مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
TT

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار، الذي يخشى البعض أن يكون مدخلاً لـ«المصالحة» مع تنظيم «الإخوان»، لا سيما أنه تضمّن أسماء عدد من قياداته.

ورفعت مصر، الأحد الماضي، أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية»، بعد تحريات أمنية أسفرت عن «توقف المذكورين عن القيام بأي أنشطة غير مشروعة ضد الدولة أو مؤسساتها»، مع «الاستمرار في مراجعة موقف بقية المدرجين في القوائم لرفع أسماء مَن يثبت توقفه عن أنشطة ضد الدولة».

وعقب البيان الذي أصدرته النيابة المصرية، أشارت قناة «إكسترا نيوز» المصرية إلى أن «القرار جاء استجابةً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي». ونقلت عنه تأكيده أنه «حريص على أبنائه، ويفتح لهم صفحةً جديدةً للانخراط في المجتمع، كمواطنين صالحين يحافظون على بلدهم، ويعيشون في أمان على أرضها».

ورحَّب الأزهر بالقرار، وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في بيان على «إكس»، ترحيبه العميق «بتوجيهات الرئيس السيسي التي مهَّدت الطريق لإعطاء الفرصة لهم لبدء صفحة جديدة للعيش بصورة طبيعيَّة في وطنهم ولمِّ شمل أسرهم».

وأثار ترحيب الأزهر ردود فعل عدة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد عدّ الترحيب «خطوةً في صالح المجتمع»، ومعارضٍ انتقد تعليق الأزهر، بصفته مؤسسةً تعليميةً دينيةً، على أمور سياسية، في حين ذهب البعض إلى حد اتهام بعض قادة الأزهر بـ«دعم الإخوان».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليق من مصادر مسؤولة بالأزهر، لكن لم يتسنَّ لها ذلك.

وبينما رفض أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، الانتقادات الموجَّهة للأزهر؛ بسبب ترحيبه بالقرار، أرجع حالة الجدل إلى «غياب ونقص المعلومات بشأن أسباب صدور القرار ومعناه، لا سيما أن بعض مَن وردت أسماؤهم في القرار لا يزالون في السجون».

وأكد السيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار خطوة جيدة واستجابة لحكم محكمة النقض»، مشيراً إلى أن «تضمينه أسماء عدد من قيادات الإخوان يثير تساؤلات بشأن نية الدولة للمصالحة، وهي تساؤلات من الصعب الإجابة عنها في ظل نقص المعلومات».

ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية، فإن قرار الاستبعاد تضمّن أشخاصاً يُحاكَمون على «ذمة قضايا أخرى»، من بينهم وجدي غنيم، وإن القرار متعلق بقضية واحدة فقط؛ وهي القضية المعروفة إعلامياً باسم «تمويل جماعة الإخوان».

وتعود القضية إلى عام 2014، وأُدرج بموجبها 1526 شخصاً على «قوائم الإرهاب»، عام 2018 لمدة 5 سنوات. وفي 18 مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية بإلغاء حكم «جنايات القاهرة» بتمديد إدراج هؤلاء على «قوائم الإرهاب» لمدة 5 سنوات أخرى، لأن قرار التمديد «لم يُبيِّن بوضوح الوقائع والأفعال التي ارتكبها كل منهم».

وعدّت رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان» السفيرة مشيرة خطاب، قرار الاستبعاد «خطوةً إيجابيةً»، مشيرة إلى أنه «جاء بعد دراسة متأنية من الجهات القانونية المختصة، ولم يكن عشوائياً». وأكدت أن «هناك دستوراً للبلاد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال خرقه أو تجاوزه».

وأشارت خطاب، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة تأهيل المستبعدين من قوائم الإرهاب، كونهم تعرَّضوا لضغوط نفسية واجتماعية، ما يتطلب العمل على إعادة دمجهم في المجتمع». وقالت: «برامج التأهيل لا بد أن توضع بعناية بمشاركة عدد من الجهات المعنية، وبعد دراسة القوائم، وخلفية المدرجين عليها، ومواقعهم، والأدوار التي قاموا بها».

ويتعرَّض كل مَن يتم إدراجه على «قوائم الإرهابيين» لتجميد الأموال وحظر التصرف في الممتلكات، والمنع من السفر، وفقاً لقانون «الكيانات الإرهابية» الذي أصدره الرئيس المصري عام 2015.

بدوره، قال الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «خطوة على طريق التسامح والعدالة الانتقالية»، رافضاً حالة الجدل الدائرة بشأنه، ومتهماً منتقدي القرار بأنهم «يسعون لإبقاء الأوضاع مشتعلةً في البلاد».

وأثار قرار الاستبعاد جدلاً وانتقادات إعلامية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وقال الإعلامي المصري أحمد موسى، في منشور عبر حسابه على «إكس»، إن موقفه «واضح ودون مواربة... لا أمان ولا عهد للإخوان، ولن نتسامح معهم».

وأعرب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن يدفع القرار نحو «المصالحة» مع تنظيم «الإخوان». وانتقدت الإعلامية لميس الحديدي، القرار، وقالت عبر «إكس»: «نريد أن نفهم ماذا يعني توجه الدولة لمراجعة القوائم ولماذا الآن؟ هل هناك ضغوط دولية لإبرام مصالحة مع الإخوان مثلاً؟».

لكن عضو مجلس النواب محمود بدر، نفى الاتجاه للمصالحة. وقال، عبر «إكس»: «السيسي هو الضمان الأكبر، وربما الوحيد لرفض المصالحة مع الإخوان»، مؤكداً سعادته بـ«ردود الفعل ورفض الناس فكرة المصالحة».

وقال الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامج «الحكاية» على فضائية «إم بي سي»، مساء الاثنين، إن «التفاعل مع القرار أحدث استفتاءً شعبياً بأن 99.9 في المائة من المصريين ضد الإخوان».

ورداً على تلك الانتقادات، قالت خطاب: «الشعب عانى كثيراً من الإخوان، وتعرَّض لمآسٍ، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نخرق القانون... والعقاب لن يستمر مدى الحياة». وأضافت: «مسؤولية الدولة هي إصلاح مَن فسد، والأجدى للمجتمع محاولة إصلاح وتأهيل مَن غرَّر به بدلاً مِن السعي للانتقام ضمن دائرة مفتوحة لا تنتهي».

وعكست الانتقادات حالة من الاحتقان الشعبي، «نبهت إلى دور الإعلام والمؤسسات الدينية في نشر المعلومات لإزالة الشقاق على أساس احترام الدستور والقانون»، بحسب رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان».


مقالات ذات صلة

استرداد نجل القرضاوي من لبنان... «طلب مصري» يواجه «معوقات»

العالم العربي عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

استرداد نجل القرضاوي من لبنان... «طلب مصري» يواجه «معوقات»

يواجه طلب مصر استرداد المعارض عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، التابع لجماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة، من لبنان معوقات قانونية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

لبنان يتسلّم ملفَّي استرداد نجل القرضاوي من مصر والإمارات

تسلّم القضاء اللبناني من السلطات المصرية ملف استرداد المعارض المصري عبد الرحمن القرضاوي، حيث تضمّن نصّ الحكم الصادر بحقّه ويقضي بسجنه خمس سنوات.

يوسف دياب (بيروت)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بترويج شائعات عن «خطف» الفتيات والأطفال

اتهمت وزارة الداخلية المصرية، جماعة «الإخوان» المحظورة، بترويج شائعات عن انتشار ظاهرة «خطف» فتيات وأطفال بالعاصمة، اعتماداً على مقطع فيديو مزيف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي عبد الرحمن القرضاوي  (وسائل التواصل الاجتماعي)

مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

توقيف السلطات اللبنانية، عبد الرحمن القرضاوي، أثار تساؤلات بشأن إمكانية تسليمه للقاهرة في ظل جدل على منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

القضاء اللبناني يستجوب نجل يوسف القرضاوي ويبقيه موقوفاً

مثل الناشط السياسي المصري عبد الرحمن القرضاوي، أمام النيابة العامة في لبنان، وخضع لاستجواب مطوّل حول مذكرة «الإنتربول» الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب.

يوسف دياب (بيروت)

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
TT

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

كشفت وزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، نجلاء المنقوش، عن أن لقاءها مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين الذي تمّ قبل أكثر من عام في روما، كان بتنسيق بين إسرائيل والحكومة، وقالت إنها ناقشت معه عدداً من القضايا «الأمنية الحساسة التي تهم استقرار ليبيا وفقاً لما كُلفت به».

صورة أرشيفية لنجلاء المنقوش (الوحدة)

وأضافت المنقوش لـ«منصة 360»، التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية، مساء يوم الاثنين، في أول حديث لها منذ مغادرتها ليبيا، أن اللقاء مع كوهين كان سرياً لأغراض أمنية واستراتيجية، لكنها أوضحت أنه كان يتعلّق «بالبحر المتوسط، والمحافظة على الموارد الليبية النفطية والمائية بالإضافة إلى الطاقة».

وأشارت إلى أنها «لم تكن طرفاً في الترتيب لأجندة الاجتماع مع كوهين... الحكومة هي التي رتبت، وأنا دوري كان إيصال الرسائل إلى الجانب الإسرائيلي»، واصفة تنصل «الوحدة» من اللقاء بأنه «عدم حكمة أو فقد القدرة على معالجة الأزمة بعد تسريب خبر اللقاء».

وأبدت المنقوش استغرابها من تسريب الجانب الإسرائيلي اللقاء، بالنظر إلى أن «الاتفاق كان عدم إعلانه وإبقاءه سرياً... المشكلة بالنسبة لي لم تكن في تسريب الخبر؛ بل كانت في طريقة معالجته، لأن ما قمت به هو من صميم عملي الدبلوماسي، كنت أقود الدبلوماسية الليبية؛ وعملي مقابلة كل وزراء الخارجية».

وقالت إن لقاءها كوهين «لم يكن خطأ من ناحية المبدأ»، مشددة على أن مقابلة الطرف الإسرائيلي كانت محددة في موضوعات وإطار معين، وكما يقولون «رب ضارة نافعة»، فبداية حديثي مع الوفد الإسرائيلي أكدت لهم أن موقف الليبيين الشرفاء والعرب الشرفاء هو الاعتراض على السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته.

احتجاجات سابقة في طرابلس على اللقاء بين المنقوش ونظيرها الإسرائيلي (أ.ب)

وسبق أن أثار اجتماع المنقوش - كوهين، الذي احتضنته إيطاليا في أغسطس (آب) الماضي، حالةً من الغضب في ليبيا تسببت في مغادرتها البلاد، في حين نفى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة علمه بلقائها كوهين.

ولُوحظ خروج الكثير من المواطنين في مصراتة (غرب ليبيا)، سعياً للتظاهر ضد الدبيبة الذي قالت تقارير إنه وجّه وزير الداخلية بتشديدات أمنية على طرابلس لمواجهة أي احتجاجات.

وصعّد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حمّاد، يوم الاثنين، أمام مجلس النواب، من هجومه ضد غريمه الدبيبة، وعدّ لقاء مسؤولين في «الوحدة» مع «العدو الصهيوني» سقوطاً أخلاقياً وقانونياً، يجرّمه القانون بشأن مقاطعة إسرائيل.

والمنقوش المولودة في بنغازي (54 عاماً) خرجت من ليبيا سراً، عقب حالة غضب عارمة ومظاهرات في بعض المدن، إثر وقوعها تحت طائلة القانون الليبي، الصادر في عام 1957 بشأن «مقاطعة إسرائيل».

ويقضي القانون بـ«الحبس لمدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة لا تتجاوز 5 آلاف دينار، عقاباً لكل مَن يعقد اتفاقاً مع أي نوع من هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها».

وأبدت المنقوش احترامها للقانون الليبي، وقالت إنها مستعدة للمثول أمام جهات التحقيق، لإثبات الحقيقة لليبيين الذين قالت «إنها تحبهم، وليس لديها ما تخفيه عنهم». وكان النائب العام أحالها إلى التحقيق منذ أغسطس 2023، لكنها تقول: «لم يتم استدعائي حتى اليوم».