حكم قاضي التحقيق بمحكمة في العاصمة الجزائرية، بإيداع مدير التشريفات بالرئاسة سابقاً، محمد بوعكاز، الحبس الاحتياطي بعد اتهامه بـ«الفساد»، وذلك بعد قرابة أربعة أشهر من عزله من المنصب لـ«ارتكابه أخطاءً جسيمة، ومخالفة أخلاقيات المهنة»، حسبما أعلنت الرئاسة في بيان.
وأكدت مصادر قضائية أن بوعكاز يوجد «منذ أيام قليلة» في سجن بالعاصمة، مشيرةً إلى أن قاضي التحقيق بـ«محكمة سيدي امحمد»، الذي أودعه الحبس المؤقت، كان في يونيو (حزيران) الماضي قد وضعه تحت إجراءات الرقابة القضائية، وسحب منه جواز السفر، وذلك بعد أيام من إقالته بقرار من الرئيس عبد المجيد تبون في الخامس من يونيو (حزيران) الماضي.
ونشرت صحيفة «لوسوار دالجيري» الفرنكفونية، في عددها (الأربعاء)، خبراً قصيراً حول القضية، قالت فيه إن المصير الذي لقيه المسؤول البارز في الرئاسة سابقاً «دليل على أنه لا يوجد محصَّنون لدى الرئيس». مضيفةً: «في الماضي، وعلى الرغم من وجود أدلة وتقارير من الجهات المعنية، استمر عدد من المسؤولين الكبار في ممارسة مهامهم، بل جرت ترقيتهم أحياناً باسم قاعدة مقدسة خاصة بالقوى المحصنة. أما بالنسبة إلى الرئيس (تبون)، فلا هوادة في مسعاه لمكافحة الفساد». وهي إشارة من الصحيفة، المعروفة بقربها من الرئاسة، ضمناً، إلى فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، التي شهدت تفشي الفساد، وانتهت بسجن عشرات المسؤولين المدنيين والعسكريين بتهم «الفساد»، و«استغلال النفوذ لتحقيق مآرب شخصية»، و«التربح غير المشروع».
ولم تشرح الرئاسة عند إعلان عزل بوعكاز أسباب القرار، فيما كتبت مجلة فرنسية أنه «كان موضوع تحقيق»، منذ بداية العام الحالي، «يخص إدارة خدمته والموظفين العاملين بمديرية البروتوكول»، مشيرةً إلى أنه «ارتكب عدة تجاوزات في إدارة التشريفات الرئاسية»، خلال آخر مهمة له قبل إقالته، وذلك عندما رافق تبون في زيارة ميدانية بشرق البلاد.
كما قالت المجلة نفسها إن بوعكاز «محل اشتباه بربط صلات مع رجال أعمال سيئي السمعة»، وأبرزت أن التحقيقات التي أدت إلى إقالته «تناولت أيضاً حياته الشخصية، وعلاقاته مع مواطنة جزائرية، تسافر كثيراً إلى الخارج، مما أثار مخاوف من مخاطر التعاون مع قوى أجنبية».
ويعد بوعكاز، ثاني مسؤول حكومي بارز يدخل السجن بتهمة «الفساد»، منذ تولي تبون الحكم نهاية 2019. ففي فبراير (شباط) الماضي أدان القضاء كاتب الدولة لدى الوزير الأول، مكلف المؤسسات الصغيرة، نسيم ضيافات، بالسجن خمس سنوات مع التنفيذ، بناءً على تهم يتضمنها «قانون مكافحة الفساد والوقاية منه»، من بينها التبديد العمدي للمال العام، والاستعمال على نحو غير شرعي لممتلكات وأموال عمومية، ومنح امتيازات غير مبررة للغير، وإساءة استغلال الوظيفة بشكل متعمد على نحو يخرق القوانين والتنظيمات، وغسيل أموال، والحصول على امتيازات غير مبررة»، بينما برَّأت المحكمة زوجته، التي كان قاضي التحقيق قد وجَّه إليها بعضاً من هذه التهم.
واعتقلت السلطات بعد ثورة الشارع في 22 فبراير 2019، رفضاً لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، ثلاثة رؤساء حكومات سابقين بشبهة «الفساد»، هم: أحمد أويحيى (حُكم عليه بالسجن 15 عاماً)، وعبد المالك سلال (سُجن لـ12 عاماً)، ونور الدين بدوي (السجن أربع سنوات). كما سُجن عشرة وزراء على الأقل، أحدهم تُوفي قبل انتهاء محكوميته، متأثراً بفيروس كورونا عام 2020، وهو وزير البريد السابق موسى بن حمادي.
كما سجن القضاء العسكري عدداً كبيراً من المسؤولين، من بينهم مديرا الأمن الداخلي سابقاً، الجنرال بشير طرطاق، والجنرال واسيني بوعزة، وأمين عام وزارة الدفاع الجنرال عبد الحميد غريس، فضلاً عن إطلاق مذكرات اعتقال دولية ضد وجهاء من النظام، مدنيين وعسكريين، غادروا البلاد بعد انفجار الشارع.