البرهان «منفتح» على جهود وقف الحرب... لكن نائبه لا يرى إلا «الحسم العسكري»

«حميدتي» مستعد لمحادثات سلام تجاوباً مع نداء الرئيس الأميركي

قائد الجيش السوداني البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا (أرشيفية - الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا (أرشيفية - الجيش السوداني)
TT

البرهان «منفتح» على جهود وقف الحرب... لكن نائبه لا يرى إلا «الحسم العسكري»

قائد الجيش السوداني البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا (أرشيفية - الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا (أرشيفية - الجيش السوداني)

قطع أحد أبرز قادة الجيش السوداني مجدداً برفض القوات المسلحة التفاوض مع «قوات الدعم السريع»، وأعلن عن «توافق القيادة المدنية والعسكرية على حسم المعركة عسكرياً»، وذلك بعد يوم واحد من إعلان قائد الجيش رئيس «مجلس السيادة الانتقالي»، عبد الفتاح البرهان، انفتاح حكومته على جهود إنهاء الحرب والعمل مع الشركاء الدوليين للتوصل إلى «حل سلمي»، وتأكيد قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، التزامه بمفاوضات وقف إطلاق النار والانخراط في عمليات السلام.

الفريق ياسر العطا (وكالة السودان للأنباء)

وقال الفريق أول ياسر العطا، مساعد القائد العام للجيش السوداني، في خطاب تعبوي لـ«مجموعات الإسناد»، الخميس، إن «الجيش السوداني سيواصل القتال حتى دحر التمرد، والقيادة السياسية والعسكرية متفقة على رفض أي أحاديث عن تفاوض... نسمع عن مفاوضات هنا وهناك، لكن القيادة السياسية والعسكرية والقيادة المدنية ناس أبو نمو (يقصد وزير المعادن رئيس وفد التفاوض محمد بشير أبو نمو) والشعب السوداني كله يقولون: (بل بس)».

و«بل بس» هتاف يستخدمه مؤيدو الجيش السوداني للتعبير عن الإصرار على مواصلة القتال ضد «قوات الدعم السريع»، وهو هتاف مقابل للهتاف الذي يستخدمه مؤيدو «قوات الدعم»: «جغم بس»... وكلها هتافات مشتقة من هتاف المحتجين في الثورة السودانية التي أسقطت نظام حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس السابق عمر البشير: «تسقط بس»، وذلك على الرغم من أن «بل بس» في العامية السودانية يحمل دلالات «بذيئة».

وكشف العطا عن تطور قدرات الجيش التي ستمكنه من تحقيق شعار «بل بس» بقوله: «الآن أصبحنا بقدرات متعاظمة تستطيع تحقيق هذا الشعار المجيد (بل بس)»، وتابع: «القوات المسلحة بحكم واجبها الدستوري والقانوني والوطني والعرفي والتاريخي، هي الرقيب حتى لا يتلاعب المفسدون بالوطن الحبيب وبشعبه الكريم».

الرئيس الأميركي جو بايدن يدعو الأطراف المتصارعة في السودان إلي إنهاء الحرب (أ.ف.ب)

وأقسم العطا على «عدم الاستسلام والركوع» أمام من أطلق عليهم «العرب والعجم»، وعلى عدم وقف الحرب «قبل أن يدحر التمرد»، وقال: «عندما بدأت معركة الكرامة كان أول قول لنا: والله، وقسماً؛ لغير الله لن نركع، ولن نستسلم لو جابوا (أتوا) بكل الدنيا». وتابع: «نحن في القيادة العسكرية والمدنية يد واحدة، وبكل صراحة وصدق، هدفنا وسياستنا ورؤيتنا هي دحر التمرد، وجهزنا القوات في أي مكان، وقطعنا في ذلك أشواطاً بعيدة، والمقاتلون الذين تم تدريبهم قادرون على حسم المعركة».

وسبق لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، أن أكد، في رد على بيان من الرئيس الأميركي جو بايدن، انفتاح حكومته على الجهود الرامية لإنهاء الحرب «المدمرة» مع «قوات الدعم السريع»، واستعداده للعمل مع جميع الشركاء الدوليين للوصول إلى حل سلمي يخفف ما سماها «معاناة شعبنا»، ويفتح الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة.

وكان الرئيس بايدن قد دعا، في بيان، الطرفين لاستئناف المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب، بقوله: «أدعو الطرفين المتحاربين المسؤولين عن معاناة السودانيين إلى سحب قواتهما وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وإعادة الانخراط في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب».

وتفسر التصريحات السابقة للجنرالين؛ القائد العام ومساعده، ما يبدو «تناقضاً» في موقفيهما، فالعطا، الذي يعدّ القائد الميداني الفعلي، درج على إطلاق التصريحات المتشددة الرافضة للتفاوض، والإعلان مراراً وتكراراً عن «قرب حسم الحرب» لمصلحة قواته، بينما درج قائد الجيش على إطلاق تصريحات تبدو «مهادنة» بما يمكن تفسيره بأن ثمة «تبادل أدوار متفقاً عليه بين الرجلين».

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية (شرق) في 31 يوليو (أ.ف.ب)

وتتكون «كتائب الإسناد»، التي خاطبها العطا الخميس، أصلاً من قوات رديفة للجيش؛ على رأسها «كتيبة البراء بن مالك»، وتعرف أيضاً بـ«لواء البراء بن مالك»، وهي قوات إسلامية سودانية من بين الفصائل المسلحة التي كانت ترتبط بـ«قوات الدفاع الشعبي» شبه العسكرية التي كانت تقاتل إلى جانب الجيش في ظل حكم الرئيس عمر البشير، وتعرف أحياناً بـ«كتائب الظل».

و«كتيبة البراء» وكتائب أخرى، مثل «كتائب البنيان المرصوص»، هي مجموعات شبه عسكرية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بـ«الجبهة الإسلامية القومية» التي كان يقودها الراحل حسن الترابي، وجاء تكوينها ضمن سياقات «أسلمة» الجيش في أوائل تسعينات القرن الماضي.

وبعد حل «قوات الدفاع الشعبي» حلت محله تلك «الكتائب»، وحين اندلعت الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023، انضمت تلك القوات للجيش، ويرجح كثيرون أنها كانت وراء «إطلاق شرارة الحرب بالهجوم على (قوات الدعم السريع) في (معسكر المدينة الرياضية)».

ويقود الكتيبة الشاب الإسلاموي المتشدد المصباح أبو زيد طلحة، الذي برز منذ أيام الحرب الأولى، وتعاظم ظهوره بعد زيارة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان له بمستشفى في عطبرة، لعيادته إثر إصابته في إحدى المعارك... ويرجح أن القائد الفعلي لتلك القوات هو رئيس «حزب المؤتمر الوطني» بولاية الخرطوم أنس عمر، الذي أسرته «قوات الدعم السريع» في الأيام الأولى للحرب.

مسلحون من ميليشيا داعمة للجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي السياق، أبدى قائد «قوات الدعم السريع»، الفريق أول محمد حمدان دقلو، ترحيبه ببيان بايدن، وتعهد بمواصلة جهود الانخراط في السلام وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، وأبدى استعداده التام لوقف إطلاق النار والالتزام باستعادة الحكم المدني الديمقراطي.

وقال دقلو؛ الشهير بـ«حميدتي»، في نشرة عبر حسابه بمنصة «إكس»، تعليقاً على خطاب الرئيس بايدن، إن الحرب لم تكن خياره، وإن موقفه من السلام والحكم المدني الديمقراطي بقيادة «القوى الديمقراطية الحقيقية، سيظل ثابتاً».

ونفى «حميدتي» مسؤوليته عن إشعال الحرب، وحمل «الحركة الإسلامية» المسؤولية عنه، وقال: «الحرب كانت صناعة الذين عطلوا إجراءات التسوية السياسية المتمثلة في (الاتفاق الإطاري)، الذي كان سيضع بلادنا مجدداً في مسار انتقالي مدني يجنبها سيناريو الجحيم، الذي أوقعنا فيه دعاة الحرب من فلول ما تسمى (الحركة الإسلامية) وعناصرها المتحكمة في القوات المسلحة».

محمد حمدان دقلو «حميدتي»... (رويترز)

وأشار إلى مشاركة قواته في مباحثات وقف إطلاق النار في جدة والمنامة، وبرعاية «الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا (إيغاد)»، وقال إنه خرج من السودان رغم ظروف الحرب للمشاركة بقمة «إيغاد» في أوغندا، بيد أن قائد القوات المسلحة «غاب» عن الحضور، وإن نائبه وشقيقه عبد الرحيم خرج هو الآخر من السودان إلى مفاوضات المنامة التي فشلت لغياب ممثل الجيش رغم توقيعه على وثيقة «إعلان مبادئ» وأسس الحل الشامل، إلى جانب حضور وفده بصلاحيات كاملة مفاوضات جنيف في ظل غياب وفد الجيش.

وعن العمليات العسكرية الجارية في الفاشر؛ حاضرة ولاية شمال دارفور، التي طالب الرئيس بايدن بإيقافها، قال حميدتي، إنه قدم مقترحاً سابقاً بانسحاب الجيش و«الدعم السريع» من المدينة، وترك إدارتها لقوات الحركات المسلحة المحايدة، بيد أن الجيش فرض مقترحه.

وعدّ استمرار الحرب في الفاشر «استراتيجية تبنتها القوات المسلحة لنقل الحرب إلى دارفور، وذلك بدفع من قادة الحركات المسلحة المقيمة في بورتسودان للمشاركة في الحرب مقابل (ثمن بخس) قبضوه لأنفسهم»، عادّاً ذلك «خيانة» أدت إلى اندلاع الحرب في الفاشر.

ودعا حميدتي المجتمع الدولي والهيئات المعنية إلى «التحقيق في استمرار قصف القوات المسلحة المناطق المدنية، لضمان تقديم المسؤولين إلى العدالة»، مبدياً استعداده للتعاون في أي تحقيقات مشابهة.

وجدد التزامه بالسعي إلى الوصول لحل سلمي من خلال الانتقال للحكم المدني، وقال: «سنمضي مع جميع الأطراف للعمل نحو سودانٍ موحدٍ وديمقراطي، وضمان مستقبل يعمه السلام والعدالة لجميع أبناء الشعب السوداني».

منازل مدمّرة وسيارات محترقة بمدينة أم درمان في السودان (وكالة أنباء العالم العربي)

وقطع حميدتي بالرفض المطلق مشاركة «حزب المؤتمر الوطني» في أي عملية سياسية، وتمسكه بتفكيك النظام القديم، وتأسيس نظام جديد في البلاد، بقوله: «نجدد موقفنا الثابت بأن (المؤتمر الوطني) ومنظوماته السياسية والمدنية المختلفة لا ينبغي أن تكون جزءاً من تلك العملية، وأن أي عملية سياسية يجب أن تؤدي إلى تكوين حكومة مدنية، يكون من أولى أولوياتها تفكيك النظام القديم وتأسيس نظام جديد في السودان».

وعدّ «سيطرة النظام القديم» على القوات المسلحة «عقبة» أمام إنهاء المعاناة الإنسانية، وقال: «المجتمع الدولي، لا سيما (الاتحاد الأفريقي) والولايات المتحدة والأمم المتحدة، بحاجة إلى ممارسة ضغط موحد ومنسق ضد القوات المسلحة وقيادتها، التي تتصرف بالتنسيق مع دول ذات نوايا خبيثة لم تكن تريد للسودان وشعبه يوماً خيراً».


مقالات ذات صلة

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

العالم العربي تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيرة، الأحد، أسفر عن مقتل سبعة.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)
الخليج عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

السعودية تدين الهجوم على مقر الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي السودانية

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة واستنكارها للهجوم الذي تعرض له مقر الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من عملية نقل الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)

«الدعم السريع» تنفي مسؤوليتها عن الهجوم على مقر الأمم المتحدة

نفّذت فرق الأمم المتحدة بالتنسيق مع الحكومة السودانية الأحد، عمليات إجلاء لقتلى وجرحى قوات حفظ السلام (يونيسفا) من مدينة كادوقلي إلى منطقة «أبيي» .

محمد أمين ياسين (نيروبي)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المُدمَّرة بسبب الحرب في مدينة غزة (رويترز) play-circle

مصر تشدد على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة

أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري شدَّد على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب) play-circle

«الدعم السريع» تهاجم مقر الأمم المتحدة بجنوب كردفان ومقتل 6 جنود بنغلادشيين

شنت «قوات الدعم السريع»، (السبت)، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل 6 جنود بنغلاديشيين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مصر لـ«تعاون اقتصادي أعمق» مع قطر

فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)
فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)
TT

مصر لـ«تعاون اقتصادي أعمق» مع قطر

فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)
فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)

سعياً لتعميق التعاون الاقتصادي بين القاهرة والدوحة، أعلنت الحكومة المصرية عن «تسهيلات استثمارية» جديدة خلال منتدى «الأعمال المصري - القطري» في القاهرة.

وأكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، الأحد، «تشكيل لجنة متخصصة لتيسير إجراءات الاستثمار والتجارة بين بلاده وقطر»، في خطوة يراها خبراء «تعكس تطور الشراكة الاقتصادية بين القاهرة والدوحة».

وافتتح الخطيب، فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري»، الأحد، بحضور وزير الدولة القطري لشؤون التجارة الخارجية، أحمد بن محمد السيد، وبمشاركة واسعة من ممثلي مجتمع الأعمال في البلدين.

وتشهد العلاقات المصرية - القطرية تطوراً نوعياً الفترة الحالية، بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، وأعلنت قطر وقتها «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار».

وهناك تطور في مؤشرات التعاون الاقتصادي بين مصر وقطر، وفق وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، وقال، الأحد، إن «حجم الاستثمارات القطرية في مصر بلغ نحو 3.2 مليار دولار، موزعة على أكثر من 266 شركة، تعمل في قطاعات متنوعة، منها المالي والصناعي والسياحي»، وأشار إلى «ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين، ليصل إلى 143 مليون دولار خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي، في مقابل 80 مليون دولار عام 2023 بمعدل نمو يقترب إلى 80 في المائة».

ولفت الخطيب إلى أن علاقات بلاده مع قطر «شهدت دفعة قوية، خصوصاً بعد زيارة الرئيس السيسي إلى الدوحة في أبريل الماضي»، وقال إن «الزيارة نتج عنها الإعلان عن حزمة من الاستثمارات القطرية الجديدة، وفي مقدمتها مشروع تطوير منطقة (علم الروم) بالساحل الشمالي المصري».

ووقّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر) بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار، وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

خلال التوقيع على صفقة مصرية - قطرية لتنمية منطقة «علم الروم» بالساحل الشمالي في نوفمبر الماضي (مجلس الوزراء المصري)

ودعماً للمستثمرين القطريين، أعلن وزير الاستثمار المصري عن «تشكيل لجنة متخصصة لتيسير إجراءات الاستثمار والتجارة، بهدف دعم الشركات القطرية، وتذليل التحديات، وذلك لتعزيز التعاون الاقتصادي»، مؤكداً «حرص بلاده لدفع التعاون مع الدوحة لمستوى استراتيجي أعمق».

وشدد وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية القطري على «أهمية تعزيز الشراكات الاقتصادية بين بلاده والقاهرة»، وأشار خلال محادثات ثنائية مع وزير الاستثمار المصري، إلى «دور القطاع الخاص في دعم النمو وخلق فرص استثمارية جديدة»، وأكد أن «التعاون المستمر بين الشركات في البلدين، يعزز من تبادل الخبرات ويتيح استثمارات نوعية تحقق التنمية المستدامة»، حسب إفادة لوزارة الاستثمار المصرية، الأحد.

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، فإن العلاقات المصرية - القطرية «دخلت مرحلة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجانب الاقتصادي يشكل قاطرة للمشاركة الاستراتيجية بين القاهرة والدوحة لتعميق الاستثمارات بين البلدين». ويعتقد الشرقاوي أن «الدوحة تحاول الاستفادة من مناخ الاستثمار في مصر حالياً، بالمشاركة بمشروعات استثمارية في الساحل الشمالي المصري، وفي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وفي قطاعات السياحة والصناعة والعقارات».

وخلال منتدى «الأعمال المصري - القطري»، الأحد، قال وزير الاستثمار المصري، إن «بلاده تتبنى خطة طموحة لتصبح ضمن أفضل 50 دولة عالمياً في مؤشرات تنافسية الاستثمار والتجارة خلال العامين القادمين»، وأشار إلى «بدء تنفيذ هذا التحول، من خلال التوسع في التحول الرقمي الشامل عبر إطلاق منصة التراخيص، وبدء العمل على منصة الكيانات الاقتصادية؛ بما يبسط الإجراءات».

جانب من منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)

عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع»، وليد جاب الله، يرى أن «منتدى (الأعمال المصري - القطري) من الآليات الخاصة بتفعيل حزمة الاستثمارات القطرية لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الدوحة تستهدف الاستثمارات في قطاعات مختلفة، بالقاهرة، خصوصاً في السياحة والزراعة والتكنولوجيا»، إلى جانب «الاستفادة من حوافز القطاع الصناعي». ويعتقد جاب الله أن «التطور في الشراكات الاقتصادية بين مصر وقطر، انعكس على معدلات التبادل التجاري بين البلدين»، وقال إن «الحكومة المصرية تعمل على تهيئة مناخ الاستثمار أمام المستثمرين القطريين في مختلف المجالات، بهدف تفعيل حزمة الاستثمارات التي جرى الإعلان عنها بين البلدين وقيمتها 7.5 مليار دولار».

وسجل حجم التبادل التجاري المشترك بين مصر وقطر 128.4 مليون دولار خلال العام الماضي، وفق إفادة للجهاز المصري للتعبئة العامة والإحصاء، في أبريل الماضي.

ويتواكب التطور في العلاقات الثنائية بين القاهرة والدوحة، مع تحرك إقليمي ودولي نشط بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، وقال إن «تنسيق البلدين لتثبيت وقف إطلاق النار، ودفع التهدئة في المنطقة، يواكبه تنامي مستوى العلاقات المصرية - القطرية». وأعلنت الدوحة، في مارس (آذار) 2022 ضخ استثمارات في مصر بنحو 5 مليارات دولار، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري مع القاهرة، بحسب «مجلس الوزراء المصري».


ليبيا: ترحيب من «الوحدة» و«الاستقرار» بإجراء الانتخابات البلدية المؤجلة

صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)
صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا: ترحيب من «الوحدة» و«الاستقرار» بإجراء الانتخابات البلدية المؤجلة

صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)
صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)

رحبت الحكومتان في شرق ليبيا وغربها، بإجراء الانتخابات الخاصة بتسعة مجالس بلدية مؤجلة، تقع بنطاق سيطرة «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر، السبت، وأظهرا توافقا نادراً على «أهمية هذه الخطوة نحو إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية»، في بلد يشهد انقسامات سياسية وعسكرية مستمرة.

ففي الغرب، ورغم الانقسام السياسي، وصف رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إجراء هذه الانتخابات بأنه «ركيزة أساسية لدعم الوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في جميع أنحاء البلاد، وتحقيق الاستقرار وترسيخ دولة القانون والمؤسسات»، وذلك في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك».

الإشادة نفسها، جاءت من حكومة «الاستقرار» المكلفة من البرلمان في الشرق، حيث عدّ رئيسها، أسامة حماد، أن «نجاح الانتخابات البلدية محطة أساسية على طريق إجراء الانتخابات العامة، وتلبية تطلعات الشعب». وفي السياق ذاته، جدّد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، دعمه الكامل للاستحقاقات الانتخابية كافة، واصفاً إياها بأنها «السبيل الدستوري والقانوني لتجديد الشرعيات، وتحقيق الاستقرار السياسي». كما أكد القائد العام لـ«الجيش الوطني»، أن هذه الانتخابات تسهم في «تعزيز المشاركة المدنية الفاعلة، وتطوير المؤسسات الوطنية، بما يخدم مصالح المواطنين، ويعزز قدرات الدولة».

لقاء المنفي والنائب الثاني لرئيس «المجلس الأعلى للدولة» في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وأجريت الانتخابات، وسط استمرار الانقسام السياسي بين حكومتين، إحداهما تسيطر على غرب البلاد برئاسة الدبيبة، وأخرى في الشرق وأجزاء من الجنوب برئاسة حمّاد. وتجدر الإشارة إلى أن المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية، التي أجريت العام الماضي وشملت 58 بلدية، شهدت مشاركة تجاوزت 77 في المائة، فيما تعرضت المرحلة الثانية، لبعض التأجيلات بسبب اعتداءات مسلحة على مكاتب «المفوضية» في عدة بلديات غربية، ما يعكس التحديات السياسية والأمنية المستمرة التي تواجه البلاد.

وفي جولة الاقتراع التي جرت، السبت، بلغت نسبة المشاركة 69 في المائة، حيث توجه الناخبون إلى 311 مركز اقتراع في بنغازي وطبرق وسبها وسرت وقصر الجدي وتوكرة وسلوق والأبيار وقمينس، لاختيار 87 ممثلاً من بين 922 مرشحاً.

وفي تطور لافت، نفت «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات» ما تردد حول وجود مخالفات في مركز اقتراع سرت، مؤكدة أن الفيديوهات المتداولة تظهر أوراق تصويت تخص موظفي الاقتراع والعناصر الأمنية داخل المركز، وأن الإجراءات المتعلقة بذلك تقع ضمن مسؤولية المفوضية.

وسبق أن أعلن رئيس المفوضية، عماد السائح، أن جميع المراكز التي زارها كانت «بمستوى أمني مرتفع جداً، وأن عملية تأمين الانتخابات كانت دقيقة للغاية، سواء بالنسبة للجان الاقتراع أو المواطنين»، مشيراً إلى «وعي أكبر لدى الناخبين مقارنة بالانتخابات السابقة، خصوصاً فيما يتعلق بمنح التزكيات». وأضاف: «أنظارنا تتجه الآن إلى الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية، ونحن مستعدون لبدء إجراءاتها حال توفر الدعم المالي، والغطاء القانوني اللازم».

استهداف مقر «هيئة مكافحة الفساد» بطرابلس (متداولة)

في السياق ذاته، عبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن ترحيبها باستكمال عملية التصويت، مشيدة بجهود السلطات المحلية والأجهزة الأمنية وفريق المفوضية، لكنها شددت في بيان، الأحد، على «ضرورة احترام نزاهة العملية الانتخابية، واستخدام الآليات القانونية، لمعالجة أي نزاعات محتملة».

وفي إطار تعزيز التنسيق السياسي، بحث رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، مع النائب الثاني لرئيس «المجلس الأعلى للدولة»، موسى فرج، سبل «تعزيز التشاور بين المؤسستين لدعم مسار العملية السياسية، وتهيئة المناخ الملائم لتحقيق توافق وطني شامل، مؤكدين على أهمية توحيد الجهود الوطنية والحفاظ على الاستقرار، وترسيخ دعائم الدولة».

وتزامنت هذه التطورات، مع استهداف مسلحين مجهولين مقر «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في منطقة جنزور غرب طرابلس، الأحد، بقذائف «آر بي جي»، ورصدت وسائل إعلام محلية آثار القصف، دون صدور تفاصيل رسمية حول الأضرار أو الملابسات، ما يعكس استمرار المخاطر الأمنية في العاصمة، رغم جهود تأمين العملية الانتخابية.


مجابهة «تهديدات غير نمطية» ضمن مناورة بحرية مصرية - فرنسية

جانب من التدريب البحري المصري - الفرنسي «كليوباترا 2025» (المتحدث العسكري المصري)
جانب من التدريب البحري المصري - الفرنسي «كليوباترا 2025» (المتحدث العسكري المصري)
TT

مجابهة «تهديدات غير نمطية» ضمن مناورة بحرية مصرية - فرنسية

جانب من التدريب البحري المصري - الفرنسي «كليوباترا 2025» (المتحدث العسكري المصري)
جانب من التدريب البحري المصري - الفرنسي «كليوباترا 2025» (المتحدث العسكري المصري)

مجابهة «تهديدات غير نمطية» كان ضمن التدريب البحري «كليوباترا 2025» الذي يستمر لعدة أيام بالمياه الإقليمية الفرنسية، بمشاركة وحدات من القوات البحرية المصرية والفرنسية. وقال المتحدث العسكري المصري، الأحد، إن «التدريب يأتي في إطار دعم العلاقات المتميزة وتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكل من مصر وفرنسا».

وبحسب المتحدث العسكري المصري، يشهد التدريب «كليوباترا 2025» عديداً من المحاضرات النظرية والعملية لتوحيد مفاهيم العمل المشترك، كذلك «التخطيط لإدارة أعمال بحرية مشتركة والتدريب على مجابهة التهديدات البحرية غير النمطية، بما يسهم في صقل المهارات وتبادل الخبرات بين القوات المشاركة بالتدريب». وأكد أن «(كليوباترا 2025) في إطار خطة التدريبات المشتركة للقوات المسلحة مع نظائرها من الدول الشقيقة والصديقة لدعم وتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات العسكرية».

والعام الماضي نفذت القوات البحرية المصرية والفرنسية المناورة البحرية «كليوباترا 2024» بنطاق الأسطول الشمالي بالبحر المتوسط. وتضمنت المناورة حينها «تفتيش السفن غير المنصاعة، وإجراءات الدفاع الجوي ضد الأهداف المعادية، والتدريب على الإمداد والتزود بالوقود في البحر، فضلاً عن تنفيذ رماية مدفعية سطحي بالذخيرة الحية لصد وتدمير الأهداف المعادية، بالإضافة إلى تنفيذ تشكيلات إبحار مختلفة أظهرت مدى التجانس بين الوحدات المشاركة في المناورة».

«كليوباترا 2025» يسهم في تبادل الخبرات بين القوات المشاركة بالتدريب (المتحدث العسكري المصري)

ونهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اختتمت فعاليات التدريب «ميدوزا 14» الذي جرى بنطاق مسرح عمليات البحر المتوسط وقاعدة محمد نجيب العسكرية في مصر، بمشاركة عناصر من القوات البحرية والجوية والقوات الخاصة السعودية والمصرية والفرنسية واليونانية والقبرصية.

وشملت المرحلة الرئيسية من التدريب حينها «تنفيذ حق الزيارة والتفتيش على سفينة مشتبه بها، وأعمال البحث والإنقاذ، والقيام بأعمال الدفاع ضد التهديدات السطحية من خلال تنفيذ رماية مدفعية سطحي بالأعيرة المختلفة، بالإضافة إلى تنفيذ عملية الهجوم على شاطئ معادٍ من خلال عناصر القوات الخاصة بواسطة الإبرار البحري والإسقاط المظلي، وتنفيذ قذف جوي ضد الأهداف المخططة على الساحل بواسطة الطائرات متعددة المهام»، وفق المتحدث العسكري المصري، الشهر الماضي.

تدريب «كليوباترا 2025» يأتي في إطار تعزيز التعاون بين مصر وفرنسا (المتحدث العسكري المصري)

وفي أغسطس (آب) 2024 أقيمت فعاليات التدريب الجوي المصري - الفرنسي المشترك «آمون 24» في عدد من القواعد الجوية بمصر. وشملت المرحلة الأولى للتدريب حينها «تنفيذ مجموعة من المحاضرات النظرية والعملية لتوحيد المفاهيم القتالية لكلا الجانبين، فضلاً عن التدريب على أعمال التخطيط وإدارة أعمال قتال جوية مشتركة لتبادل الخبرات وتطوير المهارات للقوات المشاركة».