فعلت فصائل منظمة التحرير».

وترفض حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى حليفة لها مقررات القمة اللبنانية - الفلسطينية، وترى أنه يفترض بالدولة اللبنانية حل الملف الفلسطيني في لبنان سلة واحدة؛ أي عدم إعطاء الأولوية للسلاح على الحقوق والمطالب الفلسطينية.

وتقول مصادر «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إنها «لا تزال تنتظر دعوة السفير دمشقية كل الفصائل للحوار بشأن ملف السلاح والملفات العالقة المرتبطة بالحقوق الفلسطينية والتفاهم على ورقة تشكل أرضية للحل»، لافتة إلى أنه «وفي اللقاء الأخير مع السفير دمشقية وعد بالدعوة لحوار مماثل، لكن ذلك لم يحصل ولم يتم توجيه أي دعوة».

جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

ويبدو محسوماً ألا خطة سياسية - عسكرية لبنانية لجمع السلاح الفلسطيني بالقوة؛ إذ تقول مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن «مهام الجيش في التعامل راهناً مع ما تبقى من سلاح داخل المخيمات الفلسطينية، تقتصر على منع دخول أو خروج السلاح منها، بحيث تم تشديد الإجراءات الأمنية المتخذة على المداخل والمخارج الأساسية والفرعية للمخيمات المنتشرة في كل المناطق اللبنانية».

تسليم الدفعة الخامسة من سلاح «فتح»

وأعلن الجيش اللبناني، الثلاثاء، أنه «واستكمالاً لعملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تسلَّمَ الجيش كمية من السلاح الفلسطيني من مخيم عين الحلوة (في جنوب لبنان)، بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية»، مشيراً إلى أنها شملت أنواعاً مختلفة من الأسلحة والذخائر الحربية، وقد تسلمتها الوحدات العسكرية المختصة للكشف عليها وإجراء اللازم بشأنها».

من جهته، أعلنت دائرة الإعلام في الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان (الجناح العسكري لحركة «فتح»)، في بيان، أن «قواتها استكملت، الثلاثاء، تسليم الدفعة الخامسة من السلاح الثقيل التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في مخيم عين الحلوة - صيدا».

وأكد الأسدي أن «هذه الخطوة تأتي تنفيذاً للبيان الرئاسي المشترك الصادر عن الرئيسين الفلسطيني محمود عباس واللبناني جوزيف عون في شهر مايو (أيار) الماضي، وما نتج عنه من عمل اللجنة اللبنانية - الفلسطينية المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية فيها».

12 مخيماً فلسطينياً في لبنان

ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى «الأونروا» في لبنان 489.292 شخصاً. ويقيم أكثر من نصفهم في 12 مخيماً منظماً ومعترفاً بها من قبل «الأونروا» هي: الرشيدية، برج الشمالي، البص، عين الحلوة، المية ومية، برج البراجنة، شاتيلا، مار إلياس، ضبية، ويفل (الجليل)، البداوي، ونهر البارد.

وسُجل في الفترة الماضية، وبالتوازي مع انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني الموجود داخل المخيمات، حراك رسمي لافت باتجاه تحسين ظروف عيش اللاجئين الفلسطينيين الذين يرزح نحو 80 في المائة منهم تحت خط الفقر، ويعيشون في أوضاع صعبة جداً داخل مخيماتهم.

وقام السفير دمشقية رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني مع مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان، دوروثي كلاوس، بمساعٍ حثيثة مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بمعالجة هذا الملف، من خلال العمل على تخفيف بعض القيود المرتبطة بترميم وإصلاح المنازل، وإصدار بطاقات هوية بيومترية للفلسطينيين.