بلينكن يؤكد مواصلة دعم أوكرانيا «حتى آخر دولار»

ترمب يدفع لإنهاء الحرب وكييف تركز على ضمان أمنها قبل استرداد الأرض

الرئيس بايدن لدى لقائه الرئيس المنتخب ترمب في البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس بايدن لدى لقائه الرئيس المنتخب ترمب في البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

بلينكن يؤكد مواصلة دعم أوكرانيا «حتى آخر دولار»

الرئيس بايدن لدى لقائه الرئيس المنتخب ترمب في البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس بايدن لدى لقائه الرئيس المنتخب ترمب في البيت الأبيض أمس (رويترز)

على الرغم من تأكيد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن أوكرانيا ستواصل حصولها على الدعم الأميركي، من الآن حتى تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، بدا أن كييف تستعد لمرحلة جديدة. ومع محاولة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تسريع الجدول الزمني للتوصل إلى وقف الحرب، بحسب وعوده، بدا أن أولويات كييف في المرحلة المقبلة قد تكون الحصول على ضمانات لمستقبل أمنها، مقابل قبولها بوقف إطلاق للنار مع روسيا من دون استرداد الأراضي التي احتلتها.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مستقبلاً بلينكن في كييف مايو الماضي (رويترز)

ضمانات الأمن قبل الأرض

وقال بلينكن، الذي التقى بالأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مارك روته، في مقر الحلف في بروكسل، الأربعاء، إن إدارة بايدن «ستواصل دعم كل ما نقوم به من أجل أوكرانيا» و«تستخدم كل يوم» لدعم أوكرانيا وتعزيز حلف شمال الأطلسي. وقال بلينكن: «تعهد الرئيس بايدن بضمان دفع كل دولار لدينا تحت تصرفنا من الآن حتى 20 يناير»، مضيفاً أن دول حلف شمال الأطلسي يجب أن تركز جهودها على «ضمان حصول أوكرانيا على المال والذخائر والقوات للقتال بشكل فعّال في عام 2025، أو أن تكون قادرة على التفاوض على السلام من موقف قوة».

ورغم تمسك أوكرانيا بأنها لن تتنازل عن الأراضي التي تحتلها روسيا في أي تسوية سلمية، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إنهم الآن يولون أهمية كبيرة على الأقل للحصول على ضمانات أمنية لمستقبل بلادهم، بقدر ما يولون أهمية لخط وقف إطلاق النار المحتمل.

ومع خسارة القوات الأوكرانية للأرض بشكل مطرد في الشرق، قال مسؤولان كبيران إن الدفاع عن مصالح أوكرانيا في المحادثات المحتملة لن يتوقف على الحدود الإقليمية، التي من المرجح أن تحددها المعارك، بل على الضمانات المتاحة لإبقاء وقف إطلاق النار صامداً. وقال رومان كوستينكو، رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني: «ينبغي أن تستند المحادثات إلى الضمانات. بالنسبة لأوكرانيا، لا شيء أكثر أهمية». وكان مسؤول أوكراني كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المفاوضات الحساسة، أكثر مباشرة، حيث قال: «إن المسألة الإقليمية مهمة للغاية، لكنها لا تزال السؤال الثاني. السؤال الأول هو الضمانات الأمنية».

تشكيك في نيات بوتين

ويشكك الأوكرانيون في التزام روسيا بأي تسوية، بعدما خاضوا تجارب مريرة مع وقف إطلاق النار في عامي 2014 و2015، منذ اندلاع الحرب مع القوات التي تدعمها موسكو في شرق البلاد، واحتلالها لشبه جزيرة القرم. ولم يمنع وقف إطلاق النار المزيد من القتال، الذي استمر لمدة 8 سنوات حتى الغزو الروسي الكامل في عام 2022. وتعدّ الضمانات الأمنية، وليس الأرض، القضية الأكثر تعقيداً في أي اتفاق سلام. ويقول المسؤولون الأوكرانيون، إن ترسانة قوية من الأسلحة التقليدية، التي سيوفرها الغرب، من شأنها أن تمكن أوكرانيا من الردّ بسرعة، وتعمل كرادع لاستئناف الأعمال العدائية.

وتصاعدت المناقشات حول التسوية المحتملة منذ انتخاب ترمب، الذي تعهد بالضغط من أجل محادثات فورية. وهو ما عدّ تحولاً عن موقف إدارة بايدن، بأن توقيت وشروط أي تسوية يجب أن تُترك لأوكرانيا.

لافروف لا يتوقع تغييراً

واستبعد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حدوث أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا أو أوكرانيا في عهد الرئيس المقبل دونالد ترمب، معتبراً أن جميع الحكومات الأميركية لديها مصلحة في إضعاف روسيا. وقال لافروف، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الروسي: «إنهم يشعرون بالارتياح عندما يضعفون روسيا ونفوذها». واتهمت روسيا الولايات المتحدة مراراً بدعم الحرب في أوكرانيا بهدف إضعاف موسكو بشكل أساسي. وأضاف لافروف: «في نهاية المطاف، كل ما يحدث يمكن إرجاعه إلى الرغبة في القضاء على روسيا كمنافس». وتوقع، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، أن تواصل واشنطن سعيها لإبقاء كل شيء تحت سيطرتها. ومن المقرر أن يمثل لافروف بلاده في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، الأسبوع المقبل، حيث سيلتقي ممثلين أميركيين.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع له مع مؤتمر الجمهوريين في الكابيتول (رويترز)

وشكّك ترمب مرات عدة في استمرار الدعم العسكري الذي تقدمه واشنطن لكييف، وتعهد بإنهاء الحرب، لكنه لم يذكر كيف سينهي الصراع. وهو ما أثار مخاوف من أنه سيحاول إجبار أوكرانيا على قبول شروط موسكو للسلام. وقال بلينكن أيضاً إن نشر قوات كورية شمالية لمساعدة روسيا في حرب أوكرانيا «يتطلب ردّاً حازماً، وسيحصل». ووفقاً للبنتاغون، يشارك أكثر من 10 آلاف جندي كوري شمالي في القتال في منطقة كورسك الحدودية الروسية.

ويقول المسؤولون الأوكرانيون إن كييف تريد ضمان عدم إلحاق أي خط لوقف إطلاق النار الضرر بالانتعاش الاقتصادي للبلاد بعد الحرب، من خلال ترك المناطق الصناعية غير آمنة للاستثمار، على سبيل المثال. وقال المسؤولون إن عرض المنطقة منزوعة السلاح، كمنطقة عازلة بين الجيشين، سيكون أيضاً اعتباراً رئيسياً.

وحاول الرئيس الروسي بوتين مرات عدة تصوير أوكرانيا باعتبارها الطرف المتعنت عندما يتعلق الأمر بمحادثات السلام، في حين ألمح إلى شروط تسوية مواتية له فقط. ويرى المسؤولون الأوكرانيون والغربيون موقفه كمطلب للاستسلام.

ترمب يحذر زيلينسكي وبوتين

ورغم وجود آراء مختلفة في فريق ترمب، بالنسبة إلى أوكرانيا، خصوصاً نائبه جيه دي فانس، الذي يتماشى موقفه إلى حد كبير مع مطالب روسيا، دعا وزير خارجيته السابق، مايك بومبيو، إلى دعم عسكري أكثر قوة مما كانت إدارة بايدن على استعداد لتقديمه. لكن ترمب نفسه قال في مقابلة أجريت في يوليو (تموز) الماضي مع شبكة «فوكس نيوز»: «أود أن أقول لزيلينسكي، لا مزيد من المساعدات، عليك أن تبرم صفقة. وأود أن أقول لبوتين، إذا لم تبرم صفقة، فسنعطيه الكثير». وأجرى ترمب محادثة هاتفية مع زيلينسكي، الأسبوع الماضي، بحضور إيلون ماسك، الذي رشّحه لتولي منصب حكومي، لكن لم يعلن أي من الجانبين ما تمت مناقشته.

وناشد زيلينسكي الدعم من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لما يسميه استراتيجية «السلام من خلال القوة» التي من شأنها أن تدعم جيش أوكرانيا، وتحسن موقفها المحتمل في ساحة المعركة قبل بدء المحادثات.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع الأمين العام للناتو مارك روته (إ.ب.أ)

لكن أندري زاغورودنيوك، وزير الدفاع الأوكراني السابق، قال إن تأمين تسوية مواتية لأوكرانيا، بينما تتقدم روسيا سيكون صعباً للغاية. ومن غير المرجح أن يكتفي المفاوضون الروس بالأراضي التي استولى عليها جيشهم. وقال: «من هو في وضع رابح يحدد الشروط. هذا ينطبق على الحكومات والشركات».

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف، غينادي جاتيلوف، للصحافيين، الخميس، إن موسكو منفتحة لإجراء مفاوضات حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، إذا بادر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بذلك، لكن أي محادثات يجب أن تستند إلى الحقائق المتعلقة بالتقدم الروسي.

وأشار جاتيلوف، كما نقلت عنه «رويترز» إلى أن انتخاب ترمب يمثل فرصة جديدة للحوار مع الولايات المتحدة، لكن من غير المرجح أن تحدث إعادة شاملة للعلاقات. وقال: «بغضّ النظر عن التحولات السياسية الداخلية، فإن (واشنطن) تواصل السعي باستمرار لاحتواء موسكو... ولا يغير تغيير الإدارة من ذلك كثيراً». وأضاف: «التحول الوحيد الذي قد يكون ممكناً هو الحوار بين بلدينا، وهو شيء كان مفقوداً في السنوات الأخيرة».

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، الخميس، أن الجيش الروسي حيّد أكثر من 430 عسكرياً أوكرانياً، ودمّر عدداً من المعدات العسكرية الأوكرانية في المنطقة الحدودية لمقاطعة كورسك.

وكشف مدونون في الجيش الأوكراني أن القوات الروسية تقدمت إلى أراضٍ جديدة في شرق أوكرانيا. وتردد أن القوات الروسية واصلت تحقيق مكاسب إقليمية بالقرب من بلدة كوراخوف الصغيرة في منطقة دونيتسك المهددة بالحصار، التي تعرضت لتدمير شديد. كما تقدمت القوات الروسية في مدينة كوبيانسك في منطقة خاركيف، بشمال شرقي البلاد. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إنه جرى صدّ الهجوم إلى حدّ كبير.


مقالات ذات صلة

واشنطن: لا نرى «أيّ سبب» لتعديل العقيدة النووية الأميركية

الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أرشيفية - رويترز)

واشنطن: لا نرى «أيّ سبب» لتعديل العقيدة النووية الأميركية

أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض اليوم الخميس أن الولايات المتحدة لا ترى «أيّ سبب» لتعديل عقيدتها النووية بعد ما قامت به روسيا في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أشخاص يحتمون داخل محطة مترو خلال هجوم عسكري روسي على أوكرانيا (رويترز)

كييف تتهم موسكو باستهدافها بصواريخ «عابرة للقارات للمرة الأولى»

اتّهمت أوكرانيا، الخميس، روسيا بإطلاق صاروخ عابر للقارات على أراضيها على الرغم من عدم وجود رأس نووية.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في سوتشي بروسيا 18 مايو 2018 (رويترز)

ميركل تكشف في مذكراتها سبب رفضها دعم عضوية أوكرانيا لـ«الناتو»

بعد ثلاثة أعوام على تقاعدها عادت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل إلى الأضواء بكتاب مذكرات عن حياتها تحدثت فيه عن أوكرانيا وعلاقتها ببوتين وترمب

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)

صواريخ «أتاكمز» التي تطلقها أوكرانيا على روسيا ستنفجر في وجه أميركا

ديفيز يعدّ أن الصواريخ بعيدة المدى التي تمنحها الولايات المتحدة لأوكرانيا لن تغير في الأمر شيئاً، فهذه الصواريخ لا تستطيع وحدها تغيير ديناميكية المعركة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

إطلاق صافرات الإنذار في أنحاء أوكرانيا تحسباً لوقوع هجمات جوية وصاروخية

دوت صافرات الإنذار من إمكانية وقوع هجمات جوية وصاروخية في جميع أنحاء أوكرانيا في الساعات الأولى من صباح الخميس.

«الشرق الأوسط» (كييف)

كييف تتهم موسكو باستهدافها بصواريخ «عابرة للقارات للمرة الأولى»

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)
TT

كييف تتهم موسكو باستهدافها بصواريخ «عابرة للقارات للمرة الأولى»

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

قال مسؤول أميركي إن روسيا أطلقت صاروخاً باليستياً متوسط المدى، وليس صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، خلال هجوم على مدينة دنيبرو الأوكرانية، الخميس، وهو ما يختلف عن رواية كييف الرسمية.

وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه، أن التقييم استند إلى تحليل مبدئي.

أشخاص يحتمون داخل محطة مترو خلال هجوم عسكري روسي على أوكرانيا (أ.ف.ب)

ودوت صافرات الإنذار خشية وقوع هجمات جوية وصاروخية في جميع أنحاء أوكرانيا، في الساعات الأولى من صباح الخميس. وذكرت «وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية» أنه تم إطلاق صاروخ فرط صوتي روسي، من طراز «كينجال»، استهدف منطقة دنيبروبيتروفسك. وقالت الوكالة الأوكرانية إنه تم إطلاق الصاروخ من طائرة مقاتلة من طراز «ميغ-31».

وأصدرت الدفاعات الجوية الأوكرانية، بعد فترة وجيزة، إنذاراً عبر تطبيق «تلغرام» بشأن احتمال إطلاق عدة صواريخ كروز من طراز «كيه إتش101»، وقالت إن هذه الصواريخ، المجهزة بتقنية التخفي، تم إطلاقها، على الأرجح، من قاذفات استراتيجية من طراز «تو-95» قرب مدينة إنجلز في منطقة ساراتوف بجنوب روسيا.

وكانت أوكرانيا قد اتّهمت، الخميس، روسيا بإطلاق صاروخ عابر للقارات على أراضيها، رغم عدم وجود رأس نووية، مما يعد تصعيداً غير مسبوق للنزاع والتوترات بين روسيا والغرب.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن التقييم جارٍ، لكن الصاروخ تتوفر فيه كل «خصائص» الصاروخ الباليستي العابر للقارات. عادّاً أن روسيا «جارة مجنونة» تستخدم أوكرانيا «ساحة تجارب» عسكرية.

وأضاف زيلينسكي في مقطع مصور عبر «تلغرام»: «كل خصائص الصاروخ الباليستي العابر للقارات متوافرة فيه من سرعة وارتفاع، ونجري راهناً تحليلاً»، موضحاً أن هذا الهجوم غير المسبوق «يظهر أن (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) خائف».

وقال المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن موسكو «تسعى إلى ترهيب أوكرانيا والدول التي تدعمها عبر استخدام هذا السلاح، أو إلى لفت الانتباه، لكن ذلك لا يبدل المعطيات في هذا النزاع».

ويتعلق هذا السلاح بترسانة الردع النووي. ولم تنفِ استخدامه روسيا التي تطلق منذ أيام خطاباً عدائياً على نحو متزايد، ملوحة بالأسلحة النووية؛ بسبب استخدام أوكرانيا للصواريخ الأميركية لاستهداف الأراضي الروسية.

في وقت سابق من الأسبوع، استخدمت أوكرانيا صواريخ «ATACMS» الأميركية التي يبلغ مداها 300 كيلومتر، لأول مرة ضد منشأة عسكرية في منطقة بريانسك الروسية، بعد حصولها على تفويض من واشنطن. وزودت دول غربية عدة، أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى لكنها لم تسمح باستخدامها على الأراضي الروسية؛ خوفاً من رد فعل موسكو التي عزّزت تحذيراتها النووية في الأيام الأخيرة.

انفجار صاروخ في السماء خلال هجوم روسي على كييف (رويترز)

في عقيدتها الجديدة حول استخدام الأسلحة النووية التي أصبحت رسمية، الثلاثاء، يمكن لروسيا الآن استخدامها في حال وقوع هجوم «ضخم» من قِبَل دولة غير نووية ولكن مدعومة بقوة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة.

ورغم أن مدى الصاروخ الباليستي العابر للقارات يبدو مُبالغاً فيه لاستخدامه ضد أوكرانيا، فإنه تم تصميم مثل هذه الصواريخ لحمل رؤوس حربية نووية، وسيبعث استخدام صاروخ منها برسالة مروعة حول قدرات روسيا النووية، وإشارة قوية لاحتمال التصعيد.

وهذه الصواريخ التي لم يسبق استخدامها قط، وتختبرها روسيا بشكل منتظم على أراضيها، مصممة لحمل رؤوس حربية تقليدية ونووية على حد سواء، ويمكنها ضرب أهداف تبعد آلاف الكيلومترات.

وأكد مصدر في الجيش الأوكراني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها موسكو هذا السلاح منذ عام 2022، مضيفاً أنه «من الواضح» أن الصاروخ لم يكن يحمل شحنة نووية.

وفي رده على طلب التعليق على اتهام أوكرانيا، قال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، خلال إيجاز صحافي، الخميس، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»: «ليس لديّ ما أقوله حول ذلك»، كما تلقت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، خلال مؤتمر صحافي بث مباشرة على التلفزيون، أمراً بعدم التعليق على هذه القضية.

ويأتي هذا التطور في الوقت الذي اتخذت فيه الحرب بُعداً دولياً بشكل أكبر مع وصول قوات من كوريا الشمالية لدعم روسيا في ساحة المعركة، وهو تطور قال مسؤولون أميركيون إنه دفع الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى تغيير سياسته والسماح لأوكرانيا بإطلاق صواريخ أميركية بعيدة المدى على روسيا.

ورداً على ذلك، هدد الكرملين بتصعيد الأوضاع بشكل أكبر، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الخميس، أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت صاروخين بريطانيَي الصنع من طراز «ستورم شادو»، و6 صواريخ «هيمارس»، و67 طائرة «درون»، وجاء هذا الإعلان ضمن الموجز اليومي للوزارة بشأن «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا. ولم يرد في الإعلان متى أو أين وقعت عملية الإسقاط، أو ما الذي كانت تستهدفه الصواريخ.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين (رويترز)

وقالت القوات الجوية الأوكرانية في بيان، إن الهجوم الصاروخي الروسي استهدف مؤسسات وبنية تحتية حيوية في مدينة دنيبرو. ولم يحدد البيان الموقع الذي استهدفه الصاروخ الباليستي العابر للقارات على وجه الدقة، وما إذا كان قد تسبب في أي أضرار. لكن حاكم المنطقة قال إن الهجوم الصاروخي تسبب في أضرار لمنشأة صناعية، واندلاع حرائق في دنيبرو، وإصابة شخصين.

وقال البيان، كما نقلت عنه «رويترز»: «تحديداً، تم إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من منطقة أستراخان في روسيا الاتحادية». وتبعد أستراخان أكثر من 700 كيلومتر عن مدينة دنيبرو الأوكرانية.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (رويترز)

وأشارت قناة «ريبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام» إلى أن هذا المصنع الذي كان يدعى في السابق «أيوجماش»، هو الذي تم استهدافه «على الأرجح» بالصاروخ العابر للقارات من طراز (RS-26 Rubezh)، وعدّت القناة أن الاستهداف «رسالة» إلى أوكرانيا.

وقال فابيان هوفمان، الخبير من جامعة أوسلو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مثل هذه الضربة تمثل قيمة «سياسية» أكثر منها عسكرية بالنسبة لموسكو.

يمثل هذا الاستخدام، إذا تأكد، تصعيداً جديداً، في حين قالت روسيا إنها تجهز رداً «مناسباً» على استخدام أوكرانيا للصواريخ الغربية على الأراضي الروسية، وهو ما وصفته موسكو بالخط الأحمر. وعدّ المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، أن إطلاق هذا الصاروخ «يشكل تصعيداً جديداً» من قِبَل روسيا.

لكن الكرملين أكد، الخميس، أن روسيا ستبذل «أقصى الجهود» لتجنب صراع نووي، معرباً عن أمله في أن تتخذ «دول أخرى هذا الموقف المسؤول».

وبينما يواصل الجيش الروسي التقدم نحو شرق أوكرانيا، أعلنت وزارة الدفاع، الخميس، سيطرتها على بلدة صغيرة قرب كوراخوفي في شرق أوكرانيا.

وباتت القوات الروسية الآن قريبة من تطويق هذه المدينة الصناعية التي هجرها قسم كبير من سكانها بسبب الخطر، ويقترب الجنود الروس أيضاً من بوكروفسك، وهي مدينة استراتيجية أخرى في منطقة دونيتسك بالنسبة إلى لوجيستيات الجيش الأوكراني. وهذا التقدم مقلق لكييف التي تخشى أن تدفع إلى طاولة المفاوضات في موقف ضعف.

من جانب آخر أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، حزمة من العقوبات تستهدف نحو 50 مؤسسة مصرفية روسية؛ بهدف الحد من «وصولها إلى النظام المالي الدولي»، وتقليص تمويل المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا. وتطال هذه العقوبات التي تستهدف خصوصاً الذراع المالية لشركة الغاز العملاقة «غازبروم»، نحو 40 مكتب تسجيل مالي و15 مديراً لمؤسسات مالية روسية.