عرض عضلات صيني في الحديقة الخلفية لواشنطن

شي يُعزز علاقات بلاده مع أميركا اللاتينية في جولة تسبق «قمة العشرين»

رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني شي جينبينغ في قمة «أبيك» بليما 16 نوفمبر (أ.ب)
رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني شي جينبينغ في قمة «أبيك» بليما 16 نوفمبر (أ.ب)
TT

عرض عضلات صيني في الحديقة الخلفية لواشنطن

رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني شي جينبينغ في قمة «أبيك» بليما 16 نوفمبر (أ.ب)
رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني شي جينبينغ في قمة «أبيك» بليما 16 نوفمبر (أ.ب)

عندما طلب الرئيس الصيني شي جينبينغ من نظيره الأميركي جو بايدن إرساء مبدأ «اليقين» في العلاقات بين البلدين، خلال اللقاء الذي جمعهما يوم السبت، في ليما عاصمة بيرو، على هامش منتدى آسيا والمحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي، كان كلامه موجهاً إلى دونالد ترمب الذي سيتسلم مهام ولايته الثانية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وسط مؤشرات عديدة تنذر بهبوب عاصفة جديدة على أشد العلاقات الثنائية تعقيداً وأهمية في العالم.

لكن الرسالة الأهم التي أراد جينبينغ توجيهها إلى إدارة ترمب من جولته الأميركية اللاتينية، السادسة خلال السنوات العشر المنصرمة، هي أن بكين أصبحت الشريك التجاري الأول لبلدان أميركا الجنوبية، وأن نفوذها إلى تعاظم في المنطقة التي تعد تقليدياً «الحديقة الخلفية» للولايات المتحدة.

هذه الجولة التي سيختتمها الرئيس الصيني، الأسبوع المقبل، في ريو دي جانيرو، لحضور قمة العشرين التي تستضيفها البرازيل، انعكاس لمدى استراتيجية بكين التوسعية في العالم، وما تحصده من نفوذ اقتصادي وسياسي في أميركا اللاتينية، على حساب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

اتّساع نفوذ بكين

مواطنون صينيون مقيمون في ليما يحتفون بزيارة شي جينبينغ 15 نوفمبر (أ.ف.ب)

اختار جينبينغ توقيت وصوله إلى بيرو، الخميس الماضي، ليفتتح ميناء «تشانكاي» العميق، إحدى المحطات الرئيسية على «طريق الحرير» الذي بلغت تكلفته 3.5 مليار دولار، وتملك الحقوق الحصرية لإدارته شركة المواني الصينية. وفي لقائه مع رئيسة بيرو دينا بولوارتي، قال جينبينغ إن هذا الميناء سيكون نقطة الانطلاق لمسار بري وبحري جديد يربط «درب الإينكا» بطريق الحرير البحرية في القرن الحادي والعشرين، ويفتح أبواب الازدهار المشترك لبيرو وبلدان أميركا اللاتينية والكاريبي.

تُعد بيرو مثالاً صارخاً على مدى تغلغل النفوذ الاقتصادي الصيني في أميركا اللاتينية، حيث تملك الشركات الصينية الرسمية منذ العام الماضي جميع المؤسسات التي تزوّد بالكهرباء العاصمة ليما، والمناطق الصناعية المحيطة بها، كما تملك شركات صينية معظم مناجم الحديد في بيرو، والمواني التي تصدّر منها إنتاجها.

وكان جينبينغ قد اجتمع، عشية لقائه بايدن، مع رئيس الشركة التي تنافس «تسلا» لتكون أكبر منتج في العالم للسيارات الكهربائية التي تشكّل اليوم رأس حربة الصناعات التكنولوجية الصينية، وناقش معه طاقات ميناء «تشانكاي» الضخم لشحن السيارات، وبناء مصنع لتجميع السيارات الكهربائية في بيرو.

لكن بيرو ليست الدولة الأميركية اللاتينية الوحيدة التي أصبحت الصين شريكتها التجارية الأولى، متجاوزة بفارق كبير الولايات المتحدة. ففي عام 2000، كانت السوق الصينية تشكّل 2 في المائة من مجموع الصادرات الأميركية اللاتينية، لكن في السنوات الثمانية التالية نمت المبادلات التجارية بين الطرفين بنسبة 31 في المائة سنوياً، إلى أن بلغت قيمتها في العام الماضي 480 مليار دولار.

الشريك التجاري الأول

رئيسة بيرو دينا بولوارتي ونظيرها الصيني بعد تدشينهما ميناء جديداً 14 نوفمبر (أ.ب)

يفيد مجلس العلاقات الخارجية الأميركي بأن الصين اليوم هي الشريك التجاري الأول للبرازيل وتشيلي وبيرو، وعدد من الاقتصادات الأخرى الصغيرة في المنطقة، وبأن وتيرة الاستثمارات الصينية في أميركا اللاتينية خلال العقد الثاني من هذا القرن كانت بمعدل 14.2 مليار سنوياً، وأنها انخفضت إلى النصف في السنوات الثلاث المنصرمة.

يُضاف إلى ذلك أن مؤسسات الإقراض الصينية الرسمية قدّمت قروضاً لبلدان أميركا اللاتينية تجاوزت تلك التي قدّمها البنك الدولي، بلغت ذروتها في عام 2010 بمقدار 25 مليار دولار، لتنخفض حالياً إلى 1.4 مليار سنوياً.

وتتصدّر الأرجنتين، التي أعلن رئيسها الحالي تعليق عضوية بلاده في مجموعة العشرين، قائمة البلدان الأميركية اللاتينية التي حصلت على قروض من المصارف التجارية الصينية، تليها البرازيل وبيرو وتشيلي وفنزويلا والإكوادور.

هذا التغلغل الاقتصادي والمالي للصين في أميركا اللاتينية، وهي إحدى مناطق النفوذ التقليدي لواشنطن، يأتي مشفوعاً بتغلغل جيوسياسي يدفع بيادق بكين على المسرح الدولي، ويساعد على إرساء مبدأ «تعددية الأقطاب» الذي ترفع القيادة الصينية لواءه في وجه القطب الواحد تحت الهيمنة الأميركية، وتنشط لتعزيز محاور دولية مثل قمة العشرين ومنتدى آسيا والمحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي.

«طريق الحرير» الجديد

الرئيس الصيني لدى انتظاره وصول نظيره الأميركي في ليما 16 نوفمبر (رويترز)

منذ عام 2017 حتى الآن، انضمّت 22 دولة أميركية لاتينية رسمياً إلى مشروع طريق الحرير الجديدة، كما أبرمت بكين اتفاقات للتبادل التجاري الحر مع بيرو وتشيلي وكوستاريكا والإكوادور وأوروغواي، فيما لا تزال مشاريع التبادل التجاري الحر بين الاتحاد الأوروبي وبلدان المنطقة مُجمّدة منذ سنوات.

تراقب الولايات المتحدة هذه التحركات الصينية في محيطها الإقليمي بقلق متزايد، وترى فيها تهديداً لزعامتها، وخصوصاً أن معظم الاتفاقات الاقتصادية التي تبرمها بكين مع هذه البلدان تتضمن بنداً يضمن حصرية التشغيل للمؤسسات الصينية الرسمية، الأمر الذي يُسهّل أنشطة التجسس على حساب مصالح الأمن القومي الأميركي.

وكان لافتاً ما جاء في دراسة وضعها باحثون من «المجلس الأطلسي» الأميركي منذ أيام، أنه في حال نشوب نزاع في تايوان، أو في المنطقة المحيطة ببحر الصين، فإن شركة المواني الصينية الرسمية تدير شبكة تضمّ 38 ميناء تمتد من بحر إيجه حتى قناة بنما، الأمر الذي يمكن أن يُشكّل عقبة لوجيستية كبيرة أمام الجيوش الأجنبية التي قد تقرر إرسال سفن أو إمدادات إلى منطقة النزاع.


مقالات ذات صلة

مسؤول روسي: دول عدة عرضت استضافة محادثات بين بوتين وترمب

العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدثان خلال اجتماع ثنائي بقمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

مسؤول روسي: دول عدة عرضت استضافة محادثات بين بوتين وترمب

قال الكرملين إن دولاً عدة عرضت استضافة محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، لكنه لم يكشف عن هذه الدول.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ لقطة من شريط فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية لإطلاق صواريخ مضادة للدروع (أ.ب)

كوريا الشمالية تضاعف دعمها العسكري لروسيا في حرب أوكرانيا

كشف مسؤولون أميركيون أن فكرة نشر قوات من كوريا الشمالية لمصلحة روسيا في حرب أوكرانيا جاءت من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وتلقفها الرئيس فلاديمير بوتين

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومرشحه لمنصب وزير الصحة روبرت كيندي يوم 23 أكتوبر الماضي (أ.ب)

ترمب يخطط للانسحاب مجدداً من «منظمة الصحة العالمية»

أفاد أعضاء في الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بأنه يدرس الانسحاب من «منظمة الصحة العالمية» في اليوم الأول لتوليه السلطة في 20 يناير.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم منظر عام لميناء نوك في غرينلاند يوم 8 مارس 2013 (رويترز)

رئيس وزراء غرينلاند يرد على ترمب: الجزيرة ليست للبيع

قال رئيس وزراء غرينلاند، إن الجزيرة ليست للبيع، وذلك رداً على تصريحات للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن «الامتلاك والسيطرة» على الجزيرة التابعة للدنمارك.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الولايات المتحدة​ السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)

سيناتور أميركي «قلق للغاية» حيال حقوق الإنسان في عهد ترمب

قال السيناتور الديمقراطي بن كاردين، إنه يشعر بالقلق حيال تراجع الاهتمام بملف حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، خلال الفترة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قتيلان على الأقل و12 مفقوداً بعد انهيار جسر في البرازيل

انهيار جسر في شمال البرازيل (أ.ف.ب)
انهيار جسر في شمال البرازيل (أ.ف.ب)
TT

قتيلان على الأقل و12 مفقوداً بعد انهيار جسر في البرازيل

انهيار جسر في شمال البرازيل (أ.ف.ب)
انهيار جسر في شمال البرازيل (أ.ف.ب)

لقي شخصان على الأقل حتفهما وفقد 12 آخرون بعد انهيار جسر في شمال البرازيل، حسبما أفاد متحدث باسم الشرطة «وكالة الصحافة الفرنسية» برس الاثنين.

وكانت 4 شاحنات وسيارتان ودراجتان ناريتان على جزء الجسر الذي انهار بعد ظهر الأحد، بين ولايتي مارانهاو (شمال شرق) وتوكانتينز (شمال) البرازيليتين، بحسب السلطات.

انهيار جسر في شمال البرازيل (أ.ف.ب)

وقال متحدث باسم الشرطة إن شاحنتين كانتا تنقلان حمض الكبريت، ما «يعقد عملية البحث» عن مفقودين بسبب احتمال «تلوث المياه».

وعلقت عمليات البحث صباح الاثنين، لكن فرق الإطفاء كانت تدرس طريقة لاستئنافها.

وتم تعليق إمدادات المياه في المنطقة.

انهيار جسر في شمال البرازيل (أ.ف.ب)

ويعد جسر جوسيلينو كوبيتشيك دي أوليفيرا الذي يبلغ طوله أكثر من 500 متر، وتم بناؤه في الستينات، الطريق الرئيسي الذي يربط مارانهاو بتوكانتينز.

ولا تزال أسباب الانهيار مجهولة، رغم أن المعلومات الأولية المتوافرة لدى الإدارة الوطنية للبنية التحتية للنقل أفادت بأن الدعامة الرئيسية انهارت.