غرق الغواصة الصينية... لماذا يجب على البحرية الأميركية توخي الحذر؟

الباحث جيمس هولمز يرى أن هذه الحوادث تثير تساؤلات حول كفاءة وقدرة القوات البحرية نفسها

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

غرق الغواصة الصينية... لماذا يجب على البحرية الأميركية توخي الحذر؟

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

تُعد المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الأمن الدولي اليوم. وفي ظل الأخبار المتعلقة بغرق الغواصة الصينية، قد يشعر البعض في البحرية الأميركية بالرضا أو الفخر. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن التفاخر بفشل المنافسين قد يكون خطوة غير حكيمة؛ حيث إن هذه الحوادث تثير تساؤلات حول كفاءة وقدرة القوات البحرية الأميركية نفسها.

ويقول الباحث جيمس هولمز في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية إنه يبدو أن الجيش الصيني ليس على قدر الكفاءة المطلقة بعد كل الجهود المتواصلة لإدارة صورته.

الغواصة «يو إس إس فيرموت» في ميناء بوسان بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)

وفي الأسبوع الماضي نشرت تقارير إعلامية عن كيفية غرق غواصة من طراز 041 من فئة «تشو» الهجومية التي تعمل بالطاقة النووية والتي تُعد الأولى في جيل جديد من غواصات الهجوم التابعة للجيش الصيني، في أثناء وجودها بحوض بناء السفن في ووشانج، بمدينة ووهان، في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) من هذا العام. ويضيف أن الماء والآلات لا يختلطان بشكل جيد. لقد تم رفع السفن الغارقة وإعادتها إلى الخدمة في السابق، لكن القيام بذلك يتطلب موارد ووقتاً. ومن المرجح أن يؤدي الغرق إلى تأخير برنامج الغواصة «تايب 041» لعدة أشهر إن لم يكن سنوات، مما يعوق طموحات الصين في الوصول إلى البحار المفتوحة.

وخصصت البحرية الصينية جهودها المبكرة في تطوير الأسطول للتركيز على الوصول إلى المناطق وإنكار الوصول. وكان العنصر البحري لإنكار الوصول يعتمد على الغواصات الهجومية التي تعمل بالديزل والكهرباء المسلحة بالصواريخ وسفن الدوريات الساحلية، وهي سفن حربية لا تحتاج إلى الدفع النووي للوصول إلى مناطق دورياتها البحرية وأداء مهامها والعودة إلى الميناء.

وتم تخفيض أولوية الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية إلى مرتبة ثانوية حتى اكتسبت القيادة الشيوعية الصينية الثقة بقدرتها على تحديد شروط دخولها إلى غرب المحيط الهادئ.

ومن الواضح أن القيادة قد اكتسبت الآن هذه الثقة، وقررت تعزيز أسطول البحرية الحالي الذي يتكون من 6 غواصات نووية. ومع ذلك، بعد الفضيحة التي حدثت في الربيع الماضي، يبدو من الواضح أنه سيتعين على الرئيس الصيني شي جين بينغ ومن معه الانتظار لبعض الوقت لرؤية طموحاتهم العليا في الحرب تحت الماء تتحقق. وفي هذه الأثناء، فإن لديهم مشكلة سياسية تتعلق بهذا الأمر. فقد أشار مسؤول أميركي لم يتم الكشف عن هويته، كان قد كشف عن كارثة غواصة «تايب 041» للصحافة إلى أنه «بالإضافة إلى الأسئلة الواضحة حول معايير التدريب وجودة المعدات، تثير الحادثة أسئلة أعمق حول المساءلة الداخلية للجيش الصيني والإشراف على صناعة (الدفاع) الصينية، التي تعاني منذ زمن طويل من الفساد».

بعبارة أخرى، أثارت الحادثة الشكوك حول كفاءة البحرية التابعة للجيش الصيني، والشكوك بشأن كفاءة قوة قتالية تقوض قدرتها على ردع أو قهر الأعداء، وكذلك طمأنة الحلفاء والأصدقاء بأنها ستكون موجودة لدعمهم عندما تشتد الأمور.

سفن حربية صينية وروسية خلال مناورات سابقة (أرشيفية - أ.ب)

ويقول هولمز، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية في تحليلها من واشنطن، إن كل القدرات وكل الإرادة السياسية في العالم لن تفيد شيئاً إذا استنتج خصمنا أن الأشخاص الذين يمتلكون قدراتنا العسكرية هم مجرد مجموعة من السذج. وقد يستنتج القادة المعادون أننا غير قادرين على تنفيذ تهديداتنا أو الوفاء بالتزاماتنا تجاه الحلفاء والشركاء والأصدقاء. وبالتالي، سيفعلون ما يشاؤون دون أن تخيفهم كلماتنا أو أفعالنا.

وينطبق هذا المنطق على الصين أيضاً، على الرغم من أن السيطرة الحكومية على وسائل الإعلام تمنح قادة الحزب الشيوعي الصيني القدرة على تصنيع الواقع، حتى نقطة معينة. ولا شك أن الحزب استطاع إسكات أو على الأقل تخفيض صوت الأخبار حول غرق الغواصة داخل الصين. لكن الجمهور المستهدف الرئيسي لردع الصين وإرغامها وطمأنتها يكمن خارج الصين. إن الكشف عن حوادث الجيش الصيني للعالم الخارجي لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بالدبلوماسية العسكرية للصين، مما يصب في مصلحة منافسيها.

ويقول هولمز إنه يجب علينا، نحن الأميركيين، مقاومة الإغراء للاحتفاء بذلك. فقد تعرضت البحرية الأميركية والقطاع البحري الأكبر لضربات متتالية تؤثر على سمعتها في الكفاءة خلال السنوات القليلة الماضية. وكانت هناك ضربة أخرى، الأسبوع الماضي، في الوقت نفسه الذي تم فيه الكشف عن أزمة الغواصة «تايب 041».

على سبيل المثال، تعرضت سفينة إمداد من فئة هنري جي كايسر، وهي «يو إس إن إس بيج هورن»، وهي السفينة الرئيسية لإمداد مجموعة حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن»، للجنوح في بحر العرب.

حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن» تظهر في جانب الصورة بمكان غير محدد في بحر شرق أوسطي (أ.ب)

ويقول هولمز إن المنافسة الاستراتيجية في زمن السلم هي حرب افتراضية. ويحاول المنافسون إقناع الجماهير المهمة بأنهم سيفوزون إذا اندلعت نزاعات مسلحة. وعادة ما «يفوز» المنافس الذي يتمكن من التأثير على الجماهير القادرة على التأثير في نتائج المنافسة. فبعد كل شيء، الأشخاص يحبون الفائز. وبالتالي، فإن القدرة المادية تكتسب أهمية كبيرة في مجال الردع والإكراه والطمأنة. لكن الكفاءة في استخدام السلاح، العنصر البشري للقدرة، تحمل القدر نفسه من الأهمية. ومن دون الكفاءة، سواء كانت فعلية أو متصورة، لن تتمكن القوات البحرية الأميركية من إقناع الكثيرين بأنهم سيكونون الفائزين المحتملين في المعركة. ولن تفعل شيئاً لتحسين آفاق السياسة الخارجية الأميركية.


مقالات ذات صلة

سيول: عقوبات على 15 كورياً شمالياً بسبب البرامج النووية والصاروخية لبيونغ يانغ

آسيا شاشة تعرض إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات خلال برنامج إخباري (أ.ب)

سيول: عقوبات على 15 كورياً شمالياً بسبب البرامج النووية والصاروخية لبيونغ يانغ

سيول ستفرض عقوبات مستقلة على 15 عاملاً كورياً شمالياً في قطاع تكنولوجيا المعلومات وكيان واحد، بسبب أدوارهم في الأنشطة الإلكترونية غير المشروعة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم العربي أعمال تنفيذ محطة الضبعة النووية (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر تؤكد انتظام العمل في المحطة النووية وفق الجدول الزمني

أكدت مصر انتظام العمل في «محطة الضبعة» النووية، وفق الجدول الزمني المخطط لها، وذلك بعد أيام من إعلان الحكومة التزامها بسداد جميع مستحقات الجانب الروسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ضابط روسي هارب: كنا على استعداد لتنفيذ ضربة نووية في بداية الحرب

قال ضابط روسي هارب إنه في اليوم الذي تم فيه شن الغزو في فبراير 2022 كانت قاعدة الأسلحة النووية التي كان يخدم فيها «في حالة تأهب قتالي كامل».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

محكمة روسية تغرم «تيك توك» 3 ملايين روبل بسبب انتهاكات قانونية

شعار منصة «تيك توك» لمقاطع الفيديو القصيرة (د.ب.أ)
شعار منصة «تيك توك» لمقاطع الفيديو القصيرة (د.ب.أ)
TT

محكمة روسية تغرم «تيك توك» 3 ملايين روبل بسبب انتهاكات قانونية

شعار منصة «تيك توك» لمقاطع الفيديو القصيرة (د.ب.أ)
شعار منصة «تيك توك» لمقاطع الفيديو القصيرة (د.ب.أ)

قالت الخدمة الصحافية في محاكم موسكو، اليوم الجمعة، إن محكمة روسية غرمت شركة «تيك توك» ثلاثة ملايين روبل (نحو 29 ألف دولار).

وأضافت الخدمة الصحافية أن الغرامة جاءت بعد إدانة منصة الفيديو «بعدم الالتزام بالقيود القانونية الروسية بشأن نشر أنواع معينة من المعلومات».

ولم تحدد الخدمة الصحافية، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء، طبيعة الشكوى ضد «تيك توك».

وتواجه منصة «تيك توك» لمقاطع الفيديو القصيرة التي تملكها شركة صينية، اتهامات مختلفة ومحاولات لتقييد عملها. في الولايات المتحدة قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، هذا الشهر، إن إدارته «ستدرس» ما إذا كان ينبغي حظر تطبيق «تيك توك» الصيني في الولايات المتحدة، بعدها بأيام، أعلن رئيس الوزراء الألباني، إيدي راما، أن الحكومة ستُغلق تطبيق التواصل الاجتماعي «تيك توك» لمدة عام على الأقل بداية من العام المقبل. ويأتي حظر التطبيق المثير للجدل بعد أقل من شهر على مقتل طالب وإصابة آخر في عراك بالقرب من مدرسة في تيرانا، بدأ بسجال على وسائل التواصل الاجتماعي.