انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

الاقتراع الرئاسي جرى رغم رفض مقديشو

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

إجراء الانتخابات الرئاسية في ولاية جوبالاند جنوب الصومال، رغم رفض مقديشو، حرّك تساؤلات بشأن مسار العلاقات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، مع حديث عن إعادة انتخاب الرئيس الحالي أحمد محمد مدوبي، الرافض لقانون الاقتراع المباشر الموحد للبلاد.

اقتراع جوبالاند، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، سيعمق الخلاف مع حكومة الصومال غير المعترفة بالانتخابات، والمتمسكة بإجراء انتخابات بنظام الاقتراع المباشر، مرجحين احتمال وصول الأمر «إلى «مواجهات أو اقتتال أهلي» بين الحكومتين، وقد يستدعي «انفصال» ولاية جوبالاند ما لم يتم حدوث توافقات وحلول سريعة.

وجاءت انتخابات «جوبالاند» بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعنيّ بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، الذي يعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

وأفادت وسائل إعلام صومالية محلية، الاثنين، بأن «أعضاء برلمان ولاية جوبالاند في جنوب الصومال، أعادوا الاثنين، انتخاب مدوبي رئيساً للولاية في فترة رئاسية ثالثة» على الرغم من معارضة الحكومة الصومالية للانتخابات التي جرت في الولاية.

رئيس ولاية جوبالاند يتفقد عدداً من المناطق المحررة من الإرهاب (وكالة الأنباء الصومالية)

وحصل مدوبي على 55 صوتاً مقابل 16 لأقرب منافسيه فيصل محمد متان، في حين حصل المرشح الثالث، أبو بكر عبدي حسن على 4 أصوات فقط، وفق المصادر نفسها التي كشفت أن مرشحين آخرين في مدينة «كسمايو» مقاطعون لهذه الانتخابات، أعلنوا إجراء انتخابات موازية.

وأجريت تلك الانتخابات بحسب المحلل والأكاديمي المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي، الدكتور على محمود كولاني، «بسرعة، وأسفرت عن فوز مدوبي كما كان متوقعاً».

بينما رأى الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «انتهاء انتخابات جوبالاند بانتخاب مدوبي للمرة الثالثة مع تسمية المعارضة رئيساً آخر (يتحدث السيناتور إلياس غابوس، عضو مجلس الشيوخ، أنه تم انتخابه رئيساً)، وهذا يعني أن الولاية فيها رئيسان، وربما تندلع مواجهات بينهما».

وكان أحمد مدوبي قد انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت إجراء انتخابات مباشرة موحدة للولايات الإقليمية الصومالية، وصدر بشأنها قانون نهائي من البرلمان، السبت، رفضته ولايتا جوبالاند وبونتلاند، وقوى سياسية أخرى.

وفي خطاب قبل نحو أسبوع، كشف رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، أن «رئيس جوبالاند المنتهية ولايته، أحمد مدوبي، وقّع جميع الاتفاقيات لتوجيه الانتخابات المباشرة في البلاد»، مؤكداً أن «العملية الانتخابية التي في جوبالاند غير قانونية، وما يتمخض عنها غير مقبول»، في تصريحات سبقها بيان أصدرته وزارة الداخلية الصومالية في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) كرر عدم الاعتراف بالاقتراع أيضاً.

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب بناءً على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة ازدادت المطالبة لإجراء انتخابات مباشرة، وفق إعلام محلي.

وسبق يوم الاقتراع في ولاية جوبالاند، نفي بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) في بيان صحافي، الأحد، التقارير التي تزعم أن عناصر الشرطة التابعة لها متورطة في تنظيم الانتخابات في ولاية جوبالاند، مجددة التزامها بالحياد والدعوة إلى حوار بنَّاء بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وسلطات جوبالاند لحل النزاعات الانتخابية سلمياً.

وبرأي كولاني فإن «تلك الانتخابات التي جرت في حكومة إقليم جوبالاند الصومالية تتعارض مع قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان قبل أيام، كما أنها خطوة خطيرة على نزاهة الانتخابات التي من المتوقع إجراؤها في مناطق إقليمية عدة قريباً في الصومال، وسبق أن حذرت الحكومة المركزية من هذا الأمر، وأكدت عدم الاعتراف بانتخابات مدوبي».

ويعد انتخاب أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي) وفق كولاني «انتكاسة قوية للمفاوضات البطيئة بالفعل بين الحكومة الفيدرالية وحكومة جوبالاند الإقليمية»، متوقعاً أن يزيد فوز مدوبي من «تصعيد الصراع القوي بين الطرفين».

ويرى أن «هذا الصراع سينتهي إلى فوضى بالبلاد في حال وجود حل فوري ينهي هذا الأمر، وكذلك التدخل الأجنبي الذي سيؤثر في نهاية المطاف في كل الانتخابات الأخرى التي من المتوقع إجراؤها قريباً في البلاد».

وبحسب تقدير مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم فإن «أحمد مدوبي يريد أن يفشل الحكومة الفيدرالية ونظامها الانتخابي، ويبدو في ظل الأجواء الحالية أن انتخاب مدوبي وقانون الانتخابات المدعوم من الحكومة سينتهيان بالفشل».

وسيؤدي ذلك بحسب إبراهيم إلى «تعميق الخلافات مع حكومة الصومال، وقد يحدث اقتتال مسلح بين الحكومة الفيدرالية وحكومة مدوبي»، مرجحاً حال تطور الخلافات أن تؤدي إلى انقسام وانفصال ولاية جوبالاند عن الصومال.


مقالات ذات صلة

مصر تبحث مع تجمع دول الساحل والصحراء سبل الحرب على الإرهاب

أفريقيا وزير خارجية مصر رفقة السكرتير التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء أمس في إنجامينا (رئاسة مجلس الوزراء المصري)

مصر تبحث مع تجمع دول الساحل والصحراء سبل الحرب على الإرهاب

أعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن استعداد القاهرة لدعم تجمع دول الساحل والصحراء في مواجهة «التحديات المشتركة»، ولكنه ركز على مكافحة الإرهاب.

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم العربي عناصر من الجيش الوطني الصومالي (رويترز)

اتهامات صومالية لإثيوبيا تلقي بظلالها على «اتفاق المصالحة»

اتهامات صومالية لإثيوبيا باستهداف قواتها تعد الأولى منذ إعلان المصالحة بين البلدين برعاية تركية في 11 ديسمبر الحالي وبعد نحو عام من الخلافات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا الضباط الذين يحكمون دول الساحل خلال قمة سابقة (صحافة محلية)

دول الساحل تضع قواتها في «حالة تأهب» بعد قرار «إيكواس»

قررت دول الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) وضع قواتها المسلحة في حالة «تأهب» واتهمت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بالسعي نحو «زعزعة» الاستقرار

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا جندي تشادي خلال التدريب (الجيش الفرنسي)

تشاد تطلب من فرنسا سحب قواتها قبل نهاية يناير المقبل

طلبت السلطات في دولة تشاد من القوات الفرنسية المتمركزة في البلد الأفريقي الانسحاب قبل نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو طلب يرى الفرنسيون أنه «غير واقعي».

الشيخ محمد (نواكشوط)

إعادة توقيف برلماني سابق متهم في ملف «التآمر على أمن تونس»

البرلماني والقيادي السابق أحمد العماري المتهم في قضية إرهابية (متداولة)
البرلماني والقيادي السابق أحمد العماري المتهم في قضية إرهابية (متداولة)
TT

إعادة توقيف برلماني سابق متهم في ملف «التآمر على أمن تونس»

البرلماني والقيادي السابق أحمد العماري المتهم في قضية إرهابية (متداولة)
البرلماني والقيادي السابق أحمد العماري المتهم في قضية إرهابية (متداولة)

قال حزب «جبهة الخلاص» التونسية المعارضة، التي يتزعمها المحامي والبرلماني السابق أحمد نجيب الشابي، إن فرقة أمنيّة من مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا أوقفت المعارض والنقابي والبرلماني السابق عن حزب «حركة النهضة» أحمد العماري، وذلك بعد تفتيش منزله، وحجز علب أرشيف تهمّ نشاطه البرلماني عن الدورة 2019-2024، مؤكداً أنه لم يتم إطلاق سراحه بعد من داخل مقر جهاز الأمن.

وأضافت «الجبهة» موضحة أن عملية الإيقاف تمت بعد 48 ساعة فقط من الإفراج عنه، بعد سنوات من الإيقاف والتحقيق معه في قضايا لديها علاقة بملفات «التآمر على أمن الدولة».

وأعلنت وسائل إعلام تونسية أن قرار الإفراج عن العماري صدر الثلاثاء الماضي عن الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة. وحسب مصادر حقوقية، فإن المحكمة قررت في مايو (أيار) الماضي إحالة البرلماني العماري، والوزير والبرلماني السابق المهدي بن غربية، على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، وذلك بعد اتهامهما بالتورط في قضية «التآمر»، بناء على تقارير صدرت ضدهما عندما كانا معتقلين في سجن المسعدين في محافظة سوسة الساحلية، على ذمة قضايا أمنية أخرى.

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (متداولة)

ومثل أحمد العماري والمهدي بن غربية أمام هيئة الدائرة الجنائية، وطلب المحامون تأخير القضية. وتقرر في تلك الجلسة الإفراج عن العماري استجابة لطلب المحامين الذين أكدوا «تدهور حالته الصحية». كما تقرر الإبقاء على المهدي بن غربية في حالة إيقاف في القضية نفسها، وعلى ذمة قضايا أخرى مرفوعة ضده، بعضها تهم مشاركته في حكومة يوسف الشاهد (2016 - 2020)، ورئاسته لعدد من المؤسسات الاقتصادية الخاصة.

في سياق قريب، أكد العميد المتقاعد في الحرس الوطني والخبير في قضايا الإرهاب، علي الزرمديتي، ما أوردته وسائل إعلام تونسية عن تعرض رجل أمن ينتمي لوحدة مكافحة الإرهاب في محافظة المنستير (170 كلم جنوب شرقي العاصمة)، أمس الخميس، إلى الطعن بسكين أثناء عملية إيقاف متهم بالانتماء إلى «التكفيريين»، وبعض المجموعات التي يشتبه ضلوعها في الإرهاب.

العميد السابق في الحرس الوطني والخبير في قضايا الإرهاب علي الزرمديتي (متداولة)

وقال الزرمديتي إن الأمر يتعلق، حسب المعطيات الأولية، بـ«عملية إسناد» حاول أن يقوم بها شقيق المتهم نيابة عن شقيقه، الذي كانت قوات الأمن المختصة في الإرهاب تحاول إيقافه للاشتباه في تورطه في جريمة إرهابية، وعندها تدخل شقيقه لمنعها واستخدم آلة حادة، طعن بها رجل الأمن، وقال معللاً تصرفه هذا بأنه أراد التضامن مع شقيقه. وبعد ذلك قامت قوات الأمن بإيقاف المتهم الأول وشقيقه، وإحالتهما على النيابة العامة.

يذكر أن حوادث طعن قوات الأمن تعاقبت خلال الأعوام الماضية في عدة مدن تونسية، خصوصاً أثناء عمليات إيقاف عدد من المشتبه فيهم في قضايا إرهابية، أو بالانتماء إلى «الجماعات التكفيرية»، وإلى جماعات «السلفيين المتشددين».

وسبق لعدد من المحامين والحقوقيين التونسيين أن أدلوا بتصريحات إلى وسائل الإعلام، طالبوا فيها السلطات الأمنية والقضائية بـ«احترام الإجراءات القانونية» عند اعتقال المشتبه فيهم، لتجنب سيناريوهات تدخل أقارب بعض المطلوبين للعدالة أو أصدقائهم في «ردود أفعال عنيفة» بحجة «التضامن العائلي والإسناد».