إسرائيل تختبر دفاعات «حزب الله» في كبرى المدن الحدودية بجنوب لبنان

وسط «حرب استنزاف» وتراشق صاروخي ضم «فاتح 110» الباليستي

لبنانيون ومسعفون يشيعون 16 ضحية قتلوا في غارة إسرائيلية استهدفت برجاً بجبل لبنان الثلاثاء (أ.ب)
لبنانيون ومسعفون يشيعون 16 ضحية قتلوا في غارة إسرائيلية استهدفت برجاً بجبل لبنان الثلاثاء (أ.ب)
TT

إسرائيل تختبر دفاعات «حزب الله» في كبرى المدن الحدودية بجنوب لبنان

لبنانيون ومسعفون يشيعون 16 ضحية قتلوا في غارة إسرائيلية استهدفت برجاً بجبل لبنان الثلاثاء (أ.ب)
لبنانيون ومسعفون يشيعون 16 ضحية قتلوا في غارة إسرائيلية استهدفت برجاً بجبل لبنان الثلاثاء (أ.ب)

اختبرت القوات الإسرائيلية، على مدار اليومين الماضيين، دفاعات «حزب الله» في محيط مدينة بنت جبيل الاستراتيجية؛ كبرى المدن الحدودية في جنوب لبنان، وكثفت غاراتها الجوية التي استهدفت أحياء منها، في محاولة لنقل المعركة إلى المدينة بعد فشل توغلها في مدينة الخيام خلال الأسبوع الماضي، وذلك في ظل مراوحة في العملية البرية، حوّلت المعركة «حرب استنزاف» وتراشقاً صاروخياً، بعد 4 أسابيع من انطلاقها.

وتعدّ مدينة بنت جبيل مركز ثقل عمراني في جنوب لبنان، وتكتسي رمزية كبيرة من موقعها وتاريخها، وهي مركز قضاء، وتتضمن دوائر رسمية وسوقاً مركزية، فضلاً أنها، من الناحية الجغرافية، أول مدينة لبنانية على تماس مع الجليل الأعلى، وتسكنها أغلبية من الشيعة، وهي المدينة التي دُمر 40 في المائة من مبانيها خلال «حرب تموز (يوليو)» عام 2006، وشهدت أعنف المعارك، لكن القوات الإسرائيلية لم تسيطر عليها، وفق ما تقول السلطات اللبنانية.

ودفعت هذه الأهمية في عام 2000 البرلمان اللبناني إلى عقد جلسة له فيها، احتفاء بتحرير جنوب لبنان، كما دفع «حزب الله» نحو إقامة «احتفال النصر» فيها بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، ووصف خلاله الأمين العام السابق لـ«الحزب»، حسن نصر الله، إسرائيل بأنها «أوهن من بيت العنكبوت»، وهي العبارة التي لا يزال يرد عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويطلق اللبنانيون على المدينة لقب «عاصمة الشريط الحدودي»، فيما يطلق عليها «حزب الله» لقب «عاصمة التحرير».

«مستشفى بنت جبيل الحكومي» توقف عن الخدمة منذ بدء الحرب الموسعة (الوكالة الوطنية)

وبعد تقدم الجيش الإسرائيلي بالعملية البرية في القرى المحيطة بالمدينة، اختبرت مجموعات منه الخطوط الدفاعية لـ«الحزب»، عبر محاولتَي تسلل في الأيام الماضية، وفق ما قالت مصادر في الجنوب متابعة لتطورات المعركة البرية.

مجموعات تسلل

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المجموعة الأولى من هذه المجموعات «حاولت أن تسلك طريقاً بين يارون ومارون الراس في محاولة للتقدم باتجاه بنت جبيل وأطرافها الشرقية»، بينما حاولت المجموعة الثانية أن تسلك «الطريق الممتدة على الحدود بين رميش وعين إبل، وصولاً إلى الأطراف الجنوبية لبنت جبيل». وقالت المصادر إن تلك المجموعات المتسللة «بدت مجموعات استطلاع ومناورة، لكنها لم تدخل إلى أحياء بنت جبيل».

وكان «حزب الله» أعلن الأربعاء أن مقاتليه استهدفوا تجمعاً لقوات إسرائيلية عند الأطراف الشمالية الشرقية لبلدة مارون الراس بمسيّرتين انقضاضيّتين، كما استُهدف التجمع 5 مرات بصليات صاروخية، إضافة إلى تجمع آخر عند الأطراف الجنوبية.

والثلاثاء، كان الحزب أعلن أن مقاتليه شنوا هجوماً جوّياً بِسربٍ ‏من المُسيّرات الانقضاضيّة على تجمعٍ لقوات من الجيش الإسرائيلي عند الأطراف الجنوبية الشرقية لبلدة ‏مارون الراس، واستهدفوا تجمعاً آخر عند الأطراف الجنوبية الغربية للبلدة بصليةٍ صاروخية، وسبقتهما، يوم الاثنين، عمليتان مماثلتان.

لبناني يتفقد الدمار في موقع استهداف إسرائيلي قرب «مطار بيروت»... (أ.ف.ب)

وعلى جبهة رميش الواقعة جنوب غربي بنت جبيل، أفيد باشتباكات عنيفة دارت منذ منتصف ليل الأربعاء - الخميس بين مقاتلي «الحزب» وجنود إسرائيليين عند أطراف بلدتَي رميش ويارون لناحية «ملعب يارون» مقابل مستوطنة «دوفيف»، وسجلت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة على أطراف بلدة عيتا الشعب عند محاولة الجيش الإسرائيلي التسلل إلى الأراضي اللبنانية.

وفي ظل تلك المحاولات، كثف الجيش الإسرائيلي على مدى الأيام السابقة ضرباته الجوية للمدينة التي خلت من معظم سكانها، كما تعطلت المستشفيات والإدارات الحكومية فيها منذ اليوم الأول للحرب الموسعة.

حرب استنزاف

وجاءت تلك المحاولات عقب مراوحة بالمعركة البرية، وفشل القوات الإسرائيلية في السيطرة على مدينة الخيام الأسبوع الماضي، وانسحابها من محيطها. وقالت المصادر إن المعركة «تحولت إلى حرب استنزاف، حيث لم يطرأ أي تغيرات على خريطتها منذ أسبوعين، فيما تُدخل القوات الإسرائيلية إلى القرى الحدودية مجموعات هندسية لتفخخ المنازل والأحياء، وتفجرها في اليوم التالي»، لافتة إلى أن تلك العمليات تركزت خلال اليومين الماضيين على بنت جبيل.

دخان كثيف يتصاعد في مدينة بنت جبيل بعد غارة جوية إسرائيلية (أرشيفية - إ.ب.أ)

وتشير المصادر إلى أن عودة الغارات الجوية على بلدات توقف فيها نشاط سلاح الجو خلال الأسبوعين الماضيين، «تعكس نشاطاً عسكرياً دفاعياً مستجداً، بعد تفجير عشرات المنازل والمنشآت بالمنطقة الحدودية». وأشار «حزب الله» في بيان له، يتضمن حصيلة العمليات ومجريات المعركة، إلى أن قواته خاضت في الأيام الماضية اشتباكات على محور الخيام وحولا، وصدت محاولات لإطباق الحصار على بلدة الناقورة بالقطاع الغربي، ومحاولة تسلل في منطقة الوزاني بالقطاع الشرقي، واستهدفت القواتِ المهاجمةَ بصلية صاروخيّة أجبرتها على المُغادرة.

وقال «الحزب»، الخميس، إن قواته استهدفت بصليةٍ صاروخية تحركاً لقوات إسرائيلية عند «بوابة فاطمة» على الحدود قبالة بلدة كفركلا، فضلاً عن 4 استهدافات أخرى بصليات صاروخية داخل مواقع عسكرية في حانيتا وساعر وليمان وهرمون. وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان اليوم الخميس، إن 5 جنود إسرائيليين قتلوا وأصيب 16 آخرون في معارك بجنوب لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية.

«القبة الحديدية» تحاول اعتراض صواريخ أطلقها «حزب الله»... (رويترز)

تراشق صاروخي

وفي ظل هذا الواقع، استمر تراشق «حزب الله» والجيش الإسرائيلي بالصواريخ والغارات الجوية، وأعلنت ««نجمة داود الحمراء (هيئة الإسعاف الإسرائيلية)»، الخميس، إصابة شخص بشظايا صاروخ أُطلق من لبنان على الجليل. وأفادت «الهيئة»، في بيان، بـ«إصابة رجل بجروح طفيفة بشظايا صاروخ في الجليل»، فيما تحدثت «القناة الـ13» الإسرائيلية، عن تضرر أحد المباني بقرية كفار مسريك جنوب عكا، مشيرة إلى أن صفارات الإنذار أُطلقت في سلسلة من المستوطنات من الجليل الأعلى إلى حيفا.

ولفتت إلى «نحو 40 عملية إطلاق من لبنان، اعتُرض بعضها، ورُصدت حوادث سقوط». كما تحدثت عن إصابة مركبات في تجمع الكريوت إثر الرشقة الصاروخية من لبنان.

«فاتح 110»

وكان «الحزب» أدخل لأول مرة صاروخاً باليستياً إيرانياً إلى المعركة، حيث أعلن عن إطلاق صاروخ «فاتح 110» باتجاه محيط تل أبيب، كما تحدث عن صواريخ نوعية استخدمها في المعارك، بينها صاروخ يحمل رأساً متفجراً يزن 250 كيلوغراماً.

في المقابل، استأنفت إسرائيل قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، وأدت 13 غارة إلى تدمير مبانٍ سكنية، كما دمرت مبنى يبعد 50 متراً عن مدرج «مطار رفيق الحريري» في بيروت، لكن إدارة المطار أكدت أنه يعمل بشكل طبيعي.

طائرة لـ«الناقل الجوي اللبناني» تقلع من مطار بيروت بمحاذاة موقع غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

المشرق العربي دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

نفّذت القوات الأسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني، منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، وفصل النبطية عن مرجعيون.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

تجدّدت الغارات الإسرائيلية، الجمعة، على الأحياء المسيحية المقابلة لضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء خمسة أبنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية تصاعد الدخان من مبنى انهار على أثر غارة جوية إسرائيلية على الشياح (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يشن غارات متتالية على ضاحية بيروت

شن الطيران الحربي الإسرائيلي، عصر الجمعة، سلسلة من الغارات العنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، مستهدفاً مناطق جديدة على تخوم الضاحية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

حذّر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان إيفو فرايسن، اليوم (الجمعة)، من أن الأسابيع الماضية هي «الأكثر دموية وفداحة منذ عقود» على لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا القمر المكتمل يرتفع فوق المباني المدمرة في منطقة الزوايدة في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

لدعمها إسرائيل... منظمات مؤيدة للفلسطينيين تقيم دعوى ضد حكومة هولندا

أقامت منظمات مؤيدة للفلسطينيين دعوى قضائية على الدولة الهولندية اليوم (الجمعة)، متّهمة الحكومة بالفشل في منع ما وصفته بالإبادة الجماعية في غزة.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

نفّذت القوات الإسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، ودخلت إلى أطراف البلدة، وذلك في محاولة لفصل النبطية عن مرجعيون، والتمهيد لهجوم على بلدة الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، وتحييد تلة الطيبة التي تشرف شرقاً على سهل الخيام الذي يستعد الجيش الإسرائيلي لتمديد عمليته البرية إليه، في محاولة للسيطرة على مدينة الخيام.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي نصب حاجزاً عند مفرق ديرميماس في جنوب لبنان ليفصل بين مرجعيون والنبطية. وقطع الجيش الإسرائيلي الطريق عند المدخل الغربي لبلدة ديرميماس قرب محطة وقود، بالسواتر الترابية، حيث تتمركز آليات تابعة له. وأوردت تقارير إعلامية أن القوات الإسرائيلية منعت دوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني من المرور باتجاه مرجعيون.

5 كيلومترات

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لتطورات المعركة في الجنوب، إن القوات الإسرائيلية تقدمت من بلدة كفركلا التي تسيطر عليها، باتجاه الغرب عبر حقول الزيتون، لمسافة تصل إلى 5 كيلومترات، مستفيدة من غياب مقاتلي الحزب في تلك المناطق المسيحية، مثل محيط القليعة وبرج الملوك وديرميماس. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الثغرة «مكنت القوات الإسرائيلية من الوصول إلى مشارف نهر الليطاني، للمرة الأولى منذ عام 2006 وفصلت النبطية عن مرجعيون»، علماً بأن المدفعية الإسرائيلية كانت قد قطعت ذلك الطريق مراراً على مدار الأشهر الماضية، كما نفذت مسيّرات عمليات اغتيال عليها.

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

ومهّدت إسرائيل لهذا التقدم، بتغطية نارية. وقالت مصادر أمنية لبنانية في الجنوب إن المدفعية الإسرائيلية «لم تهدأ طوال ليل الخميس - الجمعة في استهداف المرتفعات المطلة على ديرميماس، سواء في قلعة الشقيف، أو أرنون ويحمر ووادي زوطر ودير سريان»، لافتة إلى أن هذا التمهيد المدفعي «يسعى عادة إلى توفير تغطية نارية تواكب تقدم المشاة»، وأكدت المصادر أن التحركات البرية الإسرائيلية «سارت على إيقاع قصف جوي عنيف، وتحليق للمسيّرات، لتأمين القوة المتقدمة». ورجحت أن مسار العبور سلك كفركلا - تل النحاس - برج الملوك باتجاه ديرميماس، وأشارت إلى أن البلدة «شبه خالية من السكان، إذ تضم بضع عائلات فقط، كما لا يحظى (حزب الله) بوجود فيها».

وأطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة، حسبما قال في ثلاثة بيانات، أكد فيها أنه استهدف التجمعات والآليات الإسرائيلية على تخوم ديرميماس بالصواريخ. وتحدثت وسائل إعلام عن «رشقات صواريخ متتالية استهدفت تجمعات إسرائيلية في الخيام ومحيط تل النحاس وصاروخ موجه استهدف تحركات آلية في كروم الزيتون قرب محطة مرقص في أطراف ديرميماس».

دبابة وجرافة

وانتشرت صورة في وسائل الإعلام اللبنانية لدبابة إسرائيلية تتمركز وراء مرتفع مكشوف من جهة الشرق (بلدة القليعة)، لكنه محمي من جهتي الغرب والشمال. أما من الجهة الجنوبية، فتشرف عليه بلدة ديرميماس التي دخلت إليها القوات الإسرائيلية.

وقال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد إن الصورة التي تداولتها وسائل إعلام لبنانية وتظهر جرافة تسير وراء دبابة على مثلث القليعة - مرجعيون - ديرميماس «تعني أن قوة مهاجمة من المشاة انتقلت من المنطقة وأمنتها، سواء سيراً على الأقدام أو بآليات مدولبة وسريعة، ودخلت إلى بلدة ديرميماس».

وأفاد رئيس بلدية البلدة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بحصول «توغل إسرائيلي بسيط داخل البلدة»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين «توغلوا بين حقول الزيتون من جهة بلدة كفركلا».

ويقول «حزب الله» إنه لم يقم مراكز تجمع عسكري له في أراضي بلدات مسيحية أو درزية في الجنوب، وذلك في ظل رفض من تلك المكونات لوجود الحزب في أراضيهم. ويقول مقربون منه إنه يحجم عن ذلك لسببين؛ أولهما «سبب سياسي، لتجنب السجال مع أبناء الطوائف الأخرى»، وثانيهما «لضرورات أمنية».

مسيرة إسرائيلية تحلق في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مرتفعات الطيبة

وتسعى القوات الإسرائيلية من هذا التقدم إلى الإشراف على مجرى نهر الليطاني، الذي يُعتقد أن جزءاً من منصات الإسناد الصاروخي لـ«حزب الله» توجد فيه، وهي المنصات التي تمنع القوات الإسرائيلية من التقدم في بلدة الخيام. كما تسعى إلى الالتفاف على بلدة الطيبة الاستراتيجية التي تضم مرتفعات مشرفة على نهر الليطاني من الغرب، ومرتفعات مشرفة على سهل الخيام من جهة أخرى. ولم تدخل إليها القوات الإسرائيلية من جهة الشرق بعد، رغم المحاولات للتوغل فيها، ورغم الغارات الجوية التي استهدفتها على مدى أشهر.

وفي حال التوغل من جهة ديرميماس، فإن القوات الإسرائيلية ستفتح مجالاً للتوغل في الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، إضافة إلى محور مركبا - العديسة من الجهة الشرقية، وذلك في محاولة لتحقيق اختراق والتفاف عليها.

«الطيبة» لتأمين التوغل بـ«الخيام»

وتعد بلدة الطيبة أبرز الموانع التي تحول دون افتتاح القوات الإسرائيلية جبهة من الجهة الغربية للتقدم باتجاه مدينة الخيام، كون الدبابات الإسرائيلية «ستكون تحت نيران الصواريخ المضادة للدروع في حال العبور بسهل الخيام»، وهو ما حال دون افتتاح الجيش الإسرائيلي لمحور توغل جديد من الجهة الغربية للتقدم إلى الخيام التي فشل مرتين في السيطرة عليها، الأولى قبل أسبوعين حين توغل من الجهتين الشرقية والجنوبية، والمرة الثانية قبل أيام حين أضاف محوراً جديداً من شمال شرق المدينة قرب إبل السقي، وتمكن في المرتين من الوصول إلى أطرافها الشرقية والجنوبية، وبينها أسفل معتقل الخيام، فيما تعرضت آلياته لاستهداف ناري حين توسعت من المطلة إلى سهل الخيام (جنوب غرب) باتجاه المدينة.

القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل (إ.ب.أ)

وقال «حزب الله» إنه استهدف تجمعات إسرائيلية 6 مرات على أطراف الخيام الشرقية والجنوبية بالصواريخ، كما أطلق مقاتلوه صواريخ مضادة للدروع باتجاه إحدى الدبابات الإسرائيلية على مشارف الخيام، مما أدى إلى احتراقها.

وتقول المصادر إن القوات الإسرائيلية «تسعى للسيطرة على إحدى مدينتين، إما بنت جبيل وإما الخيام»، وذلك بعد التوغل في عدة قرى، وتفجير المنازل فيها، ومسحها بالكامل. ويعد الدخول إلى بنت جبيل معقداً من الناحية العسكرية، كونها مدينة كبيرة وتتضمن أحياء واسعة ومترامية الأطراف، وقد فشلت محاولات سابقة للتوغل فيها والسيطرة عليها، رغم القتال على أطرافها، خصوصاً الحي الواقع على تخوم عيناثا.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية باشتباكات عنيفة في مدينة الخيام، حيث «تُسمع بوضوح أصوات الانفجارات والاشتباكات بالأسلحة الرشاشة»، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف وغارات على مدينة الخيام.