مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

تقدّم عروضاً في مراكز إيواء النازحين بهدفَي الترفيه والتوعية

مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)
مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)
TT

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)
مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

منذ انطلاقها عام 2020، وضعت مؤسّسة «فضاء لفنون المسرح العربي» هدفاً أساسياً لجمع كل المواد والمعلومات المتعلّقة بمسرحَي لبنان والعالم العربي، وتنظيم نقاشات وورشات عمل للوصول إلى مواد بحثية مؤرشفة ومُرقَّمة بمهنية عالية.

اليوم، في زمن الحرب، تُقدِم «فضاء» على خطوة جديدة تتمثَّل بأرشفة المسرح اللبناني في هذه المرحلة الصعبة. وضمن جولات فريقها على مراكز الإيواء، تُترجم هدفها.

يشير أحد أعضاء المؤسّسة والمُشرف على النشاطات، عوض عوض، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ مهمّة الفريق تكمن في اختيار 10 مراكز إيواء يزورها بعنوان «حكاية بشنطة ومسرح بكل مطرح». ويتابع: «هذه الأرشفة الحيّة التي نريدها ركيزتها زياراتنا، وخلالها، نجتمع بالأولاد في المركز، فيتشكّل عمل مسرحيّ نقدّمه بموازاة نشاطات أخرى لإحداث التفاعل».

من المتوقَّع أن يُكمل الفريق جولاته على 10 مراكز إيواء (فضاء)

هدف هذه المبادرة بثّ التوعية عند الأولاد والتخفيف من همومهم جرّاء النزوح. ويضيف عوض: «نتوجّه مع كمية من الحقائب إلى تلك المراكز. لـ3 أيام متتالية، نقدّم عروضاً مسرحية مختلفة تتألّف من مسرح دمى وحكواتي وعرض لأحد المهرّجين من فريقنا. بعدها، نعقد نقاشاً حول المسرحية التي نقدّمها، يرتكز على التوعية العاطفية والنفسية. فيتعرّف الأولاد إلى الفرق بين الخوف والغضب، وبين الحزن والتوتّر، وما إلى هناك من مشاعر تغمرهم خلال الأزمة التي يعيشونها».

في نهاية العرض، تقدّم «فضاء» للأولاد حقيبة تحتوي على أقلام ودفاتر تلوين وقرطاسية، وعلى أدوات للعناية بصحّتهم، من بينها ما يتعلّق بسلامة الأسنان. وتوزّع لهم ألعاباً صغيرة ترسم الابتسامة على وجوههم. وإذ يأتي اختيار الشنطة هديةً للأولاد لتزويدهم بحسّ المسؤولية، يوضح عوض: «كذلك لأنها تُترجم علاقة شخصية يقيمونها معها».

العروض الفنّية تتواصل لـ3 أيام (فضاء)

مبادرات من هذا النوع، وفق عوض، تتطلّب ميزانية؛ «في كل مرّة استطعنا جمع التبرّعات اللازمة، نحسم أمرنا للتوجّه إلى مركز إيواء. هذه المراكز هي في الواقع مدارس فتحت أبوابها أمام النازحين. وبعد أن نحصي عدد الأولاد، نضع برنامجاً كاملاً لنشاطاتنا فيها».

تشمل النشاطات الأولادَ من عمر صفر حتى 18 عاماً؛ «الأطفال لا يستطيعون التفاعل معنا كما الكبار. لذلك نكتفي بتوزيع الحقائب عليهم، وفيها أدوات عناية صحّية وألعاب تناسب أعمارهم. ومن عمر 4 إلى 18 عاماً، نجمعهم في مكان المسرح ونتواصل معهم عبر عروض فنّية».

يروي عوض متأثراً حكايات صادفته في «المدرسة الإنجيلية» بمنطقة الحمراء: «ثمة مَشاهد حفرت في أذهان الفريق، تنمّ جميعها عن مدى فرحة الأولاد بتواصلنا معهم. قبل زيارتنا، كانوا يعيشون ما يشبه الوحدة. لا نشاطات يمارسونها للترفيه عن أنفسهم».

يُعطي مثالاً فتاة نزحت من الجنوب، فكتبت مونولوغاً عن الشجر الذي يحوط بمنزلها هناك: «من بين 10 أشجار، اختارت 9 لتتحدّث معها. سألناها عن السبب، فردَّت بأنّ الشجرة العاشرة لم يزرعها جدّها. لذلك فضّلت أن تتناول الشجر والعلاقة التي تربط جدّها بها».

بدورها، تأخذ مؤسِّسة ورئيسة «فضاء»، عليّة الخالدي، على عاتقها تنظيم هذه النشاطات. وبالشراكة مع مسرح «نور» في نيويورك، تُطلق النشاطات. بالنسبة إلى عوض عوض: «يكفي أننا رسمنا الابتسامة على وجوه هؤلاء الأولاد وشهدنا مدى حماستهم للتواصل معنا. فهم يكتبون قصصهم وحكاياتهم خلال فترة النزوح وقبلها. الأكبر سنّاً عبّروا بشكل أفضل عن هذه الفرصة. كتبوا قصصهم وطرحوا أسئلة وتناقشوا معنا».

يجول الفريق على مراكز الإيواء للالتقاء بالأولاد النازحين (فضاء)

يختصر أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها. إنهم أولاد يتمتّعون بالصلابة ويسعون إلى الأفضل».

يسهم عدد من أعضاء الفريق المتخصّصين بالفنون على أنواعها في النشاطات التي تقدّمها «فضاء». ويختم عوض عوض: «عرض الحكواتي الذي يتضمّن نوعاً من المعالجة النفسية تهتم بتنظيمه فاطمة فرحات. أما عرض المهرّج الترفيهي والتوعوي، فيعود إلى محسن العبدالله. يبقى العرض الذي يُقام في اليوم الثالث والأخير من برنامجنا الأسبوعي، فهو من كتابة آدون خوري وإخراجه بعنوان (أنا لمّا أكبر)».


مقالات ذات صلة

أهالي غزة بين ثالوث الجوع والفقر والمرض... والعالم يحصي «العقود الضائعة»

خاص طفل يجمع الخردة من مكبّ جنوب غزة (أ.ف.ب)

أهالي غزة بين ثالوث الجوع والفقر والمرض... والعالم يحصي «العقود الضائعة»

«الشرق الأوسط» ترصد واقع الأهالي بقطاع غزة المنكوب، وتتحدث مع النازحين والمسؤولين الأمميين والمتطوعين، وتحصي الخسائر الاقتصادية والبشرية بعد 14 شهراً من الحرب.

لمياء نبيل (القاهرة)
خاص الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي) play-circle 01:54

خاص الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الاقتصاد السوري خسر 24 عاماً من التنمية البشرية إلى اليوم

قال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد

هلا صغبيني (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال فعالية شخصية العام لمجلة تايم في بورصة نيويورك، 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب رداً على سؤال عن احتمالات الحرب مع إيران: «أي شيء يمكن أن يحدث»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ردا على سؤال في مقابلة مع مجلة «تايم» حول احتمالات الحرب مع إيران، إن «أي شيء يمكن أن يحدث».rnrn

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

ظلت أسعار الذهب قُرب ذروة أسبوعين، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتوقعات إقدام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض آخر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».