«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

مقتل 40 جندياً تشادياً في هجوم لـ«بوكو حرام»... ومصرع 40 إرهابياً في مالي

آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)
آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)
TT

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)
آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد أن أعلنت دولة تشاد أن أربعين جندياً قُتلوا في هجوم إرهابي استهدف ليل الأحد - الاثنين، قاعدة عسكرية تقع غرب البلاد، في منطقة حوض بحيرة تشاد، غير بعيد من الحدود مع دولتي نيجيريا والنيجر.

ويعد هذا واحداً من أعنف الهجمات الإرهابية التي تستهدف تشاد هذا العام، خصوصاً بعد أن ألحق الجيش التشادي، بالتعاون مع جيوش دول نيجيريا والنيجر والكاميرون وبنين، خسائر كبيرة بفرع جماعة «بوكو حرام» الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والمعروف في الأدبيات الجهادية بـ«ولاية غرب أفريقية».

الرد القوي

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

بعد الهجوم بساعات، أصدرت الرئاسة التشادية صباح الاثنين، بياناً تؤكد فيه الهجوم على لسان الرئيس محمد إدريس ديبي إيتنو، وهو جنرال سابق في الجيش يحكم تشاد منذ مقتل والده قبل أربع سنوات.

وأورد البيان حصيلة مؤقتة تشير إلى «مقتل ما لا يقل عن 40 جندياً في هجوم على قاعدة عسكرية غرب البلاد»، في حين أكدت مصادر إعلامية محلية أن الرئيس التشادي توجه مع ساعات الفجر الأولى إلى موقع الهجوم و«أطلق عملية لمطاردة المهاجمين وتعقبهم حتى مخابئهم الأخيرة».

وبحسب المصادر نفسها، فإن العملية العسكرية التي يقودها الرئيس ميدانياً أطلق عليها اسم «حسكانيت»، والهدف منها هو «الرد بقوة» على التنظيم الإرهابي الذي يتخذ من حوض بحيرة تشاد وكراً للاختباء والتدريب والتخطيط لشن عمليات إرهابية ضد دول المنطقة.

وسبق أن أعلن الجيش التشادي، شهر يوليو (تموز) الماضي، أنه شن عملية عسكرية ضد مواقع التنظيم الإرهابي داخل الغابات والجزر الواقعة وسط بحيرة تشاد، وقتل ما لا يقل عن سبعين من مقاتلي «بوكو حرام».

وتوصف تشاد بأنها الدولة الأكثر نشاطاً في الحرب على الإرهاب، وسبق أن خاض جيشها المدرب على ملاحقة الإرهابيين، عمليات عسكرية عدة في بقية دول الساحل، خصوصاً مالي والنيجر، ومن أشهر العمليات التي قادها الجيش التشادي كانت عام 2013 ضد معاقل «القاعدة» في شمال مالي.

الحرب في مالي

على صعيد آخر، يواصل الجيش المالي عملياته العسكرية ضد معاقل تنظيم «القاعدة» في شمال ووسط البلاد، في حين أعلن الأحد أنه نجح في القضاء على نحو أربعين إرهابياً، خلال عملية عسكرية جرت في غابات على الحدود مع موريتانيا.

وقال الجيش إن عملياته العسكرية خلال الأسبوع المنصرم ركزت على محافظة نامبالا، القريبة جداً من الحدود الموريتانية، مشيراً إلى أنه نفذ أولى عملياته يوم الخميس في منطقة أونغويل، ومكَّنته من تدمير «قاعدة للعدو والقضاء على نحو ثلاثين إرهابياً»، بالإضافة إلى الاستيلاء على أسلحة وذخائر و24 دراجة نارية.

وأضاف الجيش المالي في بيان صحافي أنه نفذ عملية ثانية يوم الجمعة «مكّنت من القضاء على نحو عشرة إرهابيين، مع استعادة عتاد ومعدات ومركبات بينها شاحنات صغيرة ودراجات نارية»، وفق نص البيان.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» بنيجيريا في 25 ديسمبر 2011 (رويترز)

مالي تعيش منذ 2012 على وقع حرب دامية تشنّها تنظيمات إرهابية، بعضها موالٍ لتنظيم «القاعدة»، وبعضها الآخر موالٍ لتنظيم «داعش»، لكن منذ 2020 سيطر الجيش على الحكم وأعلن ما يشبه حالة طوارئ، ودخل في حرب للقضاء على التنظيمات الإرهابية بدعم من مئات مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

ورغم أن الجيش المالي نجح في تحقيق بعض المكاسب الميدانية ضد «القاعدة» و«داعش»، فإن هذه التنظيمات لا تزالُ قادرة على شن هجمات في جميع أنحاء مالي، بما في ذلك العاصمة باماكو، حيث شنَّت قبل أسابيع هجوماً عنيفاً وغير مسبوق ضد مطار باماكو الدولي وقتلت أكثر سبعين جندياً.


مقالات ذات صلة

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا آثار التفجير الانتحاري الذي استهدف قوات من الجيش الباكستاني في محطة للسكك الحديدية (إ.ب.أ)

هجوم إرهابي يودي بحياة 7 جنود جنوب غربي باكستان

قُتل 7 جنود في هجوم انتحاري نفذه انفصاليون من البلوش في جنوب غربي باكستان، وفق ما نقل مسؤولون محليون، في أحدث حلقة من سلسلة الهجمات التي يشنها إرهابيون.

«الشرق الأوسط» (كويتا)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.