«لم يكن أمامي خيار سوى البقاء والولادة هنا»... لبنانية تضع طفلتها وسط الصراع

طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)
طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)
TT

«لم يكن أمامي خيار سوى البقاء والولادة هنا»... لبنانية تضع طفلتها وسط الصراع

طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)
طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)

كانت اللبنانية تهاني ياسين في الأشهر الثلاثة الأخيرة من حملها عندما اختارت العودة إلى مسقط رأسها في العاصمة بيروت لتلد طفلتها.

ورغم أنها كانت تعيش في غينيا الاستوائية مع زوجها وأطفالها الثلاثة، فإن ثقتها في نظام الرعاية الصحية في لبنان كانت أكبر.

ولكن بعد أيام قليلة من وصولها إلى بيروت، بدأت تهاني تشعر بالندم على قرارها. فقد كثّفت إسرائيل حملتها العسكرية في لبنان، مستهدفة معاقل جماعة «حزب الله» في الجنوب وسهل البقاع في الشرق والضاحية الجنوبية لبيروت، بالقرب من منزلها، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

ورغم أن منطقتها لم تتعرض لقصف مباشر، فإن الضربات كانت قريبة منها على نحو يثير الانزعاج، كما بدأت تهاني تشعر بالخوف بسبب صوت الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تخترق حاجز الصوت وتحلق على ارتفاع منخفض.

وبسبب حرصها على سلامة طفلتها، التي لم تكن قد وُلدت بعد، انتقلت تهاني (36 عاماً) إلى شقة بالقرب من المستشفى الذي كان من المقرر أن تضع فيه مولودتها.

طبيب التوليد وأمراض النساء نيكولا بعقليني يتحدث مع تهاني ياسين بعد أن أنجبت مؤخراً في مستشفى طراد في بيروت (رويترز)

وقالت لـ«رويترز»، بعد ساعات من الولادة في مستشفى طراد، بوسط بيروت، في 10 أكتوبر (تشرين الأول): «أخبرني أطبائي بأنني في مرحلة متقدمة للغاية من حملي، ولا أستطيع السفر. لم يكن أمامي خيار سوى البقاء والولادة هنا».

وبينما كانت مستلقية على سريرها في المستشفى بجانب طفلتها المولودة حديثاً، أبدت تهاني ارتياحها لأنها وطفلتها بصحة جيدة، وهي تجربة مختلفة للغاية بالنسبة لعدد كبير من الأمهات الحبليات، في ظل الصراع المتصاعد في لبنان.

ويقول الدكتور نيكولا بعقليني، إخصائي أمراض النساء والتوليد في بيروت، إنه لاحظ زيادة في حالات الولادة المبكرة ووفيات الأجنة منذ بدء الأعمال القتالية العام الماضي.

وقال بعقليني (61 عاماً)، الذي يملك عيادة خاصة، ويعمل أيضاً في عدة مستشفيات في بيروت: «عدد وفيات الأجنة الذين ماتوا في أرحام أمهاتهم زاد أكثر، وهو أمر صادم».

وأضاف: «هناك كثير من التشوهات، وما يثير الدهشة هو أن كثيراً من زملائي لاحظوا الشيء ذاته. عندما... تكون هناك حالتا وفاة لجنينين داخل الرحم في عام واحد، ثم فجأة يرتفع الرقم إلى نحو 15 في غضون شهرين، فهذا يشير إلى أن هناك خطأ ما».

فرار الأمهات

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في نداء عاجل، نشره في أكتوبر الحالي، إن هناك نحو 11600 امرأة حبلى في لبنان، وتوقع أن تضع نحو 4 آلاف منهن أطفالهن خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

ونزح عدد كبير منهن وسط معاناة من عدم توفر المأوى والتغذية والتدابير الصحية المناسبة. وأصبح حصول الأم على رعاية آمنة قبل الولادة وبعدها، فضلاً عن رعاية الطفل، من الأمور التي في غاية الصعوبة.

وذكرت الحكومة اللبنانية أن الحملة الإسرائيلية أجبرت نحو 1.2 مليون شخص على النزوح من منازلهم منذ تصاعد الحرب في أواخر سبتمبر (أيلول).

واندلع الصراع بين إسرائيل ومقاتلي «حزب الله» قبل عام عندما بدأت الجماعة المدعومة من إيران في إطلاق صواريخ على شمال إسرائيل دعماً لحركة «حماس» في بداية حرب غزة.

طفل خديج في حاضنة بمستشفى طراد في بيروت (رويترز)

وفي وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في مستشفى طراد، شوهد بعقليني وهو يداعب قدمي طفلة رضيعة في إحدى الحاضنات. ووُلدت تلك الطفلة وشقيقها التوأم قبل الموعد المقرر لأم اضطرت إلى إخلاء منزلها في جنوب بيروت بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.

ويعتقد بعقليني أن الانقباضات المبكرة التي شعرت بها الأم سببها عدة عوامل، منها الضغوط الناجمة عن القصف واضطرارها إلى الفرار.

وقال إن جميع أسرّة العناية المركزة مشغولة، وعزا ذلك إلى زيادة القصف.

وقال بعقليني: «ليس الذعر هو ما يدفع الأمهات إلى الولادة. بل الجري والسقوط والتعرض لصدمة في البطن هو ما يؤدي إلى الانقباضات، ما يؤدي إلى الولادة المبكرة».


مقالات ذات صلة

ما الملفات التي سيبحثها «عراقجي» خلال زيارته المتوقعة للقاهرة؟

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقاء نظيره الإيراني عباس عراقجي على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية المصرية)

ما الملفات التي سيبحثها «عراقجي» خلال زيارته المتوقعة للقاهرة؟

ملفات عديدة تحملها الحقيبة الدبلوماسية لوزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في أول زيارة متوقعة للقاهرة، منذ تولّيه منصبه قبل نحو شهرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية مروحية تقلع بعد نقلها مصابين في الانفجار إلى مركز طبي في رامات جان وسط إسرائيل (أ.ف.ب)

مسيّرة لـ«حزب الله» تسقط عشرات الجرحى في إسرائيل

أعلنت خدمات الإسعاف الإسرائيلية، مساء الأحد، أن هجوماً بمسيرة أدى إلى جرح العشرات قرب بنيامينا وسط إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي أولى طائرات الجسر الجوي الإنساني السعودي على مطار بيروت الدولي (أ.ب)

جسر جوي سعودي لإغاثة الشعب اللبناني بـ350 طناً من المساعدات

أكد السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري «اهتمام المملكة بلبنان الشقيق»، معلناً أن «الجسر الجوي سيتوالى طيلة الأيام القادمة ليشمل المواد الغذائية والإغاثية كافة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية تتوغل داخل الأراضي اللبنانية قرب السياج الفاصل مع لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تقاتل في 7 نقاط داخل الأراضي اللبنانية وتنتهك مواقع الـ«يونيفيل»

ينقل الجيش الإسرائيلي استراتيجية القتال في القطاع الشرقي في جنوب لبنان، إلى القطاع الغربي، حيث طبق تكتيك التوغل على الأطراف، والانتقال إلى الوسط.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير خلال يونيو 2013 (أ.ف.ب)

حذر متبادل يزعزع شبكات «حزب الله» الاجتماعية بين سوريا ولبنان

تحول الحضور الأمني والعسكري لـ«حزب الله» في المناطق الحدودية السورية - اللبنانية، إلى حضور اجتماعي طاغٍ مع تواصل تدفق عائلات من حاضنته الشعبية في لبنان.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

غوتيريش: الهجمات على الـ«يونيفيل» قد ترقى إلى مستوى جريمة حرب

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
TT

غوتيريش: الهجمات على الـ«يونيفيل» قد ترقى إلى مستوى جريمة حرب

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الأحد)، من أن أي هجمات على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) «قد تشكل جريمة حرب»، وذلك بعد أن اقتحمت دبابتان إسرائيليتان بوابات قاعدة لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان.

وقالت الـ«يونيفيل» إنّ دبابتين إسرائيليتين دخلتا أحد مواقعها «عنوة»، اليوم، في بلدة لبنانية حدودية، بعد منع قوات إسرائيلية وحداتها في اليوم السابق من المرور قرب بلدة حدودية أخرى.

وأوردت «القوة»، في بيان، أنه بعد عبور قوات إسرائيلية الحدود في بلدة رامية، دمرت «دبابتان من طراز (ميركافا) تابعتان للجيش الإسرائيلي البوابة الرئيسية للموقع ودخلتاه عنوة»، ثم غادرتا «بعد نحو 45 دقيقة».

وقالت إن إطلاق رشقات نارية لاحقاً شمال الموقع ذاته «أدى إلى انبعاث دخان كثيف» عانى على أثره «15 جندياً لقوات حفظ سلام من آثار ذلك، بما في ذلك تهيج الجلد ومشكلات في المعدة».

جاء ذلك بعدما كان جنود إسرائيليون أوقفوا أمس «حركة لوجيستية شديدة الأهمية لـ(يونيفيل) بالقرب من ميس الجبل، ومنعوها من المرور»، وفق البيان.