ليبيا: ترقّب لتدشين خوري «ملتقى الحوار السياسي»

يركز على حلحلة الأزمة السياسية الراهنة وإجراء الانتخابات العامة

خوري أمام مجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية)
خوري أمام مجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية)
TT

ليبيا: ترقّب لتدشين خوري «ملتقى الحوار السياسي»

خوري أمام مجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية)
خوري أمام مجلس الأمن الدولي (البعثة الأممية)

عكست الإحاطة الأخيرة للمبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري، أمام مجلس الأمن نوعاً من الترقب لإعلانها قريباً عن تدشين «ملتقى للحوار السياسي» يناقش الأزمة الراهنة، ودفع البلاد نحو إجراء الانتخابات العامة.

وكانت خوري قد أكدت أمام مجلس الأمن الدولي عزمها «دفع العملية السياسية في ليبيا خلال الأسابيع المقبلة؛ بهدف كسر الجمود الراهن، ومعالجة أسباب الصراع الطويل الأمد، والمضي قدماً نحو إجراء الانتخابات». كما تعهدت بـ«تبديد التصور بأن منظمتها والمجتمع الدولي يعملان فقط على إدارة الأزمة في ليبيا، وليس معالجتها».

يرى معزب أن ما دفع الأفرقاء الليبيين لإبداء مرونة في أزمة المصرف المركزي هو تخوفهم من احتقان الشارع (رويترز)

بداية، يرى عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن ما دفع الأفرقاء الليبيين لإبداء مرونة في أزمة المصرف المركزي هو تخوفهم من احتقان الشارع، معرباً عن قناعته بنجاح خوري في «توظيف هذا الأمر بحلحلة أزمة المؤسسة المالية الأهم بالبلاد»، وبأنه بإمكان خوري «توظيف تخوف الأفرقاء الليبيين من احتقان الشارع والبناء عليه لإنهاء المراحل الانتقالية التي تمر بها ليبيا، والوصول فعلياً إلى محطة الانتخابات».

وانضم معزب لعدد من الأصوات السياسية، التي ترجح تدشين خوري لـ«ملتقى حوار سياسي»، على غرار الملتقى الذي شكّلته المبعوثة السابقة، ستيفاني ويليامز، نهاية عام 2020، ونتج عنه السلطة التنفيذية بداية العام التالي.

كما يعتقد معزب أن هذا الملتقى «سوف ينتزع الشرعية» من مجلسي النواب و«الدولة»، إذا ما بدأ فعلياً جلسات النقاش للوصول إلى تفاهمات حول القضايا التي تعوق إجراء الانتخابات، لافتاً إلى شروط الترشح للرئاسة التي وردت بقانون الانتخاب، والتي لا تزال محل نزاع سياسي، رغم أنه يجب الانتهاء منها قبل التوافق على تشكيل حكومة تشرف على إجراء الاستحقاق. وفي هذا السياق، يرى معزب أن استعادة البعثة الأممية الثقةَ المفقودة من الشارع الليبي بشأن دورها «تتوقف على حسن اختيار أعضاء هذا الملتقى السياسي الجديد، ومدى قدرتهم على الوصول لتوافقات حقيقية».

خوري تطرقت أمام مجلس الأمن إلى الاستعدادات الجارية للانتخابات المحلية في 60 بلدية (الشرق الأوسط)

وتطرقت خوري، أمام مجلس الأمن، إلى الاستعدادات الجارية للانتخابات المحلية في 60 بلدية، معبرة عن تطلع الأمم المتحدة إلى «انتخابات محلية ناجحة» في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

من جهته، أشار عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، إلى أن «جدية خوري في الوفاء بتعهداتها مرهونة بتوفير مجلس الأمن الدعم الكافي لخطتها في ليبيا، وذلك بالوصول لتفاهمات بين الدول الفاعلة والمتدخلة في الملف الليبي، ومن بينها روسيا وأميركا».

وأرجع الزرقاء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، تعقيدات المشهد الليبي بدرجة كبيرة إلى «تدخلات الدول الكبرى في إطار تضارب مصالحها بالبلاد، إضافة إلى انقسام السلطة التنفيذية ومناكفات الأفرقاء».

باتيلي وجّه انتقادات حادة للقادة الليبيين متهماً إياهم بـ«تفضيل مصلحتهم الشخصية على مصلحة ليبيا» (أ.ب)

وكان الدبلوماسي السنغالي البارز، عبد الله باتيلي، قد وجه انتقادات حادة للقادة الليبيين، في خطاب استقالته من رئاسة البعثة الأممية، منتصف أبريل (نيسان) الماضي، متهماً إياهم بـ«التعنت والأنانية، وتفضيل مصلحتهم الشخصية على مصلحة ليبيا».

ودعا الزرقاء إلى تقليل التوقعات بشأن قدرة خوري وحدها، دون دعم مجلس الأمن، على إحداث اختراق بملف الأزمة السياسية، على الرغم من قدرتها على إنجاز تسوية في ملف المركزي الليبي.

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والثانية حكومة مكلفة من البرلمان، تدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، برئاسة أسامة حماد.

من جانبه، انضم رئيس مؤسسة «سلفيوم» للأبحاث والدراسات، الليبي جمال شلوف، لقطاع واسع من الليبيين الذين يحمّلون جانباً من المسؤولية عن تصاعد الأزمة السياسية «لأداء البعثة»، مستبعداً «إمكانية تحقيقها أي إنجاز يحسب لها في الوقت الراهن».

ووجه شلوف انتقادات للبعثة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها «لم تسع لحل قضية التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية، رغم تكرار إشارة العديد من المراقبين وخبراء مجلس الأمن بشأن خطورة تلك التشكيلات وقادتها على الوضعَين: السياسي والأمني».

شلوف وجه انتقادات للبعثة لأنها «لم تسع لحل قضية التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية» (إ.ب.أ)

ونظراً لجنسيتها الأميركية، ينسب بعض الليبيين أي دور أو تحرك لخوري إلى أنه يلبي رغبات صناع القرار في واشنطن، وليس الأمم المتحدة. لكن آخرين يرون أنها تسعى جاهدة لإيجاد تقارب بين الليبيين.

وكان ملتقى الحوار السياسي، الذي انعقد ما بين تونس وجنيف، قد نجح مطلع فبراير (شباط) 2021 في انتخاب سلطة تنفيذية ممثلة في محمد المنفي، رئيساً للمجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة لقيادة حكومة «الوحدة».


مقالات ذات صلة

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في مدينة بوزنيقة المغربية (رويترز)

«إزاحة» المنفي والدبيبة... محاولة ليبية على وقع انقسام سياسي

تجاهلت سلطات العاصمة الليبية التعليق على اتفاق بين ممثلين لمجلسي النواب و«الدولة» في المغرب يقضي بإزاحتها من الحكم، وسط ترحيب من جبهة شرق البلاد.

جمال جوهر (القاهرة)

صفقة سلاح أميركية جديدة لمصر تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
TT

صفقة سلاح أميركية جديدة لمصر تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأميركية أنها وافقت على بيع معدات عسكرية لمصر، تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار، وهو ما عده خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، اليوم السبت، «تعزيزاً للشراكة الاستراتيجية بين البلدين»، مشيرين إلى أن الصفقة تأتي في ظل تقارب بين القاهرة وواشنطن، ومساعي الجانبين لوقف التصعيد في المنطقة.

وبحسب إفادة رسمية لـ«الخارجية الأميركية»، فإن الوزارة أبلغت الكونغرس الأميركي بموافقتها على «بيع تجهيزات خاصة بـ555 دبابة من طراز (إيه1 إم1 أبرامز) الأميركية الصنع، بقيمة 4.69 مليار دولار، و2183 صاروخ جو - أرض من طراز (هلفاير) بقيمة 630 مليون دولار، وذخائر موجّهة بقيمة 30 مليون دولار». (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في البيان الذي نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الصفقة «ستعزز السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال تحسين أمن بلد حليف أساسي من خارج حلف شمال الأطلسي، يبقى شريكاً استراتيجياً مهماً في الشرق الأوسط».

ونقلت وكالة «رويترز» عن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، قولها مساء الجمعة، إن «تجديد ودعم معدات الدبابة (إبرامز) يشكلان الجانب الأكبر من صفقة الأسلحة الجديدة المعلن عنها»، موضحة أن الشركة المتعاقدة هي «جنرال داينامكس لاند سيستمز».

من لقاء سابق بين الرئيس المصري ووزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن خلال زيارته لمصر في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

وعد الخبير الاستراتيجي وعضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، الصفقة «تعزيزاً لقدرات القوات المسلحة المصرية» وقال إنها «تأتي في إطار مساعي القاهرة المستمرة في تجديد وتطوير وتنويع التسليح». مبرزاً أن واشنطن «تعد القاهرة حليفاً استراتيجياً من خارج حلف الناتو، وموافقتها على صفقة التسليح الجديدة تأتي في إطار هذه الشراكة المهمة للبلدين».

بدوره، أكد الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «أهمية الصفقة بالنسبة لمصر، في إطار تجديد وتطوير التسليح، وتعزيز الأمن القومي للبلاد، لا سيما التطورات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة».

وأوضح فرج أن موافقة واشنطن على الصفقة «تؤكد إدراكها لأهمية مصر بوصفها شريكاً استراتيجياً، وأن استقرار القاهرة ضروري لاستقرار منطقة الشرق الأوسط كلها». مضيفاً أن مصر «دولة محورية في المنطقة، وتلعب دوراً مهماً في تهدئة التصعيد والوساطة من أجل هدنة في غزة، والولايات المتحدة تدرك أهميتها».

وتلعب مصر، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، دوراً رئيسياً في الوساطة من أجل هدنة في قطاع غزة.

في سياق ذلك، أشار فرج إلى أن الموافقة على الصفقة «تأتي في ختام ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، وذلك في إطار رغبة الإدارة الأميركية في تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع مصر، التي ظهرت من قبل، عند إلغاء الحظر على جزء من المساعدات العسكرية لمصر».

وكانت واشنطن قد علقت خلال السنوات القليلة الماضية، نحو 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقدمة لمصر، بعد ربطها باشتراطات تتعلق بملف حقوق الإنسان. لكن في سبتمبر (أيلول) الماضي، قررت الولايات المتحدة الأميركية عدم تعليق جزء من مساعداتها العسكرية لمصر، لتحصل القاهرة على كامل قيمتها، البالغة 1.3 مليار دولار، وذلك للمرة الأولى منذ وصول الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض، في خطوة عدها مراقبون آنذاك مؤشراً على «إدراك واشنطن لأهمية القاهرة في المنطقة».

وتحصل مصر على مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 1.3 مليار دولار، منذ توقيع اتفاق السلام بينها وبين إسرائيل. وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في عام 2017 إن بلاده «قدمت إلى مصر مساعدات عسكرية بأكثر من 40 مليار دولار، ومساعدات اقتصادية بأكثر من 30 مليار دولار منذ التوقيع على معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية في عام 1979».

وتوقع الخبير العسكري المصري أن تسمح الصفقة الجديدة برفع تصنيف الجيش المصري على مؤشر «غلوبال فاير باور». علماً بأن الجيش المصري يحتل المركز الـ15 عالمياً من حيث القوة العسكرية بين 145 دولة، وفقاً لـ«غلوبال فاير باور».