سوريون يبلغون عن مواقع محتملة لمقابر جماعية بعدما أضناهم البحث عن أحبائهم

صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)
صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)
TT
20

سوريون يبلغون عن مواقع محتملة لمقابر جماعية بعدما أضناهم البحث عن أحبائهم

صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)
صور مفقودين معلقة على البوابة الرئيسية لسجن صيدنايا بشمال دمشق (أ.ف.ب)

بعدما فقد الأمل في العثور على شقيقيه ضمن الأحياء إثر إخراج المعتقلين من السجون، بدأ زياد عليوي رحلة بحث مضنية عنهما في مقابر جماعية محتملة يبلغ سكان عن مواقعها، وسط ضعف الخبرات المحلية في التعاطي مع ملفات مماثلة.

ويشكل مصير عشرات آلاف المفقودين والمعتقلين في سوريا، والمقابر الجماعية التي يُعتقد أن النظام السوري أقدم على دفن معتقلين فيها كانوا قضوا تحت التعذيب، أحد أبرز وجوه المأساة السورية بعد أكثر من 13 عاماً من نزاع مدمر تسبب في مقتل أكثر من نصف مليون شخص.

قرب بلدة نجها الواقعة جنوب شرقي دمشق، يشير عليوي (55 عاماً) إلى خندق عميق محفور بعناية في أرض قاحلة يزنّرها سور مرتفع وتحيط بها غرف مراقبة عسكرية. ويقول وسكان آخرون في المكان إن الخندق الذي يتجاوز عمقه 5 أمتار، وهو واحد من 3 خنادق على الأقل، يضم رفات معتقلين اعتاد الأمن العسكري على نقله في برادات بين الحين والآخر ودفنه، فيما كان يُمنع على المدنيين الاقتراب من المكان.

رجال يحفرون ليساعدوا أعضاء «الوكالة التركية لإدارة الكوارث - آفاد» خلال بحثهم عن سجناء بسجن صيدنايا على بعد نحو 28 كيلومتراً شمال دمشق (أ.ف.ب)
رجال يحفرون ليساعدوا أعضاء «الوكالة التركية لإدارة الكوارث - آفاد» خلال بحثهم عن سجناء بسجن صيدنايا على بعد نحو 28 كيلومتراً شمال دمشق (أ.ف.ب)

ويقول الرجل المقيم في ريف دمشق ويعمل سائقاً بمكتب «وكالة الصحافة الفرنسية» إنه بعد إطاحة الأسد «بحثت عن شقيقيّ في كل السجون... بحثنا عن خبر، عن ورقة، عن هوية... تدل على أنهما كانا هناك، ولم نجد شيئاً». ويضيف: «نريد أن نعرف أين أولادنا وإخوتنا... هل قتلوهم وهم مدفونون هنا؟».

اعتُقل شقيقا عليوي بين عامي 2012 و2014، إضافة إلى 4 من أولاد عمه، من دون أن يعلموا شيئاً عن مصيرهم، مثل عائلات كثيرة ما زالت تنتظر خبراً يبلسم جراح الفقد.

ويشرح: «ربما إذا كشف أطباء مختصون على المكان، فإنه يمكن لكل منا أن يرتاح باله، ويكف عن الاحتفاظ بالأمل أن ابنه ما زال حياً».

مائة بلاغ

يقول عليوي: «نبحث عن آلاف من الناس، لا عن واحد أو اثنين أو ثلاثة»، مضيفاً: «الناس في صدمة، فعندما يموت ابنك وتتسلمه، تعرف أنه مات وتدفنه، لكنك الآن لا تعلم أين هو، ولا دليل لديك» على مصيره.

ومع افتقاد سوريا فرقاً مختصة في التعاطي مع ملف المقابر الجماعية وكيفية إعادة حفرها والحفاظ على الأدلة، يطالب عليوي المنظمات الدولية والحقوقية بأن «تأتي وتفتح هذه المقابر حتى نعرف أين أولادنا».

أحد أفراد فريق من «الوكالة التركية لإدارة الكوارث - آفاد» خلال عمليات بحث عن أقبية أو زنزانات يعتقد أنها مخفية تحت الأرض بسجن صيدنايا (أ.ف.ب)
أحد أفراد فريق من «الوكالة التركية لإدارة الكوارث - آفاد» خلال عمليات بحث عن أقبية أو زنزانات يعتقد أنها مخفية تحت الأرض بسجن صيدنايا (أ.ف.ب)

وأعرب سوريون خلال الأسبوع الأخير في سجون ومستشفيات بدمشق ومحيطها عن خيبة أملهم بعد فتح السجون من دون أن يعثروا على أقربائهم. ويتوجه كثر منهم إلى مواقع أمنية بمناطق نائية يعتقدون أنها قد تضم رفات معتقلين كانوا قضوا تحت التعذيب في ما ترقى إلى «جرائم ضد الإنسانية» وفق منظمات حقوقية.

على بعد كيلومترات عدة من نجها، استجاب فريق من الدفاع المدني السوري لاتصالات عدة وردتهم من سكان أفادوا بمشاهدتهم «سيارة رمت في جنح الظلام أكياساً بداخلها عظام متعددة الأحجام»، من دون أن يعرفوا مصدرها، و«كان طاقم من نحو 10 أشخاص، يرتدي عدد منهم زياً أبيض من رؤوسهم حتى أخمص أقدامهم، ينقلون أكياساً بيضاء صغيرة ويجمعونها داخل أكياس سوداء كبيرة مع ترقيمها».

سوريون بين حفر حفرها باحثون عن زنازين تحت الأرض بسجن صيدنايا شمال دمشق (أ.ف.ب)
سوريون بين حفر حفرها باحثون عن زنازين تحت الأرض بسجن صيدنايا شمال دمشق (أ.ف.ب)

ويشرح عمر السلمو (40 عاماً)، وهو عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني السوري، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «منذ سقوط النظام، تلقينا أكثر من مائة بلاغ عن وجود مقابر جماعية؛ إذ يعتقد الناس أنه في كل نقطة عسكرية توجد مقابر جماعية، بالنظر إلى أن عدد الذين خرجوا من السجون قليل جداً وعدد المفقودين كبير جداً».

ورغم أنه لا تقديرات رسمية بشأن العدد الإجمالي لمن خرجوا من السجون، فإنه لا يقارن بعدد المعتقلين منذ عام 2011. ووفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فقد لقي أكثر من 100 ألف شخص حتفهم في السجون ومراكز الاعتقال السورية منذ بدء النزاع.

«حماية» المواقع

وتعمل فرق الدفاع المدني حالياً على أخذ عينات من المواقع المحتملة بهدف إجراء فحوص الحمض النووي ومطابقته مع حمض عائلات أبلغت عن وجود مفقودين.

ومن بين أعضاء الفريق الذي كان يوم الاثنين في الموقع، تلقى اثنان فقط «تدريباً بسيطاً» في وقت سابق للتعامل مع حالات مماثلة، وفق السلمو، الذي يقول: «نحاول العمل بخبراتنا المتواضعة»، لافتاً إلى ضرورة الحصول على دعم من المنظمات الدولية المختصة التي «حتى اللحظة لم تبذل أي جهد لمساعدتنا» في حفظ الأدلة وتحليل العينات.

ودعت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير الثلاثاء، السلطات الانتقالية إلى «تأمين الأدلة وجمعها وحفظها، بما فيها تلك الموجودة في مواقع المقابر الجماعية والسجلات والأرشيفات الحكومية»، وإلى التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، «التي يمكنها أن تقدم الخبرة والدعم الأساسيَّيْن لحماية هذه السجلات».

ودعت المنظمة إلى ضرورة «حماية» مقبرة جماعية في حي التضامن بدمشق، حيث عاين فريقها الأسبوع الماضي «أعداداً كبيرة من الرفات البشري في موقع مجزرة وقعت خلال أبريل (نيسان) 2013».

وكان مقطع فيديو جرى تسريبه قبل سنوات أظهر 11 شخصاً معصوبي الأعين بينما تطلق مجموعات موالية للنظام السابق الرصاص عليهم من قرب، ثم تدفعهم إلى حفرة، إلى جانب جثث 13 شخصاً آخرين.

وعدّت المنظمة أن هذه «المجزرة ليست سوى حادثة مروعة واحدة في نمط العنف الذي مارسته الدولة وجرائم الحرب المفترضة».

بقايا صورة لبشار الأسد في قاعدة المزة الجوية بدمشق (أ.ف.ب)
بقايا صورة لبشار الأسد في قاعدة المزة الجوية بدمشق (أ.ف.ب)

على بعد 70 كيلومتراً جنوب دمشق، استعاد محمّد خالد الأسبوع الماضي مزرعته في بلدة إزرع بمحافظة درعا، بعدما كان الأمن العسكري قد وضع يده عليها قبل سنوات طويلة. ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «جئت بعدما خرجوا؛ لاستثمارها من جديد، وفوجئت بها منطقة موحشة وأرضها متعرجة. شككت في الأمر وأبلغت الجهات المختصة».

وحضر فريق ضم رئيس النيابة العامة في إزرع وطبيباً شرعياً ووجهاء من البلدة إلى الموقع. وبحضور طبيب شرعي من المحافظة، وبعد عملية تنقيب «بدائية»، يقول خالد: «فوجئنا بوجود جثة ثم اثنتين وثلاث». وفي مرحلة أولى يوم الاثنين جرى «انتشال 22 جثة».

ونبّهت الباحثة لدى «هيومن رايتس ووتش»، هبة زيادين، إلى أنه «من دون جهود سورية ودولية فورية لتأمين المواقع المحتملة للجرائم الجماعية وحفظها؛ من أجل عمليات منسّقة لاستخراج الجثث وإجراء تحقيقات جنائية، فإن هناك خطراً يتمثل في ضياع الأدلة الأساسية للمساءلة».

وتابعت: «يستحق أحباء الأشخاص الذين قُتلوا بوحشية هنا أن يعرفوا ما حدث لهم... الضحايا يستحقون مساءلة الجناة».


مقالات ذات صلة

التحالف الدولي يقود وساطة بين تركيا و«قسد» لوقف المواجهات قرب سد تشرين

المشرق العربي أحد عناصر الفصائل السورية الموالية لأنقرة يتابع عن بُعد قصفاً تركياً لمحور سد تشرين (أ.ف.ب)

التحالف الدولي يقود وساطة بين تركيا و«قسد» لوقف المواجهات قرب سد تشرين

تقود قوات التحالف الدولي وساطة بين تركيا و«قوات سوريا الديمقراطية»، لخفض التوتر ونزع فتيل المواجهات العسكرية في محيط سد تشرين وفك الحصار عن مدينة عين كومباني.

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)

الشرع يعين عبد القادر الحصرية حاكماً لمصرف سوريا المركزي

أفاد بيان صادر عن مكتب الرئيس السوري أحمد الشرع بأن الرئيس عين عبد القادر الحصرية حاكما جديدا لمصرف سوريا المركزي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص قوات الأمن السورية تفرض سيطرتها في منطقة الساحل بعد أحداث اللاذقية وطرطوس (د.ب.أ)

خاص «تقرير أولي» للجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري... وطلب تمديد مرجح

كشف الناطق باسم لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري ياسر الفرحان، لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة التي تنتهي مهمتها الأربعاء ربما تطلب تمديد عملها.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون خلال مؤتمر صحافي في جنيف بسويسرا في 29 يناير 2021 (رويترز)

المبعوث الأممي: ناقشت مع الشرع عملية الانتقال السياسي في سوريا

قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إنه ناقش مع أحمد الشرع عملية الانتقال السياسي الجارية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مجلس الأمن يستمع في ديسمبر الماضي إلى آخر المستجدات حول سوريا ويبدو على الشاشة توماس فليتشر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة (أ.ف.ب)

الخارجية السورية: تعديل الوضع القانوني لبعثتنا في نيويورك تقني وإداري

قال مصدر في وزارة الخارجية السورية إن الإجراء المتعلق بتعديل الوضع القانوني للبعثة السورية في نيويورك، هو إجراء تقني وإداري بحت.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

التحالف الدولي يقود وساطة بين تركيا و«قسد» لوقف المواجهات قرب سد تشرين

سد تشرين في ريف حلب بشمال سوريا (أرشيفية)
سد تشرين في ريف حلب بشمال سوريا (أرشيفية)
TT
20

التحالف الدولي يقود وساطة بين تركيا و«قسد» لوقف المواجهات قرب سد تشرين

سد تشرين في ريف حلب بشمال سوريا (أرشيفية)
سد تشرين في ريف حلب بشمال سوريا (أرشيفية)

كشف مسؤول كردي بارز عن وساطة تقودها «قوات التحالف الدولي» بين تركيا و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، لخفض التوتر ونزع فتيل المواجهات العسكرية في محيط سد تشرين وفك الحصار عن مدينة عين العرب (كوباني)، في ريف محافظة حلب الشرقي.

وصرح كبير مستشاري الإدارة الذاتية، بدران جيا كرد، أن التحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش» يقود وساطة لوقف إطلاق النار بين تركيا وقوات «قسد»، وتبادل رسائل دبلوماسية خلال الفترة الأخيرة بين الطرفين. وكشف المسؤول الكردي في بودكاست «العين الثالثة»، الذي تقدمه شبكة «رووداو» الإعلامية (الأحد)، «أن التحالف الدولي ينقل الرسائل بين قيادة قوات (قسد) والحكومة التركية».

وكان مصدر خاص لموقع «تلفزيون سوريا» قد كشف الاثنين عن توصل «قوات سوريا الديمقراطية» والحكومة السورية، إلى اتفاق بتسليم إدارة سد تشرين للحكومة المركزية ضمن تفاهمات تركية - أميركية بالتنسيق مع الحكومة السورية لوقف المعارك شمال البلاد.

ولطالما نظرت تركيا إلى قوات «قسد» على أنها الجناح السوري لـ«حزب العمال الكردستاني» التركي، وطالبت مراراً الولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي بوقف دعمها ورفع الغطاء عنها مهددة بشن هجمات عسكرية جديدة. لذا يأتي هذا الموقف ضمن تحول كبير في سياسة أنقرة تجاه القوات التي وقع قائدها مظلوم عبدي اتفاقاً تاريخياً مع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، ينص على دمج «قسد» ومؤسسات الإدارة في هياكل الدولة، واستعادة دمشق السيطرة على حقول النفط والطاقة والمعابر الحدودية.

بدران جيا كرد كبير مستشاري الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا
بدران جيا كرد كبير مستشاري الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا

وأشار كبير مستشاري الإدارة جيا كرد إلى أن قيادة التحالف تنقل الرسائل الدبلوماسية غير المباشرة بين أنقرة و«قسد»، في إطار جهودها «لحل المشكلات دبلوماسياً وسياسياً، ونأمل أن يتم حل كل المشكلات مع كل من دمشق وتركيا، هدفنا هو وقف كل الهجمات على جميع أنحاء سوريا، لا سيما شمال وشرق البلاد».

ومنذ سقوط النظام السابق وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد، نهاية العام الفائت، تحولت المنطقة القريبة من سد تشرين في ريف حلب الشرقي إلى جبهة مواجهات ساخنة تطلَق عليها القذائف والصواريخ والضربات الجوية، وباتت نقطة تماس تفصل حدود ومناطق سيطرة فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالية لتركيا، وقوات «قسد» المدعومة من التحالف الدولي، وهذه المنطقة تخضع لسيطرة «قسد» منذ منتصف 2016 بعد تحرير مدينة منبج الواقعة بالمنطقة ذاتها من قبضة تنظيم «داعش»، وتغذي مناطق واسعة من ريف محافظتي حلب والرقة بالمياه العذبة وخدمة الكهرباء.

أحد عناصر الفصائل السورية الموالية لأنقرة يتابع عن بُعد قصفاً تركياً لمحور سد تشرين (أ.ف.ب)
أحد عناصر الفصائل السورية الموالية لأنقرة يتابع عن بُعد قصفاً تركياً لمحور سد تشرين (أ.ف.ب)

وأكد جيا كرد أن الموقف التركي ثابت، حيث تسعى إلى حل مسألة قوات «قسد» عبر حكومة دمشق وفقاً لمنطقها وسياستها، مضيفاً في بودكاست بث عبر شبكة «رووداو» الكردية: «تريد تركيا تسليم كل شيء إلى دمشق، وتنتظر أن تبادر دمشق بأخذ زمام المبادرة، لكن علينا حل جميع المشكلات تدريجياً مع دمشق وأنقرة والمجموعات الأخرى»، منوهاً إلى عدم وجود مفاوضات مباشرة بينهم وبين تركيا، «لكن حلفاءنا في التحالف الدولي ينقلون الرسائل، لأن معظم القتال يدور في مناطقنا نتيجة الهجمات التركية، والمجموعات المسلحة المرتبطة بها»، على حد تعبيره.

وأكد السياسي الكردي أنه من المقرر تبادل دفعة جديدة من السجناء بين قوات «قسد» والحكومة السورية الانتقالية خلال الأيام المقبلة، بموجب اتفاق حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب الذي تم توقيعه بين حكومة دمشق وقيادة «قسد» في الثالث من الشهر الحالي. ودعا جيا كرد لأن يكون اتفاق أحياء حلب تمهيداً لتطبيع الأوضاع في مدينة عفرين وعودة نازحيها ومهجريها بعد سنوات من رحلة الشتات وقساوة الترحال.

انتظار عند مدخل حي الأشرفية في مدينة حلب لتبادل الأسرى بين «قسد» والحكومة السورية (خاص بالشرق الأوسط)
انتظار عند مدخل حي الأشرفية في مدينة حلب لتبادل الأسرى بين «قسد» والحكومة السورية (خاص بالشرق الأوسط)

وكان محمد عبد الغني، مدير إدارة الأمن العام في محافظة حلب، قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن عملية تبييض السجون بدأت فعلياً بين الحكومة السورية و«قسد» يوم 3 أبريل الماضي بعد إطلاق سراح أول دفعة، وبلغت 450 موقوفاً من الجانبين، على أن يتم إطلاق سراح باقي الموقوفين على دفعات تليها عملية سحب القوات العسكرية، وأن الاتفاق المذكور يعدّ الخطوة العملية الأولى لتنفيذ اتفاقات مماثلة شاملة على أرض الواقع في باقي أجزاء حلب.

ورشات مشتركة لدمشق والإدارة في سد تشرين

بدورها، أيدت القيادية الكردية إلهام أحمد اتفاق أحياء حلب، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تنظر بإيجابية إلى هذا الاتفاق، «لخلقه أجواء إيجابية وارتياحاً بين المدنيين في حلب وسيخدم جميع السكان بعد أن تم التفاهم على بعض النقاط الأساسية»، وعدت السياسية التوافقات مدخلاً لبداية تفاهمات مستقبلية قد تحصل بين حكومة دمشق والإدارة، «في إطار سوريا جديدة لا مركزية تعددية».

وطالبت أحمد بتحييد الأحياء المدنية وسكانها عن الصراعات والمواجهات التي تحدث بين الأطراف، وتابعت قائلة: «مطلوب تقديم الضمانات من الجهات الأمنية المسؤولة عن مدينة حلب، وأيضاً من قوى الأمن الداخلي (الأسايش) الموجودة في الحيين، لحماية المدنيين وأحياء الشيخ مقصود والأشرفية»، لافتةً إلى ضرورة توسيع هذه الاتفاقات على كامل الجغرافيا السورية «بحيث تضمن هذه التفاهمات عدم الانخراط في صراعات جديدة، ومن الممكن أن تُوسّع لتشمل مدينة عفرين لأن عودة المهجرين إلى مناطقهم أمر ضروري».

إلى ذلك، كشف مسؤول إداري في إدارة السدود بالإدارة الذاتية دخول فرق الصيانة (الأحد) إلى سد تشرين في ريف مدينة منبج، وبدأت أعمال إصلاح الأعطال تمهيداً لإعادته إلى العمل، وشاركت فرق متخصصة من الحكومة السورية إلى جانب فرق إصلاح السدود في الإدارة، بهدف تأمين الجاهزية الكاملة للمحطة. وتتواصل أعمال الصيانة حالياً في محطة التحويل التابعة دون وجود جدول زمني لإعادة استئناف عمله، على أن تنجَز عمليات الصيانة خلال هذا الأسبوع.