هل ينجح «المقترح المصري» في التوصل إلى «هدنة» بغزة؟

إعلام إسرائيلي وصف مباحثات الدوحة بـ«الجيدة»... وجولة أخرى خلال أيام

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة (رويترز)
TT

هل ينجح «المقترح المصري» في التوصل إلى «هدنة» بغزة؟

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة (رويترز)

مقترح مصري جديد بشأن الهدنة في قطاع غزة، طرحته الرئاسة المصرية علناً، بعد ساعات من انطلاق جولة محادثات في الدوحة، وسط تضارب بشأن قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من عدمه، وغموض لا يزال يسيطر على رد «حماس»، قبل نحو أسبوع من اتجاه أنظار المنطقة نحو الانتخابات الأميركية المصيرية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، يرون أن المقترح المصري المعلَن بمثابة «تحريك للمياه الراكدة» في المفاوضات المجمدة منذ شهرين، ويضع ضغوطاً على نتنياهو، وهو بمثابة اختبار لجديته، معبِّرين عن تخوُّفهم من تعطيل الأخير، إتمام الصفقة قبل الانتخابات الأميركية انتظاراً لدعم حليفه دونالد ترمب حال وصوله للبيت الأبيض.

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد قال في مؤتمر صحافي، الأحد الماضي، إن «مصر قامت خلال الأيام القليلة الماضية بجهد كبير لإطلاق مبادرة تهدف إلى تحريك الموقف، وإيقاف إطلاق النار لمدة يومين، يجري خلالها تبادل 4 رهائن مع الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية، ثم خلال 10 أيام يجري التفاوض على استكمال الإجراءات في قطاع غزة، وصولاً إلى إيقاف كامل لإطلاق النار، وإدخال المساعدات».

وقبل تصريح السيسي بأسبوع تقريباً، عقد رئيس المخابرات المصرية، حسن رشاد، اجتماعاً، في 20 أكتوبر (تشرين الأول) بالقاهرة مع رئيس «الشاباك»، رونين بار، حسبما نقل موقع «أكسيوس»، الأحد، عن مصدر وصفه بالمطلع، لافتاً إلى أن المصريين اقترحوا البدء بـ«صفقة صغيرة» تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، مقابل وقف إطلاق النار في غزة أياماً قليلة، على أن تتبعها مفاوضات متجددة حول اتفاق أشمل للرهائن، ووقف إطلاق النار.

فلسطينيون ينظرون إلى الأضرار بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة المحيطة بمستشفى كمال عدوان في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

وساد التضارب بشأن موقف نتنياهو دون تعقيب مباشر من إسرائيل؛ وقالت «القناة 12» الإسرائيلية، الاثنين، إنه جرى طرح الاقتراح المصري للمناقشة في المجلس الوزاري المصغّر «الكابنيت»، وحظي بتأييد غالبية الوزراء باستثناء نتنياهو وإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

لكن وسائل إعلام عبرية، عادت ونقلت عن نتنياهو، قوله خلال اجتماع لحزب «الليكود»، يوم الاثنين: «إذا كان هناك اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة يومين للإفراج عن 4 من الرهائن، فسأقبله على الفور».

وذهب وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في تصريحات، الأحد، إلى أنه يجب تقديم «تنازلات مؤلمة» لتأمين استعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، مشيراً إلى أن العمليات العسكرية وحدها لن تحقق أهداف الحرب.

ورقة ضغط

الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن المقترح المصري بمثابة تحريك للمياه الراكدة في المفاوضات، لافتاً إلى أن المقترح يعد بمثابة ورقة ضغط على الجانبين، لا سيما على نتنياهو، واختبار لمدى جديته أمام الرأي العام الإسرائيلي، خصوصاً مع طرح يومين فقط كبداية مقابل 4 أسرى، وحال رفضه سيؤكد أنه ضد الحفاظ على أرواح شعبه.

وبحسب فؤاد أنور، فإن هناك تضارباً وتخبطاً في الجانب الإسرائيلي، وليس هناك بيان رسمي يحسم قبول الصفقة من عدمه، في ضوء وجود خلافات بين نتنياهو وغالانت الأقرب لتمرير الصفقة، وتقديم تنازلات تحفظ أرواح الرهائن، متوقعاً استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي في المراوغة.

عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون رهائن ضمن صفقة لتبادل الرهائن مع إسرائيل نوفمبر الماضي (د.ب.أ)

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن المقترح المصري أمامه «تحدي معارضة نتنياهو له، وفق ما أثير إعلامياً بأنه طلب تعديلات عليه في اجتماع الدوحة، وأنه يجب إتمام الاتفاق تحت بند مفاوضات تحت النار».

وباعتقاد مطاوع فإنه لن تقبل دولتا الوساطة مصر وقطر أو «حماس» ذلك الموقف الإسرائيلي، في ظل ما يثار إعلامياً أيضاً بأن الحركة طرحت صفقة شاملة بمثابة مقترح جديد. وذلك المقترح بحسب فؤاد أنور، يراه موقفاً إسرائيلياً، يقابله رفض من «حماس»، والتمسك بصفقة على مراحل للرهائن لكشف جدية ومصداقية نتنياهو.

وجاء الإعلان عن المقترح المصري تزامناً مع استضافة قطر، الأحد، بحضور مدير المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس «الموساد» ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «بهدف التوصل إلى اتفاق قصير الأجل لأقل من شهر، وتبادل بعض الرهائن مع فلسطينيين محتجزين في سجون إسرائيل، بوصفه مقدمة لاتفاق أكثر استدامة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، عن مصدر لم تسمه، وقتها.

وكشفت «‏القناة 12» الإسرائيلية، الاثنين، أن أجواء مباحثات الدوحة التي لم تشارك بها مصر بشأن التهدئة في غزة كانت «إيجابية، والهدف عقد اجتماع آخر خلال أيام».

شراء الوقت

ولم يصدر حتى الآن تعليق رسمي من «حماس» على المقترح المصري، لكن مسؤولاً فلسطينياً قريباً من جهود الوساطة قال لـ«رويترز»: «أتوقع أن تستمع (حماس) إلى العروض الجديدة، لكنها لا تزال مصممة على أن يؤدي أي اتفاق إلى إنهاء الحرب، وخروج القوات الإسرائيلية من غزة».

وفي ظل غموض موقف «حماس»، يرى فؤاد أنور أنه لا بديل عن «تنازلات» تقدمها إسرائيل كما قال غالانت، لافتاً إلى أن نتنياهو يتوهم أنه حقق مكاسب، بينما هناك 101 أسير لدى «حماس» لن يستطيع حل أزمتها بتلك المراوغات، والانفصال عن الواقع من أجل دعم حليفه دونالد ترمب وبقائه السياسي.

ويتوقع أنه حال تراجع نتنياهو وجلست الفرق الفنية لكتابة تفاصيل الاتفاق ضمن جولات جديدة من المحادثات بعد اجتماع الدوحة، فإنه من الممكن أن يحدث قبل الانتخابات الأميركية، مستدركاً: «لكن إذا استمرت مراوغة نتنياهو فستستمر المحادثات، ولن يكون هناك اتفاق إلا بعد الانتخابات».

ويتفق المحلل السياسي الفلسطيني، مع الرأي السابق، متوقعاً استمرار جولات المحادثات دون الذهاب لاتفاق على أرض الواقع قبل الانتخابات الأميركية، مشيراً إلى أن نتنياهو يواصل شراء الوقت والمراوغة لعدم إبرام اتفاق إلا بعد الانتخابات، وظهور الفائز بها.


مقالات ذات صلة

أعنف ضربات إسرائيلية على الحوثيين... والجماعة تتمسك بالمواجهة

المشرق العربي دخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية على مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

أعنف ضربات إسرائيلية على الحوثيين... والجماعة تتمسك بالمواجهة

نفذت إسرائيل أعنف ضربات لها ضد الحوثيين، أمس (الخميس)، بالتزامن مع الخطبة الأسبوعية المتلفزة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، مستهدفة مطار صنعاء، ومنشآت طاقة

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

قتل الجيش الاسرائيلي اليوم الخميس 15 فلسطينياً على الأقل في هجمتين جويتين على منزلين في مدينة غزة. 

«الشرق الأوسط» ( غزة )
المشرق العربي بقايا سيارة بعد غارة إسرائيلية بالقرب من مستشفى «العودة» في قطاع غزة (رويترز)

إعلان مقتل خمسة من طاقم مستشفى في غزة بغارة إسرائيلية

قال مدير مستشفى «كمال عدوان» في شمال غزة، الخميس، إن خمسة من أفراد طاقم المرفق، بينهم طبيب، قُتلوا بغارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

حديث إسرائيلي رسمي عن إنشاء «مناطق عازلة» في قطاع غزة، أثار تساؤلات بشأن مدى تأثيراتها على اتفاق الهدنة المحتمل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قذيفة مورتر أطلقها جنود إسرائيليون على غزة (رويترز) play-circle 03:06

تقرير: الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك مع بداية الحرب في غزة

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، اليوم الخميس، أن الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك في بداية الحملة العسكرية بقطاع غزة؛ لتمكين القادة من إصدار أوامر بشن هجمات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نائب حمدوك يتمسك بـ«حكومة موازية» في السودان

حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)
حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)
TT

نائب حمدوك يتمسك بـ«حكومة موازية» في السودان

حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)
حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)

أعلن الهادي إدريس، نائب رئيس تحالف «تقدم» المدني الذي يرأسه عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق، تمسكه بتشكيل «حكومة مدنية موازية» لكي تنتزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، والتي عيّنها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.

وأوضح إدريس أن الغرض من الحكومة المقترحة هو قطع الطريق «أمام خطط أنصار نظام الإسلاميين (النظام البائد بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير) الرامية لتقسيم البلاد، وأيضاً لعدم ترك صوت السودان للجبهة الإسلامية لتتحدث باسمه، وأخيراً لإجبار الطرف الآخر (الجيش) على القبول بمفاوضات لوقف الحرب».

وأشار إدريس في الوقت ذاته، إلى تمسكه بوحدة الصف المدني؛ لأن تحالف «تقدم» يعدّ أعظم إنجاز للمدنيين منذ الانقلاب على حكومة الثورة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.