دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

تجدد الشكوك حول إعدام مختطفين في السجون

عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
TT

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

مع تصاعد حملات الخطف والاعتقالات التي تقوم بها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في مناطق سيطرتها، أقرّت الجماعة بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي)، وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات بالمحافظة نفسها.

وذكرت وسائل إعلام الجماعة قبل يومين، أنه جرى دفن نحو 60 جثة مجهولة الهوية في محافظة صعدة، وأن النيابة الخاضعة لسيطرة الجماعة نسّقت عملية الدفن مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إذ إن هذه الجثث كانت موجودة في ثلاجة هيئة المستشفى الجمهوري بصعدة.

عمليات دفن سابقة لجثث مجهولة الهوية في الحديدة (فيسبوك)

ولم توضح الجماعة أي تفاصيل أخرى تتعلق بهوية الجثث التي جرى دفنها، سوى زعمها أن بعضها تعود لجنسيات أفريقية، في حين لم يستبعد ناشطون حقوقيون أن تكون الجثث لمدنيين مختطَفين لقوا حتفهم تحت التعذيب في سجون الجماعة.

وكانت الجماعة الحوثية قد أعلنت قبل عدة أشهر عن دفنها نحو 62 جثة مجهولة في معقلها الرئيسي، وادّعت حينها أنها كانت محفوظة منذ عدة سنوات في ثلاجات مستشفيات حكومية.

وتزامنت عملية الدفن الأخيرة للجثث المجهولة مع تأكيد عدد من الحقوقيين لـ«الشرق الأوسط»، أن معتقلات الجماعة الحوثية بالمحافظة نفسها وغيرها من المناطق الأخرى تحت سيطرتها، لا تزال تعج بآلاف المختطفين، وسط تعرض العشرات منهم للتعذيب.

وتتهم المصادر الجماعة بحفر قبور جماعية لدفن مَن قضوا تحت التعذيب في سجونها، وذلك ضمن مواصلتها إخفاء آثار جرائمها ضد المخفيين قسرياً.

وتحدّثت المصادر عن وجود أعداد أخرى من الجثث مجهولة الهوية في عدة مستشفيات بمحافظة صعدة، تعتزم الجماعة الحوثية في مقبل الأيام القيام بدفنها جماعياً.

وكانت الجماعة الحوثية قد أعلنت، مطلع ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، عن عملية دفن جماعي لنحو 62 جثة لمجهولي الهوية في محافظة صعدة (شمال اليمن).

أعمال خطف

وكشفت تقارير يمنية حكومية في أوقات سابقة، عن مقتل مئات المختطَفين والمخفيين قسراً تحت التعذيب في سجون الجماعة الحوثية طيلة السنوات الماضية من عمر الانقلاب والحرب.

وفي تقرير حديث لها، أقرّت الجماعة الحوثية باعتقال أجهزتها الأمنية والقمعية خلال الشهر قبل الماضي، أكثر من2081 شخصاً من العاصمة المختطفة صنعاء فقط، بذريعة أنهم كانوا من ضمن المطلوبين الأمنيين لدى أجهزتها.

قبور جماعية لمتوفين يمنيين يزعم الانقلابيون أنهم مجهولو الهوية (إعلام حوثي)

وجاء ذلك متوازياً مع تقدير مصادر أمنية وسياسية يمنية بارتفاع أعداد المعتقلين اليمنيين على ذمة الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر (أيلول)» إلى أكثر من 5 آلاف شخص، معظمهم في محافظة إب، متهمة في الوقت نفسه ما يُسمى بجهاز الاستخبارات الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، بالوقوف وراء حملة الخطف والاعتقالات المستمرة حتى اللحظة.

واتهمت منظمة «إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري» في وقت سابق الجماعة الحوثية بقتل المختطفين تحت التعذيب وإخفاء جثثهم. وطالبت بتحقيق دولي في دفن الجماعة مئات الجثث مجهولة الهوية، محملة إياها مسؤولية حياة جميع المخفيين قسراً.

واستنكرت المنظمة، في بيان، قيام الجماعة وقتها بإجراءات دفن 715 جثة، وأدانت قيام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالمشاركة في دفن تلك الجثث وغيرها، لافتة إلى أن دفنها بتلك الطريقة يساعد الجناة الحوثيين على الإفلات من العقاب، والاستمرار في عمليات القتل الممنهج الذي يقومون به.


مقالات ذات صلة

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

العالم العربي انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر باليوم العالمي للمعلم فيما يعاني المعلمون في اليمن من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون وتوقف الرواتب والاعتقالات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)

دعوة ماكرون لوقف تسليح إسرائيل... هل يمكن تفعيلها؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)
TT

دعوة ماكرون لوقف تسليح إسرائيل... هل يمكن تفعيلها؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)

وسط تصعيد إسرائيلي للحرب في لبنان وتواصلها في قطاع غزة، أثارت دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن الكف عن تسليم أسلحة لإسرائيل، تساؤلات بشأن مدى إمكانية تفعيلها وتأثيرها على الصراع بالمنطقة، خاصة أنها لاقت ترحيباً من دولتي الوساطة مصر وقطر ومطالبة بتنفيذها.

الدعوة الفرنسية، التي تأتي من ماكرون، الذي يملك علاقات متينة مع لبنان، تأتي بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بهدف تحقيق ضغوط على نتنياهو للتراجع عن تصعيده على الأراضي اللبنانية، مشيرين إلى أن تنفيذها، بعيداً عن الرفض الإسرائيلي، يحتاج انضمام دول أوروبية مصدّرة للسلاح لإسرائيل لتكون المبادرة ذات جدوى وتأثير.

وفي سياق خلافات مع إسرائيل، قال ماكرون في تصريحات لإذاعة «فرنس إنتر»، السبت، إن «الأولوية اليوم هي العودة إلى حل سياسي، والكف عن تسليم الأسلحة (لإسرائيل) لخوض المعارك في غزة». ورفض نتنياهو الموقف الفرنسي قائلاً: «الرئيس ماكرون وغيره من القادة الغربيين يدعون الآن إلى حظر الأسلحة عن إسرائيل، يجب أن يشعروا بالعار»، وهو ما رد عليه الإليزيه بأنه «كلام مفرط ولا علاقة له بالصداقة بين فرنسا وإسرائيل».

تلك الخطوة من ماكرون، لم تكن الأولى ذات الصلة بالمشهد المتصاعد في غزة ولبنان؛ فقد اقترحت فرنسا والولايات المتحدة مع دول عربية وغربية، في 26 سبتمبر (أيلول)، هدنة لمدة 21 يوماً في لبنان، ورد نتنياهو بالرفض والتمسك باستمرار الغارات، لضمان الاستقرار في الشمال لعودة النازحين الإسرائيليين لمنازلهم بالأراضي المحتلة، ووضع حد للمواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» المستمرة من اليوم التالي لحرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، فإن «الرئيس ماكرون يتخذ مواقفه بناء على حساب الأحداث خاصة أن التوقيت مرتبط بالتصعيد على لبنان المرتبط بعلاقات مع فرنسا»، مرجحاً أن تكون «وسيلة ضغط فرنسية على إسرائيل لمنع تصعيد عدوانها بلبنان».

ويستبعد هريدي أن يقصد ماكرون بدعوته حلاً في غزة، قائلاً: «لو كان يقصد قطاع غزة، وهذا غير مرجح، فهذه دعوة متأخرة تحمل شعارات خاصة بعدما تم تدمير نسبة كبيرة من القطاع».

في حين يرى المحلل السياسي الفرنسي، بيير لويس ريموند، أن دعوة ماكرون هي «عودة إلى تفعيل المبادئ التقليدية الأساسية للدبلوماسية الفرنسية لتحقيق وقف إطلاق النار والعودة للمفاوضات، واستمرار حضور صوت فرنسا بين الدبلوماسيات الفاعلة رغم الصعوبات»، مؤكداً أن «باريس ستبدأ بالفعل في تفعيل مبادرة وقف تسليم الأسلحة، خاصة أنه قرار من الرئيس».

وسبق دعوة فرنسا، إعلان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أوائل سبتمبر، أن بلاده، الحليف التاريخي لإسرائيل، قررت تعليقاً فورياً لنحو 30 رخصة تصدير لمعدات عسكرية إلى إسرائيل، وذلك بعد مراجعة امتثال إسرائيل للقانون الإنساني الدولي خلال عملياتها العسكرية في غزة، ويومها وصف نتنياهو القرار بأنه «مخزٍ»، مؤكداً أنه «سواء بالأسلحة البريطانية أو من دونها، ستفوز إسرائيل في هذه الحرب (بغزة)».

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاياني، أن روما، ثالث أكبر مورد معدات عسكرية لإسرائيل، قررت بعد (حرب) السابع من أكتوبر عدم إرسال مزيد من الأسلحة إلى إسرائيل، وهو الموقف ذاته الذي أكده نظيره الإسباني، خوسيه مانويل ألباريز، بالشهر ذاته. وفي مارس (آذار) 2024، وافق البرلمان الكندي على وقف المبيعات العسكرية المستقبلية إلى إسرائيل.

وبخلاف تلك الدول الأوروبية، لم تصدر دول لديها تعاون عسكري لافت مثل ألمانيا والدنمارك أي تعليق على دعوة ماكرون، ومثلهما الولايات المتحدة.

كان «سيكون اقتراح فرنسا جاداً وله أثر» لو خرج من أكثر من دولة من الدول الأوروبية التي تصدّر السلاح مثل ألمانيا، وفق ما يرى السفير حسين هريدي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة غير مرجح أن تتخذ مثل هذه المواقف قياساً على دعمها المستمر لإسرائيل منذ بدء الحرب، وعدم ممارسة ضغوط حقيقية عليها. غير أن المحلل السياسي الفرنسي، بيير لويس ريموند، يعتقد أن مبادرة ماكرون لن تتوقف عليه وحده، مضيفاً: «أقرب من يحاول الرئيس الفرنسي استدراجهم لهذه المبادرة ألمانيا؛ للتركيز على ما يسمى بالثنائية الفرنسية - الألمانية لتفعيل دبلوماسية أوروبية في هذا الصدد»، مستبعداً حالياً انضمام واشنطن، قائلاً: «سنرى مدى استجابة الدبلوماسية الأميركية لهذا النهج، مع ما ستفرز عنه الانتخابات الرئاسية المقبلة».

ولاقت دعوة ماكرون ترحيباً من دولتَي الوساطة بشأن الهدنة في غزة؛ مصر وقطر، وأكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان الأحد، أنها «تتماشى تماماً مع احترام مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني، وتعكس الاستياء العارم والمتزايد على المستوى الدولي من العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة ولبنان»، وطالبت «المجتمع الدولي بوضع الدعوة محل التنفيذ»، وكررت مطالبتها بـ«الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في كل من قطاع غزة ولبنان».

وبالمثل، رحبت قطر، في بيان صحافي للخارجية، بدعوة ماكرون، وعدّتها «خطوة مهمة ومقدّرة في اتجاه وقف الحرب».

وبرأي السفير هريدي، فإن إسرائيل ستواصل تعطيل أي جهود للوسطاء أو دعوات للدول التي تدعمهما بشأن وقف الحرب، لافتاً إلى أن الحديث بعيد بشأن أي تأثير للمبادرة على الهدنة، خاصة في ظل الانشغال الأميركي بالانتخابات الرئاسية «التي ستقودنا نتائجها لمزيد من المؤشرات بشأن إمكانية تحقيق تهدئة بغزة من عدمها».

وبتفاؤل، يرى المحلل السياسي الفرنسي، أنه «قد نرى نهاية عسكرية قريبة في غزة»، مستدركاً: «لكن لن تكون هناك نهاية حقيقية ما لم تكن هناك نهاية سياسية للقضية الفلسطينية بحذافيرها تصل بطرفي النزاع إلى (حل الدولتين)».