لدعمه إسرائيل... عرب أميركيون يرون الانتخابات فرصة لمعاقبة الحزب الديمقراطي

المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية كامالا هاريس (أ.ف.ب)
المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية كامالا هاريس (أ.ف.ب)
TT

لدعمه إسرائيل... عرب أميركيون يرون الانتخابات فرصة لمعاقبة الحزب الديمقراطي

المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية كامالا هاريس (أ.ف.ب)
المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية كامالا هاريس (أ.ف.ب)

تتابع إيمان بيضون السيد، كغيرها من آلاف الأميركيين من أصل لبناني، برعب مشاهد الدمار في الشرق الأوسط، وتنتظر موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر المقبل، والتي قد تشكّل فرصة للتعبير عن موقفها حيال دعم الإدارة الديمقراطية لإسرائيل.

تقول بيضون السيد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «دائماً ما كنت ديمقراطية، لكن في ظل ما يحدث، لم أعد واثقة مما أشعر به».

كغيرها من العرب الأميركيين، تفكر بيضون السيد في الحؤول دون فوز كامالا هاريس، نائبة الرئيس جو بايدن والمرشحة إلى انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، بالسباق إلى البيت الأبيض، عقاباً لها على الدعم الذي وفّرته إدارتها لإسرائيل منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل سنة.

وغادرت بيضون السيد (37 عاماً) المولودة في ميشيغان، محلها في ديربورن هايتس لجمع التبرعات للبنان.

فبعد عام على تبادل القصف عبر الحدود على خلفية الحرب في قطاع غزة، دخلت إسرائيل و«حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران في مواجهة مفتوحة اعتباراً من 23 سبتمبر (أيلول). وكثّفت الدولة العبرية غاراتها الجوية على مناطق لبنانية خصوصاً معاقل الحزب في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت، وأطلقت عمليات برية «محدودة» في المناطق الحدودية في 30 منه.

وأسفر ذلك عن مقتل أكثر من 1500 شخص، بحسب السلطات اللبنانية، وتهجير ما لا يقل عن 700 ألف، بحسب الأمم المتحدة.

وتوضح بيضون السيد التي ارتدت سترة عليها شجرة أرز، وهي رمز العلم اللبناني، «لجميعنا أقارب وأصدقاء وضحايا من العائلة في الوطن».

تضيف: «حقيقة أن أي مرشح لا يتحدث عن وقف إطلاق النار أو حظر الأسلحة (إلى إسرائيل) أمر محبط للغاية»، مشيرة إلى أنها قد تصوّت لصالح مرشحة الحزب الأخضر جيل ستاين، وليس للمنافس الجمهوري لهاريس، دونالد ترمب.

في عام 2020، صوتت مقاطعة واين حيث تقع ديترويت وضواحيها، بنسبة 68 في المائة لصالح بايدن، ما أتاح له التفوق بفارق 150 ألف صوت فقط على ترمب في الولاية المتأرجحة المهمة.

وبحسب رونالد ستوكتون، أستاذ العلوم السياسية المتقاعد في جامعة ميشيغان - ديربورن والخبير في شؤون الشرق الأوسط، يبلغ عدد الأميركيين من أصول عربية نحو 300 ألف في ميشيغان، وكانت مساهمتهم وازنة في فوز بايدن.

وبحسب ستوكتون فإن الرئيس السابق ترمب «أغضب العرب الأميركيين بسياساته المناهضة للمسلمين والمؤيدة لإسرائيل. ولذلك صوتوا بقوة لصالح بايدن في عام 2020».

* «صفعة على الوجه»

واستقطبت ديربورن، المعروفة بصناعة السيارات وبكونها مسقط رأس هنري فورد، العديد من المهاجرين خلال القرن العشرين. وانتخبت المدينة أول رئيس بلدية مسلم في العام 2022.

ومع تبقي أقل من أسبوعين على الانتخابات، يسود غضب ملموس تجاه إدارة بايدن التي قدمت دعماً سياسياً وعسكرياً كبيراً لإسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة إثر هجوم «حماس» على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فضلاً عن استخدام حق النقض في مجلس الأمن ضد دعوات وقف إطلاق النار في القطاع.

يرى مروان فرج (51 عاماً) الذي انتقل من لبنان قبل 35 عاماً، أن الديمقراطيين تجاهلوا الانتخابات التمهيدية في فبراير (شباط) عندما اقترع أكثر من 100 ألف ناخب بالأوراق البيضاء احتجاجاً على سياسة واشنطن في الشرق الأوسط.

ويضيف رجل الأعمال الذي جلس في مقهى يمني أن عدم المبالاة هذه تعدّ «صفعة على الوجه، ويجب أن نردها»، متابعاً: «لقد دعموا هذا التطهير العرقي والإبادة الجماعية منذ اليوم الأول، بأموال ضرائبنا، وهذا خطأ».

ودعت اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي، وهي منظمة سياسية محلية مؤثرة، إلى عدم التصويت لهاريس أو ترمب، وذلك على عكس ما قامت به في 2020 عندما أيّدت الديمقراطي بايدن.

وقالت المنظمة إن هاريس وترمب «يدعمان بشكل أعمى الحكومة الإسرائيلية الإجرامية بقيادة المتطرفين اليمينيين، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو».

ويرى ستوكتون أن الغضب من الحرب الديمقراطي يتعدى المجتمع العربي الأميركي ليشمل العديد من الشباب، ما يجعل النزاع الراهن مسألة «خطيرة» بالنسبة للديمقراطيين.

* «إحباط بالغ»

مع ذلك، يحذّر كثيرون من مخاطر عودة ترمب الذي فرض «حظراً» على المسافرين من بلدان ذات أغلبية مسلمة، ونقل سفارة واشنطن في إسرائيل إلى القدس.

وكتب إسماعيل أحمد، وهو من الحزب الديمقراطي ومدافع عن القضايا العربية الأميركية، في صحيفة «ديترويت فري برس»، إنه ليس «لدينا خيار سوى التصويت لكامالا هاريس».

وبحسب أحمد، فإن هاريس «تدعو إلى وقف إطلاق النار وحل الدولتين» بينما يرفض ترمب «الاعتراف باحتلال الأراضي الفلسطينية، ويعارض دولة فلسطينية مستقلة ويدعم بثبات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو».

بالنسبة لمحمد علي إلهي، وهو أحد أئمة ديربورن هايتس، يعاني الناخبون من «إحباط بالغ وانفطار في القلب لدرجة أنهم لا يأخذون ذلك في الاعتبار. هم يفكّرون (ما الذي سيكون أسوأ مما تراه بالفعل؟)».

ويشير الإمام، وهو من أصل إيراني، إلى أن الناخبين يتساءلون كيف يمكن أن يصبح الوضع في غزة ولبنان أسوأ.

وترى ميشو عاصي المولودة في لبنان، وناشطة مجتمعية للديمقراطيين، أن السكان أصيبوا بخيبة أمل.

وتشير «عادة، كنت أحشد الناس وأقرع الأبواب وأحاول استقطاب أصوات الناخبين. ولكنني الآن لا أستطيع أن أفعل الشيء نفسه».

ليست عاصي بعيدة بدورها عن تبعات الحرب في لبنان، فهي رحبت بتأثر بالغ الأسبوع الماضي بوالديها في مطار ديترويت بعد فرارهما من جنوب لبنان الذي يتعرض لغارات إسرائيلية عنيفة.

وتقول «الناس الآن يركزون على من سيوقف هذه الإبادة الجماعية. وإذا طلبت منهم الخروج والتصويت، سيقولون لي: لا يهمني. لن تكون لأصواتهم أهمية متى تعلّق الأمر بالإبادة الجماعية».


مقالات ذات صلة

التصعيد يعيد ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة

شؤون إقليمية نقطة العبور الحدودية في جديدة يابوس من الجانب السوري (أرشيفية - أ.ف.ب)

التصعيد يعيد ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة

حمل وزير المهجرين في حكومة تسيير الأعمال اللبنانية، عصام شرف الدين، ملف اللاجئين السوريين في لبنان بعدما أضيف إليه ملف الوافدين اللبنانيين إلى سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني خلال تشييع رسمي للضابط محمد فرحات الذي قُتل بغارة إسرائيلية في الجنوب (إ.ب.أ) play-circle 00:40

إسرائيل تستكمل مسار تفجير قرى المنطقة الحدودية بجنوب لبنان

وسّع «حزب الله»، السبت، دائرة استهدافاته للمناطق السكنية في شمال إسرائيل، طالت 5 بلدات ومستعمرات، واستأنف قصف مواقع عسكرية في العمق.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق داليدا خليل تُساند لبنان من دبي (حسابها الشخصي)

داليدا خليل: الإقامةُ في دبي ولبنانُ يشتعلُ ألمُها مُضاعَفٌ

سجَّلت الفنانة اللبنانية داليدا خليل عبر رابط يُلحِقها بجمعيات خيرية لدعم أبناء أرضها بالمساعدات، وتعمل بلا توقُّف لتكون يداً خيِّرة وسط الأيادي الممدودة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض بمقر وزارة الدفاع يتابعان الضربة الموجهة لإيران (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

مخاوف من انعكاسات سلبية لبنانياً بعد «محدودية» الضربة لإيران

من المبكر الحكم على نتائج الضربة الإسرائيلية المحدودة والمنسّقة مع الأميركيين لإيران، وما إذا كانت ستنعكس إيجاباً على الوضع اللبناني وتؤدي إلى احتواء التصعيد

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي متطوعون يعدون وجبات الطعام للنازحين إلى مراكز إيواء مؤقتة في بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

نداءات لإغاثة النازحين في بيوت البقاع الشمالي: 3 عائلات بكل منزل

لم يتأخر أبناء القرى التي تسكنها أغلبية سنية ومسيحية في البقاع الشمالي عن استقبال أصدقائهم ومعارفهم النازحين من قرى بعلبك وجوارها

حسين درويش (بيروت)

«ارتياح سياسي» في بغداد بعد ليلة الضربات الإسرائيلية

السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش العراقي (إعلام حكومي)
السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش العراقي (إعلام حكومي)
TT

«ارتياح سياسي» في بغداد بعد ليلة الضربات الإسرائيلية

السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش العراقي (إعلام حكومي)
السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش العراقي (إعلام حكومي)

رغم أن الحكومة العراقية استنكرت الهجوم الإسرائيلي على إيران، فإن أوساطاً سياسية أظهرت «ارتياحاً» من حجم الضربات «المحدود».

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، في بيان صحافي، (السبت)، إن «الكيان الصهيوني الغاصب يواصل سياساته العدوانية وتوسعة الصراع في المنطقة، ومنهج الاعتداءات السافرة، التي يرتكبها دون رادع، وهذه المرّة يوجه يد العدوان نحو إيران، بما اقترفه من اعتداء جوي على أهداف إيرانية».

وأوضح العوادي، أن «العراق سبق أن حذّر من مغبة النتائج الخطرة جراء صمت المجتمع الدولي على السلوك الصهيوني الوحشي تجاه أهلنا في فلسطين، واعتداءاته على لبنان وسوريا، وكذلك العدوان الجديد على إيران».

وقال المتحدث الحكومي، إن «العراق يدين بأشدّ العبارات الواضحة العدوان، ويجدد تضامنه ووقوفه مع إيران، ويجدد الموقف الثابت والمبدئي الداعي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، والعمل الإقليمي والدولي الشامل على دعم الاستقرار في المنطقة».

وشدّد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الخميس الماضي، على أن قرار الحرب والسلم تقرره الدولة العراقية بمؤسساتها الدستورية؛ رداً على تصريحات صدرت عن مسؤول في حركة «النجباء» المنخرطة ضمن المحور الإيراني.

وقال السوداني، إن «كل مَن يخرج عن ذلك سيكون بمواجهة الدولة التي تستند إلى قوة الدستور والقانون في تنفيذ واجباتها ومهامّها»، مؤكداً أن «مصلحة العراق والعراقيين فوق أي اعتبار».

مقتدى الصدر (أ.ف.ب)

«هجوم ضعيف»

من جانبه، وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الهجوم على إيران بـ«الضعيف»، وعدّه دليلاً على «ضعف وارتباك» إسرائيل.

ودعا الصدر، في بيان نشره عبر منصة «إكس»، الدول العربية والإسلامية إلى موقف موحد بهدف وقف الاعتداءات. وشدد على أن التعدي على الأجواء العراقية واستعمالها في «الحرب» أمر يستدعي من الحكومة العراقية الردع الدبلوماسي والسياسي السريع.

وأدان رئيس «تيار الحكمة الوطني» في العراق عمار الحكيم، الاعتداء الإسرائيلي على إيران. ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن الحكيم «دعا المجتمع الدولي إلى التآزر والتكاتف؛ لإيقاف تمادي الكيان الصهيوني المخالف للمواثيق والأعراف الدولية، وحذَّر من توسعة الحرب ضد الشعبَين الفلسطيني واللبناني المنكوبَين إلى سوريا وإيران، ودول أخرى».

ارتياح سياسي

في المقابل، أكد مصدر مسؤول في تحالف «الإطار التنسيقي»، أن ارتياحاً عاماً غلب المواقف السياسية الشيعية؛ بسبب نتائج الهجوم الإسرائيلي، الذي يبدو أنه محدود.

وقال المصدر، لـ«الشرق الأوسط»: «إن التقديرات الحالية تشير إلى أن الهجوم الإسرائيلي لا يدفع إيران إلى التصعيد مرة أخرى، مما يعني تجنب أن تتحول السماء العراقية إلى ممر جوي لصواريخ طهران مجدداً».

ويعود سبب الارتياح السياسي في بغداد، وفقاً للمصادر، إلى أن الأحزاب الكبيرة «تدرك عدم قدرة العراق على الرد الفعال في حال تَعرَّض إلى هجوم إسرائيلي».

وكان من اللافت الغياب الملحوظ لمواقف الفصائل المسلحة الموالية لإيران، التي عادة ما تصدر بيانات شديدة اللهجة ضد الأميركيين والإسرائيليين. وقال مسؤول كتائب «سيد الشهداء» في منشور على «إكس»، إن «الهجوم (الإسرائيلي) كان ضعيفاً وفاشلاً».

لكن المجموعة، التي تُسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق»، تبنَّت السبت هجوماً بالطيران المسيّر استهدف موقعاً شمال إسرائيل.

السوداني حاضراً في أحد اجتماعات «الإطار التنسيقي» ببغداد (إكس)

لا هجمات على العراق

ميدانياً، نفى مسؤول عسكري رفيع تعرُّض مواقع عراقية للقصف من الطيران الإسرائيلي في أثناء قيامه، فجر السبت، بمهاجمة إيران.

وقال المسؤول العسكري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأنباء المتداولة عن استهداف الطيران الإسرائيلي مواقع في العراق عارية عن الصحة تماماً».

وأضاف المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، أن «الرصد العسكري لم يسجِّل أي حالة اعتداء على الأراضي العراقية من قبل إسرائيل خلال الساعات الماضية».

وكانت وسائل إعلام محلية تداولت صوراً لبقايا صاروخ سقط في منطقة على أطراف محافظة صلاح الدين (شمال)، وسط شكوك بأنه إسرائيلي، كان قد استهدف منظومة دفاع جوي عراقية.

وشدد المسؤول العراقي على أن «منطقة سقوط هذا الصاروخ فارغة، ولا تضم أي منشأة عسكرية»، وأن «السلطات في بغداد فتحت تحقيقاً لتحري مصدر الصاروخ وحيثيات سقوطه».

اقرأ أيضاً