في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي تغيير المدير الفني إلى إطلاق العنان لإمكانات إضافية لدى بعض اللاعبين، وهو الأمر الذي ينطبق تماماً على لويس دياز، الذي يقدم مستويات استثنائية مع ليفربول في الوقت الحالي تحت قيادة المدرب الهولندي أرني سلوت، حيث سجل 5 أهداف في 6 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم.
وتوهج اللاعب الكولومبي في بداية الموسم، وسجل هدفين بقدمه اليمنى، وهدفين بقدمه اليسرى، وهدفاً برأسه. وقال لويس ستيل، كاتب بصحيفة «ديلي ميل»، في وقت سابق من هذا الشهر، إن سلوت يجري حصصاً تدريبية فردية مع دياز بهدف تطوير «تمركزه عندما لا يكون الفريق مستحوذاً على الكرة»، و«معرفة متى يتعين عليه أن يجري، واختيار الوقت المناسب للتمرير أو التسديد»، حسب المقالة التي نشرها أدريان كلارك على موقع الدوري الإنجليزي الممتاز.
ولا يوجد أدنى شك في أن هذه التدريبات الإضافية قد بدأت تؤتي ثمارها داخل الملعب، حيث يسجل دياز الأهداف بمعدل أسرع كثيراً مما كان عليه الأمر خلال الموسمين الماضيين. وفي الموسم الحالي، يحرز دياز هدفاً كل 72.2 دقيقة في المتوسط، وهو ما يعد تحسناً كبيراً بالمقارنة بهدف كل 330.8 دقيقة في موسم 2023 - 24 عندما سجل 8 أهداف طوال الموسم.
وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أنه يحرز هدفاً من ثلاثة أرباع محاولاته على المرمى، بالإضافة إلى أن معدل تحويل التسديدات إلى أهداف قد ارتفع من 12.3 في المائة إلى 45.5 في المائة. وأصبح النجم الكولومبي أكثر حسماً فيما يتعلق باستغلال الفرص الكبيرة أمام المرمى. فمن بين اللاعبين الـ12 الذين أتيحت لهم 5 فرص كبيرة على الأقل حتى الآن، كان دياز هو الأفضل بمعدل نجاح بلغ 71.4 في المائة.
وبالتالي، من الملاحظ للجميع أن قدرة دياز على استغلال الفرص أمام المرمى قد تطورت بشكل مذهل تحت قيادة المدير الفني الجديد للريدز. وعند تحليل أهداف اللاعب البالغ من العمر 27 عاماً تحت قيادة سلوت، نجد أن النجم الكولومبي يتخذ قرارات رائعة فيما يتعلق بالركض. ويعكس الهدف الذي أحرزه بمهارة فردية كبيرة أمام برنتفورد أنه يمتلك قدراً كبيراً من السرعة والذكاء الكروي، حيث غير اتجاهه بسرعة وهو يركض، وهو ما ساعده على المرور من المدافع، وسمح لديوغو جوتا بضرب الدفاع بتمريرة بسيطة.
وعلاوة على ذلك، يمتلك دياز رؤية ثاقبة تساعده على رؤية الجميع من حوله بشكل واضح، كما يتمتع بالذكاء الكروي الذي يساعده على استغلال المساحات الخالية والتحرك بشكل رائع داخل منطقة الجزاء، وهو ما ساعده على تسجيل هدفين في مرمى مانشستر يونايتد بالجولة الثالثة.
وفي المباراة التي فاز فيها ليفربول بثلاثية نظيفة بملعبه على بورنموث، أظهر النجم الكولومبي مرة أخرى براعته فيما يتعلق بالركض. لقد تمركز بشكل رائع أمام الظهير الأيمن جوليان أراوخو، بينما كان بورنموث يلعب بخط دفاع متقدم، ثم انطلق دياز بشكل قطري واستقبل تمريرة إبراهيما كوناتي الطويلة، لكي يراوغ حارس المرمى كيبا أريزابالاغا بكل هدوء ويضع الكرة في المرمى.
كما يعكس الهدف الثاني الذي سجله دياز في هذه المباراة تحسنه الكبير فيما يتعلق بوعيه بمكانه داخل الملعب. لقد ركض دياز في البداية نحو الكرة، ثم انطلق للخلف في المساحة الخالية لتلقي تمريرة من ترينت ألكسندر أرنولد، وهو الأمر الذي منحه وقتاً ثميناً للسيطرة على الكرة وإنهاء الهجمة.
كان من الممكن أن يسجل دياز جميع أهدافه الخمسة حتى الآن تحت قيادة المدير الفني السابق لليفربول يورغن كلوب أيضاً، حيث كان الهجوم المعاكس السريع من السمات المميزة لطريقة لعب الفريق تحت قيادة كلوب، كما أن هذه هي المواقف التي كان يبرز فيها دياز، ويشكل خطورة كبيرة على مرمى المنافسين، لكن من الواضح للجميع أن دياز تطور بشكل كبير فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرار داخل الملعب، بالشكل الذي يتناسب مع التغيير الخططي والتكتيكي الذي طرأ على طريقة لعب الفريق تحت قيادة سلوت.
وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن دياز تحت قيادة كلوب كان يركض 35 مرة في المتوسط من دون كرة لكل 90 دقيقة، لكن هذا الرقم انخفض إلى 26 هذا الموسم. وفي موسم 2022 - 23، كان الركض السريع يمثل 25.7 في المائة من انطلاقته من دون كرة، في حين ارتفعت هذه النسبة إلى 31.4 في المائة بالموسم الماضي. وخلال الموسم الحالي، كان 42.3 في المائة من انطلاقات دياز من هذا الشكل التكتيكي، مع ارتفاع نسبة الخطورة على منطقة جزاء المنافس. ومن الواضح أن هذه التغييرات في طريقة لعب دياز قد أحدثت فرقاً كبيراً، حيث زادت من جودة وعدد فرص تسجيل الأهداف.
وبشكل عام، يمكن رؤية جناح ليفربول غالباً، وهو يتمركز على بُعد 5 ياردات من خط التماس، وفي بعض الأحيان يتقدم نحو المرمى من تلك الأماكن. وعندما تظهر له المساحة للانطلاق والكرة بين قدميه، فإنه يفضل القيام بذلك من عمق الملعب، وبشكل مباشر نحو المرمى. لقد صنع 5 فرص لزملائه في الفريق، وسدد 7 تسديدات على المرمى بعد هذه الانطلاقات الواعدة، وانتهت اثنتان من تلك المحاولات بهز الشباك.
وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن نوني مادويكي لاعب تشيلسي، وأنطوان سيمينيو مهاجم بورنموث المتألق، هما اللاعبان الوحيدان في الدوري الإنجليزي الممتاز اللذان كان لديهما عدد أكبر من التسديدات من الهجمات التي انطلقا فيها بالكرة. لم يسجل دياز أبداً في مرمى ولفرهامبتون، واستمر الأمر في مباراة السبت التي فاز فيها ليفربول 2 - 1، لكنه بالتأكيد كان دوره مؤثراً بشكل كبير، حيث وضع ضغطاً على الظهير الأيمن لولفرهامبتون نيلسون سيميدو، وحد من تقدمه، وتسبب الأخير في ركلة الجزاء التي حسم بها ليفربول الفوز.