واشنطن تعلن عن مساعدة عسكرية لكييف بقيمة 375 مليون دولارhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9%E2%80%8B/5064783-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%83%D9%8A%D9%8A%D9%81-%D8%A8%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-375-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1
أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء أنّ الولايات المتحدة ستقدّم مساعدة عسكرية لأوكرانيا بقيمة 375 مليون دولار، مشيرا إلى أنّ الحزمة الجديدة تشمل ذخائر لراجمات صواريخ دقيقة التصويب من طراز هايمارس، وقنابل عنقودية، ومركبات تكتيكية خفيفة.
وقال بلينكن في بيان إنّ "الولايات المتحدة ملتزمة دفاع أوكرانيا عن نفسها ضدّ العدوان الروسي الوحشي". وأضاف أنّ واشنطن "سترسل هذه المساعدة الجديدة في أسرع وقت ممكن". وتتضمن الحزمة ذخائر لراجمات صواريخ دقيقة التصويب من طراز هايمارس، وقنابل عنقودية وقذائف مدفعية، ومركبات تكتيكية خفيفة ومصفحات وأسلحة صغيرة وأخرى "مضادة للدروع" مثل صواريخ جافلين وتاو بالإضافة إلى صواريخ إيه تي-4 المضادة للدبابات وقطع غيار ومعدات.
وفي عهد الرئيس جو بايدن، قدّمت الولايات المتحدة حوالي 175 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا منذ بدأت روسيا غزوها لجارتها في شباط/فبراير 2022. وأكد بلينكن في بيانه استمرار الدعم الأميركي لكييف، مشددا على أنّ "الولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي حشدناه سيستمران في الوقوف إلى جانب أوكرانيا".
ترمب: تشدد في ملفات أميركا اللاتينية وتفاؤل اقتصادي
صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
قدّم الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مقابلة موسعة مع صحيفة «بوليتيكو» رؤية متشابكة تجمع بين التصعيد الخارجي والوعود الاقتصادية والتردد في ملفات الصحة، إلى جانب رهان كبير على المحكمة العليا لتنفيذ أجندته الداخلية. وبدا ترمب في حديثه عازماً على تثبيت صورة الرئيس الحازم، وإن جاءت تصريحاته محمّلة بقدر من التناقض والغموض في أكثر من محور.
في الشق المتعلق بأميركا اللاتينية، أكد ترمب أنه رغم سعيه إلى ما سماه «أجندة سلام» عالمية، فإنه مستعد لتوسيع نطاق العمليات العسكرية ضد ما وصفه بـ«أهداف مرتبطة بتجارة المخدرات». وقد نشر بالفعل قوة عسكرية كبيرة في منطقة الكاريبي لملاحقة شبكات تهريب وإحكام الضغط على نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا.
صورة مجمّعة للرئيسين الأميركي ترمب والفنزويلي مادورو (أ.ف.ب)
ورفض ترمب استبعاد خيار إرسال قوات برية لإسقاط حكومة مادورو، قائلاً: «لا أريد أن أحدد... ولا أريد الحديث عن الاستراتيجية العسكرية». هذا الغموض أثار تحذيرات داخل المعسكر المحافظ، حيث يرى بعض الجمهوريين أن تدخلاً برياً في فنزويلا سيخالف وعود ترمب بإنهاء الحروب الخارجية. وفي خطوة لافتة أخرى، أشار ترمب إلى أنه قد يستخدم القوة كذلك في المكسيك وكولومبيا، ما عزز المخاوف من توسع دائرة التوتر الإقليمي. كما دافع ببرود عن قراره المثير للجدل بالعفو عن الرئيس الهندوراسي السابق خوان أورلاندو هيرنانديز، المدان بتهريب المخدرات، مكتفياً بالقول إنه فعل ذلك بناءً على طلب «أشخاص جيدين جداً» من دون الكشف عنهم.
أوروبا «متحللة» يقودها «ضعفاء»
وشهدت أوروبا في الأيام الأخيرة حالة غضب عقب إصدار إدارة ترمب لاستراتيجية الأمن القومي الجديدة، التي تعهدت بمواجهة الوضع القائم في أوروبا بشأن الهجرة وغيرها من القضايا السياسية الحساسة.
شن الرئيس ترمب هجوماً على أوروبا، في مقابلة مع «بوليتيكو» نشرت الثلاثاء، واصفاً إياها بأنها مجموعة دول «متحللة» يقودها «أشخاص ضعفاء». وقلل ترمب من شأن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، متهماً إياهم بالفشل في ضبط الهجرة، كما ألمح إلى أنه سيؤيد مرشحين سياسيين أوروبيين ينسجمون مع رؤيته الخاصة للقارة.
ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض 18 أغسطس (رويترز)
وقال ترمب عن القادة السياسيين في أوروبا «أعتقد أنهم ضعفاء. لكني أعتقد أيضاً أنهم يريدون أن يكونوا شديدي الالتزام بما يسمى الصواب السياسي». وأضاف: «أظن أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. أوروبا لا تعرف ماذا تفعل». وانتقد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إدارة ترمب بسبب استراتيجية الأمن القومي، وحث البيت الأبيض أمس على احترام سيادة أوروبا. وقال كوستا: «الحلفاء لا يهددون بالتدخل في الحياة الديمقراطية أو في الخيارات السياسية الداخلية لحلفائهم. إنهم يحترمونها».
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشار الألماني فريدريش ميرتس لدى زيارة الأخير البيت الأبيض في يونيو الماضي (د.ب.أ)
غير أن ترمب لم يأبه بالانتقادات، وقال لـ«بوليتيكو» إنه سيواصل دعم مرشحيه المفضلين في الانتخابات الأوروبية، ولو على حساب إثارة حساسية شعوبها. وقال ترمب: «لقد أيدت أشخاصاً... لا يحبهم كثير من الأوروبيين. لقد أيدت فيكتور أوربان»، في إشارة إلى رئيس الوزراء المجري اليميني المتشدد الذي قال ترمب إنه معجب بسياساته في ضبط الحدود. وفي المقابلة، وصف الرئيس الأميركي مدناً مثل لندن وباريس بأنها ترزح تحت عبء الهجرة القادمة من الشرق الأوسط وأفريقيا، قائلاً إنه من دون تغيير في سياسة الحدود فإن بعض الدول الأوروبية «لن تبقى دولاً قابلة للاستمرار».
تفاؤل اقتصادي رغم الشكاوى
اقتصادياً، قدّم ترمب نفسه كرئيس حقق «نجاحاً هائلاً»، مانحاً إدارته تقييم «إيه بلس بلس بلس» (A+++) وألقى باللائمة على إدارة بايدن السابقة في ارتفاع الأسعار، قائلاً إنه «ورث فوضى كاملة». ورغم أنّ استطلاعات «بوليتيكو» تشير إلى أن نصف الأميركيين يرون تكلفة المعيشة في أسوأ مستوياتها، أصر ترمب على أن «الأسعار كلها تنخفض»، مؤكداً أنه قد يلجأ لإجراءات إضافية عبر الرسوم الجمركية للمساعدة في خفض الأسعار.
أنصار المعارضة الفنزويلية يشاركون في وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين الفنزويليين في بوغوتا بكولومبيا (رويترز)
كما لمّح إلى أنه سيجعل دعم خفض أسعار الفائدة شرطاً أساسياً لاختيار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقبل، وهو تصريح من شأنه أن يثير حساسية كبيرة لدى الأسواق وصناع السياسات.
في ملف الصحة، بدت ملامح الارتباك أو التردد واضحة. فالدعم الفيدرالي الإضافي لخطط التأمين الصحي ضمن «أوباما كير» سينتهي قريباً، ما ينذر بارتفاع كبير في أقساط عام 2026، لكن ترمب لم يقدّم موقفاً حاسماً بشأن تمديد هذه الإعفاءات مؤقتاً. وعندما سئل عن دعمه لتمديد محدود، قال فقط: «لا أعرف. سأرى»، قبل أن يهاجم الديمقراطيين متهماً إياهم بالكرم المفرط مع شركات التأمين. كما لم يقدّم مرة أخرى خطته الموعودة منذ سنوات لاستبدال «أوباما كير»، مكتفياً بعبارة عامة: «أريد تأميناً أفضل وبسعر أقل».
أما على صعيد المحكمة العليا، حيث يملك المحافظون أغلبية 6-3، فينتظر ترمب سلسلة أحكام مصيرية، أبرزها الطعن على حق المواطنة بالولادة. وقد قال إن منع المحكمة له من تغيير هذا الحق سيكون «مدمراً»، لكنه لم يوضح ما إذا كان سيسعى لسحب الجنسية من أشخاص ولدوا مواطنين وفق القانون الحالي. وعلى خلاف بعض الجمهوريين، أكد ترمب أنه لا يرغب برحيل القاضيين المحافظين المخضرمين سامويل أليتو وكلارنس توماس، قائلاً: «آمل أن يبقيا... إنهما رائعان».
اتساع الهوّة بين كييف وواشنطن وتعقيدات أوروبية تُربك مستقبل خطة ترمب لوقف الحرب
الرئيس الأوكراني في روما مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (إ.ب.أ)
برزت خلال الساعات الماضية مؤشرات جديدة على تعقّد المسار الدبلوماسي المتعلق بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد أن قدّم ترمب، في مقابلة مطوّلة مع صحيفة «بوليتيكو»، أكثر تصريحاته حدّة تجاه الحلفاء الأوروبيين، منتقداً ضعف قيادتهم، ومشدّداً على أن روسيا «في موقع أقوى بوضوح» من أوكرانيا.
زيلينسكي في روما مع جورجيا ميلوني (إ.ب.أ)
وقد تزامن ذلك مع مساعٍ أوكرانية حثيثة لشرح النسخة المعدّلة من خطة السلام، مع وصول الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى روما لمواصلة حملته الدبلوماسية وتثبيت الخطوط الحمراء التي تتمسّك بها كييف، وعلى رأسها رفض التنازل عن أي جزء من الأراضي الأوكرانية لصالح موسكو.
هذه التطورات، التي جاءت قبل تقديم كييف رسمياً نسختها المعدّلة من الخطة إلى واشنطن، دفعت المسؤولين الأوروبيين إلى التحرك بكثافة خلال اليومين الماضيين، في محاولة للحدّ من الفجوة الآخذة بالاتساع بين موقفي كييف والإدارة الأميركية.
وفي المقابلة التي أجرتها معه «بوليتيكو» في البيت الأبيض، قدّم الرئيس الأميركي تقييماً قاتماً لأداء أوروبا السياسي والعسكري، واصفاً دولها بأنها «تتدهور» وتقاد من قبل «أشخاص ضعفاء». ولم يتردد ترمب في القول إن أوروبا «لا تعرف ما الذي يجب فعله»، وإنها عاجزة عن وقف الحرب في أوكرانيا أو ضبط الهجرة.
لكن النقطة الأكثر حساسية كانت عندما قال إن «روسيا في وضع أقوى بوضوح من أوكرانيا»، وإن من الضروري التوصل إلى تسوية «واقعية» تنهي الحرب، في تلميح واضح إلى ضرورة تقديم كييف تنازلات. وأضاف أن إدارته قدّمت «خطة جديدة» يعتبر بعض المسؤولين الأوكرانيين أنها «جيدة»، لكنه اتهم زيلينسكي بعدم قراءتها بعد، وقال: «سيكون من الجيد لو قرأها».
زيلينسكي مع بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر بمقر إقامته في بلدة كاستل جاندولفو الواقعة بالقرب من روما (أ.ب)
كما استخدم ترمب لغة حادّة تجاه القادة الأوروبيين الذين يحاولون تثبيت موقف أوكرانيا، قائلاً إنهم «يتحدثون بلا نتيجة» وإن الحرب «تستمر لأنهم لا ينتجون شيئاً». ولم يقدّم أي ضمانات لأوروبا بشأن استمرار دعم واشنطن إلى جانب أوكرانيا، ما زاد القلق في العواصم الأوروبية التي رأت في تلك التصريحات إشارة إضافية على احتمال تغيير جوهري في موقع الولايات المتحدة داخل منظومة الأمن الأوروبي.
زيلينسكي: لا تنازل والخطة المعدّلة جاهزة
في المقابل، واصل الرئيس الأوكراني جولة دبلوماسية ماراثونية، بدأت في لندن ثم بروكسل، والتقى في روما الثلاثاء مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، بشأن نسخة جديدة من خطة السلام. والتقى أولاً مع بابا الفاتيكان، ليو الرابع عشر، بمقر إقامته في بلدة كاستل جاندولفو، الواقعة بالقرب من روما. وتهدف الجولة إلى شرح التعديلات التي أدخلتها كييف على خطة ترمب، وإقناع الحلفاء الأوروبيين والأميركيين بضرورة تثبيت مبدأ احترام «الحدود الدولية المعترف بها».
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن أمس (أ.ف.ب)
وقال زيلينسكي، عقب اجتماعه مع قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا في لندن، إن الخطة المنقحة تتضمن «20 نقطة»، لكنها لا تحتوي على أي بند يتعلق بالتنازل عن أراضٍ، مؤكداً أن هذا المسار «غير قابل للتفاوض». وأضاف: «هناك قضايا معقدة جداً تتعلق بالأراضي. لم نتوصل إلى أي حل وسط، ولن يكون هناك حل وسط على حساب وحدة أوكرانيا».
وذكر زيلينسكي أن كييف ستقدّم، الثلاثاء، النسخة المعدّلة من خطتها إلى الولايات المتحدة، في إشارة إلى محاولة إعادة التوازن إلى المسودة الأميركية – الروسية التي اعتُبرت في أوكرانيا وأوروبا «مواتية جداً» لموسكو.
وفي بروكسل، حظي زيلينسكي بدعم واضح من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، والأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته، الذين أكدوا أن أي اتفاق سلام يجب أن «يحترم سيادة أوكرانيا ويوفر ضمانات أمنية طويلة المدى». وأصدرا الرسالة نفسها في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. وجاء في منشوراتهما: «يجب احترام سيادة أوكرانيا. ويجب ضمان أمنها على المدى الطويل، كخط دفاع أول لاتحادنا».
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ب)
لكن قدرة أوكرانيا على المقاومة السياسية تتعرض لاختبار معقّد، بعدما انفجرت في كييف خلال الأسابيع الأخيرة سلسلة فضائح فساد داخل الدائرة المقربة من الرئيس، أدت إلى استقالة مسؤولين بارزين. ويرى مراقبون أن موسكو وواشنطن تستغلان هذا الضعف النسبي للضغط على زيلينسكي للقبول بصيغة تسوية تتيح وقف الحرب سريعاً، وهو ما أشار إليه ترمب في مقابلته حين دعا إلى «انتخابات جديدة» في أوكرانيا، معتبراً أن «الديمقراطية تحتاج إلى تجديد».
هذه التصريحات اعتُبرت في كييف محاولة للضغط السياسي، خصوصاً في وقت تواجه فيه الجيش الأوكراني ظروف ميدانية صعبة: تقدّم روسي تدريجي في الشرق، نقص في الذخائر، إرهاق بشري، وتدمير متكرر لمنشآت الطاقة.
أوروبا بين دعم كييف والقلق من واشنطن
من جانبها، تحاول أوروبا لعب دور «الضامن» لموقف أوكرانيا، لكن هامش تأثيرها يبدو محدوداً في ظل انفراد واشنطن بمسار التفاوض المباشر مع موسكو وكييف. ففي لندن، شدد كل من ماكرون وستارمر وميرتس على أن أوروبا لن تقبل «فرض» تسوية تمنح موسكو مكاسب إقليمية لم تنتزعها بالقوة.
ويخشى الأوروبيون أن يؤدي أي «تنازل» أميركي للكرملين إلى زعزعة التوازن الأمني في القارة. ويكرر قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا أن الخطة الأميركية - الروسية الأولى كانت «مائلة بشكل واضح لصالح موسكو»، وأن النسخة الجديدة يجب أن تُراجع بالكامل قبل تبنّيها.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن الاثنين (إ.ب.أ)
وتُعقّد مسألة الأصول الروسية المجمّدة المشهد أكثر. فخلال الاجتماعات الأخيرة، ضغطت دول البلطيق وبولندا لإقرار آلية فورية لاستخدام أرباح تلك الأصول لتمويل احتياجات أوكرانيا، غير أن اليابان رفضت الانضمام لهذا المسار، فيما طرحت الولايات المتحدة تحفظات قانونية وسياسية. هذا الأمر يترك أوروبا أمام عبء مالي كبير، في وقت تواجه فيه كييف عجزاً قد يصل إلى 70 مليار يورو العام المقبل. كما تخشى دول مثل بلجيكا من أخطار قانونية محتملة إذا قررت استخدام الأموال من دون غطاء دولي واضح.
الرئيسان الفرنسي ماكرون والأوكراني زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك والمستشار الألماني ميرتس في كييف يوم 10 مايو (إ.ب.أ)
مستقبل خطة ترمب
على الرغم من محاولات كييف إعادة التوازن إلى الخطة، فإن الفوارق بين المواقف لا تزال واسعة. فتمسّك أوكرانيا بسيادتها ورفضها التخلي عن الأراضي يصطدمان برؤية أميركية تميل إلى «الحلول الوسط»، كما قال ترمب، فيما تبدو موسكو غير مستعدة للتراجع عن مطالبها القصوى، وفي مقدمتها تثبيت سيطرتها على كامل دونباس.
أعرب وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول عن شكوكه حيال فرص نجاح المفاوضات الجارية للتوصل إلى حل سلمي في أوكرانيا، في ظل إصرار روسيا على مطالبها بضم أراضٍ أوكرانية.
وقال الوزير الثلاثاء على هامش زيارته للصين: «لست متأكداً بعد من أنه سيكون هناك في نهاية المطاف ورقة قابلة للتوافق على الطاولة»، مضيفاً أن العمل الجاد على صياغة ورقة تسوية أمر إيجابي، لكنه أشار إلى أنه كلما تقدمت المفاوضات، ازدادت صعوبة القضايا المتبقية، وقال: «القضايا الإقليمية كانت منذ البداية من أصعب الملفات»، مشدداً على أن الأوكرانيين وحدهم هم من يمكنهم اتخاذ القرار بشأنها في نهاية المطاف، وقال: «ومن الواضح أن هذه القرارات لن تكون سهلة عليهم».
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
في المقابل، يظهر الأوروبيون مستنفرين لمنع اتفاق يُفرض على أوكرانيا تحت ضغط الظروف، إلا أن قدرتهم على التأثير في صياغة الخطة النهائية تبقى موضع شك. ويشير دبلوماسي أوروبي إلى أن «الضمانات الأمنية» تبقى العقدة الأكبر. فكييف تريد التزامات صريحة تردع موسكو، بينما تميل واشنطن في بعض نسخ الخطة إلى تجميد مسار انضمام أوكرانيا إلى «الناتو». وهكذا، ومع نهاية العام الرابع من الحرب، تتقاطع الضغوط والمواقف المتعارضة لتصنع لحظة تفاوضية تبدو الأكثر حساسية منذ بدء الغزو. فبين رغبة إدارة ترمب في إنهاء الحرب سريعاً، وتمسّك كييف بسيادتها، ومحاولة أوروبا منع تسوية مجحفة، ينفتح المشهد على مرحلة طويلة من المدّ والجزر، قد تحدد شكل الأمن الأوروبي لسنوات وربما عقود مقبلة.
زيلينسكي وستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن يوم 24 أكتوبر (إ.ب.أ)
استهدافات ميدانية متبادلة
أعلن سلاح الجو في أوكرانيا، الثلاثاء، أن قوات الدفاع الجوي الأوكراني أسقطت 84 من أصل 110 طائرات مسيرة، أطلقتها روسيا خلال هجوم جوي على شمال وجنوب وشرق البلاد خلال الليل. قال أوليه هريهوروف حاكم منطقة سومي الأوكرانية إن طائرات روسية مسيرة هاجمت المدينة التي تحمل الاسم نفسه في وقت متأخر الاثنين، في ثاني هجوم كبير على سومي خلال 24 ساعة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي. وكتب الحاكم على «تلغرام»: «في غضون نصف ساعة، شن الروس أكثر من 10 غارات بطائرات مسيرة على المدينة. لا توجد كهرباء في سومي. تعمل بعض البنى التحتية الحيوية على مصادر الطاقة الاحتياطية». وكانت مدينة سومي، التي كان يقطنها نحو 250 ألفاً قبل اندلاع الحرب في فبراير (شباط) 2022، هدفاً متكرراً للهجمات الروسية.
صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، أن قوات الدفاع الجوي الروسية تمكنت خلال الليل من اعتراض وتدمير 121 طائرة مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية. وقال رئيس هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال فاليري جيراسيموف، الثلاثاء، إن قوات موسكو تتقدم على طول خط الجبهة بالكامل في أوكرانيا وتستهدف القوات الأوكرانية المحاصرة في بلدة ميرنوهراد.
وأضاف في اجتماع عقد مع ضباط من المجموعة المركزية التي تقاتل في منطقة دنيبروبيتروفسك الأوكرانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعطى أوامر بهزيمة القوات الأوكرانية في ميرنوهراد، وهي مدينة كان عدد سكانها قبل الحرب يبلغ نحو 46 ألف نسمة وتقع إلى الشرق من بوكروفسك. وتابع بأن روسيا سيطرت على أكثر من 30 في المائة من مباني ميرنوهراد. ونفت أوكرانيا مراراً المزاعم الروسية بسقوط بوكروفسك، وتقول إن قواتها لا تزال تسيطر على جزء من المدينة وتقاتل في ميرنوهراد. وتقول أوكرانيا إنها تحافظ على خطوطها الدفاعية وتجبر روسيا على دفع ثمن باهظ مقابل ما تصفه بمكاسب محدودة نسبياً.
«وصلنا لمرحلة لم تعد فيها ديمقراطية»... ترمب يدعو أوكرانيا إلى إجراء انتخاباتhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9%E2%80%8B/5217698-%D9%88%D8%B5%D9%84%D9%86%D8%A7-%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D9%84%D9%85-%D8%AA%D8%B9%D8%AF-%D9%81%D9%8A%D9%87%D8%A7-%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A1
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (وسط) ونائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس (يمين) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)
واشنطن:«الشرق الأوسط»
TT
واشنطن:«الشرق الأوسط»
TT
«وصلنا لمرحلة لم تعد فيها ديمقراطية»... ترمب يدعو أوكرانيا إلى إجراء انتخابات
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (وسط) ونائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس (يمين) في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ)
رأى الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مقابلة مع موقع «بوليتيكو»، اليوم الثلاثاء، أن على أوكرانيا التي «خسرت الكثير من الأراضي»، إجراء انتخابات، مكرراً انتقاداته اللاذعة للرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وقال ترمب: «أعتقد أن الوقت حان» لإجراء انتخابات، متهماً كييف بـ«استغلال الحرب» لتجنبها. وعدّ أن القادة الأوكرانيين «يتحدثون عن الديمقراطية، لكننا وصلنا إلى مرحلة لم تعد فيها ديمقراطية... يجب أن يكون للشعب الأوكراني هذا الخيار... لا أعرف من سيفوز».
وتتهم موسكو زيلينسكي بأنه «غير شرعي» لأن ولايته الرئاسية الممتدة لست سنوات انتهت في عام 2024، لكن الأحكام العرفية السارية في أوكرانيا منذ بدء الهجوم الروسي في عام 2022، تحول دون تنظيم الانتخابات.
وكرر ترمب انتقادات للرئيس الأوكراني أطلقها الأحد، عادّاً أنه لم يقرأ خطته لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال الرئيس الأميركي: «الكثير من الناس يموتون. لذا سيكون من الجيد حقاً أن يقرأها».
وأضاف أن روسيا «تتمتع بالتفوق» العسكري، و«دائماً ما كانت كذلك»، وأنها «أكبر بكثير» من خصمها. ورأى أنّه «لا شك» في أن روسيا في موقف تفاوضي قوي، في حين حققت قواتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أكبر تقدم لها على الجبهة في أوكرانيا منذ عام، بحسب تحليل أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية» لبيانات صادرة عن معهد دراسة الحرب في واشنطن.
وأعرب ترمب عن أسفه على مقتل «ملايين الأشخاص» معتبرا أن هذه الحرب لم يكن ينبغي أن تحدث. وقال إن «جزءاً من المشكلة» يكمن في أن زيلينسكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين «يكرهان بعضهما بشدة»، ما يجعل «من الصعب جداً عليهما التوصل إلى اتفاق».
ورداً على سؤال عما إذا كان يعتقد أن أوكرانيا خسرت الحرب، أجاب بأنها «خسرت بالفعل الكثير من الأراضي».