الاتحاد الأوروبي يناقش خيارين للحفاظ على نقل الغاز عبر أوكرانيا

مصنع لمعالجة الغاز تابع لشركة «غازبروم» في منطقة أورينبورغ بروسيا (رويترز)
مصنع لمعالجة الغاز تابع لشركة «غازبروم» في منطقة أورينبورغ بروسيا (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يناقش خيارين للحفاظ على نقل الغاز عبر أوكرانيا

مصنع لمعالجة الغاز تابع لشركة «غازبروم» في منطقة أورينبورغ بروسيا (رويترز)
مصنع لمعالجة الغاز تابع لشركة «غازبروم» في منطقة أورينبورغ بروسيا (رويترز)

يناقش وزراء الطاقة الأوروبيون، الثلاثاء، استمرار استيراد الغاز الطبيعي الروسي الذي لا يزال يتدفق إلى المنطقة رغم الحرب في أوكرانيا التي تدخل الآن شتاءها الثالث.

في اجتماع في لوكسمبورغ، سيناقش وزراء من 27 دولة مدى استعداد المنطقة للشتاء مع قرب انتهاء اتفاقية نقل الغاز الرئيسية بين موسكو وكييف في 31 ديسمبر (كانون الأول). وقد أجبرت الحاجة إلى الحفاظ على أمن الطاقة الكتلة على البحث عن إمدادات غاز جديدة؛ مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة وفرض ضغوط على شبكة المنطقة، وفق «بلومبرغ».

وهناك خياران محتملان على الطاولة، لكن التوصل إلى اتفاق لا يزال بعيد المنال.

وتشير «بلومبرغ» إلى أن أوروبا يجب أن تستمر في فطام نفسها عن الوقود الأحفوري الروسي، من خلال الحد من استهلاك الغاز وتسريع تطوير مصادر الطاقة المتجددة.

ويظل خط الأنابيب الأوكراني أحد الطريقين المتبقيين لتدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا، لكن صادرات الغاز الطبيعي المسال لا تزال تدخل الاتحاد الأوروبي بكميات كبيرة.

خياران

المحادثات التي تهدف إلى استبدال تدفقات العبور جارية، لكن يبدو أن الاتفاق بعيد المنال مع بقاء أقل من ثلاثة أشهر قبل انتهاء الفترة الحالية. وقد أعرب كل من كييف وموسكو عن استعدادهما لإيجاد حل قد يشمل أذربيجان.

وفقاً لمصادر مطلعة على الأمر، من المرجح أن يأتي القرار النهائي في اللحظة الأخيرة أو حتى في أوائل عام 2024.

وتظل سلوفاكيا، إلى جانب النمسا، مشترياً رئيسياً للغاز العابر، وتفضّل الاستمرار في استخدام هذا الطريق.

وأحد الخيارات التي تُناقش هي استبدال أذربيجان بروسيا مورداً، لكن تفاصيل كيفية عمل هذا لا تزال غير واضحة. نظراً إلى الإمدادات المحدودة فإن صادرات الغاز من أذربيجان إلى أوروبا تتطلّب شكلًا من أشكال المقايضة مع روسيا، مما يجعل مثل هذه الصفقة مثيرة للجدل سياسياً.

خيار آخر هو أن تتولى شركة النفط الحكومية الأذربيجانية «سوكار دور غازبروم»، وتبيع الغاز مباشرة إلى أوروبا، أو يمكن للشركة تنظيم عبور الغاز عبر أوكرانيا.

تشير المصادر التي تحدثت إلى «بلومبرغ»، إلى أن الحجم يجب أن يكون نحو 10 - 11 مليار متر مكعب؛ لضمان النقل السلس عبر نظام خطوط الأنابيب الواسع في أوكرانيا. فمن شأن انخفاض الأحجام أن يستلزم حقن غاز إضافي، مما يجعل العملية غير مربحة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الشهر الماضي، إن «القرار في التعامل مع خط الأنابيب يعود إلى أوكرانيا، وبالتالي فإن التعامل معه بطريقة مناسبة ومسؤولة هو مسؤوليتها وحقها».

لقد كانت العلاقات بين روسيا وأوكرانيا بشأن نقل الغاز متوترة منذ انهيار الشيوعية، إذ أدت الخلافات إلى خفض الإمدادات مرتين في عامي 2006 و2009. ولا تسهّل المفوضية الأوروبية التي توسطت في الصفقات بين البلدين على مدى العقود الماضية، أي مفاوضات هذه المرة. وقالت، مراراً وتكراراً، إن أوروبا يمكن أن تتحمّل توقف نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا دون المساس بأمنها في مجال الطاقة.

إن مرافق تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي ممتلئة، والتدفقات عبر أوكرانيا تشكل حالياً أقل من 5 في المائة من إمدادات القارة. ولكن بالنسبة إلى دول، مثل سلوفاكيا والنمسا، فإن إيجاد مستوردين جدد قد يعني ارتفاع الأسعار، وهو أمر غير مرغوب فيه سياسياً.


مقالات ذات صلة

قطر تهدد بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا

الاقتصاد أنابيب لنقل الغاز في منشأة للغاز في ألمانيا (رويترز)

قطر تهدد بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا

هدَّد وزير الطاقة القطري سعد الكعبي، بوقف شحن الغاز للاتحاد الأوروبي حال تطبيق القانون الجديد الذي اعتمده الاتحاد مؤخراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد خط أنابيب الغاز الروسي المتجه إلى تركيا (إعلام تركي)

تركيا تحصل على إعفاء أميركي من العقوبات على مدفوعات الغاز لروسيا

أعفت الولايات المتحدة تركيا من العقوبات التي تفرضها على بنك «غازبروم» فيما يخص مدفوعاتها عن واردات الغاز الطبيعي من روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا المقر العام لـ«غازبروم» في موسكو (رويترز)

بوتين يسمح لمشتري الغاز الأجانب بالدفع لغير «بنك غازبروم» لتفادي العقوبات

أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما اليوم الخميس يسمح للمشترين الأجانب للغاز الروسي بالدفع بالروبل في بنوك روسية أخرى، وليس فقط من خلال بنك غازبروم.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد نموذج لناقلة غاز طبيعي مُسال أمام عَلم الصين (رويترز)

واردات الصين من الغاز الطبيعي المُسال تتراجع بأعلى معدل منذ عامين

تراجعت واردات الصين من الغاز الطبيعي المُسال بأعلى نسبة منذ نحو عامين نتيجة ارتفاع الأسعار، في الوقت الذي زاد الطلب خلاله على الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد «أركيوس للطاقة» ستُركز على تطوير أصول الغاز الإقليمية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المنطقة (الشرق الأوسط)

«بي بي» البريطانية و«إكس آر جي» الإماراتية تعلنان استكمال تأسيس «أركيوس للطاقة»

أعلنت «بي بي BP» البريطانية و«XRG» الإماراتية اليوم عن استكمال تأسيس الشركة الجديدة «أركيوس للطاقة» وهي عبارة عن منصة الغاز الطبيعي الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
TT

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي، حيث من المقرر أن تنتهي ولايته في مايو (أيار) 2026. وعليه، تتوجه الأنظار نحو تقييم إرثه والآفاق المستقبلية للبنك المركزي، بعد أن شكّلت فترة رئاسته مرحلة حرجة في تاريخ السياسة النقدية الأميركية، إذ واجه خلالها تحديات اقتصادية عالمية وتحولات غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وفيما يلي قائمة بأولوياته وطموحاته لإنهاء فترة قيادته بشكل إيجابي، وتقديم إرث يدوم في تاريخ «الاحتياطي الفيدرالي»، وفقاً لما أوردته «رويترز».

إشارة «توقف» واضحة

تتمثل المهمة الرئيسية لباول في «إتمام الهبوط الناعم» مع وصول التضخم إلى 2 في المائة والعمالة كاملة، في بيئة اقتصادية قد تكون أكثر تعقيداً بسبب السياسات الضريبية والجمركية والهجرة التي قد تجعل من الصعب فهم المشهد الاقتصادي، وفقاً لما صرح به دونالد كون، نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، الذي يعمل الآن زميلاً كبيراً في مؤسسة «بروكينغز».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت إلى باول بسبب تأخر رفع أسعار الفائدة في بداية تسارع التضخم في عام 2021، فإن الزيادات السريعة التي تم تنفيذها في أسعار الفائدة، والعودة التدريجية للاقتصاد العالمي إلى وضعه الطبيعي بعد جائحة كوفيد-19، قد جعلت التضخم قريباً من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة. لكن المهمة لم تكتمل بعد. على مدار العام المقبل، سيضطر باول إلى توجيه النقاش بين صانعي السياسة بشأن متى يجب التوقف عن خفض أسعار الفائدة دون المبالغة في ذلك، مما قد يؤدي إلى انتعاش التضخم، أو التباطؤ بشكل مفرط مما يتسبب في تدهور سوق العمل، مع الأخذ في الاعتبار السياسات الاقتصادية التي قد تنفذها إدارة ترمب الجديدة.

بيئة مالية مستقرة

وَعَدَ الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، بإجراء تغييرات واسعة في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة والتنظيمية التي قد تجعل مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في الحفاظ على الأسعار المستقرة وتحقيق التوظيف الكامل أكثر صعوبة. ومع احتمالية تشغيل الاقتصاد عند أو فوق إمكاناته، قد تؤدي الضرائب المنخفضة أو التنظيمات الأكثر تساهلاً إلى زيادة التضخم عن طريق تعزيز الطلب والنمو بشكل أكبر؛ بينما قد تؤدي عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين إلى تقليص العرض العمالي مما يضع ضغوطاً على الأجور والأسعار؛ كما يمكن أن ترفع التعريفات الجمركية من تكلفة السلع المستوردة.

لكن الآثار لن تكون أحادية الاتجاه، فأسعار الاستيراد المرتفعة قد تضعف الطلب أو تحول المستهلكين إلى البدائل المحلية، على سبيل المثال، مما يفرض على «الاحتياطي الفيدرالي» بذل جهد لفهم التأثير الكامل للسياسات التي قد يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، وقد يكون تحديد كيفية تأثير ذلك على القضايا التي تهم «الاحتياطي الفيدرالي»، مثل التضخم ومعدل البطالة، أحد التحديات الرئيسية لباول في المرحلة الأخيرة من قيادته للبنك المركزي.

نهاية هادئة للتشديد الكمي

شهدت حيازة «الاحتياطي الفيدرالي» للسندات الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري انفجاراً خلال جائحة كوفيد-19 في إطار جهوده للحفاظ على استقرار الأسواق ودعم التعافي الاقتصادي. الآن، يقوم البنك المركزي بتقليص ميزانيته العمومية مع انتهاء صلاحية الأوراق المالية المستحقة، وهي عملية تعرف بالتشديد الكمي.

وهناك حد لما يمكن أن تصل إليه الميزانية العمومية قبل أن تترك النظام المالي دون احتياطيات كافية. وبشكل عام، يرغب باول وزملاؤه في أن تستمر فترة الارتفاع لأطول فترة ممكنة، ولكنهم يريدون أيضاً تجنب تعطيل أسواق التمويل بين عشية وضحاها كما حدث في عام 2019.

كما أن العثور على نقطة التوقف الصحيحة وتحديد كيفية إدارة الميزانية العمومية في المستقبل هو جزء من العمل غير المكتمل من عملية الإنقاذ المالي المرتبطة بالوباء، التي يحتاج باول إلى إتمامها لإعادة السياسة النقدية إلى «طبيعتها».

إطار عمل أقوى

جزء من إرث باول سيكون مرتبطاً بالتغييرات في استراتيجية السياسة النقدية التي ناقشها «الاحتياطي الفيدرالي» في عام 2019، ووافق عليها في عام 2020، عندما كان تركيز البنك المركزي مُنصبّاً على معالجة البطالة الضخمة التي نشأت بسبب الجائحة. ومع عقد من التضخم المنخفض كخلفية، اعتمدوا إطار عمل جديداً يضع وزناً أكبر على تعافي سوق العمل، ووعد باستخدام فترات التضخم المرتفع لتعويض الأخطاء السابقة في استهداف التضخم.

لكن هذا النهج أصبح سريعاً غير متوافق مع اقتصاد تعافى فيه سوق العمل بسرعة، وفي عام 2021 بدأت تظهر علامات على تصاعد التضخم.

واعترف باول بأن التغييرات التي أشرف عليها في 2020 كانت مركزة على مجموعة من الظروف التي من المحتمل أن تكون فريدة، وسوف يتم مراجعتها هذا العام لتحديد ما إذا كان يجب تعديل الإطار مرة أخرى.

وتكمن أحد التحديات في كيف يمكن التأكد من أن الإرشادات التشغيلية تتجنب الالتزام المفرط بأي من ولايتين لـ«الاحتياطي الفيدرالي». وقال إد الحسيني، الاستراتيجي الكبير في الأسواق العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل»: «إذا خرج (الاحتياطي الفيدرالي) من هذه الحلقة مع تركيز أقل على التوظيف مقارنة بالتضخم، فإننا نعرض أنفسنا للعودة إلى بيئة حيث يتجاوز التضخم الهدف، وتستغرق تعافي الوظائف من الركود وقتاً أطول من اللازم».

تجنب حرب تنظيمية

بالإضافة إلى السياسة المالية، قد تحاول إدارة ترمب إجراء إصلاحات في كيفية تنظيم البنوك، وهي منطقة يتولى فيها «الاحتياطي الفيدرالي» مسؤولية مباشرة بوصفه جهة إشرافية، بالإضافة إلى اهتمامات أوسع تتعلق بالاستقرار المالي والسياسة النقدية مثل «المقرض الأخير» للمؤسسات المالية التي تتمتع بالجدارة الائتمانية ولكنها تواجه ضغوطاً في الأسواق.

وركز باول الكثير من وقته بصفته رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس، وهذه الروابط قد تكون مهمة مع مناقشة المشرعين للتغييرات المحتملة في لوائح البنوك والهيكل الإشرافي الذي يُنفذ هذه التغييرات.

وقال ديفيد بيكويرث، زميل أبحاث أول في مركز مرشاتوس بجامعة «جورج ميسون»: «أعتقد أنه ستكون هناك بعض المحاولات الكبيرة من إدارة ترمب لتغيير كيفية تنفيذ الحكومة الفيدرالية للسياسة المالية»، وأضاف: «قد تكون هناك أيضاً دعوات لإصلاح (الاحتياطي الفيدرالي) بشكل عام. آمل أن يضع باول (الاحتياطي الفيدرالي) في أفضل وضع ممكن للتعامل مع التغيير الكبير المحتمل».