طريق عاريا - الكحّالة... مصيدة إسرائيلية لمقاتلي «حزب الله»

معبر إلزامي لنقل الصواريخ من البقاع وسوريا إلى الجنوب

جنود في الجيش والشرطة العسكرية يغلقون موقع استهداف سيارة بغارة إسرائيلية في منطقة الكحّالة بجبل لبنان (إ.ب.أ)
جنود في الجيش والشرطة العسكرية يغلقون موقع استهداف سيارة بغارة إسرائيلية في منطقة الكحّالة بجبل لبنان (إ.ب.أ)
TT

طريق عاريا - الكحّالة... مصيدة إسرائيلية لمقاتلي «حزب الله»

جنود في الجيش والشرطة العسكرية يغلقون موقع استهداف سيارة بغارة إسرائيلية في منطقة الكحّالة بجبل لبنان (إ.ب.أ)
جنود في الجيش والشرطة العسكرية يغلقون موقع استهداف سيارة بغارة إسرائيلية في منطقة الكحّالة بجبل لبنان (إ.ب.أ)

تحوّلت طريق عاريا - الكحّالة الضيّقة والمتعرّجة إلى مصيدة إسرائيلية لمقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم المنقولة من البقاع إلى جبهات المواجهة في الجنوب، ونجحت المسيّرات الإسرائيلية في تنفيذ سبع عمليات: اثنتان منها قبل 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، والباقي بعد هذا التاريخ؛ أي مع بدء الحرب الواسعة وعمليات الاغتيال، وأسفرت كلّها عن قتل مسؤولين وكوادر أمن من الحزب وتدمير سيارات تنقل أسلحة وصواريخ.

هدفان إسرائيليان: نفسي وعسكري

تعدّدت الأسباب التي دفعت إسرائيل لاختيار هذه المنطقة، وخصوصاً أنها حققت أهدافها من هذه العمليات، فاعتبر الخبير العسكري العميد سعيد القزح، أن «هذه الاستهدافات لها بُعدان؛ أولهما نفسي ويرمي إلى تخويف المجتمع المضيف للنازحين وتأليبه عليهم وخلق احتكاكات بينهم».

ورأى القزح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «عندما تُضرب أهداف متحرّكة؛ أي في السيارات، داخل المناطق المسيحية أو السنية أو الدرزية، سيخلق ذلك نوعاً من الخوف لدى هذه المجتمعات حيال النازحين وتوجّساً من إمكان وجود مسؤولين بينهم من (حزب الله)، وسيؤدي ذلك إلى ردّات فعل تجاه النازحين تؤسس لمشاكل مستقبلية معهم».

أما الهدف الثاني، بحسب العميد القزح، فله بُعد عسكري. وقال إن «المنطقة الممتدة من مستديرة عالية إلى الجمهور (جبل لبنان) عبارة عن طريق ضيّقة وتضطر السيارات إلى تخفيف سرعتها إلى ما يقارب 30 كم صعوداً أو نزولاً، بالنظر لضيق الطريق وتعرّجاتها وكثافة السير عليها؛ ما يسهّل على المسيّرة تنفيذ الاستهداف بدقّة كبيرة؛ أي أكثر نجاحاً مما لو كانت السيارة تسير بسرعة كبيرة»، مشيراً إلى أن «طريق عاريا - الكحّالة هي طريق دولية وحيوية وممرّ إلزامي لمسؤولي (حزب الله) القادمين من البقاع إلى الجنوب، وهذا ما يوفّر للمسيّرات الإسرائيلية دقّة في التسديد ودقة في الإصابة».

وعدّ القزح أن «هذه العمليات أوجدت حالة من البلبلة لدى أبناء المنطقة الذين باتوا يتوجسون من عبور هذه الطريق إلى قراهم وبيوتهم».

وتسبب انقلاب شاحنة تابعة لـ«حزب الله» في العاشر من أغسطس (آب) 2023، محمّلة بالذخيرة عند كوع الكحّالة، إلى اشتباك مسلّح بين مقاتلي الحزب الذين كانوا يواكبون الشاحنة وبين عدد من أبناء الكحّالة؛ ما أدى إلى مقتل شخصين وإحداث توترات في المنطقة قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ويسحب الشاحنة.

معبر إلزامي

وتشكّل طريق عاريا - الكحّالة معبراً إلزامياً يستخدمه «حزب الله» لنقل الأسلحة والذخائر إلى الجنوب، على حدّ تقدير الخبير في الشؤون الأمنية والسياسية العميد خالد حمادة الذي رأى أن هذه الطريق «باتت مرصودة بدقّة من طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي لا تفارق سماء المنطقة على مدار الساعة». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الطريق المستهدفة «هي معبر حيوي للحزب، لكنه بالتأكيد يعتمد مسالك أخرى لإيصال الصواريخ إلى الجبهة في الجنوب». وقال إن «استخدام سيارات (فان) صغيرة الحجم هو للتمويه؛ لأن مئات السيارات المشابهة تعبر هذه الطريق يومياً، ولا سيما أن الصواريخ هي من الأسلحة الفعّالة التي يتصدّى بها مقاتلو الحزب للدبابات والمدرعات التي تحاول التوغل برّاً في الأراضي اللبنانية».

سيطرة إسرائيلية تامة على الأجواء

وأظهرت عمليات الاغتيال على هذه الطرقات، قدرة إسرائيل على السيطرة التامة على الأجواء اللبنانية، ورصد تحركات قادة وكوادر من «حزب الله»، بحيث جرى قبل أسبوعين اغتيال أحد القادة البارزين مع زوجته على طريق جونيه - بيروت الرئيسية، وقبل يومين جرى اغتيال أحد كوادر الحزب في منطقة عاليه (جبل لبنان) داخل سيارته.

ويشكل قطع طرق الإمداد العسكري تحدياً كبيراً للحزب من أجل الاستمرار في المواجهة الميدانية. ورجّح العميد خالد حمادة أن «مصدر الأسلحة والصواريخ التي تستهدفها إسرائيل هو إما من منطقة البقاع، أو من الداخل السوري، بحيث يجري نقلها على مراحل»، لافتاً إلى أن «إصرار الحزب على نقل مثل هذه الأسلحة والصواريخ في هذا التوقيت ورغم خطر استهدافها، يؤشر إلى أنه بدأ يستخدم الاحتياطي من هذه الأسلحة الموجودة في مناطق بعيدة عن الجبهة». وأكد حمادة أن «هذا النوع من السلاح هو أكثر ما يحتاجه الحزب الآن في العمليات البرّية من أجل التصدي للدبابات الإسرائيلية والآليات المدرّعة».


مقالات ذات صلة

لبنانيون يحاولون البقاء في قراهم بالجنوب تحت قصف إسرائيلي مدمّر

المشرق العربي جنديان لبنانيان قرب موقع غارة إسرائيلية استهدفت حارة صيدا في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

لبنانيون يحاولون البقاء في قراهم بالجنوب تحت قصف إسرائيلي مدمّر

رفض راعي الماشية، خير الله يعقوب، مغادرة جنوب لبنان، بعد مرور أكثر من سنة على بدء تبادل القصف عبر الحدود بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد من مدينة الخيام نتيجة القتال بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني (رويترز)

صور ومقاطع فيديو تظهر نسف إسرائيل مئات المباني في جنوب لبنان

أظهرت صور الأقمار الاصطناعية والفيديوهات دماراً واسع النطاق في ست قرى على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل، حيث تظهر تدميراً كلياً أو جزئياً لـ1085 مبنى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

لبنان يوجّه تهمة الإثراء غير المشروع لمحافظ المصرف المركزي السابق

قال مسؤولون قضائيون إن السلطات اللبنانية وجّهت تهمة الإثراء غير المشروع إلى محافظ مصرف لبنان السابق، وأصدرت مذكرة توقيف بحقه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية غالانت وديرمر يلتقيان مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت مكغورك وأموس هوكشتاين (مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي)

غالانت يبحث مع مبعوثي البيت الأبيض الوضع في غزة ولبنان

التقى وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط، بريت مكغورك وأموس هوكشتاين.

المشرق العربي تصاعد أعمدة الدخان من موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تزعم ضرب مراكز قيادة لـ«حزب الله» في بعلبك والنبطية

أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنه استهدف "مراكز قيادة ومنشآت" لحزب الله، في ضربات شنها خلال النهار على مدينتي بعلبك في شرق لبنان والنبطية في جنوبه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حماس»: مقترحات الوسطاء لا تتضمن وقفاً للحرب ولا انسحاباً من غزة

فلسطينيون يراقبون تصاعد الدخان في أعقاب الغارات الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في النصيرات وسط قطاع غزة 1 نوفمبر 2024 (رويترز)
فلسطينيون يراقبون تصاعد الدخان في أعقاب الغارات الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في النصيرات وسط قطاع غزة 1 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حماس»: مقترحات الوسطاء لا تتضمن وقفاً للحرب ولا انسحاباً من غزة

فلسطينيون يراقبون تصاعد الدخان في أعقاب الغارات الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في النصيرات وسط قطاع غزة 1 نوفمبر 2024 (رويترز)
فلسطينيون يراقبون تصاعد الدخان في أعقاب الغارات الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في النصيرات وسط قطاع غزة 1 نوفمبر 2024 (رويترز)

نقل تلفزيون «الأقصى» الفلسطيني عن مصدر قيادي في حركة «حماس»، قوله اليوم (الجمعة)، إن المقترحات المقدمة من الوسطاء لا تتضمن وقفاً دائماً للحرب ولا انسحاباً إسرائيلياً من غزة ولا عودة للنازحين.

وذكر المصدر، الذي لم تسمه القناة، أن «حماس» جددت لمصر وقطر تأكيدها على أن رغبة الشعب الفلسطيني هي «الوقف الكامل والشامل والدائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل لإسرائيل من قطاع غزة، وعودة النازحين ورفع الحصار».

وأضاف أن وفد الحركة شدد أيضاً على ضرورة «توفير مقومات الحياة من غذاء وإيواء ودواء وإعادة الإعمار، ثم تحقيق عملية تبادل جدية للأسرى».

وأكد المصدر القيادي أن «حماس»، «منفتحة على أي أفكار أو مفاوضات من أجل تحقيق هذه الأهداف وتطبيق قرار مجلس الأمن 2735».