في أقصى شمال لبنان... صدمة في بلدة بعد استهداف مبنى بغارة إسرائيلية

جانب من الدمار جراء غارة جوية إسرائيلية على بلدة عين يعقوب في شمال لبنان (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء غارة جوية إسرائيلية على بلدة عين يعقوب في شمال لبنان (أ.ف.ب)
TT

في أقصى شمال لبنان... صدمة في بلدة بعد استهداف مبنى بغارة إسرائيلية

جانب من الدمار جراء غارة جوية إسرائيلية على بلدة عين يعقوب في شمال لبنان (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء غارة جوية إسرائيلية على بلدة عين يعقوب في شمال لبنان (أ.ف.ب)

في بلدة عين يعقوب الواقعة في أقصى شمال لبنان، تهيمن الصدمة والغضب على السكان، الثلاثاء، بينما يواصل مسعفون البحث بأيديهم بين أنقاض مبنى كانت تقطنه عائلات نازحة، استهدفته غارة إسرائيلية، مساء الاثنين.

لم يبقَ شيء من المبنى الصغير الواقع في البلدة التي كان يعتقد قاطنوها أنّها في مأمن من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله».

واستهدفت الغارة التي تعدّ الأبعد عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ بدء الحرب المفتوحة بين الدولة العبرية و«حزب الله»، مبنى يقيم فيه نحو 30 شخصاً.

وأعلنت وزارة الصحة حصيلة أولية بلغت 8 قتلى، لكن يُرجَّح أن ترتفع، وفق مسعفين.

صباح اليوم، تركّزت أعمال البحث عن الأشلاء بعدما عمد المسعفون ليلاً إلى إزالة الركام وانتشال الضحايا، على أضواء السيارات والهواتف المحمولة في ظل انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة.

عناصر من «الصليب الأحمر» اللبناني يبحثون عن بقايا جثث في موقع غارة جوية إسرائيلية على بلدة عين يعقوب في شمال لبنان (رويترز)

يقول مصطفى حمزة أحد سكان البلدة إنّها «مجزرة لا يمكن وصفها». ويضيف أنّ «المبنى انهار بالكامل»، مشيراً إلى وجود «عدد كبير من الشهداء وأشلاء متناثرة على الطريق وعدد كبير من الجرحى».

ويوضح حمزة أنّ «كل أهالي المنطقة يحاولون المساعدة في انتشال الضحايا»، مضيفاً: «استهدفوا المبنى من دون أي إنذار... إنّها مجزرة لا يمكن وصفها».

لبنانيون وسوريون

يؤكد هاشم هاشم، مالك المبنى المستهدف: «الأشخاص الذين يقطنون في المبنى هم خالي وزوجته وأقرباؤها وأطفالهم».

ويوضح أنّ العائلة جاءت من جنوب لبنان «قبل 4 يوماً» للفرار من عمليات القصف الإسرائيلية، مضيفاً: «في الطابق الأول كانت هناك عائلة قدمت من سوريا منذ نحو 10 سنوات».

نازحون ينعون أقاربهم الذين قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على بلدة عين يعقوب في شمال لبنان (رويترز)

تقع بلدة عين يعقوب الحرجية والجبلية النائية وسكانها من المسلمين السُّنّة والمسيحيين، في منطقة عكار المحرومة على مسافة نحو 150 كيلومتراً من الحدود الإسرائيلية، وهي قريبة من سوريا.

وهذه من المرات القليلة التي تُستهدف فيها قرى في عكار، لا سيما أنّ الغارات التي طالت المنطقة في السابق تركّزت على معابر حدودية تربط لبنان بسوريا.

وبعد عام من فتح «حزب الله» جبهة عبر الحدود إسناداً لحليفته حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة، كثفت الدولة العبرية في 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها على معاقل الحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية «محدودة».

وقضى أكثر من 3240 شخصاً في لبنان غالبيتهم من المدنيين، وفق وزارة الصحة اللبنانية منذ بدء تبادل القصف بين الجانبين عبر الحدود.

وتشنّ إسرائيل بين الحين والآخر غارات عنيفة على بلدات وقرى تقع خارج معاقل الحزب تستهدف سيارات أو أفراداً أو شققاً سكنية. وتحدثت تقارير مرات عدة عن ارتباط الأهداف بـ«حزب الله».

ويثير ذلك حساسيات وارتياباً وتوترات في المناطق التي يريد سكانها أن يبقوا في منأى من الحرب.

وأفاد مصدر أمني الوكالة بأن الشخص المستهدَف هو «عضو في (حزب الله)».

ورداً على سؤال للوكالة، قال الجيش الإسرائيلي إن غارة عين يعقوب استهدفت «إرهابياً في (حزب الله)»، مضيفاً أنّ الصاروخ المستخدَم فيها إنما كان الهدف منه تجنُّب إلحاق الضرر بمدنيين.

والأحد، شنّ الجيش الإسرائيلي غارة على بلدة علمات التي تقطنها غالبية شيعية في قضاء جبيل ذي الغالبية المسيحية، وتقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً من العاصمة بيروت. وأسفرت الغارة عن مقتل 23 شخصاً على الأقل، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية.

وفي الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، استهدفت غارة إسرائيلية مبنى في بلدة برجا الساحلية الواقعة على مسافة أكثر من 20 كيلومتراً إلى الجنوب من بيروت. وأسفرت عن مقتل 20 شخصاً على الأقل، وفق وزارة الصحة.

وقُتل 21 شخصاً على الأقل في 14 أكتوبر (تشرين الأول)، جراء غارة استهدفت بلدة أيطو المسيحية في قضاء زغرتا بشمال لبنان.


مقالات ذات صلة

اللبناني ألان برجي: مجتمعنا الاستهلاكي قضى على الموسيقى الأصيلة

يوميات الشرق هدفه الخروج من الصندوق التقليدي للعزف (صور ألان برجي)

اللبناني ألان برجي: مجتمعنا الاستهلاكي قضى على الموسيقى الأصيلة

يفاجئك ألان برجي بأسلوب تفكيره وكيفية استخدامه الموسيقى آلةً للعبور نحو الزمن. يُلقَّب بـ«أوركسترا في رجل».

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الخيام الجنوبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (رويترز)

«حزب الله» يطالب باستراتيجية دفاعية تبرّر احتفاظه بسلاحه

دعا «حزب الله» بعد الحرب الأخيرة ونتائجها التدميرية إلى وضع «الاستراتيجية الدفاعية»، محاولاً بذلك إيجاد الوسيلة التي تبقي سلاحه جزءاً من تلك المعادلة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي آليات عسكرية تابعة لقوات «يونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

الـ«يونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل المناطق السكنية بجنوب لبنان

أكدت قيادة «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)»، اليوم الخميس، أن «أي أفعال تهدد الوقف الهش للأعمال العدائية، يجب أن تتوقف».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنديان إسرائيليان خلال عمليات تمشيط جنوبي لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

عمليات نسف إسرائيلية لمنازل في يارون وكفركلا بجنوب لبنان

أقدمت القوات الإسرائيلية على نسف عدد من المنازل، مساء الأربعاء، في بلدتَي يارون وكفركلا في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجتمعاً مع لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار يوم الثلاثاء بالسراي الحكومي (أ.ب)

لبنان يتمسك بتحييد شمال الليطاني عن جنوبه والكلمة لهوكستين

الجديد في مواصلة إسرائيل خرقها لوقف النار منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يكمن في قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بشن غارة على بلدة…

محمد شقير (بيروت)

اعتراف روسي غير مباشر بالتغيير في سوريا

TT

اعتراف روسي غير مباشر بالتغيير في سوريا

اجتماع لوزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران بـ«صيغة آستانة» في نيويورك في سبتمبر الماضي (الخارجية التركية)
اجتماع لوزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران بـ«صيغة آستانة» في نيويورك في سبتمبر الماضي (الخارجية التركية)

وجَّه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رسائل عدة حول مواقف بلاده تجاه التغييرات في سوريا. وحملت لهجته اعترافاً غير مباشر بـ«السلطات الجديدة»، التي قال إنها يمكن أن تقرر أشكال الاستفادة من علاقات روسيا مع تركيا وإيران، في إطار مجموعة آستانة.

وأكد الانفتاح على تعاون واسع مع دمشق في مجالات عدة. كما اتهم أطرافاً، لم يسمّها، بالسعي إلى تقسيم سوريا، مشدداً على موقف موسكو الرافض لهذه المخططات.

وبدا من حديث لافروف مع ممثلي وسائل إعلام روسية وأجنبية، الخميس، أن موسكو بدأت تبلور الملامح الأولى لسياستها تجاه القيادة الجديدة في سوريا.

ولم يتطرق الوزير إلى وجود الرئيس المخلوع بشار الأسد في موسكو، وتجنب الخوض في تفاصيل المواقف الروسية السابقة، لكنه أبدى انفتاحاً واسعاً للحوار مع السلطات السورية الجديدة، وقال إن بلاده تخوض عبر سفارتها في دمشق حوارات تتعلق بالدرجة الأولى بضمان أمن مواطنيها، ومستعدة لحوار يشمل الآفاق المستقبلية للعلاقة، خصوصاً على الصعد الاستثمارية والاقتصادية. وهذه أول إشارة من مسؤول روسي للرؤية المستقبلية للعلاقة مع سوريا بعد إطاحة الأسد.

كايا كالاس تقرع جرس بدء الاجتماع الوزاري الخاص بسوريا 16 ديسمبر (أ.ب)

وبدا لافروف مرتاحاً للإشارات التي صدرت من القيادة السورية الجديدة حول العلاقات مع روسيا. وقال إنه «بالنظر إلى ما قاله رئيس الحكومة السورية الجديدة، أحمد الشرع، عن العلاقات بين روسيا وسوريا ووصفها بأنها طويلة الأمد واستراتيجية، فإن السلطات السورية الجديدة سيكون بمقدورها أن تقرر الشكل المحدد، لآليات المساعدة في العمليات التي بدأت الآن في سوريا».

وزاد أن الشرع «يتعرض لضغط كبير من الغرب لوقف تعامله مع روسيا». وأوضح أنه «يتعرض لضغوط كبيرة من جانب الغرب الذي يريد أن يختطف أكبر قدر ممكن من التأثير والمساحة. ويضغط عليه كي يبتعد عن روسيا، حتى أن المفوضة السامية لشؤون السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قالت إن عدداً من الوزراء اقترحوا (طرد) الروس، واشترط وزير الخارجية الإستوني، مارغوس تساخكنا، خروج القواعد العسكرية حتى تحصل سوريا على المساعدات»، وهو ما أسماه لافروف «وقاحة لا مثيل لها».

وتابع لافروف: «إن القوى الغربية لا يهمها وحدة سوريا بقدر اهتمامها بالحصول على أكبر حصة ممكنة من التأثير والأراضي والموارد».

طائرة عسكرية روسية تهبط في قاعدة حميميم الجوية في سوريا 12 سبتمبر 2017 (أ.ب)

وفي معرض رده على سؤال حول مستقبل «صيغة آستانة» قال الوزير الروسي إن المجموعة «عقدت أكثر من 20 اجتماعاً، آخرها كان قبيل الأحداث الأخيرة مباشرة في 7 ديسمبر (كانون الأول)».

وأشار لافروف إلى أن أطراف آستانة (روسيا وتركيا وإيران) «يتواصلون ويتبادلون وجهات النظر». وأعرب عن قناعة في أن «صيغة آستانة، إلى جانب الدول العربية، ودول الخليج، يمكن أن تكون فاعلاً مفيداً في بسط الاستقرار».

وأكد الوزير الروسي أن «العلاقات بين روسيا وسوريا راسخة، وتمتد منذ أيام الاتحاد السوفياتي، الذي ساعد السوريين في التخلص من الاستعمار الفرنسي، ودعم المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية في البلاد». وقال: «قامت روسيا وقبلها الاتحاد السوفياتي بإعداد عشرات الآلاف من الكوادر السورية في جامعاتها، في حين يدرس الآن نحو 5 آلاف سوري في الجامعات السورية».

المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا ونائب المندوب الروسي دميتري بوليانسكي يتحدثان مع رئيس هيئة التفاوض السورية بدر الجاموس قبيل اجتماع مجلس الأمن حول سوريا 17 ديسمبر (أ.ف.ب)

وشدد الوزير على أن «اهتمام الشعب السوري اليوم منصبّ على إقامة علاقات متوازنة مع الجميع، وفي هذا الإطار يمكن لصيغة آستانة أن تلعب دوراً مفيداً». وزاد: «لقد أتيحت لنا الفرصة لمناقشة الوضع مع زملائي من تركيا وإيران، بمشاركة الممثل الخاص وقال الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسن، وما زلنا نتبادل التقييمات والآراء، وموقف تركيا وإيران وروسيا هو أن صيغة آستانة قد تلعب دوراً مفيداً في هذه المرحلة، خصوصاً أن عدداً من الدول العربية شاركت بشكل تقليدي في عمل المجموعة مراقبين».

وكان لافتاً أن لافروف أضاف عبارة: «يمكن للسلطات السورية الجديدة أن تقرر كيف سيكون بمقدور مجموعة آستانة لعب دور إيجابي في العمليات الجارية».

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

في السياق، قال لافروف، إن روسيا تأمل ألا تكرر سوريا، بعد تغير السلطة في البلاد، مصير ليبيا. وأضاف: «لدينا اتصالات حول هذا الموضوع مع المملكة العربية السعودية، والعراق، والأردن، ومصر، وقطر، والإمارات، والبحرين ولبنان. وجميعهم مهتمون بضمان عدم تكرار سوريا للمسار الذي سلكته الدولة الليبية». وزاد الوزير: «دمر (الناتو) ببساطة هذه الدولة، التي لا يزال يتعين تجميعها معاً، وحتى الآن لم يكن هذا ناجحاً للغاية».

وشدد لافروف على معارضة بلاده مخططات تقسيم سوريا. وقال إن واشنطن أنشأت كيانات انفصالية. وقال إن بلاده «لن تسمح بانهيار سوريا على الرغم من أن البعض يرغب فعلاً في ذلك». وقال إن بلاده «تتفهم مخاوف تركيا المشروعة بخصوص الوضع الأمني على الحدود». كما انتقد التحركات الإسرائيلية في سوريا وشدد على عدم قبول «أن تسعى إسرائيل إلى ضمان أمنها على حساب أمن الآخرين».

وحول الوضع الداخلي السوري، رأى لافروف أنه يتعين على جميع الجماعات السياسية والعرقية والطائفية المشاركة في الانتخابات في سوريا، مضيفاً أن بلاده مستعدة للتقديم عون لدفع العملية السياسية.

ووفقاً له «تؤكد جميع الدول الرائدة على ضرورة القيام بذلك بطريقة تجعل العملية شاملة، بحيث تتمكن جميع المجموعات السياسية والعرقية والطائفية للشعب السوري من المشاركة فيها، في الحملة الانتخابية وفي الانتخابات نفسها (..) هذه ليست عملية سهلة، أكرر مرة أخرى، لكننا مستعدون للمساعدة، بما في ذلك في إطار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفي إطار صيغة آستانة».

وأشار إلى أن روسيا الاتحادية، إلى جانب تركيا وإيران، وبمشاركة عدد من الدول العربية، مستعدة للعب دور داعم في تعزيز العمليات كافة في سوريا وتنظيم الانتخابات بطريقة تحظى باعتراف الجميع وقبولها بشكل يجعلها «لا تثير أي أسئلة».

طفل سوري يقف تحت صورة عملاقة للرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد مطلية بالعَلم الجديد في دمشق الخميس (أ.ب)

وفي إطار الرؤية المستقبلية للعلاقات، قال لافروف، إن روسيا تعول على استئناف التعاون الاقتصادي مع السلطات السورية الجديدة. وزاد: «آمل أنه فيما يتعلق بقضايا التعاون الاقتصادي والاستثماري، حيث حققنا إنجازات معينة في السنوات الماضية، سنتمكن من استئناف العمل مع القادة الجدد عندما يتم إنشاء هياكل السلطة الجديدة».