تونس: إحالة عشرات على قطب الإرهاب واتهام وزير سابق بالتآمر على أمن الدولة

الإفراج مؤقتاً عن 18 وتمديد مدة الإيقاف التحفظي ضد البقية

استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)
استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)
TT

تونس: إحالة عشرات على قطب الإرهاب واتهام وزير سابق بالتآمر على أمن الدولة

استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)
استنفار في محكمة تونس العاصمة بسبب قضايا التآمر على أمن الدولة (الجنايات التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات الأمن التونسي أوقفت مؤخراً «15 تكفيرياً»، بينهم مَن كان محل تفتيش، لفائدة وحدات أمنية وهياكل قضائية مختلفة، بتهمة «الاشتباه في الانتماء إلى تنظيم إرهابي». وسبق لبعضهم أن حوكم غيابياً بالسجن لفترات مختلفة.

في الوقت نفسه، أكد محامون تونسيون لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 100 شخصية من قدماء حزب حركة النهضة أوقفوا مؤخراً، وأحيلوا على قاضي التحقيق المكلف بملفات الإرهاب والجرائم الخطيرة.

ملفات

وقد بدأ مكتب التحقيق في «قطب الإرهاب في محكمة تونس» النظر في ملفات بعضهم، وقرر الإفراج مؤقتاً عن 18 منهم، وتمديد مدة الإيقاف التحفظي ضد البقية.

ومن بين الشخصيات التي وقع الإفراج عنها حسب المحامين؛ القيادي السابق في «جمعية أنصار فلسطين بتونس» وفي عدد من منظمات المجتمع المدني، البشير الخضيري، وهو شيخ تجاوز الثمانين من عمره. في المقابل، تقرر تمديد شخصيات قيادية سابقة أخرى، بينها الناشط النقابي في الاتحاد العام التونسي للشغل وعضو المكتب التنفيذي لحزب النهضة، محمد القلوي.

في نفس الوقت، أورد محامون مكلفون بهذه القضية أن مِن بين الذين أحيلوا على «قطب الإرهاب» حقوقيين تتراوح أعمار أغلبهم بين الستين والثمانين، من بين نشطاء جمعيات تطالب بتسوية الوضعية الاجتماعية والمادية لقدماء المساجين السياسيين تنفيذاً لقرارات سابقة من الهيئات والمحاكم المختصة في «العدالة الانتقالية والإنصاف والمصالحة».

شبهات التآمر على أمن الدولة

في سياق متصل، أورد المحامي سلمان الصغير أن بعض الموقوفين في هذه القضية على ذمة النيابة العمومية تجاوزوا مدة الإيقاف التحفظي.

وأوضح نفس المصدر أنه «في صورة تعهد قاضي التحقيق بالملف، فإنه يتولى استنطاق المتهمين والاستماع إلى مرافعات المحامين، ويقرر إثر ذلك إما إصدار بطاقات إيداع في شأن المتهمين أو الإبقاء عليهم في حالة سراح إلى حين استكمال أعمال التحقيق».

محاكم تونسية قضت ضد مرشحين للانتخابات بالسجن وأمرت بحرمان بعضهم من حق الترشح مدى الحياة بسبب شبهات «جرائم خطيرة» (وسائل الإعلام التونسية - متداولة)

وكانت المصالح الأمنية المختصة في البحث في جرائم الإرهاب، التابعة للحرس الوطني بالعوينة، استنطقت أوائل الشهر الحالي 5 «مشتبهين في قضية جديدة للتآمر على أمن الدولة»، بينهم عضو المكتب التنفيذي لحزب حركة النهضة، وعدد من الأعضاء السابقين الذين ورد أنهم «سبق أن جمّدوا نشاطهم صلب الحزب نفسه، وانسحبوا من العمل السياسي».

لكن المصالح الأمنية والقضائية أوقفت في الملف نفسه نحو 80 شخصاً بـ«شبهة تكوين وفاق وتهم التآمر على أمن الدولة» في ملف ليس على علاقة بملف قضايا التآمر السابقة التي أوقف بسببها منذ أوائل العام الماضي عشرات من الوزراء والبرلمانين اليساريين والإسلاميين السابقين، بينهم جوهر بن مبارك ورضا بالحاج وعلي العريض ونور الدين البحيري والصحبي عتيق والحبيب اللوز وأحمد المشرقي وراشد الغنوشي... إلى جانب الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، ورجال أعمال لعبوا دوراً سياسياً خلال المرحلة المقبلة، بينهم كمال الطيف وخيام التركي... فيما أحيل وزراء وسياسيون سابقون غيابياً بسبب نفس التهم، بينهم وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام.

رفض الإفراج

من جهة أخرى، قررت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس رفض الإفراج عن وزير العدل سابقاً ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري. كما تقرر تأجيل محاكمته إلى شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في قضية جديدة مرفوعة ضده، إلى جانب القضايا التي أحيلت على «قطب الإرهاب» واتهامه بشبهات «التآمر على أمن الدولة» و«في قضايا حق عام» على غرار عشرات المسؤولين السابقين في الحكومة والبرلمان وفي قيادات الأحزاب السياسية ورجال الأعمال.

القضاء التونسي يتهم الوزير السابق المنذر الزنايدي رسمياً بالتآمر ويحيله على «قطب الإرهاب» (الجنايات التونسية)

من جانب آخر، أكدت مصادر أمنية وقضائية وسياسية إثارة قضايا أمنية وعدلية ضد عدد من الشخصيات التي سبق أن ترشحت للانتخابات الرئاسية، بينها الوزير السابق للتجارة والنقل والصحة قبل 2011 المنذر الزنايدي، والوزير السابق للصحة عامي 2012 و2013 ثم في 2020 عبد اللطيف المكي، والوزير والبرلماني السابق عماد الدايمي.

مرشحون للرئاسة

وكشفت المتحدثة باسم القطب القضائي، حنان قداس، في تصريح إعلامي، أن النيابة العامة أمرت بمباشرة الأبحاث والتحقيقات اللازمة ضد الوزير السابق والمرشح للرئاسة الذي رفض ترشحه، المنذر الزنايدي، بشبهة «تكوين وفاق (مجموعة) إرهابي والتحريض على الانضمام إليه، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي والاعتداء المقصود منه تغيير هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً؛ إضافة لإدراجه بالتفتيش».

وأوضحت المتحدثة الرسمية باسم المحكمة أن هذا القرار جاء «إثر ما تم رصده من قيام المعني بتنزيل مقاطع فيديو على صفحة تحمل اسمه على شبكة التواصل الاجتماعي تولى خلالها التحريض على العصيان ضد النظام القائم بالدولة ومؤسساتها ورئيسها، وهو ما من شأنه إدخال البلبلة وبثّ الرعب بين السكان».

إيداع بالسجن

كما كشفت المحامية دليلة مصدق بن مبارك، عضو فريق الحملة الانتخابية للمرشح المعتمد رسمياً للرئاسة رجل الأعمال، العياشي زمال، أن قرارات جديدة «وقتية» بسجن منوبها أو الاحتفاظ به صدرت عن عدة محاكم تونسية، بعضها بـ«شبهة تزوير تزكيات مواطنين» دعموا ترشحه للرئاسة.

وكشف المحامي عبد الستار المسعودي أن النيابة العامة في محاكم عدة محافظات أصدرت أحكاماً كثيرة بالسجن ضد العياشي، المترشح للانتخابات الرئاسية، وأنه سيمثل خلال الأسبوع المقبل أمام محاكم أخرى، رغم الإبقاء على اسمه وصورته بصفة رسمية بين المرشحين الثلاثة لانتخابات 6 أكتوبر المقبل.

يذكر أن الهيئة العليا للانتخابات أوردت أن إصدار حكم بالسجن ضد المرشح للرئاسة لا يؤدي إلى إسقاط ترشحه من الانتخابات الرئاسية، لأن الحكم الصادر بحقّه ابتدائي، ويمكن الاعتراض عليه أو استئنافه قبل يوم الاقتراع العام.


مقالات ذات صلة

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

أفريقيا القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

أعلنت القوات العسكرية متعددة الجنسيات التي تحارب جماعة «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، أن قيادياً بارزاً في الجماعة الإرهابية سلم نفسه لوحدة عسكرية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا مدخل محكمة باريس الجنائية (أ.ف.ب)

القضاء الفرنسي يحكم بسجن امرأة 9 سنوات لانضمامها إلى جماعة إرهابية في سوريا

أمرت محكمة الجنايات في باريس بسجن امرأة فرنسية تبلغ 34 عاماً 9 سنوات بتهمة انضمامها 3 مرات إلى جماعة جهادية في سوريا عبر خلية بريطانية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا صحافيون أفغان في لقاء بمكتب أخبار «تولو» في العاصمة كابل (إعلام أفغاني)

«طالبان» تحظر البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية

فرضت حكومة «طالبان» في كابل، حظراً على البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية بالقنوات الإخبارية الأفغانية، ما أثار موجة إدانات دولية من مختلف أنحاء العالم.

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا قوات الأمن بكشمير في حالة تأهب قصوى بعد أن كشفت السلطات عن أن المسلحين اعتمدوا تكتيكات «الإرهاب الخفي» في سلسلة هجمات منطقة جامو (إ.ب.أ)

الجيش الهندي يعلن قتل متمردَين اثنين في كشمير

قَتل جنود هنود في كشمير شخصَين يشتبه بأنهما «إرهابيان» في اشتباك (السبت)، بحسب مسؤولين أمنيين، في وقت تشهد فيه المنطقة المتنازَع عليها انتخابات محلية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي )
آسيا مسؤولون أمنيون باكستانيون يتفقدون موقع انفجار عربة شرطة في كويتا أدى إلى إصابة 12 أحدهم شرطي 25 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مسلحون يقتحمون منزلاً في بلوشستان ويقتلون 7 عمال

أعلنت الشرطة الباكستانية، مساء السبت، مقتل ما لا يقل عن 7 عمال، برصاص مسلحين مجهولين، اقتحموا منزلاً في بلدة بنجكور بإقليم بلوشستان.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))

سودانيون بمصر يحتفلون بتقدّم الجيش في الخرطوم

جانب من تجمّعات السودانيين في حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية (صفحة «أكتوبر هتتغير» على «فيسبوك»)
جانب من تجمّعات السودانيين في حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية (صفحة «أكتوبر هتتغير» على «فيسبوك»)
TT

سودانيون بمصر يحتفلون بتقدّم الجيش في الخرطوم

جانب من تجمّعات السودانيين في حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية (صفحة «أكتوبر هتتغير» على «فيسبوك»)
جانب من تجمّعات السودانيين في حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية (صفحة «أكتوبر هتتغير» على «فيسبوك»)

شهد حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية احتفالات للجالية السودانية؛ تفاعلاً مع تقدّم الجيش السوداني في العمليات العسكرية بالعاصمة الخرطوم، حيث خرجت تجمّعات للسودانيين، مساء السبت، للاحتفال ببعض الشوارع، في حين يرى خبراء أن التفاعل الشعبي مع العمليات العسكرية بالخرطوم «انعكاس للدعم الشعبي للجيش السوداني».

وشنّ الجيش السوداني أخيراً عملية عسكرية موسّعة لاستعادة العاصمة الخرطوم من «قوات الدعم السريع»، حيث نقلت تقارير ميدانية قيام الجيش بتوجيه قصف مدفعي وجوي، استعاد به بعض مناطق الخرطوم.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع»، بقيادة محمد حمدان دقلو، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

ومنذ اندلاع الحرب تسيطر «قوات الدعم السريع» بالكامل على الخرطوم، بما في ذلك المواقع العسكرية والسيادية، وتحاصر مقر القيادة العامة للجيش الواقع شرق المدينة.

ولاقت العمليات العسكرية للجيش السوداني في العاصمة الخرطوم تفاعلاً من الجالية السودانية بمصر، وتداولت مواقع وصحف محلية بمصر فيديوهات لاحتفالات السودانيين بالشوارع.

وتستضيف مصر آلاف السودانيين الذين فرّوا من الحرب الداخلية، وقال السفير المصري بالسودان، هاني صلاح، منتصف الشهر الحالي، إن «بلاده استقبلت نحو مليون و200 ألف سوداني بعد الحرب»، إلى جانب آلاف من السودانيين الذين يعيشون في مصر منذ سنوات.

وتفاعل متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي مع احتفالات السودانيين بمصر، وتصدر هاشتاغ (#فيصل) مؤشرات البحث على «إكس»، الأحد، وأشار مغرّدون إلى حب «الشعب السوداني لجيشه».

كما تحدّث آخرون عن «ضرورة إنهاء الحرب».

وبينما تفاعل مصريون مع «فرحة السودانيين»، انتقد البعض «مشهد حشود السودانيين في شوارع فيصل».

وخلال كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، قال الفريق البرهان إن «القوات المسلحة السودانية لن تتخلّى عن دورها في ردع المعتدين»، وتحدث عن خريطة طريق لإنهاء الحرب تشمل؛ أولاً: «إنهاء العمليات القتالية»، مشيراً إلى أن ذلك لن يحدث «إلا بانسحاب الميليشيا المتمرّدة من المناطق التي احتلّتها»، على أن يعقب ذلك «عملية سياسية شاملة تعيد مسار الانتقال السياسي الديمقراطي، وتضع الحلول المستدامة لملكية وطنية تمنع تكرار الحروب والانقلابات العسكرية».

ويرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية - المصرية»، محمد جبارة، أن احتفالات السودانيين «تعكس الدعم الشعبي والثقة في الجيش السوداني»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاحتفالات كانت في مصر ودول أخرى توجد بها جاليات سودانية تفاعلاً مع العمليات في الخرطوم»، وأعاد جبارة تقدم العمليات للجيش السوداني في الفترة الأخيرة إلى «الإمدادات العسكرية التي حصل عليها الجيش أخيراً، مع عمليات استخباراتية استهدفت عناصر (الدعم السريع)».

وتوقع أن «تكتمل عمليات استعادة الخرطوم»، مضيفاً أن «الحسم العسكري ضروري للحرب الداخلية من قِبل الجيش ثم يعقبها مفاوضات».

وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، قد أشارت في تقرير لها، مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي إلى أن «طرفَي القتال بالسودان الجيش و(قوات الدعم السريع) حصلا أخيراً على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة من مصادر أجنبية».

وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار»، إن الاحتفالات الشعبية السودانية «رسالة للداخل السوداني وخارجه بوجود ظهير شعبي للجيش»، مشيراً إلى أن «بعض القوى السياسية كانت تروّج لعدم وجود دعم شعبي للقوات المسلحة السودانية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التفاعل السوداني مع العمليات العسكرية الأخيرة طبيعي».

ويرى ميرغني أن «هناك فرصة لاستعادة الجيش السوداني العاصمة الخرطوم، في ظل المعارك الدائرة في مدينة الفاشر بدارفور، والتي حقّق فيها انتصارات، واستنزفت (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الجيش طوّر من تكتيك مواجهاته بتدريب جنود المشاة على حرب الميليشيات المسلحة، إلى جانب استحداث معدات عسكرية أعطت الأفضلية للقوات المسلحة أخيراً».