ترمب يختار صقوراً لرسم السياسات الخارجية... والعلاقة مع الصين

روبيو للخارجية ووالتز للأمن القومي وستيفانيك للأمم المتحدة

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)
TT

ترمب يختار صقوراً لرسم السياسات الخارجية... والعلاقة مع الصين

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)

يتجه الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى ترشيح السيناتور ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية، والنائب مايك والتز مستشاراً للأمن القومي في البيت الأبيض، غداة تسميته النائبة ليز ستيفانيك، وجميعهم من صقور الجمهوريين المؤيدين لشعاري «أميركا أولاً»، و«فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، ما يوحي بأنه سيعتمد سياسات دولية أكثر تشدداً، رغم أنه خاض الانتخابات تحت شعار استعادة السلام في عالم تمزقه الحروب.

ومنذ انتخابه بغالبية كبيرة، الأسبوع الماضي، تحرك ترمب بسرعة لاختيار أشخاص من الجناح اليميني في الحزب الجمهوري ممن ستكون لهم الكلمة العليا في الجناح الغربي للبيت الأبيض، ولا سيما في رسم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة.

السيناتور ماركو روبيو متحدثاً خلال تجمع انتخابي للرئيس دونالد ترمب في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)

وإذا مضى ترمب في تعيين روبيو، سيكون على دول العالم أن تتعامل مع ابن مهاجرين كوبيين بنى سجله السياسي على دعم الإطاحة بالحكومات المستبدة في أميركا اللاتينية وعبر العالم، علماً بأنه اتخذ مواقف أقل تشدداً خلال السنوات الأخيرة في شأن الاقتصاد والهجرة والسياسة الخارجية. أما والتز فهو ضابط متقاعد في القوات الخاصة عمل في السابق تحت إمرة نائب الرئيس سابقاً ديك تشيني، وكان أيضاً في أفغانستان، ويعد أحد أشد منتقدي الصين في الكونغرس.

وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن ترمب يمكنه أن يغيّر رأيه في بعض هذه الخيارات ما دام لم يعلنها رسمياً. وشاع اسم روبيو الذي يتولى منصب نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، بوصفه مرشحاً قوياً لمنصب نائب الرئيس قبل أن يختار ترمب السيناتور جيمس ديفيد فانس. واشتغل والتز عضواً في عدد من لجان الأمن القومي الرئيسية في مجلس النواب.

«أميركا أولاً»

وإذا صار بالفعل وزيراً للخارجية، فإن السؤال الرئيسي هو ما إذا كان سيتخلى عن التدخلات الأميركية في أجزاء من العالم لإعطاء الأولوية للصين أم لا. ومن شأن هذا النهج أن يتماشى مع شعار ترمب «أميركا أولاً»، ولكنه يتعارض مع بعض مواقف روبيو السابقة.

وانتُخب روبيو سيناتوراً في مجلس الشيوخ عام 2010، وعُدّ صقراً في السياسة الخارجية نظراً إلى مواقفه المتشددة حيال الصين وإيران وفنزويلا وكوبا على وجه الخصوص. واختلف في البداية مع الجمهوريين الذين شككوا في التدخلات الخارجية، لكنه ردد أيضاً صدى ترمب أخيراً حيال قضايا مثل حرب روسيا ضد أوكرانيا، قائلاً إنها وصلت إلى طريق مسدود، و«يجب أن تنتهي».

وعلى رغم مواقفه المتشددة حول روسيا في الماضي، يرجح أن يوافق روبيو على خطط ترمب المتوقعة للضغط على كييف لإيجاد طريقة للتوصل إلى تسوية مع موسكو والبقاء خارج حلف شمال الأطلسي «الناتو»، علماً بأنه لم يتضح بعد ما إذا كان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين أو الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مستعدين للدخول في محادثات بناء على طلب ترمب أم لا.

الصين... الصين

وكذلك كان روبيو من بين أكثر أعضاء مجلس الشيوخ صراحة في الدعوات إلى مواقف أكثر عدوانية من الولايات المتحدة حيال الصين. ولكنه تبنى مواقف لاحقة أكثر شعبية في كلا الحزبين. فعلى سبيل المثال، في أثناء خدمته في الكونغرس خلال إدارة ترمب الأولى بين عامي 2016 و2020، بدأ في الدعوة إلى سياسة صناعية أكثر تنافسية مع الاقتصاد الصيني الموجه من الدولة. وشغل أيضاً منصب الرئيس المشارك للجنة التنفيذية للكونغرس في شأن الصين، والتي تهدف إلى صياغة سياسة عدوانية تجاه بكين. وعام 2020، رعى روبيو مشروع قانون حاول منع استيراد السلع الصينية المصنوعة باستخدام العمالة القسرية من الأقلية الأويغورية في الصين. ووقعه الرئيس بايدن ليصير قانوناً في العام التالي.

وعام 2019، ساعد روبيو في إقناع ترمب بتبني سياسة عقوبات قاسية ضد فنزويلا؛ لمحاولة إزاحة رئيسها نيكولاس مادورو. وقال إن مادورو «اختار معركة لا يمكنه الفوز بها. إنها مجرد مسألة وقت. الشيء الوحيد الذي لا نعرفه هو المدة التي ستستغرقها، وما إذا كانت ستكون سلمية أم دموية». وفي الآونة الأخيرة، عبر روبيو عن دعم أميركي خالص لإسرائيل في حرب غزة. وعندما سأله ناشط سلام في أواخر العام الماضي عن رأيه في مقتل العديد من المدنيين الفلسطينيين، قال: «أعتقد أن (حماس) هي المسؤولة بنسبة 100 في المائة».

الرئيس المنتخب دونالد ترمب والنائبة أليز ستيفانيك يتصافحان في كونكورد بنيو هامبشاير (رويترز)

ورغم فترة من التوتر بينهما على خلفية الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 2016، اعتمد روبيو سياسة لإصلاح الأمور مع ترمب، فعمل مستشاراً غير رسمي للسياسة الخارجية، وساعد في إعداده لمناظرته الأولى ضد بايدن في عام 2020.

وفي حال تعيينه، يمكن لحاكم فلوريدا رون دي سانتيس تعيين بديل مؤقت لمقعد روبيو في مجلس الشيوخ إلى حين إجراء الانتخابات العامة.

وعلى غرار روبيو، يعد والتز من الصقور الذين انتقدوا بشدة السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن. ووصف الصين بأنها واحدة من أكبر الفائزين في الخارج خلال السنوات الأربع الماضية. وكذلك انتقد البيت الأبيض بسبب طريقة تعامله مع الخروج من أفغانستان. وتساءل عن طبيعة الدعم المفتوح من الولايات المتحدة لأوكرانيا، لافتاً إلى أنه «مثير للشفقة»؛ لأن أقل من نصف الحلفاء في «الناتو» يلبي أهداف الإنفاق الدفاعي التي حددها التحالف العسكري.

النائب مايكل والتز يتحدث خلال المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي بويسكونسن (أ.ف.ب)

وكذلك تعد ستيفانيك من الدعاة اليمينيين الكبار لحركة «أميركا أولاً» التي يقودها ترمب، والتي فتحت الباب أمامه للعودة إلى البيت الأبيض. وتعد الانتقادات للصين جامعاً مشتركاً بين هذه التعيينات المرتقبة.

الحدود والمهاجرون والطاقة

وعلاوة على هذا الثلاثي، سيكون أغنى رجل في العالم إيلون ماسك ضمن الدائرة المقربة لترمب، الذي يتوقع أن يعين ستيفن ميلر، الذي شوهد آخر مرة في العلن وهو يعلن أن «أميركا للأميركيين وللأميركيين فقط»، في تجمع ترمب الكبير في ماديسون سكوير غاردن، نائباً لكبيرة موظفي البيت الأبيض (سوزي وايلز) للسياسة، وهو المنصب الذي يرجح أن يصمم عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة.

وكذلك يتمتع توم هومان، المرشح لمنصب «قيصر الحدود»، بشخصية قاسية تناسب الرئيس المنتخب الذي يحب الرجل القوي.

صورة مركبة تجمع بين ستيفن ميلر وتوم هومان (أ.ب)

كما اختار ترمب النائب السابق عن نيويورك لي زيلدين لرئاسة وكالة حماية البيئة، رغم الانتقادات ضده من الجماعات المؤيدة لتحسين البيئة في أثناء وجوده في مجلس النواب. واستخدم الرئيسان الديمقراطيان الأخيران سلطات وكالة حماية البيئة التنظيمية لمحاولة مكافحة تغير المناخ. لكن زيلدين تعهد بتنفيذ سياسة الطاقة «احفر، يا صغيري، احفر» التي تبناها ترمب لاستخراج المزيد من مصادر الطاقة من باطن الأرض.


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الاقتصاد الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد على الملياردير إيلون ماسك بحسب تقديرات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ سكوت بيسنت مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» يتحدث في مناسبة انتخابية للرئيس ترمب (رويترز)

ترمب يكشف عن مرشحيه لتولي وزارات الخزانة والعمل والإسكان

رشّح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب»، لتولي منصب وزير الخزانة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب لتشكيل إدارته؛ حيث زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون سمحت بالاعتداء الجنسي على الأطفال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقربة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لمنصب وزيرة العدل.

إيلي يوسف (واشنطن)

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»
TT

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، وفق ما أعلنت الناطقة باسم «الناتو» اليوم (السبت).

وقالت فرح دخل الله في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وكان رئيس الوزراء الهولندي السابق أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوز الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية.

وقال في 7 نوفمبر على هامش قمة للزعماء الأوروبيين في بودابست «أنا أتطلع إلى الجلوس مع الرئيس ترمب للبحث في كيفية ضمان مواجهة هذا التهديد بشكل جماعي».

ومذاك يحذّر روته بصورة متواصلة من التقارب بين الصين وكوريا الشمالية وإيران، وهي ثلاث دول متهمة بمساعدة روسيا في حربها على أوكرانيا.

واختار ترمب يوم الأربعاء مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيرا لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي.

وأوضح الرئيس المنتخب في بيان إن ويتاكر «محارب قوي ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار».

ويعد اختيار ويتاكر ممثلا للبلاد لدى الحلف العسكري اختيارا غير اعتيادي، نظرا لخلفيته كمحام وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

كشفت أربعة مصادر مطلعة على خطط انتقال السلطة أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال ولايته السابقة مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا.

ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل منصب سفير ترمب لدى ألمانيا وكان أيضاً قائماً بأعمال مدير المخابرات الوطنية خلال فترة ترمب من 2017 إلى 2021، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً للمصادر الأربعة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها.

ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية (أ.ب)

وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك. وإذا فعل ذلك، فقد يختار في النهاية شخصاً آخر لهذا الدور، ولا يوجد ما يضمن أن يقبل غرينيل هذا المنصب. وكان ترمب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الصراع سريعاً، رغم أنه لم يوضح كيف سيفعل ذلك.

وقد تؤدي بعض مواقف غرينيل إلى إثارة حفيظة زعماء أوكرانيا. فخلال مائدة مستديرة عقدتها وكالة «بلومبرغ» في يوليو (تموز)، دعا إلى إنشاء «مناطق ذاتية الحكم» كوسيلة لتسوية الصراع، الذي بدأ بعد غزو روسيا للأراضي الأوكرانية ذات السيادة. كما أشار إلى أنه لن يؤيد انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي في المستقبل القريب، وهو الموقف الذي يتقاسمه مع العديد من حلفاء ترمب.

ويشير أنصار غرينيل إلى أنه يتمتع بمسيرة دبلوماسية طويلة ولديه معرفة عميقة بالشؤون الأوروبية. فبالإضافة إلى عمله سفيراً لدى ألمانيا، كان غرينيل أيضاً مبعوثاً رئاسياً خاصاً لمفاوضات السلام في صربيا وكوسوفو.

ورفضت كارولين ليفات، المتحدثة باسم فريق ترمب الانتقالي، التعليق، وقالت إن القرارات المتعلقة بموظفي إدارة الرئيس المنتخب «سوف يستمر في الإعلان عنها بنفسه عندما يتخذها».