إطلاق مؤسّسة للاستثمار في الإنسان تُظهر ولع الملك سلمان بالمعرفة

خادم الحرمين أصدر أمراً باعتماد نظامها الأساسي ووَضْع بنيتها الأولى

تُظهر المؤسّسة شغف الملك سلمان بالمعرفة والتاريخ والثقافة (الشرق الأوسط)
تُظهر المؤسّسة شغف الملك سلمان بالمعرفة والتاريخ والثقافة (الشرق الأوسط)
TT

إطلاق مؤسّسة للاستثمار في الإنسان تُظهر ولع الملك سلمان بالمعرفة

تُظهر المؤسّسة شغف الملك سلمان بالمعرفة والتاريخ والثقافة (الشرق الأوسط)
تُظهر المؤسّسة شغف الملك سلمان بالمعرفة والتاريخ والثقافة (الشرق الأوسط)

أصدر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، الخميس، أمراً ملكياً باعتماد النظام الأساسي لمؤسّسة «الملك سلمان غير الربحية‬⁩»، واضعاً بنيتها الأولى، بما يعكس جهوده في تعزيز استدامة المجتمعات.

وأكد الملك أنّ الاستثمار في الإنسان، وتنمية ثقافته، واعتزازه بهويته، هو «نهج سنستمر عليه دائماً». وأضاف في منشور عبر حسابه في «إكس»: «لأننا نسعى إلى مواجهة التحدّيات البشرية، واستدامة ازدهار المجتمعات، نُطلق (مؤسّسة الملك سلمان غير الربحية)، متطلّعين إلى إحداث أثر دائم للفرد والمجتمع».

المؤسّسة خاصة، تعكس مسيرة الملك، وتحافظ على الأعمال والإنجازات التي حقّقها في القطاع غير الربحي، وتؤكد تعزيز الاستدامة في مجال التوسّع الحضري، كما تُظهر شغفه بالمعرفة والتاريخ والثقافة.

وتنضوي تحتها مجموعة من المراكز الثقافية التي تعكس اهتمامات الملك، وتستلهم من تجربته، التي استمرت عقوداً، إثراءَ قطاعات الثقافة والمعرفة والتاريخ وتنميتها؛ وتندرج ضمن أذرعها، مكتبة، ومتحف، وكلاهما في مشروع بوابة الدرعية، إضافة إلى متحف المجتمع السعودي في «حديقة الملك سلمان»؛ أحد مشاريع الرياض الكبرى، التي يجري تطويرها الآن بوصفها منطقة حضرية في العاصمة السعودية.

شعار «مؤسّسة الملك سلمان غير الربحية»

الملك سلمان رائداً للثقافة والتاريخ

ترك الملك سلمان بصمة راسخة في المشهد الثقافي، وأثرى تجربته القيادية التي اتّسمت بحبّ الاطّلاع والقُرب من المثقفين والاعتناء بنوافذ التاريخ؛ الأمر الذي جعل من إطلاق مؤسّسة خاصة باسمه ترعى الشأن الثقافي والمعرفي امتداداً طبيعياً لحضوره التاريخي في هذه المجالات.

في هذا السياق، قال وزير الثقافة، الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، إنّ «مؤسسة الملك سلمان غير الربحية»‬⁩ تمثّل امتداداً لجهود خادم الحرمين الشريفين في تعزيز الثقافة، مضيفاً في منشور عبر حسابه في منصة «إكس»: «ستفتح المراكز الثقافية التابعة للمؤسّسة فضاءات أوسع للإبداع والمعرفة».

وتحمل كراسي علمية ومؤسّسات ومراكز ثقافية عدّة اسم الملك سلمان، أو أثراً من دعمه ومتابعته، وقد تأسَّست خلال مسيرته الطويلة في دعم القيم الثقافية والمعرفية والرصانة التاريخية، ومنها انطلقت، لتشمل تعزيز حضور اللغة العربية إقليمياً ودولياً، وعنايته بالتاريخ الذي تمثّل في مبادرات عدّة وجدت فيه داعماً لتطوّرها وازدهار أعمالها.

ولطالما رعى الملك سلمان بن عبد العزيز روّاد الثقافة السعوديين، وحضَّ على تكريمهم والاهتمام بإرثهم، وكان مرحِّباً بوصولهم واتصالهم معه. واقتنى في مكتبته الشخصية مخطوطات وكتباً ونفائس تراثية، تشهد على نهمه في القراءة وشغفه بالمعرفة والعلوم، واهتمامه بالتراث مخطوطاً ومشهوداً في المباني والمنشآت.

واحتفت دارة الملك بإطلاق المؤسّسة وبجهوده في حفظ الذاكرة الوطنية، بوصفه من رواد حماية التاريخ السعودي ورواته، مع ما شهدته الدارة المتخصِّصة في خدمة تاريخ المملكة وجغرافيتها وآدابها وتراثها، وكذلك الجزيرة العربية والعالم العربي؛ من ازدهار ونشاط علمي مثمر، عندما ترأس الملك مجلس إدارتها طوال 20 عاماً.

رعى الملك سلمان بن عبد العزيز روّاد الثقافة السعوديين وحضَّ على تكريمهم (واس)

رحلة السعودية إلى قطاع ثالث مزدهر

رسّخت مسيرة الملك سلمان الممتدّة عقوداً من العمل والعطاء، وعي المجتمع ونُخبه بأهمية تطوير القطاع غير الربحي ليكون رافداً مهمّاً لاستدامة العمل التنموي في المجتمعات. ويأتي إطلاق المؤسّسة التي تحمل اسمه ضمن القطاع غير الربحي ترجمةً لهذا التوجّه، واستمراراً لأعمال الملك سلمان وإنجازاته التي حقّقها في هذا القطاع بشكل مؤسَّسي ومنظَّم.

‏بدوره، ثمَّن وزير الموارد البشرية، المهندس أحمد الراجحي، لخادم الحرمين خطوة إطلاق المؤسّسة التي تشكّل امتداداً لمساعيه الدائمة إلى خلق حياة كريمة للفرد والمجتمع، والمساهمة بشكل مباشر في تنمية القطاع غير الربحي واستدامته.

وتنتهج المؤسسة نهجاً يقتدي بالملك سلمان، وتستلهم من شخصيته شعار «الإنسان أولاً أينما كان»، وقد أطلق خادم الحرمين خلال مسيرة عطائه الطويلة، عدداً من المنظّمات غير الربحية الرائدة، منها «الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام» (إنسان)، و«مركز الملك سلمان لبحوث الإعاقة»، و«مركز الملك سلمان الاجتماعي»، و«مركز الملك سلمان للشباب»... ولا تزال كل تلك المؤسّسات تعمل وفق وظيفتها الفريدة وهويتها التي تشكَّلت على يد الملك، وجعل جلّ تركيزها على بناء الإنسان طفلاً وشاباً وكهلاً.

وفي حين تقود «رؤية 2030» التي انطلقت بمباركة خادم الحرمين، مشهد القطاع غير الربحي، وتمكّنه في رحلة الوصول إلى قطاع ثالث مزدهر ومستدام، تنظر الرؤية إلى القطاع غير الربحي بوصفه شريكاً في مهمّة التحوّل، وعاملاً مهمّاً للتأثير الإيجابي في الفرد والمجتمع.

ودعمت الرؤية منذ نشأتها إحداث نقلة في أسلوب عمل القطاع غير الربحي في المملكة ليتّسم بالكفاءة والشفافية والاستدامة، وترسيخ بيئة تُمكّن الناس من استخدام معارفهم ومواهبهم ووقتهم لمساعدة المجتمع على الازدهار عبر ترك أثر إيجابي دائم في مختلف المجالات، منها التقنية والصحّية والبيئية والتربوية وغيرها.


مقالات ذات صلة

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
خاص الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

خاص نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

كشف مسؤول نيجيري رفيع المستوى عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
TT

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

كل 10 دقائق تُقتل امرأةٌ عمداً في هذا العالم، على يد شريكها أو أحد أفراد عائلتها. هذا ليس عنواناً جذّاباً لمسلسل جريمة على «نتفليكس»، بل هي أرقام عام 2023، التي نشرتها «هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة» عشيّة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحلّ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

ليس هذا تاريخاً للاحتفال، إنما للتذكير بأنّ ثلثَ نساء العالم يتعرّضن للعنف الجسدي، على الأقل مرة واحدة خلال حياتهنّ، وذلك دائماً وفق أرقام الهيئة الأمميّة. وفي 2023، قضت 51100 امرأة جرّاء التعنيف من قبل زوجٍ أو أبٍ أو شقيق.

كل 10 دقائق تُقتَل امرأة على يد شريكها أو فرد من عائلتها (الأمم المتحدة)

«نانسي» تخلّت عن كل شيء واختارت نفسها

من بين المعنَّفات مَن نجونَ ليشهدن الحياة وليروين الحكاية. من داخل الملجأ الخاص بمنظّمة «أبعاد» اللبنانية والحاملة لواء حماية النساء من العنف، تفتح كلٌ من «نانسي» و«سهى» و«هناء» قلوبهنّ المجروحة لـ«الشرق الأوسط». يُخفين وجوههنّ وأسماءهنّ الحقيقية، خوفاً من أن يسهل على أزواجهنّ المعنّفين العثور عليهنّ.

جسدُ «نانسي» الذي اعتادَ الضرب منذ الطفولة على يد الوالد، لم يُشفَ من الكدمات بعد الانتقال إلى البيت الزوجيّ في سن الـ17. «هذا التعنيف المزدوج من أبي ثم من زوجي سرق طفولتي وعُمري وصحّتي»، تقول الشابة التي أمضت 4 سنوات في علاقةٍ لم تَذُق منها أي عسل. «حصل الاعتداء الأول بعد أسبوع من الزواج، واستمرّ بشكلٍ شبه يوميّ ولأي سببٍ تافه»، تتابع «نانسي» التي أوت إلى «أبعاد» قبل سنتَين تقريباً.

تخبر أنّ ضرب زوجها لها تَركّزَ على رأسها ورجلَيها، وهي أُدخلت مرّتَين إلى المستشفى بسبب كثافة التعنيف. كما أنها أجهضت مراتٍ عدة جرّاء الضرب والتعب النفسي والحزن. إلا أن ذلك لم يردعه، بل واصل الاعتداء عليها جسدياً ولفظياً.

غالباً ما يبدأ التعنيف بعد فترة قصيرة من الزواج (أ.ف.ب)

«أريد أن أنجوَ بروحي... أريد أن أعيش»، تلك كانت العبارة التي همست بها «نانسي» لنفسها يوم قررت أن تخرج من البيت إلى غير رجعة. كانا قد تعاركا بشدّة وأعاد الكرّة بضربها وإيلامها، أما هي فكان فقد اختمر في ذهنها وجسدها رفضُ هذا العنف.

تروي كيف أنها في الليلة ذاتها، نظرت حولها إلى الأغراض التي ستتركها خلفها، وقررت أن تتخلّى عن كل شيء وتختار نفسها. «خرجتُ ليلاً هاربةً... ركضت بسرعة جنونيّة من دون أن آخذ معي حتى قطعة ملابس». لم تكن على لائحة مَعارفها في بيروت سوى سيدة مسنّة. اتّصلت بها وأخبرتها أنها هاربة في الشوارع، فوضعتها على اتصالٍ بالمؤسسة التي أوتها.

في ملجأ «أبعاد»، لم تعثر «نانسي» على الأمان فحسب، بل تعلّمت أن تتعامل مع الحياة وأن تضع خطة للمستقبل. هي تمضي أيامها في دراسة اللغة الإنجليزية والكومبيوتر وغير ذلك من مهارات، إلى جانب جلسات العلاج النفسي. أما الأهم، وفق ما تقول، فهو «أنني أحمي نفسي منه حتى وإن حاول العثور عليّ».

تقدّم «أبعاد» المأوى والعلاج النفسي ومجموعة من المهارات للنساء المعنّفات (منظمة أبعاد)

«سهى»... من عنف الأب إلى اعتداءات الزوج

تزوّجت «سهى» في سن الـ15. مثل «نانسي»، ظنّت أنها بذلك ستجد الخلاص من والدٍ معنّف، إلا أنها لاقت المصير ذاته في المنزل الزوجيّ. لم يكَدْ ينقضي بعض شهورٍ على ارتباطها به، حتى انهال زوجها عليها ضرباً. أما السبب فكان اكتشافها أنه يخونها واعتراضها على الأمر.

انضمّ إلى الزوج والدُه وشقيقه، فتناوبَ رجال العائلة على ضرب «سهى» وأولادها. نالت هي النصيب الأكبر من الاعتداءات وأُدخلت المستشفى مراتٍ عدة.

أصعبُ من الضرب والألم، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها مغادرة البيت بعد 10 سنوات على زواجها. «كان من الصعب جداً أن أخرج وأترك أولادي خلفي وقد شعرت بالذنب تجاههم، لكنّي وصلت إلى مرحلةٍ لم أعد قادرة فيها على الاحتمال، لا جسدياً ولا نفسياً»، تبوح السيّدة العشرينيّة.

منذ شهرَين، وفي ليلةٍ كان قد خرج فيها الزوج من البيت، هربت «سهى» والدموع تنهمر من عينَيها على أطفالها الثلاثة، الذين تركتهم لمصيرٍ مجهول ولم تعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. اليوم، هي تحاول أن تجد طريقاً إليهم بمساعدة «أبعاد»، «الجمعيّة التي تمنحني الأمان والجهوزيّة النفسية كي أكون قوية عندما أخرج من هنا»، على ما تقول.

في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة تحث الأمم المتحدة على التضامن النسائي لفضح المعنّفين (الأمم المتحدة)

«هناء» هربت مع طفلَيها

بين «هناء» ورفيقتَيها في الملجأ، «نانسي» و«سهى»، فرقٌ كبير؛ أولاً هي لم تتعرّض للعنف في بيت أبيها، ثم إنها تزوّجت في الـ26 وليس في سنٍ مبكرة. لكنّ المشترك بينهنّ، الزوج المعنّف الذي خانها وضربها على مدى 15 سنة. كما شاركت في الضرب ابنتاه من زواجه الأول، واللتان كانتا تعتديان على هناء وطفلَيها حتى في الأماكن العامة.

«اشتدّ عنفه في الفترة الأخيرة وهو كان يتركنا من دون طعام ويغادر البيت»، تروي «هناء». في تلك الآونة، كانت تتلقّى استشاراتٍ نفسية في أحد المستوصفات، وقد أرشدتها المعالجة إلى مؤسسة «أبعاد».

«بعد ليلة عنيفة تعرّضنا فيها للضرب المبرّح، تركت البيت مع ولديّ. لم أكن أريد أن أنقذ نفسي بقدر ما كنت أريد أن أنقذهما». لجأت السيّدة الأربعينية إلى «أبعاد»، وهي رغم تهديدات زوجها ومحاولاته الحثيثة للوصول إليها والطفلَين، تتماسك لتوجّه نصيحة إلى كل امرأة معنّفة: «امشي ولا تنظري خلفك. كلّما سكتّي عن الضرب، كلّما زاد الضرب».

باستطاعة النساء المعنّفات اللاجئات إلى «أبعاد» أن يجلبن أطفالهنّ معهنّ (منظمة أبعاد)

«حتى السلاح لا يعيدها إلى المعنّف»

لا توفّر «أبعاد» طريقةً لتقديم الحماية للنساء اللاجئات إليها. تؤكّد غيدا عناني، مؤسِسة المنظّمة ومديرتها، أن لا شيء يُرغم المرأة على العودة إلى الرجل المعنّف، بعد أن تكون قد أوت إلى «أبعاد». وتضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «مهما تكن الضغوط، وحتى تهديد السلاح، لا يجعلنا نعيد السيّدة المعنّفة إلى بيتها رغم إرادتها. أما النزاعات الزوجيّة فتُحلّ لدى الجهات القضائية».

توضح عناني أنّ مراكز «أبعاد»، المفتوحة منها والمغلقة (الملاجئ)، تشرّع أبوابها لخدمة النساء المعنّفات وتقدّم حزمة رعاية شاملة لهنّ؛ من الإرشاد الاجتماعي، إلى الدعم النفسي، وتطوير المهارات من أجل تعزيز فرص العمل، وصولاً إلى خدمات الطب الشرعي، وليس انتهاءً بالإيواء.

كما تصبّ المنظمة تركيزها على ابتكار حلول طويلة الأمد، كالعثور على وظيفة، واستئجار منزل، أو تأسيس عملٍ خاص، وذلك بعد الخروج إلى الحياة من جديد، وفق ما تشرح عناني.

النساء المعنّفات بحاجة إلى خطط طويلة الأمد تساعدهنّ في العودة للحياة الطبيعية (رويترز)

أما أبرز التحديات التي تواجهها المنظّمة حالياً، ومن خلالها النساء عموماً، فهي انعكاسات الحرب الدائرة في لبنان. يحلّ اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في وقتٍ «تتضاعف فيه احتمالات تعرّض النساء للعنف بسبب الاكتظاظ في مراكز إيواء النازحين، وانهيار منظومة المساءلة». وتضيف عناني أنّ «المعتدي يشعر بأنه من الأسهل عليه الاعتداء لأن ما من محاسبة، كما أنه يصعب على النساء الوصول إلى الموارد التي تحميهنّ كالشرطة والجمعيات الأهليّة».

وممّا يزيد من هشاشة أوضاع النساء كذلك، أن الأولويّة لديهنّ تصبح لتخطّي الحرب وليس لتخطّي العنف الذي تتعرّضن له، على غرار ما حصل مع إحدى النازحات من الجنوب اللبناني؛ التي لم تمُت جرّاء غارة إسرائيلية، بل قضت برصاصة في الرأس وجّهها إليها زوجها.