تداهم موجات من الطقس السيئ ليبيا منذ بدايات أشهر الصيف، مخلفة آثاراً تدميرية بفعل الأمطار الغزيرة والسيول التي توصف بأنها «غير مسبوقة»، خصوصاً على مدن الجنوب.
وتعرضت مدينة سبها الموصوفة بـ«عروس الجنوب» الليبي، إلى طقس سيئ ليلة السبت/الأحد، أسفر عن وقوع قتيلين على الأقل و39 جريحاً، إضافة إلى تضرر عشرات المنازل، بسبب الأمطار الرعدية الغزيرة، ما اضطر «الجيش الوطني» إلى الدفع بقوات لإجلاء العالقين.
وأمام غرق مناطق عدة بالمدينة، عدّ عميد بلدية سبها بلحاج علي، الأوضاع هناك بأنها «كارثية»، وتحتاج إلى مساعدات عاجلة، في حين أظهرت بيانات «المركز الوطني للأرصاد» أن كمية الأمطار اللي هطلت على سبها بلغت 63 ملليمتراً، وقال إنها «غير معتادة وغير مسبوقة»، ما يتسبب في جريان الأودية.
وهذه «المراوغة» من الطقس المتقلب تعمق من جراح سكان الجنوب، بالنظر إلى افتقادهم للبنية التحية التي تُساعد على مواجهة الأمطار والسيول. وشهدت مناطق في شمال غربي وجنوب ليبيا عدة موجات، تسببت في خسائر مادية واسعة خلال الشهر الماضي.
وقالت «وكالة الأنباء الليبية»، التابعة لحكومة «الاستقرار»، الأحد، إن إدارة مطار سبها الدولي أعلنت تعليق الرحلات من وإلى المطار بسبب الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة، منوهة بأن المياه غمرت صالة الركاب، وأنها تجري معاينة لحجم الأضرار لاستئناف الرحلات بشكل طبيعي.
ونقلت قناة «ليبيا الحدث» الموالية لسلطات شرق ليبيا، أن الطريق الرابط بين العوينات وأوباري «انهار، وخرج عن الخدمة» بسبب السيول الجارفة.
واستجابة لسكان سبها وضواحيها، دفع «الجيش الوطني» بوحدات مسلحة للمساعدة في عمليات فتح المسارات، وتأمين خروج العالقين في الأحياء السكنية التي تعرضت لارتفاع منسوب المياه.
وقالت الحكومة المُكلفة من مجلس النواب، التي تبسط سيطرتها على مدن بالجنوب، إن رئيسها أسامة حماد، وجّه وزراء الداخلية والصحة والموارد المائية والكهرباء، «بسرعة التعامل مع الأزمة» في سبها وضواحيها جراء ازدياد هطول الأمطار التي تسببت في «سيول وفيضانات وانقطاع الكهرباء وسقوط عدد من الضحايا بين وفيات وإصابات».
وأهابت الحكومة في بيان بالمواطنين توخي الحذر عند التنقل بين المدن والمناطق في الجنوب، خصوصاً المحاذية للأودية ومناطق جريان السيول، منوهة بأن التوقعات تشير إلى استمرار «سوء الأحوال الجوية، وهطول كميات كبيرة من الأمطار».
وقال نائب رئيس الحكومة، سالم الزادمة، إنه ناقش هاتفياً مع النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، مصباح دومة، الأوضاع الخدمية بمدينة سبها عقب هطول الأمطار الغزيرة، وارتفاع منسوب المياه بعدد من أحيائها، مشيراً إلى أنها خلفت أضراراً في الممتلكات والأرواح.
ونوه الزادمة إلى أنه تابع التنسيق بشأن وصول المساعدات العاجلة والإمدادات والاحتياجات التشغيلية والدعم اللوجستي، لمواجهة آثار الأضرار على الممتلكات العامة والخاصة بسبها.
وقال المجلس البلدي في سبها، إن الأمطار تسببت في وفاة شخصين، وجرح 39 آخرين، حتى مساء الأحد، مشيراً إلى انهيار نحو 150 منزلاً جراء الأمطار والسيول. وفيما أشار إلى أن «فرق الطوارئ والقوات المسلحة وأفراد الأمن يسهمون في إنقاذ العائلات العالقة»، أهاب بالمواطنين كافة «التواصل مع فرق الطوارئ والالتزام بتعليمات السلامة».
وأوصى المجلس المواطنين غير المتضررين بالبقاء في منازلهم «تجنباً للمخاطر المرتبطة بالأمطار الغزيرة والرياح»، مشدداً على ضرورة «تجنب المناطق المعرضة للغرق» والابتعاد عن أسلاك الكهرباء، والتوقف عن قيادة السيارات خوفاً من الانزلاق.
ووجّه عميد بلدية سبها الأجهزة المحلية المعنية، بحصر الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار بأحياء المدينة. في وقت واصلت فرق الإنقاذ إخلاء المنازل الآيلة للسقوط، إضافة إلى توفير ممرات آمنة للعائلات، ومساكن لهم.
وتشهد ليبيا تقلبات جوية سيئة من وقت إلى آخر. وتكررت هذه الأجواء المتقلبة 3 مرات خلال أغسطس (آب) الماضي، عندما ضربت سيول مدينة الكفرة بجنوب شرق ليبيا، وبعدها تعرضت عدة مدن بالجنوب الغربي إلى أمطار غزيرة، من بينها غات وتهالا والعوينات والبركت وتينكاوية، ما تسبب في أضرار متفاوتة.