عشرات الضحايا بغارات تركية مكثفة على شمال شرقي سوريا

قوات «قسد» تعلن مقتل جنود أتراك ومقاتلين من فصائل المعارضة

رجلان على دراجة نارية وخلفهما منشأة نفطية تعرَّضت لقصف تركية في محافظة الحسكة الجمعة (أ.ف.ب)
رجلان على دراجة نارية وخلفهما منشأة نفطية تعرَّضت لقصف تركية في محافظة الحسكة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

عشرات الضحايا بغارات تركية مكثفة على شمال شرقي سوريا

رجلان على دراجة نارية وخلفهما منشأة نفطية تعرَّضت لقصف تركية في محافظة الحسكة الجمعة (أ.ف.ب)
رجلان على دراجة نارية وخلفهما منشأة نفطية تعرَّضت لقصف تركية في محافظة الحسكة الجمعة (أ.ف.ب)

جدّدت تركيا غاراتها الجوية المكثفة على مناطق متفرقة في إقليم «شمال شرقي سوريا» منذ فجر الجمعة، واستهدفت مقراً عاماً لقوى الأمن الداخلي ونقاطاً عسكرية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في مدينة القامشلي، التابعة لمحافظة الحسكة، كما قصفت حقول نفط السويدية؛ ما أسفر عن سقوط 7 موظفين مدنيين.

وأعلنت «قسد» تنفيذ عملية تسلّل في مناطق العمليات التركية بريف الحسكة، استهدفت قاعدة تركية وأسفرت عن مقتل جنود أتراك ومقاتلين من فصائل المعارضة المسلحة، في وقت تفقدت دورية أميركية المناطق التي تعرّضت للقصف.

وتحدث شهود عيان وسكان أكراد عن تصاعد أعمدة الدخان وسحب سوداء على مدن القامشلي ورميلان والسويدية وعامودا بريف محافظة الحسكة، إضافة إلى مدينة عين العرب (كوباني) إثر الغارات التركية المكثفة، وسماع أصوات الانفجارات التي هزَّت تلك المناطق، كما ذكرت طواقم طبية وفرق إسعاف أن الكثير من الجرحى نُقلوا إلى المستشفيات حالتهم كانت حرجة جراء تعرّضهم لنيران وشظايا القصف.

أضرار في منشأة نفطية تعرَّضت لقصف تركي في ريف محافظة الحسكة (الشرق الأوسط)

ومن بين عشرات المواقع المستهدفة أفران ومحطات كهرباء ومواقع نفطية وحواجز أمنية ومطاحن للحبوب والدقيق ومراكز صحية. وتداول نشطاء أكراد عبر حساباتهم وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصوراً تظهر لحظة القصف التركي على مطحنة مدينة «كوباني»؛ ما أسفر عن مقتل عامل إصابة 8 آخرين بجروح خطيرة، وأثار القصف على محطة السويدية النفطية الذي تسبب بمقتل 7 موظفين مدنيين وإصابة العشرات.

وقالت قوى الأمن الداخلي لإقليم «شمال شرقي سوريا» في بيان رسمي إن تركيا قصفت مناطقها 40 مرة؛ ما أدى إلى ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 54 شخصاً وإصابة 40 آخرين بجروح بالغة.

وتسبب القصف التركي على «مستوصف الخليج» داخل مركز مدينة القامشلي بأضرار مادية جسيمة أخرجته عن الخدمة نهائياً، كما ألحق القصف على مركز «شركة التطوير الزراعي» و«مطحنة الجزيرة» بتلف كامل الطحين المخزَّن فيه. وقال مدير المطحنة أحمد صاروخان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن الدقيق المخزَّن في المستودعات كان أكثر من 100 طن، أُتلف بالكامل وهذا العجز يتحمله العدوان التركي المستمر على مناطقنا».

الدخان يتصاعد من منشأة نفطية استهدفها القصف التركي في محافظة الحسكة الجمعة (أ.ف.ب)

واستهدف القصف الجوي التركي محطة السويدية للغاز فتعرَّضت خزاناتها الرئيسية للاحتراق والدمار، وتناثرت أنابيب التوصيل على الأرض وانهارت شبكة التسخين والقواطع الرئيسية، كما تسبب القصف بانقطاع التيار الكهربائي الذي يغذي المحطة والقرى المجاورة، وتحولت خزانات المحطة وشبكة السخانات والقواطع الرئيسية كتلة متفحمة.

وبحسب مدير حقول النفط في منطقة الرميلان، أحمد إبراهيم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن تركيا تعمدت استهداف حقول النفط والطاقة عشرات المرات، بينها «محطة سعيدة» للنفط، و«محطة عودة» للنفط و«حقل الطفلة» النفطي، و«منشأة الرميلان» الرئيسية، وقال: «حجم خسائر الإدارة الذاتية يفوق مليار دولار جراء الهجمات التركية، وإن هذه الخسائر آخذة في الزيادة جراء مواصلة أنقرة هجماتها على المحطات الحيوية، وخصوصاً الطاقة والوقود والغاز».

يعاينون أضراراً بمنشأة نفطية تعرَّضت لقصف تركي في ريف محافظة الحسكة (الشرق الأوسط)

وتخضع حقول الرميلان لنفوذ وسيطرة «الإدارة الذاتية» وجناحها العسكري قوات «قسد» منذ 2014 بدعم من تحالف دولي تقوده واشنطن، وكانت تنتج قبل الحرب سنة 2011 نحو 90 ألف برميل يومياً تُستخرج من 1322 بئراً، أما حقول السويدية المجاورة فكانت تنتج وحدها نحو 116 ألف برميل يومياً، إضافة إلى وجود 25 بئراً للغاز الطبيعي.

وتفقدت دورية أميركية صباح الجمعة المناطق التي تعرّضت للقصف التركي. ودخلت عربات أميركية وجنود من قوات التحالف «معمل السويدية للغاز»، وشركة «رميلان» النفطية ومحطات نفطية ثانية بمنطقة كوجرات في ريف مدينة المالكية (ديريك).

عمليتا تسلل لـ«قسد»

وكشف المركز الإعلامي لـ«قسد»، عن أن قواتها نفذت عمليتَي تسلّل ضد الجيش التركي وفصائل المعارضة الموالية لها، استهدفتا قاعدة تركية في قرى تقع بريف بلدة رأس العين أو «سري كانيه» بحسب تسميتها الكردية، وتتبع محافظة الحسكة «أسفرت عن القضاء على عدد من جنود الاحتلال التركي ومرتزقته وإصابة عدد آخر».

سياسياً؛ دعا «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) الجناح السياسي لـ«قسد» في بيان نُشر على موقعه الرسمي، مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية لممارسة أقصى الضغوط على تركيا لوقف اعتداءاتها على سيادة سوريا.

وقال عصمت شيخ حسن، رئيس هيئة الدفاع بـ«الإدارة الذاتية»، في تعليق لـ«الشرق الأوسط» على الهجمات التركية، «إن الإدارة ليست لها علاقة بالصراع الدائر بين تركيا و حزب العمال الكردستاني، هو شأن داخلي تركي وليس مسألة سورية»، وطالب بتشكيل لجنة دولية أممية لمراقبة الحدود بين تركيا ومناطق سيطرة الإدارة.


مقالات ذات صلة

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».