نشطاء في المجتمع المدني السوري للوفد الفرنسي: نريدكم داعمين لا متدخلين

الموفد الفرنسي (يسار) متحدثاً خلال اللقاء مع النشطاء السوريين في دمشق (الشرق الأوسط)
الموفد الفرنسي (يسار) متحدثاً خلال اللقاء مع النشطاء السوريين في دمشق (الشرق الأوسط)
TT

نشطاء في المجتمع المدني السوري للوفد الفرنسي: نريدكم داعمين لا متدخلين

الموفد الفرنسي (يسار) متحدثاً خلال اللقاء مع النشطاء السوريين في دمشق (الشرق الأوسط)
الموفد الفرنسي (يسار) متحدثاً خلال اللقاء مع النشطاء السوريين في دمشق (الشرق الأوسط)

اجتمع المبعوث الفرنسي إلى سوريا، جان فرنسوا غيوم، والوفد المرافق له، مع عشرات النشطاء في المجتمع المدني السوري، في أحد مقاهي حي «باب شرقي»، وسط دمشق، الثلاثاء.

وضم الحضور أطيافاً واسعة من السوريين، مع ممثلين من الإدارة الجديدة. وقالت الناشطة والصحافية لارا عيزوقي التي حضرت الاجتماع، لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء كان ساحة لتبادل الآراء وطرح مطالب السوريين من المجتمع الدولي عموماً، وفرنسا خصوصاً؛ حيث قدم الوفد الفرنسي تطمينات بالعمل على تقديم الدعم، إلا أن الأمور لا تزال غير واضحة، ولا سيما أنه لم يتضح بعد كيف سيتعاملون مع مطلبنا بأن يكون المجتمع الدولي «داعماً لا متدخلاً» في شؤون سوريا، وأيضاً كيف ستتعامل الإدارة الجديدة مع المبادرات الدولية، وطروحات السوريين المتمحورة حول بناء «دولة مدنية».

نشطاء سوريون مشاركون في اللقاء مع الموفد الفرنسي (الشرق الأوسط)

وحسب مصادر متقاطعة حضرت الاجتماع، قدَّم الوفد الفرنسي نفسه داعماً لا متدخلاً في القرار السوري، رداً على مطالب الحضور التي تركزت على: طلب المساعدة لضمان انتقال سلس نحو دولة «مدنية»، وإيجاد ضمانات واضحة فيما يخص عمل اللجنة الدستورية، ووضع صيغة دستورية تشمل كامل المكونات السورية، وتشكيل حكومة انتقالية تمثل جميع المكونات السورية، وإعادة النظر في القرار الأممي 2254 وتعديله، وضمان عدم إقامة حكم عسكري أو احتكار للسلطة، وتحقيق السلم الأهلي عبر تحقيق العدالة الانتقالية، ومحاكمة كل رموز النظام السابق المتورطين في جرائم وانتهاكات ضد السوريين.

كما طالبوا بالعمل على وقف الاعتداءات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، وتفعيل المجتمع المدني بعد عقود من التغييب القسري، في مواجهة مخاوف احتمالات التهميش.

وطلب المشاركون من الوفد الفرنسي الإفراج عن الأموال السورية المجمدة في فرنسا، وإعادتها للشعب السوري. وأجاب الوفد الفرنسي بأن ذلك سيحصل؛ لكنه يحتاج إلى وقت.

كما طالب المشاركون بإعادة افتتاح المراكز الثقافية والتعليمية الفرنسية؛ ليس فقط في دمشق؛ بل في كل المحافظات السورية، والاهتمام بالتعليم، وتمكين الشباب؛ لا سيما الذين حُرموا من متابعة تعليمهم، والمساعدة في ملف المفقودين والمغيبين قسرياً، وكذلك في رعاية المعتقلين والمعتقلات ممن لم يعثروا على ذويهم وتشردوا في الشوارع.

وعود فرنسية

ورد الوفد الفرنسي بأن فرنسا ستعمل بأسرع وقت لإعادة افتتاح المراكز الثقافية والتعليمية. وفيما يخص ملف المعتقلين أبدوا استعداداً لإرسال خبراء يساعدون الناشطين في هذا المجال، وخبراء لمساعدة مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في ملف محاكمة المتورطين في جرائم ضد الشعب السوري، وخبراء للمساعدة في اقتفاء أثر المفقودين وتحليل الـ«دي إن إيه».

ورداً على سؤال يتعلق بالسماح للاجئين السوريين في فرنسا بزيارة بلدهم، دون أن تسقط إقامتهم المؤقتة، قال الفرنسيون، سيتم العمل على قرار بهذا الخصوص، على أن تكون زيارتهم محدودة بفترة قصيرة. وأكد الوفد الفرنسي حرص بلاده على وحدة الشعب السوري ووحدة أراضيه، مع تأكيد أن فرنسا ستكون داعمة لقضيته.


مقالات ذات صلة

مسؤول أميركي سابق: المقابر الجماعية السورية تكشف «آلة الموت» في عهد الأسد

المشرق العربي أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)

مسؤول أميركي سابق: المقابر الجماعية السورية تكشف «آلة الموت» في عهد الأسد

قال السفير الأميركي السابق لقضايا جرائم الحرب، ستيفن راب، إن الأدلة التي ظهرت من مواقع المقابر الجماعية في سوريا كشفت «آلة الموت» التي أدارتها دولة الأسد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا (رويترز)

قائد قوات سوريا الديمقراطية يقترح إقامة «منطقة منزوعة السلاح» في كوباني

أعرب قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، اليوم الثلاثاء، عن استعداد قواته تقديم مقترح إنشاء «منطقة منزوعة السلاح» في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تنتظر في طابور للحصول على طعام في مركز بغزة (أ.ب)

تركيا: التطورات السورية يجب ألا تصرف الانتباه عن حرب غزة

قالت تركيا إن التطورات في سوريا يجب ألا تصرف الانتباه عما وصفته بـ«الإبادة الجماعية» التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
العالم العربي القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام»: سنكون «أول المبادرين» لحل جناحنا العسكري والانضواء ضمن الجيش (رويترز)

«هيئة تحرير الشام»: مناطق سيطرة القوات الكردية ستُضم إلى الإدارة الجديدة لسوريا

قال القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» مرهف أبو قصرة إن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد في شمال شرق البلاد ستُضم للإدارة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (اللاذقية)
أوروبا رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا روبرت بيتي (إ.ب.أ)

قلق أممي بشأن فقدان الأدلة على الجرائم في سوريا

كشف رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا في جنيف اليوم (الثلاثاء) أن الآلية تهدف إلى الوصول لمواقع ارتكاب الجرائم.

«الشرق الأوسط» (جنيف - دمشق)

مسؤول أميركي سابق: المقابر الجماعية السورية تكشف «آلة الموت» في عهد الأسد

أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)
أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أميركي سابق: المقابر الجماعية السورية تكشف «آلة الموت» في عهد الأسد

أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)
أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)

قال السفير الأميركي السابق لقضايا جرائم الحرب، ستيفن راب، اليوم (الثلاثاء)، إن الأدلة التي ظهرت من مواقع المقابر الجماعية في سوريا كشفت «آلة الموت» التي أدارتها الدولة في عهد الرئيس بشار الأسد، الذي أطاحت به المعارضة السورية المسلحة.

وبحسب تقديرات راب، الذي كان يعمل في مكتب العدالة الجنائية العالمية، التابع لوزارة الخارجية الأميركية، تعرض ما يزيد على 100 ألف شخص للتعذيب والقتل منذ عام 2013.

وقال راب، بعد زيارة موقعين لمقابر جماعية في بلدتي القطيفة ونجها، قرب دمشق، لـ«رويترز»: «لدينا بالتأكيد أكثر من 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى الموت في هذه الآلة». وأضاف: «لا يوجد لديّ شك كبير بشأن هذه الأرقام بالنظر إلى ما رأيناه في هذه المقابر الجماعية».

وقال راب، الذي تولى مسؤولية الادعاء أمام محكمتي جرائم الحرب في رواندا وسيراليون: «عندما تتحدث عن هذا النوع من القتل المنظم من قبل الدولة وأجهزتها، فإننا لم نشهد شيئاً كهذا تماماً منذ عهد النازيين».

وأضاف: «من الشرطة السرية التي أخفت الناس من الشوارع والمنازل، إلى السجانين والمحققين الذين جوّعوهم وعذّبوهم حتى الموت، إلى سائقي الشاحنات والجرافات الذين أخفوا جثثهم. آلاف الناس كانوا يعملون في منظومة القتل تلك».

وتحدث سكان سوريون، يعيشون بالقرب من قاعدة عسكرية سابقة، حيث يقع أحد المواقع ومقبرة تستخدم لإخفاء الجثث من مواقع الاحتجاز، عن رؤيتهم المستمرة لشاحنات التبريد التي كانت تنقل الجثث لإلقائها في خنادق حفرتها جرافات بشكل طولي. وفي القطيفة، رفض الناس التحدث أمام الكاميرا أو استخدام أسمائهم خوفاً من الانتقام، قائلين إنهم غير متأكدين بعد من أن المنطقة آمنة بعد سقوط الأسد.

وقال أحدهم، اليوم (الثلاثاء): «هذا هو مكان الرعب».

وداخل موقع محاط بجدران أسمنتية، كان 3 أطفال يلعبون بالقرب من مركبة استطلاع عسكرية روسية الصنع. وكانت التربة مسطحة ومستوية، مع وجود آثار حفر لخنادق بشكل طولي حيث دفنت الجثث.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي حلّلتها «رويترز» أعمال حفر واسعة النطاق بدأت في الموقع بين عامي 2012 و2014، واستمرت حتى عام 2022.

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية المتعددة، التي التقطتها شركة ماكسار، خلال تلك الفترة، حفاراً وخنادق كبيرة مرئية في الموقع، إلى جانب 3 أو 4 شاحنات كبيرة.

وقال عمر حجيراتي، وهو أحد قياديي الاحتجاجات السابقة ضد الأسد، ويعيش بالقرب من مقبرة بلدة نجها، إنه يعتقد أن عدداً من أفراد أسرته المفقودين دفنوا في هذه المقبرة.

وأضاف أن السلطات اعتقلت بعضهم، ومنهم اثنان من أبنائه و4 من أشقائه، على ما يبدو بسبب الاحتجاج على حكومة الأسد.

وبينما كان يقف وخلفه خندق طويل مكشوف، كانت تدفن فيه الجثث على ما يبدو، قال حجيراتي: «كان ذنبي، لِمَ يأخذون أسرتي؟»

وقال إنه ينبغي محاسبة المسؤولين عن تلك المقابر الجماعية عبر عملية قضائية واضحة، وإلا فإن الناس سيأخذون حقوقهم بأيديهم.

وأضاف: «(نريد) حقنا، وحقنا على القانون السوري، ليس على قانون من ورا الكواليس... المجازر ومسالخ الموت لا أحد يقبل بها، من عنده إنسانية»، مطالباً بتدخل المنظمات ذات السمعة الطيبة حتى لا يتم التستر على هذا الأمر.

تعرض ما يزيد على 100 ألف شخص للتعذيب والقتل منذ عام 2013 في سوريا (أ.ف.ب)

في سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، إن الولايات المتحدة تعمل مع عدد من هيئات الأمم المتحدة لضمان المساءلة وحصول السوريين على إجابات عن تساؤلاتهم المتعلقة بالمقابر الجماعية ومواقع الاحتجاز والتعذيب في سوريا.

وخلال إفادته الصحافية الدورية، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، إلى تقديم إجابات لأسر الأفراد الذين تعرضوا للإخفاء والتعذيب والقتل في سوريا ومحاسبة من فعلوا ذلك.

وقال ميلر إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعمل مع المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، من بين هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة.

وأضاف: «لا يزال الضمير في صدمة جراء ظهور الأدلة في سوريا على مدى 10 أيام بعد سقوط نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد... لا يزال يتكشف أمام أعيننا مزيد من الأدلة على مدى وحشيتهم في إساءة معاملة شعبهم، وفي تعذيب شعبهم وقتله».

وتشير تقديرات إلى أن مئات الألوف من السوريين قتلوا منذ عام 2011، عندما تحوّلت حملة الأسد على الاحتجاجات ضد حكمه إلى حرب أهلية واسعة النطاق.

ويتهم السوريون وجماعات حقوق الإنسان وحكومات أخرى الأسد ووالده حافظ، الذي سبقه رئيساً للبلاد وتوفي عام 2000، بارتكاب عمليات قتل واسعة النطاق خارج نطاق القضاء، بما في ذلك عمليات إعدام جماعية داخل نظام السجون، سيئ السمعة في البلاد.

ونفى الأسد مراراً ارتكاب حكومته انتهاكات لحقوق الإنسان، ووصف معارضيه بالمتطرفين.