قرار سياسي لبناني بتحييد الجيش عن المواجهة مع إسرائيل

بهدف التفرغ للتصدي لأي فتنة داخلية واستعداداً للمرحلة المقبلة

جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)
جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)
TT

قرار سياسي لبناني بتحييد الجيش عن المواجهة مع إسرائيل

جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)
جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)

طَرَح قيام الجيش اللبناني مؤخراً بتنفيذ عملية إعادة انتشار في المناطق الحدودية الجنوبية، بالتزامن مع إطلاق إسرائيل عملية برية للتوغل داخل الأراضي اللبنانية، أكثر من علامة استفهام حول الدور الذي يضطلع به الجيش في هذه المرحلة وماهية القرار السياسي المتخَذ بهذا الخصوص.

ورغم محاولة الجيش تحييد نفسه، فإنه تم تسجيل استشهاد 3 عسكريين في الأيام الماضية نتيجة استهدافهم من إسرائيل، وآخر هذه الاستهدافات كان الخميس؛ إذ أعلنت قيادة الجيش «استشهاد أحد العسكريين نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركزاً للجيش في منطقة بنت جبيل - الجنوب، وقد ردَّ عناصر المركز على مصادر النيران».

تحييد الجيش

وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال جلسة لمجلس الوزراء، الأربعاء، أنه كلّف قائد الجيش العماد جوزف عون بـ«القيام بما يراه مناسباً من أجل حماية لبنان والمؤسسة العسكرية، في ضوء العدوان الإسرائيلي الذي يتعرض له لبنان».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن القرار السياسي المتخَذ، وبالتحديد على صعيدَي رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب يقول بـ«تحييد الجيش عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل نتيجة قدراته المحدودة، مع تأكيد وجوب الدفاع عن النفس والتصدي لأي اعتداء، أياً كان نوعه، على موقعه وثكناته».

وبحسب المعلومات، فإن القيادة السياسية تعتبر أن هناك «دوراً أساسياً يلعبه الجيش في هذه المرحلة لجهة التصدي لأي محاولات إسرائيلية بتحريك فتنة داخلية من بوابة ملف النزوح؛ ما يتطلب استنفاراً ويقظة دائمة في مختلف المناطق اللبنانية».

لا قرار سياسياً بالمواجهة

وأوضح مصدر أمني لبناني حقيقة الدور الذي يقوم به الجيش جنوباً، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «تم تخفيف تحركات الآليات والعناصر، وتمت إعادة التموضع والتمركز، أي أنه تم تجميع العسكر في الثكنات والمراكز الكبيرة بانتظار أي أوامر جديدة».

وشدد المصدر على أن «أي اشتباك أو مواجهة مع العدو تحتاج لقرار سياسي»، مشيراً إلى أن «الرئيسين ميقاتي وبري، ومن خلال حرصهما على المؤسسة العسكرية، ولعلمهما أن أي حرب مع إسرائيل ستكون حرب إبادة، فهما يدعوان لتحييده للحفاظ عليه أولاً، وليحفظ الأمن في الداخل في ظل التحديات الجمة، كما ليكون جاهزاً في مرحلة لاحقة لتطبيق القرار (1701)».

دور داخلي

من جهته، أشار النائب ميشال ضاهر إلى أنه «في ظل إمكانيات الجيش المحدودة عسكرياً، باعتبار أنه طوال السنوات الماضية لم يتم تسليحه كما يلزم، المطلوب منه الحفاظ على وضعه الحالي بانتظار جلاء المشهد، خاصة أن هناك أدواراً كثيرة يؤديها في الداخل اللبناني لدرء أي فتنة يخطط لها العدو، وفي المرحلة اللاحقة في إطار تطبيق القرار 1701 ونشر 15000 جندي جنوب الليطاني، مع العلم بأن عدد العناصر الحاليين هناك لا يتجاوز 4500 جندي».

وأكد ضاهر لـ«الشرق الأوسط» وجود قرار سياسي بتحييد الجيش «من دون أن يعني ذلك أنه سيقف متفرجاً في حال التعرض له ومحاولة العدو استهداف ثكناته والدخول إليها»، مضيفاً أنه «في حال طالت الحرب، وبالتالي بقي النازحون فترات طويلة خارج مناطقهم وبلداتهم. ومع اقتراب فصل الشتاء وتحدياته، فسنكون معرضين لإشكالات داخلية شتى وفتنة، وحده الجيش قادر على وأدها».

دور الجيش مستقبلاً

أما العميد المتقاعد الدكتور محمد رمال، فشدد على أن «الدور الطبيعي للجيش في الحروب هو حماية الحدود»، مؤكداً أن لدى الجيش اللبناني «تعليمات صارمة بالتصدي للعدو، من دون حتى الرجوع للقيادة، وهو أثبت في أكثر من محطة أنه قادر على المواجهة».

ورأى رمال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «استهداف الجيش المتكرر أدى لسقوط 3 شهداء منه حتى الساعة، ما يؤكد أن لا وجود لضمانات دولية بعدم استهدافه، خاصة بعدما بات واضحاً أن الحرب الإسرائيلية لا توفر أحداً، حتى قوات (اليونيفيل)».

وأضاف رمال: «أمام التفوق الجوي الإسرائيلي وعدم امتلاك الجيش لمضادات أرض - جو، فإن كل مواقعه وثكناته مكشوفة بالكامل أمام الاستهدافات الإسرائيلية».

أما عن عدم امتلاك الجيش الأسلحة الهجومية المناسبة التي تمكِّنه من التصدي لإسرائيل، فاعتبر رمال أنه «نتيجة قرار خارجي يمنع حصوله على أي أسلحة تمكنه من مواجهة إسرائيل، وهذا الواقع هو ما أدى لنشوء مقاومات على مر السنوات».

وتحدث رمال عن «رهان كبير على دور الجيش مستقبلاً، لأن أي وقف لإطلاق النار وأي إجراءات أمنية يتطلبها تنفيذ القرار (1701) ستلقي على الجيش مسؤوليات إضافية أو تطور المهام الموكلة إليه بموجب هذا القرار، ولكن هذا الدور سيكون عديم الفعالية إذا لم يحظَ الجيش بالدعم اللوجيستي والتسليح الدولي المناسب كي ينجح بضبط الأمن من الجانب اللبناني ويحفظ الاستقرار بالتعاون مع قوات (اليونيفيل)».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)
عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)
TT

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)
عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)

لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة، وسط بيروت فجر الجمعة، ذات طابع عسكري فقط، بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثّل في ضرب منطقة أضحت من البيئات الشعبية المؤيدة لـ«حزب الله»، وتماهت معه منذ تأسيسه في عام 1982 يوم انشق عن حركة «أمل» بصفته تنظيماً مسلّحاً حمل اسم «حركة أمل الإسلامية».

يكفي الحديث عن تاريخ هذه المنطقة لإدراك أن استهدافها وتدميرها لا يقفان عند حدود تعقّب قيادات «الحزب» واغتيالهم وترويع بيئته في قلب العاصمة بيروت فقط، بل الأمر يتعدى ذلك إلى تدمير أحياء ومبانٍ ما زالت تحفظ على جدرانها وفي ذاكرتها كثيراً من تاريخ بيروت الجميل، رغم تغيّر هويتها، لا سيما شارع المأمون الذي تحمل عقاراته ومبانيه أسماء عائلات بيروتية سنيّة ومسيحية رغم انتقال ملكيتها في السنوات الماضية إلى أسماء أشخاص من الطائفية الشيعية الذين يدورون في فلك «حزب الله»، بعد أن عزز الأخير وجوده ونفوذه في البسطة وامتداداً منها إلى مناطق أخرى، سواء بفعل استملاك العقارات، أو بنقل سجلات قيد عائلات من الجنوب إلى بيروت لغايات سياسية انتخابية وأحياناً أمنية.

لا يختلف اثنان من أبناء بيروت على أن الهوية الطائفية والسياسية لمنطقة البسطة تغيّرت كثيراً، ويشير مختار المصيطبة، صائب كلش، إلى أن «المنطقة التي استهدفتها الغارة الإسرائيلية، وتحديداً شارع المأمون، ذات غالبية سنيّة بامتياز، وأغلب سكانها من عائلات: عيتاني، وشاتيلا، والنويري، وعيدو، والتنير، ومنيمنة، ومغربل، وسوبرة، وكان فيها عدد لا بأس به من العائلات المسيحية مثل: مجدلاني، وجنحو، ومنيّر، والمطران، وعودة... وغيرها».

وأوضح كلش لـ«الشرق الأوسط» أنه «على أثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، والتهجير من الجنوب إلى بيروت، استوطنت عائلات شيعية في هذه المنطقة، وآثرت البقاء فيها، واستملكت عقارات وشققاً سكنية، ورفضت مغادرتها حتى بعد انسحاب إسرائيل إلى خلف ما كان يعرف بالشريط العازل في الجنوب».

مجزرة «فتح الله»

اللافت أن دور «حزب الله» ووجوده بدأ يتعزز مع اكتشاف ارتباطه بإيران، واتخذ في بداياته من منطقة البسطة مكاناً لقياداته وتقوية نفوذه، وحوّل ثكنة «فتح الله» الواقعة في شارع المأمون مقراً لقيادته. لكن بعد أشهر قليلة من عام 1987، وفي ظلّ تمدده عسكرياً بالمنطقة، اصطدم مع القوات السورية إثر دخول الأخيرة إلى «بيروت الغربية» على أثر إقدام «الحزب» على قتل جندي سوري، عندها عمد الجيش السوري إلى تصفية 27 عنصراً من مقاتلي «الحزب» داخل هذه الثكنة وسيطر عليها، وعرفت العملية يومها بـ«مجزرة فتح الله»، لينقل على أثرها «الحزب» مركز قيادته إلى الضاحية الجنوبية.

اتخذ «حزب الله» من تلك المجزرة عبرة لإعادة صوغ علاقته بالجيش السوري، خصوصاً في ظلّ العلاقات المتنامية بين إيران وسوريا. وأكد المختار كلش أنه «بعد سيطرته عسكرياً على بيروت، سمح الجيش السوري لـ(الحزب) بأن يتمدد في منطقة البسطة شعبياً، وهذا سهّل عليه وعلى مؤيديه استملاك الشقق والمنازل، خصوصاً بين عامي 1988 و1990عندما أطلق العماد ميشال عون ما سماها (حرب التحرير) ضدّ الجيش السوري، وتسبب ذلك في هجرة المئات من أبناء العائلات البيروتية السنيّة والمسيحية من المنطقة، والخشية من استهداف منطقتهم من الجيش اللبناني الذي كان تحت إمرة ميشال عون، كما شمل التهجير النهائي غالبية المسيحيين، وبقي وجود بعضهم رمزياً».

رجال أمن لبنانيون في وسط بيروت... وتبدو خلفهم صورة الأمين العام الراحل لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ب)

صحيح أن شوارع وأحياء المصيطبة، القريبة من البسطة، لا تزال تحمل أسماء شخصيات بيروتية سنيّة، إلّا إن وجهها تبدّل أيضاً، وهذا تظهّر بشكل كبير بعد انخراط «حزب الله» في العمل السياسي؛ بدءاً من الانتخابات النيابية في عام 1992 وحصوله على كتلة وازنة، كما تعزز أكثر بعد تحرير الجنوب في عام 2000، لكنّ التحوّل الأكبر انطلق في عام 2005 على أثر خروج الجيش السوري من لبنان على خلفية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وتصدّر «الحزب» المشهد السياسي ليأخذ الدور الذي كان يمارسه السوريون في لبنان.

نقل نفوس

ويلفت كلش إلى أن «عدد الشيعة المسجلين في دوائر النفوس ببيروت كان ضئيلاً جداً، لكن بعد عام 2005 نُقلت نفوس آلاف العائلات من الجنوب إلى بيروت، وسُجلوا في مناطق مثل المصيطبة، والباشورة، والمرفأ، امتداداً إلى ميناء الحصن وعين المريسة، والسبب في ذلك تعزيز حضور (الحزب) في الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية، بدليل أن نائب (الحزب) عن بيروت، أمين شرّي، حصد 33 ألف صوت في الانتخابات الأخيرة، بينها 28 ألف صوت شيعي، مقابل 6 آلاف صوت فقط لنائب حركة (أمل) محمد خواجة».

ذاكرة المصيطبة

لم يُكتب الكثير عن منطقة المصيطبة، إلّا إن أبناءها المتجذرين فيها يحملون في ذاكرتهم ووجدانهم تاريخ منطقتهم، ويشير المحامي مروان سلام، رئيس جمعية «بيروت منارتي»، إلى أن البسطة «مصنّفة ضمن قائمة أشهر المناطق التراثية، لكن العوامل التي دخلت عليها غيّرت كثيراً من مزاياها». ويؤكد سلام لـ«الشرق الأوسط» أن المنطقة «تميزت بما تحتوي من مراكز إدارية وتعليمية وطبية، بالإضافة إلى عدد من الحدائق والمتنزهات التي جرى تشويه وجهها؛ إما عمداً، وإما تقصيراً»، لافتاً إلى أنها «غنيّة بالمطاعم والمقاهي الواقعة في مبانٍ تراثية قديمة». ويردّ سلام تسمية المنطقة «البسطة» إلى أنها «اعتُمدت مقراً لسلطة المماليك، وحملت هذا الاسم نسبة إلى الكرسي الخشبي التي كان يجلس عليه السلطان».

أكثر من ذلك، حملت المنطقة اسم «البسطة الشريفة»، كما يقول المحامي مروان سلام؛ «ففيها كانت تقام حلقات تلاوة القرآن الكريم ورواية الأحاديث النبوية الشريفة، وكان لأهل بيروت في ذلك الحين مكانان يتحلقون فيهما للغرض المذكور؛ هما (البسطة الفوقا) و(البسطة التحتا)، ويعنون بهما الحلقات الدينية».

محطة القبضايات

ويتحدث عن مزايا أبناء المنطقة؛ «إذ كانت محطة دائمة للقبضايات الذين يرتادون مقاهيها، وكانت معبراً لـ(ترامواي بيروت) الذي ينطلق من البربير إلى النويري ثم البسطتين الفوقا والتحتا، والباشورة، وصولاً إلى محطته في (ساحة رياض الصلح)». ويضيف سلام أن البسطة «رغم صغر مساحتها، فإنها كات تحوي عدداً من المستشفيات منها: (البربير)، و(الإسلامي)، و(مليح سنو) و(مستشفى الدكتور محمد خالد)، إضافة إلى مدارس: (الشيخ نور)، و(عزيز مومنة)، و(شريف خطاب)، و(العلماوي) و(مكارم الأخلاق). كما خرّجت عدداً كبيراً من الفنانين، منهم: نجاح سلام، ومحمد سلمان، وأنطوان كرباج، وشوشو، ومحمد شامل، ومحيي الدين سلام، والرسام مصطفى فروخ... وغيرهم. وهؤلاء جميعاً من أبنائها وكانت تفخر بهم ويفخرون بها وبتاريخها».