تقنية منخفضة التكلفة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية

يجلس الباحث جوناثان بيسيت فوق مقطورة تحتوي على نظام التحلية الجديد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
يجلس الباحث جوناثان بيسيت فوق مقطورة تحتوي على نظام التحلية الجديد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
TT

تقنية منخفضة التكلفة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية

يجلس الباحث جوناثان بيسيت فوق مقطورة تحتوي على نظام التحلية الجديد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
يجلس الباحث جوناثان بيسيت فوق مقطورة تحتوي على نظام التحلية الجديد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

طوّر مهندسو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة تقنية جديدة لتحلية المياه تعمل وفقاً للإيقاع الشمسي، وبالتالي لا تتطلب بطاريات إضافية باهظة التكلفة لتخزين الطاقة في الأوقات التي لا تتوفر فيها أشعة الشمس.

ووفق باحثي الدراسة المنشورة، الثلاثاء، في دورية «نيتشر واتر Nature Water»، فإن هذه التقنية يمكن أن توفر مياه شرب نظيفة بتكلفة منخفضة للمجتمعات الفقيرة والغنية على السواء.

وتقوم التقنية الجديدة التي تعمل بالطاقة الشمسية بإزالة الملح من المياه بوتيرة تتبع مستمرة، تتوافق مع التغيرات التي تحدث في الطاقة الشمسية. فمع زيادة ضوء الشمس على مدار اليوم، تقوم بتكثيف عملية تحلية المياه، بحيث تتكيف تلقائياً مع أي تغير مفاجئ في ضوء الشمس، على سبيل المثال تقلل سرعتها استجابة لسحابة عابرة أو تزيدها عند صفاء السماء.

ونظراً لأن التقنية يمكنها الاستجابة بسرعة للتغيرات الطفيفة في ضوء الشمس، فإنها تزيد من فائدة الطاقة الشمسية، وتنتج كميات كبيرة من المياه النظيفة على الرغم من الاختلافات في ضوء الشمس طوال اليوم.

وعلى النقيض من تصميمات تحلية المياه الأخرى التي تعمل بالطاقة الشمسية، لا تتطلب التقنية الجديدة بطاريات إضافية لتخزين الطاقة، ولا مصدر طاقة إضافياً، كشبكات الطاقة.

اختبر المهندسون نموذجاً أولياً على آبار المياه الجوفية في نيو مكسيكو بالولايات المتحدة على مدى 6 أشهر، وعملوا في ظروف جوية وأنواع مياه متغيرة. وقد استغلت التقنية الجديدة في المتوسط ​​أكثر من 94 في المائة من الطاقة الكهربائية المولدة من الألواح الشمسية لإنتاج ما يصل إلى 5 آلاف لتر من المياه يومياً، على الرغم من التقلبات الكبيرة في الطقس ومقدار أشعة الشمس المتاحة.

ويقول آموس وينتر، أستاذ الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «تتطلب تقنيات تحلية المياه التقليدية مصدراً للطاقة الثابتة، ما يتطلب ما يعرف بـ(أنظمة تخزين طاقة البطاريات) لتيسير الاستفادة من مصدر طاقة متغير مثل الطاقة الشمسية».

ويوضح في بيان صادر، الثلاثاء: «من خلال تغيير معدلات استهلاك الطاقة باستمرار بالتزامن مع الشمس، تستخدم تقنيتنا الطاقة الشمسية بشكل مباشر وفعال لصنع المياه النظيفة».

ويضيف: «القدرة على صنع مياه الشرب باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، دون الحاجة إلى تخزين البطاريات، تشكل تحدياً كبيراً. وقد نجحنا في تحقيق ذلك».

ويهدف النظام الجديد إلى تحلية المياه الجوفية المالحة، وهو مصدر مالح للمياه يوجد في الخزانات الجوفية، ويعد أكثر انتشاراً من موارد المياه الجوفية العذبة.

مصدر غير مستغل

ويرى الباحثون أن المياه الجوفية المالحة تشكل مصدراً ضخماً غير مستغل لمياه الشرب المحتملة، خاصة أن احتياطيات المياه العذبة تعاني من نقص في أجزاء من العالم. وهم يتصورون أن النظام الجديد المتجدد الخالي من البطاريات يمكن أن يوفر مياه الشرب التي تشتد الحاجة إليها بتكلفة منخفضة، وخاصة للمجتمعات الداخلية التي يكون الوصول فيها إلى مياه البحر وطاقة الشبكة الكهربائية محدوداً.

«ويعيش غالبية السكان في الولايات المتحدة بعيداً عن الساحل. وبالتالي، يعتمدون بشكل كبير على المياه الجوفية، خصوصاً في المناطق النائية ذات الدخل المنخفض. ومن المؤسف أن هذه المياه الجوفية أصبحت أكثر ملوحة بسبب تغير المناخ»، كما يقول جوناثان بيسيت، طالب الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مؤكداً على أنه «يمكن لهذه التقنية الجديدة أن توفر مياه نظيفة مستدامة وبأسعار معقولة للأماكن التي لا تصل إليها المياه في جميع أنحاء العالم».

وقام المهندسون بدمج استراتيجية التحكم الجديدة في نظام آلي بالكامل، قاموا بتعديل حجمه بحيث يتناسب مع تحلية المياه الجوفية المالحة بكمية يومية تكفي لتزويد مجتمع صغير يبلغ عدد سكانه نحو 3 آلاف شخص.

مياه جوفية

قاموا بتشغيل النظام لمدة 6 أشهر على عدة آبار في منشأة الأبحاث الوطنية للمياه الجوفية المالحة في ألاموغوردو، في نيو مكسيكو. وخلال التجربة، عمل النموذج الأولي في ظل مجموعة واسعة من الظروف الشمسية، حيث سخّر أكثر من 94 في المائة من الطاقة الكهربائية للوحة الشمسية، في المتوسط، لتشغيل تحلية المياه بشكل مباشر.

يقول وينتر: «بالمقارنة بالطريقة التقليدية التي يصمم بها نظام تحلية المياه بالطاقة الشمسية، فقد خفّضنا سعة بطارية تخزين الطاقة المطلوبة بنحو 100 في المائة».

ويخطط المهندسون لمزيد من اختبارات النظام وتوسيع نطاقه على أمل تزويد المجتمعات الأكبر، حتى البلديات بأكملها، بمياه شرب منخفضة التكلفة ومدعومة بالكامل بأشعة الشمس. ومن المقرر أن يطلق الفريق شركة تعتمد على تقنيتهم ​​في الأشهر المقبلة.


مقالات ذات صلة

تدشين أول محطة لتصنيع شواحن السيارات الكهربائية بمدينة الملك سلمان للطاقة

الاقتصاد بدأت شركة «سمارت موبيلتي» أعمال الإنشاء لأول منشأة تصنيع لها في «سبارك» (الشرق الأوسط)

تدشين أول محطة لتصنيع شواحن السيارات الكهربائية بمدينة الملك سلمان للطاقة

دُشّنت في مدينة الملك سلمان للطاقة، شرق السعودية، أول محطة لتصنيع شواحن السيارات الكهربائية، ودُشّنت أول محطة شحن للمركبات الكهربائية في «سبارك».

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد العاصمة العمانية مسقط (الشرق الأوسط)

عُمان وبوتسوانا توقعان اتفاقيات لتعزيز الشراكة في الطاقة والتعدين

وقّعت سلطنة عُمان وبوتسوانا، يوم السبت، اتفاقيات تهدف إلى وضع اللبنة الأولى لشراكة استثمارية طويلة الأجل تشمل قطاعات الطاقة والتعدين.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
يوميات الشرق الخلايا الشمسية الجديدة تبقى فعالة عند درجات حرارة مرتفعة (جامعة سنغافورة الوطنية)

خلايا شمسية جديدة عالية الكفاءة مقاومة للحرارة

طوّر فريق بحثي بجامعة سنغافورة الوطنية مادة مبتكرة لتعزيز استقرار الخلايا الشمسية الهجينة المكوّنة من البيروفيسكايت والسيليكون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مركز التحكم التابع لهيئة الربط الكهربائي الخليجي في الدمام (الموقع الإلكتروني للهيئة)

«هيئة الربط الخليجي» تخطط لاستثمار 3.5 مليار دولار لتصبح مركزاً إقليمياً لتصدير الكهرباء

قال أحمد الإبراهيم الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي إن الهيئة تتطلع إلى أن تصبح مركزاً إقليمياً لتصدير الطاقة إلى الدول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد شعار شركة «شل» (رويترز)

«شل» تتخارج من مشروعين لطاقة الرياح قبالة سواحل المملكة المتحدة

أعلنت شركة شل، يوم الاثنين، أنها تخارجت من مشروعيْ «مارام ويند» و«كامبيون ويند» قبالة سواحل أسكوتلندا، بعد مراجعة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

وضع حجر الأساس لـ«حديقة رفيق الحريري» على الواجهة البحرية

الرئيس نواف سلام مفتتحاً حديقة رفيق الحريري (مصمم الحديقة فلاديمير دجوروفيك)
الرئيس نواف سلام مفتتحاً حديقة رفيق الحريري (مصمم الحديقة فلاديمير دجوروفيك)
TT

وضع حجر الأساس لـ«حديقة رفيق الحريري» على الواجهة البحرية

الرئيس نواف سلام مفتتحاً حديقة رفيق الحريري (مصمم الحديقة فلاديمير دجوروفيك)
الرئيس نواف سلام مفتتحاً حديقة رفيق الحريري (مصمم الحديقة فلاديمير دجوروفيك)

على مساحة 80 ألف متر مربعٍ ستُقام «حديقة رفيق الحريري» التي تُعدّ واحدة من أجمل الحدائق العامة في بيروت وأضخمها. وقد وُضع حجر الأساس لها على الواجهة البحرية للعاصمة، بحضور رئيس الحكومة نواف سلام، وبمشاركة عدد كبير من الشخصيات اللبنانية، وفي مقدّمتهم النائبة السابقة بهية الحريري، شقيقة الرئيس الراحل.

يتكوّن المشروع من جزأين متكاملين: مساحة الحديقة التي تمتد على 80 ألف متر مربع، والممشى البحري المتفرّع منها بمساحة 44 ألف متر مربع، ليشكّلا معاً قلب الواجهة البحرية لبيروت. وتضمّ الحديقة مساحات خضراء واسعة، وأكثر من 2500 شجرة، وعشرات الآلاف من الشجيرات والنباتات، ما يجعلها متنفساً طبيعياً لسكّان العاصمة وزوّارها.

وتعتمد الحديقة نظاماً متقدّماً للاستدامة المائية. ويشمل التصميم خزّانات ضخمة لتجميع مياه الأمطار. وشبكة كاملة لري المساحات الخضراء، بما يوفّر لها اكتفاءً ذاتياً من المياه ويجعلها جزءاً من منظومة بيئية متكاملة في قلب المدينة.

كما تحتضن الحديقة شبكة مسارات مخصّصة للتنزّه وممارسة مختلف الأنشطة، تنتهي بمدرّج مفتوح على البحر، يتيح للزوّار متعة المشهد البحري.

ممرات خاصة للمشي داخل الحديقة (مصمم الحديقة فلاديمير دجوروفيك)

يُذكر أنّ المشروع يأتي ثمرة لاتفاق أُبرم عام 1994 بين شركة «سوليدير» والدولة اللبنانية، وقد واكبه «مجلس الإنماء والإعمار» منذ انطلاقته.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، يروي مصمم الحديقة ومنفّذها، المهندس فلاديمير دجوروفيك، قائلاً: «هذا المشروع طرحه الرئيس الراحل رفيق الحريري قبل سنوات طويلة من استشهاده. وقد اجتمعت معه مراراً لمناقشة الصورة التي يجب أن تبدو عليها الحديقة. كما عملنا معاً على مشروعات حدائق أخرى، بينها حديقة السرايا الكبير». ويضيف: «كان الرئيس الحريري يرغب بأن تكون هذه المساحة الخضراء مشهداً طبيعياً يُثري العاصمة، على غرار الحدائق الكبرى في مدن عالمية، مثل (سنترال بارك) في نيويورك، وحديقة (لوكسمبورغ) في باريس».

ويشرح دجوروفيك أنّ مساحة الحديقة تعادل 3 أضعاف مساحة حديقة متحف «Nezu»في طوكيو، وأن لها 3 مداخل رئيسية يمكن للزائرين الدخول منها. وتنبع أهميتها من طبيعة المناظر التي تحتضنها، إذ تطلّ مباشرة على البحر المتوسط، حيث يحلو تأمّل مشهد الغروب. أما الغابة التي تشكّل جزءاً أساسياً منها، فستُزرع بأشجار تنمو أصلاً على الساحل اللبناني، وتشمل 4 أنظمة بيئية منتشرة على امتداده، من بينها الصنوبر، والسنديان، وأنواع تعيش قرب المياه المالحة كما في منطقة الناقورة.

ويؤكد دجوروفيك أنّ بيروت تفتقر بشدّة إلى المساحات الخضراء، إذ تبلغ نسبتها 10 مرات أقل من المعدّل العالمي المطلوب لضمان بيئة سليمة. وتتميّز الحديقة أيضاً بأحواض خاصة تُزرع فيها نباتات محلية تُعرف بـ«الحاضنات الطبيعية». تُترك فيها الشتول لتنمو تلقائياً وفق نظامها البيئي، مما يعزز استمرارية الحديقة ويحافظ على خضرتها لعقود طويلة.

وتطرّق الرئيس نواف سلام في كلمة ألقاها بالمناسبة إلى افتقاد بيروت للمساحات الخضراء. مشيراً إلى أنه رغم تاريخها العريق وجمالها الفريد، تعاني العاصمة نقصاً حاداً في المساحات المخصّصة لتنفس أطفالها وراحة أهلها. ليس فقط لأن مساحاتها الخضراء بقيت محدودة جدّاً وتآكلت مع الزمن، بل لأنّها راحت تعاني أيضاً من تلوّث الهواء وأزمة السير.

ومن ناحية أخرى، ستتمتع الحديقة باكتفاءٍ ذاتي لمياه الري بفضل شبكة متكاملة تُجمع فيها مياه الأمطار خلال فصل الشتاء. وتستخدم صيفاً في ري الأشجار والنباتات عند الحاجة. وستسهم هذه المنظومة في ضمان استدامة المساحات الخضراء من دون الاعتماد على مصادر مائية إضافية.

كما ستستقطب الحديقة الطيور والحشرات التي تنتمي إلى البيئة اللبنانية. بما يضمن تكاثرها ونموها في محيط طبيعي مشابه لبيئتها الأصلية. ويعود ذلك إلى اعتماد أنواع محلية من الأشجار والنباتات. فهناك دراسات تشير إلى أنّ استخدام مزروعات محلية يساهم في زيادة تكاثر الفراشات والطيور بنسبة تصل إلى 25 ضعفاً مقارنة بزراعة نباتات مستقدمة من دول أخرى، منها إيطاليا. ويعلّق المهندس فلاديمير قائلاً: «هذا الأسلوب في تشجير الحدائق باستخدام نباتات محلية يجب أن يتّبع في مختلف المشروعات المشابهة. فهي نباتات تنمو وحدها وتتأقلم مع مناخ لبنان بنسبة أعلى بكثير من غيرها. ومن دون الحاجة إلى عناية دائمة أو ري مستمر».

ستشكّل الحديقة عنواناً للهدوء والسكينة (مصمم الحديقة فلاديمير دجوروفيك)

وتجدر الإشارة إلى أنّ عملية بناء الحديقة ستعتمد على بقايا أحجار الرخام وغيرها من المواد التي تفرزها المصانع اللبنانية، مما يساهم في إعادة تدوير الموارد ويجعل المشروع أكثر استدامة.

وستشكّل الحديقة، التي تُعدّ الأكبر من نوعها في لبنان، مساحة جامعة لجميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وخلفياتهم، وعنصراً بيئياً جديداً يُسهم في تغيير وجه العاصمة. ومن المتوقع أن يستقطب محيطها العمراني هواة السكن قرب المساحات الطبيعية الخلابة.

ويشير فلاديمير دجوروفيك إلى أنّ المشروع يحتاج إلى نحو عامين لإنجازه، موضحاً: «نحن اليوم في مرحلة تلقي العروض لتنفيذ المناقصات اللازمة. وعند تحديد موعد انطلاق الأعمال سيستغرق المشروع نحو عام ونصف العام حتى اكتماله».

ويختم حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «العالم كلّه يخسر بيئته بوتيرة سريعة ومؤسفة، وهذا سينعكس سلباً على الإنسان. أهم ما نقوم به عبر هذا المشروع هو وضع نموذج من طبيعة لبنان في قلب العاصمة. وعلينا أن نكرر هذا النوع من المبادرات في بيروت وسائر المناطق اللبنانية».


براد نيمان: التطور الفني بالسعودية يعيد تشكيل خريطة السينما العربية

عرض الفيلم للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «تورنتو» (مهرجان البحر الأحمر)
عرض الفيلم للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «تورنتو» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

براد نيمان: التطور الفني بالسعودية يعيد تشكيل خريطة السينما العربية

عرض الفيلم للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «تورنتو» (مهرجان البحر الأحمر)
عرض الفيلم للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «تورنتو» (مهرجان البحر الأحمر)

قال المنتج الأميركي براد نيمان إن علاقته بفيلم «المجهولة» بدأت منذ اللحظة الأولى التي عرضت فيها زوجته، المخرجة السعودية هيفاء المنصور، فكرة المشروع، إذ وجد نفسه أمام قصة ذات بناء محكم ونهاية مفاجئة يصعب التنبؤ بها. وأوضح أن هيفاء استطاعت صياغة موضوعات اجتماعية حساسة داخل إطار درامي متماسك، يقوم على لغز تتقدّم فيه الأحداث تدريجياً وتُفتح من خلاله أسئلة تتصل بنظرة المجتمع إلى المرأة، وبما تواجهه النساء من تحديات قد تبدو خفية، لكنها حاضرة في كل تفصيلة.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن ما جذبه أكثر هو وجود هذه القضايا داخل سرد سريع ومتماسك، يجعل المتفرج يتابع تطوّر شخصية «نوال» من لحظة عادية في بداية الفيلم إلى حالة من الانغماس الكامل في التحقيق الذي تتولّى قيادته بنفسها. وأشار إلى أن وجود هذه الحكاية في السعودية جعل التجربة أكثر واقعية بالنسبة له، لأن المكان جزء أساسي من المعنى، ولأن الجمهور المحلي قادر على قراءة طبقات العمل ومرجعياته بطريقة لا تتحقق بالقدر نفسه في العروض الدولية.

المنتج الأميركي براد نيمان (مهرجان البحر الأحمر)

وأشار نيمان إلى أن الفيلم كُتب مع وضع اختيار الممثلين بعين الاعتبار منذ البداية، وعلى رأسهم ميلا الزهراني وشافي الحارثي، اللذان عملا مع هيفاء سابقاً ويعرفان تماماً طبيعة الأسلوب الذي تتبعه في إدارة الممثلين، فكانا يثقان بقدرتهما على تجسيد الشخصيات الرئيسية التي تتطلب حضوراً ثابتاً وتفاعلاً مع تقلبات السرد. أما بقية الممثلين الشباب، فقد جاءوا من خلفيات مختلفة، وبعضهم معروف على المنصات الرقمية، ورغم ذلك قدموا أداءً فاق التوقعات، وهو ما عدّه نيمان دليلاً على جيل يتعامل مع السينما بوصفها مساحة جدية، وليس فرصة عابرة للظهور.

وتوقف عند لحظة العرض في السعودية خلال مهرجان «البحر الأحمر»، قائلاً إن رد فعل الجمهور المحلي كان مختلفاً عمَّا شاهده في «تورونتو» و«زيوريخ»، ففي جدَّة يلتقط الجمهور التفاصيل الصغيرة المرتبطة باللهجة، وطريقة الحياة اليومية، والإشارات الاجتماعية التي قد لا تُفهم خارج هذا السياق. ولذلك شعر بأن الفيلم عُرض في المكان الذي ينتمي إليه فعلاً، خصوصاً مع تفاعل المشاهدين مع المفاجآت والتفاصيل التي بُني عليها العمل.

الملصق الدعائي لفيلم المجهولة (مهرجان البحر الأحمر)

ثم تطرق نيمان إلى طبيعة العمل مع هيفاء المنصور بوصفها زوجته ومخرجة الفيلم، مشيراً إلى أن التعاون بينهما لا يخلو من صعوبات، لكن وضوح رؤيتها في كل مشروع يجعل الأمور أكثر سلاسة. ويصف نيمان دوره الأساسي بأنه توفير الأدوات التي تحتاج إليها لتنفذ الفيلم كما تراه، مؤكداً أنه يتعامل مع الأمر بالطريقة نفسها سواء بصفته منتجاً أو زوجاً، لأن الهدف في النهاية واحد، وهو تقديم فيلم مكتمل قادر على الوصول إلى جمهوره.

وأكد أن قراراتهما الإنتاجية تُبنى دائماً على ميزانيات محدودة، ما يدفعهما إلى توظيف كل ما هو متاح في الصورة نفسها بدل إنفاقه على أمور جانبية. وأضاف أن عملها في السينما السعودية لا يرتبط بالبحث عن ميزانيات أكبر بقدر ما هو انعكاس لرغبتها في رواية حكايات قريبة من الناس، نابعة من مكان تعرفه ويعرفها، كما حدث في «المجهولة».

تدور أحداث «المجهولة» حول «نوال»، وهي مطلّقة في الـ29 من عمرها، تعود إلى مسقط رأسها بحثاً عن بداية جديدة. تعمل في وظيفة إدارية في مخفر الشرطة، حيث تتولى رقمنة الملفات القديمة، لتجد نفسها أمام جريمة غامضة بعد العثور على جثة فتاة مجهولة الهوية ترتدي زيّاً مدرسياً مشابهاً لما كانت ترتديه. يدفعها هذا الاضطراب الداخلي إلى خوض تحقيقها الخاص، مستفيدة من قدرتها على قراءة تجارب النساء وتفاصيل الحياة التي تمر عادة دون الانتباه إليها.

وانتقل نيمان للحديث عن التحول الجذري الذي شهدته صناعة السينما في السعودية خلال أقل من عقد. وأوضح أن خبرتهما في أثناء تصوير فيلم «المرشحة المثالية» في عام 2018 كانت قائمة على محاولات مستمرة لتجاوز صعوبة العثور على طواقم فنية أو معدات مناسبة أو مواقع تصوير مجهزة. أما اليوم، فالوضع مختلف تماماً: فقد أصبحت شركات الإمداد بالمعدات متوفرة داخل البلاد، والفرق الفنية جاهزة، وإجراءات التصوير أكثر تنظيماً، إلى جانب وجود دعم رسمي يسهل عمليات الإنتاج ويخلق بيئة عمل مستقرة.

ولاحظ نيمان أن السعودية أصبحت تملك سوقاً محلية قادرة على استيعاب أفلام محلية وتحقيق إيرادات تعيد للمشروعات تكلفتها من دون الاعتماد على الأسواق الخارجية، وهو ما لم يكن ممكناً قبل سنوات. وأكد أن هذا التحول يعيد تشكيل خريطة السينما العربية، ليس فقط بسبب حجم السوق، بل أيضاً لأن الجمهور يمتلك رغبة حقيقية في متابعة قصص من بيئته، ما يشجع صناع الأفلام على تطوير مشروعات مستقلة تخاطب الجمهور المحلي مباشرة.

عدد من صناع الفيلم خلال العرض الأول في «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

وتحدث نيمان عن اختلاف التجارب التي مرَّ بها برفقة زوجته هيفاء بين عملهما في الغرب، حيث تعمل حالياً على مسلسل أميركي في كندا، ومشروعاتهما في السعودية، عادّاً أن القدرة على التحرك بين بيئتين مختلفتين تمنحهما فهماً أوسع لطبيعة الإنتاج وطرق إدارة الطواقم وأساليب العمل الحديثة. وأضاف أن هذه الخبرة تجعلهما قادرين على الربط بين العناصر الدولية والسعودية في مشروع واحد، وهو ما يسعيان إليه في مشروعات مستقبلية تتضمن دمج طاقات محلية مع فرق عالمية ضمن سياق سعودي.

وفيما يتعلق بالمشروعات المقبلة، قال نيمان إنهما يعملان حالياً على فيلم رعب جديد يعتمد على لغتين، الإنجليزية والعربية، وتدور أحداثه في السعودية.

ويرى نيمان أن المشروع خطوة لتوسيع نطاق التعاون بين صناع السينما محلياً ودولياً، من خلال عمل يجمع ممثلين سعوديين مع ممثلين من الخارج، ضمن حكاية تدور في بيئة سعودية، لكنها مصممة بإيقاع سينمائي قادر على جذب جمهور عالمي.

وأشار أيضاً إلى المشروع الذي تعمل عليه هيفاء مع جيسيكا ألبا، وهو فيلم عائلي لا يزال في مرحلة الكتابة المبكرة، ولا يمكن التصريح بتفاصيله أو أسماء المشاركين فيه حالياً، لكنه يتوقع أن يشكل خطوة جديدة في مسار التعاون الدولي الذي تعمل عليه هيفاء منذ سنوات.


شيرين تهدد بمقاضاة مُروجي إشاعات «إفلاسها»

شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»
شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»
TT

شيرين تهدد بمقاضاة مُروجي إشاعات «إفلاسها»

شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»
شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»

عاد اسم الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب للواجهة مجدداً، بعد إشاعات شخصية عدة طاردتها خلال الساعات الماضية، من بينها تعرضها للإفلاس، وحرمانها من رؤية ابنتيها، لكن الأمر لم يمر مرور الكرام، إذ أكد المستشار ياسر قنطوش الممثل القانوني للفنانة المصرية، عزمه على اتخاذ إجراءات قانونية ضد بعض المنصات التي تداولت اسم شيرين بأخبار عارية تماماً عن الصحة، وفق بيان رسمي.

ونفى ياسر قنطوش في بيانه، ما تم تداوله أخيراً، موضحاً أن المنصات التي تزعم صدور قرار من «محكمة الأسرة»، يمنع شيرين من رؤية ابنتيها، أو مرورها بـ«أزمة مالية»، وصلت إلى حد الإفلاس خلال فترة علاجها، تروّج أخباراً غير صحيحة وهدفها الإساءة للفنانة وتشويه صورتها أمام جمهورها.

شيرين تعرضت لأزمات عدة خلال السنوات الماضية - حسابها على «إنستغرام»

ونوه ياسر قنطوش بأن ما نشر من أخبار يندرج ضمن «محاولات التشويه المتعمد»، و«اصطناع الأكاذيب»، للإساءة إلى الفنانة في فترة تتطلب «الهدوء والدعم»، مؤكداً «أن مكتبه القانوني بدأ بالفعل بجمع وتوثيق جميع الأكاذيب التي تم تداولها، تمهيداً لاتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد كل من شارك بنشر أو إعادة نشر هذه الإشاعات دون الاستناد إلى مصادر موثوقة».

ودعا قنطوش، إلى تحري الدقة قبل تداول مثل هذه الأخبار، محذراً من نشر أي أخبار تمس الحياة الشخصية لشيرين عبد الوهاب، دون التأكد من صحتها، مؤكداً أن «القانون يجرم نشر معلومات كاذبة، أو تخص الحياة الخاصة لأي شخص دون دليل».

وحول مرور شيرين بأزمة مالية أو اضطرارها لبيع ممتلكاتها خلال فترة علاجها، أكد قنطوش، أنها تتمتع باستقرار مالي كامل، ولم تتعرض لأي ضائقة اقتصادية.

شيرين تهدد بمقاضاة مروجي الإشاعات - حسابها على «إنستغرام»

وتعرضت شيرين أخيراً للعديد من الإشاعات من بينها «اعتزال الفن»، والمشاركة بـ«حفل غنائي»، مع الفنان اللبناني فضل شاكر، وكذلك «سفرها للعلاج بالخارج»، بجانب انتشار أخبار عن عودتها للحياة الزوجية مجدداً مع الفنان حسام حبيب بعد سجالات عدة طالت حياتهما، تنوعت بين الزواج والطلاق والعودة والنفي، وغير ذلك من المشكلات التي لاحقتها، بجانب الدعاوى القانونية المتبادلة مع مسؤول حساباتها «السوشيالية»، ومع أحد أفراد أسرتها، وخلافاتها القانونية مع شركة إنتاج فني، والظهور عبر لقاءات ومداخلات إعلامية جدلية، وأيضاً تعرضها لانتقادات عقب حفلها في «موازين» بالمغرب صيف 2025.

وتعليقاً على مجمل أزمات شيرين عبد الوهاب الشخصية والعملية، أكدت الكاتبة والناقدة الفنية المصرية مها متبولي، أن شيرين تمر بحالة من التناقضات والصراعات الشخصية والقانونية المثيرة للجدل في السنوات الأخيرة، وأن تضارب الأخبار التي تحيط بها أفسد حياتها الفنية، لافتة إلى أنها «تحتاج لاستقرار نفسي من أجل استكمال مشوارها الفني مجدداً».

أزمات شيرين الشخصية أثرت على مشوارها الفني - حسابها على «إنستغرام»

وأوضحت متبولي في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «شيرين هي التي منحت مساحة للمنصات والناس لتناول حياتها الشخصية، خصوصاً أنها تثير الخبر وتنفيه، أي أنها تفعل الشيء وعكسه، وهي التي سمحت بترديد اسمها في المشكلات والصراعات، وعليها مراجعه نفسها بشدة وحرص»، مؤكدة أن «اسمها مادة دسمة للقيل والقال، وأي خبر يخصها ينتشر بكثافة لأنها نجمة».

وحول إمكانية عودتها مجدداً للساحة الفنية، أكدت متبولي أن شيرين موهبة كبيرة وإحساس فني لا مثيل له، لكنها تحتاج لمراجعة حياتها وتنسيقها على أيدي متخصصين، موضحة أن النجومية الكبيرة التي تعيشها، والضغوطات التي تعرضت لها، كلها أمور من الصعب تحملها.

وفنياً، تعد الأغنية الوطنية «غالية علينا يا بلدنا»، كلمات تامر حسين، وتوزيع توما، ولحن عمرو مصطفى، هي أحدث أعمال شيرين عبد الوهاب الغنائية، كما شهدت فعاليات مهرجان «موازين»، في دورته الـ20 أحدث ظهور فني مباشر على المسرح بعد غياب 9 سنوات عن فعالياته.