«أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: الحرب تعرّض النظام الصحي اللبناني للإجهاد

المنسقة الطبية حذرت من تفشي الأمراض المعدية في بعض مراكز الإيواء

مسعفون يخلون مصاباً من موقع استهدفته غارة إسرائيلية في شرق لبنان (أ.ف.ب)
مسعفون يخلون مصاباً من موقع استهدفته غارة إسرائيلية في شرق لبنان (أ.ف.ب)
TT

«أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: الحرب تعرّض النظام الصحي اللبناني للإجهاد

مسعفون يخلون مصاباً من موقع استهدفته غارة إسرائيلية في شرق لبنان (أ.ف.ب)
مسعفون يخلون مصاباً من موقع استهدفته غارة إسرائيلية في شرق لبنان (أ.ف.ب)

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» من أن ظروف الحرب القاسية التي يرزح تحتها لبنان تُعرّض النظام الصحي للإجهاد، لافتة إلى أن المستشفيات «تواجه خطر نفاد المواد الطبية المستخدمة لرعاية الجروح بعد كلّ مرّة يتدفّق فيها الجرحى إلى غرفة الطوارئ». ونبهت على لسان المنسقة الطبية للمنظمة في لبنان الدكتورة لونا حمّاد، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن القطاع الطبي في البلاد «يواجه تحدياً يتمثّل بتفشّي الأمراض المعدية في بعض مراكز الإيواء؛ نظراً لاكتظاظها وغياب خدمات المياه والصرف الصحي».

وتفاقمت أزمات لبنان الاجتماعية والصحية، إثر توسعة إسرائيل للحرب على لبنان منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، ودفعت أكثر من 842 ألف شخص للنزوح في البلاد، بسبب الحرب، حسبما أعلن «مكتب المنظمة الدولية للهجرة»، واضطرت بعض المستشفيات الواقعة في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت إلى إخلاء المرضى، في وقت سُجلت فيه آلاف الإصابات جراء القصف، مما فرض ضغوطاً إضافية على القطاع الطبي المنهك أصلاً.

وأعلنت حماد أن منظمة «أطبّاء بلا حدود» أطلقت مع اندلاع الحرب في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مشروعاً إضافياً يُعنى بصحّة النازحين، حيث جالت فرقها الطبيّة المتنقلة على بلدات جنوبية في محافظتَي صور والنبطية؛ لتوفير الرعاية الصحية الأولية والأدوية للحالات الحادة والمزمنة، عدا عن خدمات الدعم النفسي. كما تبرّعت لمستشفيات عدة في أنحاء لبنان بعشرة أطنان من الإمدادات الطبية التي تشتدّ الحاجة إليها في رعاية الجروح.

وتشير حمّاد إلى أنه «في أعقاب القصف الإسرائيلي الموسّع منذ منتصف سبتمبر 2024، وسّعنا أنشطتنا عبر إرسال فرق طبية إضافية إلى مراكز الإيواء أو تجمعات النازحين، وصل عددها اليوم إلى 14 فريقاً، توزعت على المناطق في بيروت، وجبل لبنان، وصيدا، وشمال لبنان، والبقاع»، وهي فرق تتألّف من أطباء وممرضين واختصاصيين نفسيين ومشرفي التوعية الصحية. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «استكملنا التبرّع بالإمدادات الطبية للمستشفيات، ووصل حجم تبرّعاتنا اليوم إلى 88 طنّاً، كما تبرّعنا بالمحروقات في بعض الأحيان».

إغلاق عيادات وافتتاح أخرى

وبعد القصف الإسرائيلي الموسّع، اضطرت «أطباء بلا حدود» إلى إغلاق عيادتَين في برج البراجنة (جنوب بيروت) وفي بعلبك - الهرمل، «بسبب انعدام الأمن»، ثم «أعدنا افتتاح عيادة بعلبك - الهرمل جزئياً؛ كي يقدر مرضانا على الحصول على أدوية الأمراض المزمنة التي يحتاجون إليها».

واليوم، تقول حماد: «ما زالت عيادات برج حمود وعرسال عاملة، أما عيادة بعلبك - الهرمل فتعمل جزئياً؛ لتوفير أدوية الأمراض المزمنة».

عناصر من الدفاع المدني يعملون على إطفاء النيران في موقع تعرض لاستهداف إسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

الضغط على النظام الصحي

وتقول حماد إن «النظام الصحي يعمل اليوم جاهداً للاستجابة إلى الاحتياجات الطبية الكبيرة في لبنان»، كما أن «هول الوضع الإنساني الحالي بين القصف والنزوح قد أجهد النظام الصحي. كما أن قصف المدنيين والعاملين الصحيين يزيد الأمر سوءاً»، مشيرة إلى إعلان «منظمة الصحة العالمية» عن خروج عدد كبير من مراكز الرعاية الصحية الأولية عن الخدمة بفعل انعدام الأمن، ووصل عددها إلى مائة مركز، «ما يمثّل تقريباً نصف المراكز الصحية الأولية في لبنان». ودعت حماد «إلى ضرورة حماية المدنيين والعاملين الصحّيين ومرافق الرعاية الصحّية وسيارات الإسعاف»، التي وثقت وزارة الصحة اللبنانية استهداف 246 سيارة منها، وأدت إلى مقتل 178 مسعفاً، وإصابة 279 آخرين بجروح، جراء القصف الإسرائيلي.

أطفال نازحون يلهون في مركز إيواء مؤقت في دير الأحمر في شرق لبنان (أ.ب)

احتياجات متزايدة

وعن احتياجات القطاع الطبي في لبنان في ظل الحرب، تقول حماد: «يخبرنا مرضانا أنهم اضطروا إلى ترك منازلهم دون مقتنياتهم الشخصية أو وصفاتهم الطبية. فالأشخاص المتعايشون مع الأمراض المزمنة مثلاً يواجهون خطر المضاعفات في حال انقطاعهم عن الدواء، ما يجعل توفير الرعاية الصحّية الأولية للنازحين ضرورةً».

وحذّرت حمّاد من أنه «قد يواجه القطاع الطبي تحدياً يتمثّل بتفشّي الأمراض المعدية في بعض مراكز الإيواء؛ نظراً لاكتظاظها وغياب خدمات المياه والصرف الصحّي عنها».

نازحون إلى مركز إيواء مؤقت في شرق لبنان (أ.ب)

وتنبه المنظمة إلى أن ظروف الحرب كالتي يشهدها لبنان، «تعرّض أي نظام صحّي للإجهاد في أي بلد كان»، وتشدد حماد على وجوب «حماية العاملين في الرعاية الصحّية والمرافق وسيارات الإسعاف؛ كي يستمر النظام الصحي بالاستجابة للاحتياجات الكبيرة».

وتوقفت حماد عند دور المساعدات الخارجية في تمكين القطاع الطبي من الصمود، قائلة: «في مرحلة كهذه، تُعدّ جميع مبادرات دعم النظام الصحّي ضرورية. أخبرنا طاقم أحد المستشفيات التي نحن بصدد دعمها أنهم يواجهون خطر نفاد المواد الطبية المستخدمة لرعاية الجروح بعد كلّ مرّة يتدفّق فيها الجرحى إلى غرفة الطوارئ، وتحرص فرقنا على التبرّع بهذه المواد».

ولفتت إلى أن فرق «أطباء بلا حدود» أدخلت إلى لبنان منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، 75 طناً من المواد الطبية، «كما أحضرنا 45 طنّاً إضافية من الإمدادات من قبرص عبر البحر في أكتوبر الماضي».


مقالات ذات صلة

لبنان يستنفر ضد تلويح إسرائيل بالبقاء جنوباً

المشرق العربي عناصر في قوات «اليونيفيل» في بلدة الخردلي في جنوب لبنان يوم بدء اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر الماضي (أ.ب)

لبنان يستنفر ضد تلويح إسرائيل بالبقاء جنوباً

استنفر لبنان على مستويات عدة، بمواجهة تلويح إسرائيلي بالبقاء في أراضيه، وإرجاء الانسحاب من القرى الحدودية اللبنانية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في اجتماع ببيروت 24 ديسمبر الماضي مع لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار (أ.ب)

لبنان يتعامل بـ«جدية» مع تلويح إسرائيل بالبقاء جنوباً

أعادت إسرائيل خلط الأوراق السياسية والأمنية في جنوب لبنان، عبر إعلانها عدم الانسحاب من المناطق التي احتلتها في الجنوب خلال الحرب الأخيرة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة سابقة (أرشيفية)

غموض المواقف يحيط جلسة منتظرة لانتخاب رئيس لبنان

لا تزال صورة جلسة انتخاب الرئيس المحددة في 9 يناير المقبل غامضةً في لبنان مع عدم اتضاح توجهات معظم الكتل النيابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة نشرها الإعلام الإسرائيلي من الناقورة

خروقات وقف النار مستمرة... قصف إسرائيلي وتوغل على أطراف القرى الحدودية اللبنانية

تتواصل خروقات اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»؛ إذ قصفت المدفعية الإسرائيلية اليوم (السبت)، محيط مجمع الإمام الصدر الرياضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي قبيل رأس السنة (الوكالة الوطنية) play-circle 01:27

لغط في مطار بيروت إثر رفض ركاب طائرة إيرانية تفتيشهم

عاد الوضع الأمني داخل مطار بيروت إلى الواجهة بعد المشكلة التي حصلت إثر وصول طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية ورفض ركابها الخضوع لإجراءات التفتيش.

يوسف دياب (بيروت)

ساسة العراق يطرحون رؤاهم حول مستقبله بعد أحداث سوريا

زعماء العراق خلال حفل التأبين الذي أُقيم في بغداد السبت بمناسبة ذكرى مقتل محمد باقر الحكيم عام 2003 (موقع رئاسة الجمهورية)
زعماء العراق خلال حفل التأبين الذي أُقيم في بغداد السبت بمناسبة ذكرى مقتل محمد باقر الحكيم عام 2003 (موقع رئاسة الجمهورية)
TT

ساسة العراق يطرحون رؤاهم حول مستقبله بعد أحداث سوريا

زعماء العراق خلال حفل التأبين الذي أُقيم في بغداد السبت بمناسبة ذكرى مقتل محمد باقر الحكيم عام 2003 (موقع رئاسة الجمهورية)
زعماء العراق خلال حفل التأبين الذي أُقيم في بغداد السبت بمناسبة ذكرى مقتل محمد باقر الحكيم عام 2003 (موقع رئاسة الجمهورية)

تحول حفل تأبين، أقيم أمس، في مقر تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم في ذكرى اغتيال عمه محمد باقر الحكيم عام 2003، إلى منبر لساسة فاعلين لطرح رؤاهم بشأن مستقبل بلادهم بعد التغيير الذي أطاح بنظام بشار الأسد في سوريا.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قال في كلمته: «هناك من حاول ربط التغيير في سوريا بالحديث عن تغيير النظام السياسي في العراق»، واصفا ذلك بـ«الأوهام«، مؤكداً أن هذا «أمر لا مجال لمناقشته».

بدوره، طالب رئيس البرلمان، محمود المشهداني، بتعديلات جذرية وفق «الورقة السياسية» الصادرة عام 2018، مضيفاً أن «خلاصة هذه الورقة هي إعادة النظر في الدستور، تمهيداً لتحويل العراق من دولة المكونات إلى دولة المواطنة».

من جهته، دعا الحكيم إلى مبادرة لحوار إقليمي شامل، رافضاً أن يكون العراق ساحة للنفوذ الأجنبي. كما دعا أيضاً إلى «تأسيس مركز إقليمي لمكافحة الإرهاب، يكون مقره في بغداد».