قال مشاري الإبراهيم، مدير قطاعات الترفيه والسياحة والرياضة والتعليم في إدارة استثمارات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصندوق الاستثمارات العامة السعودي: «إن أحد الأسباب التي أسهمت في تأخّر عملية الاستحواذ على الأندية كانت طلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وملاحظاته المستمرة».
وفي حديثه لصالح «بودكاست سقراط» الذي يُبَثّ عبر راديو ثمانية، قال الإبراهيم: «إن أحد أسباب طول دراستنا للاستحواذ على الأندية هي الفيفا، نحن بدأنا الدراسة آخر 2021م إلى منتصف 2023»، مضيفاً: «عند الاستحواذ على مجموعة أندية في دوري واحد يجب أن نعود للمشرّعين ونسألهم، بدءاً من الاتحاد المحلي، مروراً بالاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي، وجاءت الإجابة منهم: قطعاً لا، لا يمكنكم الاستحواذ، والسبب يعود في ذلك إلى أن لديهم مبادئ عدم المساس بنزاهة اللعبة وعدالة المنافسة، أيضاً لا يمكن لمالك واحد أن يملك عدة أندية في دوري واحد، وذلك وفق نصوص قانونية. وعندما تتبّعنا ذلك في دوريات العالم وجدنا أن ذلك لم يحدث».
وأضاف: «هناك أمثلة في أوروبا لعدد من الأندية لمالك واحد، ولكن هناك لا يلعبون في بطولة واحدة، مع وجود احتمالية التنافس مثلاً على دوري أبطال أوروبا، مثل مجموعة «سيتي» المالكة لمانشستر سيتي الإنجليزي وجيرونا الإسباني»، موضحاً: «الفيفا طلب تقديم اقتراحات من قِبلنا، وكانت الفكرة تقديم 4 سجلات تجارية، و4 مجالس إدارة، وكل نادٍ مملوك من جهة واحدة مستقلة لا علاقة لها بالآخر، هذا من الجانب الشكلي، أما من جانب عدالة المنافسة فقد قدّمنا ضمانات ومبادئ واضحة، وهي مجالس إدارة منفصلة، ورئيس تنفيذي منفصل ممكن، ولجان رياضية في كل نادٍ».
وزاد: «الصلاحيات والقرارات الرياضية تقدَّم من اللجنة الرياضية، هذا الأمر أقنع الفيفا باستقلالية الأندية بشكل كامل، وهذا البُعد أعطى استقلالية حقيقية للأندية، فالرئيس التنفيذي لديه الصلاحيات لاتخاذ القرارات اليومية بالنادي، وهو مسؤول عن الهيكلة الكاملة للنادي».
ومضى قائلاً: «هناك لجنة فنية في الأندية مكوّنة من الثلاثي: الرئيس التنفيذي، والمدير الرياضي، والمدرب، وهذه اللجنة مستقلة، ولا علاقة لها بالمُلّاك، وعندما تُقرِّر اللجنة اختيار لاعب للتعاقد معه يتم ذلك وفق إجراءات طويلة، ووفق ميزانية معتمدة من مجلس الإدارة، ويتم التفاوض والتعاقد مع اللاعب، مع إبلاغ مجلس الإدارة بالمستجدات»، مشيراً إلى أن: «اللجنة الفنية لديها خطة؛ تُكافَأ إذا نجحت، وتُحاسَب إذا فشلت»، وأضاف الإبراهيم: «على الرغم من كل هذه الضمانات فإن الفيفا لم يقتنع بأن هذا كافٍ لعدالة المنافسة، فقمنا بتقديم ضمان بأن 25 في المائة من النادي سيكون مؤسسة غير ربحية، وتمثل الجماهير، وكانت هذه النقطة بمثابة إقناع للفيفا بعدالة المنافسة».
وأضاف: «هناك دور إيجابي كبير لأعضاء الشرف، والفكرة هي كيف نخلق شراكة معهم، 25 في المائة هي حصة معتبَرة لإشراك الداعمين والجماهير في اتخاذ القرار بالنادي».
وعن دور الصندوق في الأندية، من الجانب الرياضي، قال: «الصندوق معزول تماماً عن الجوانب الرياضية، ودورنا هو تعيين مجالس الإدارة، ومراجعة التقارير، وفي مجلس الإدارة لا يوجد فرد يتخذ القرارات بشكل أحادي، بل هناك 7 أشخاص يصوّتون على التوصيات، وهناك رئيس تنفيذي يتخذ أغلب القرارات».
وزاد: «هناك دور للصندوق في الجوانب الاستراتيجية، وتعيين مجالس الإدارة، ومتابعة النتائج المالية، وهناك هامش ضيق للحركة في الجوانب الاستراتيجية والمالية».
ورفض الإبراهيم تحديد مَن النادي الأقل قيمةً عند الاستحواذ: «النادي الأعلى قيمةً كان الهلال، وهو الأعلى تجارياً، وقِس على ذلك الترتيب، حصلنا على دعم من القيادة، ومن ولي العهد، فكانت الفكرة بدلاً من أن يدفع الصندوق قيمة النادي للدولة، يتم ضخ المبالغ في جوانب غير رياضية؛ لكيلا تتأثر المنافسة، ويكون للأندية استدامة أكبر وتطوُّر مع مرور الزمن».
وأضاف: «هدفنا من الاستحواذ أن تساعدنا الأندية في دعم الاقتصاد، ففي 2016 الناتج المحلي للرياضة يشكّل 0.1 في المائة، الآن يشكّل 1 في المائة، والهدف الوصول إلى 1.5 في المائة، كما أن من الأهداف أن تكون الرياضة عامل جذب للسيّاح، ونريد أن نوصل قصة المملكة الإيجابية للعالم، وهذا على المدى البعيد، أما المدى القريب فنريد للأندية العمل باستدامة واحترافية».
وزاد: «لا يمكن أن تكون الأندية الأربعة فائزة، ففي أفضل الأحوال 3 أندية سيخسرون، ونادٍ واحد سيفوز، والأمنيات بطبيعة الحال هي أن الأربعة الأندية تفوز دائماً، ولكن هذا غير ممكن».
وعن خطة الصندوق وميزانية الأندية، قال الإبراهيم: «إن ميزانية الأندية الأربعة (صفر ريال)، وإن الصندوق لم يضخّ للأندية أي مبالغ»، وقال: «في الشركات بشكل عام هناك نوعان؛ حيث يوجد شركات بدأت من الصفر، فبطبيعة الحال تحتاج إلى ضخ مستمر، وهناك شركات لديها إيراداتها وتكاليفها وأرباحها، وتعمل فقط على تنميتها، والفيفا لديه الأندية خط أحمر، ولا يمكن أن يصرف ريالاً زيادةً لنادٍ عن الآخر»، موضحاً: «وصلَنا 16 استفساراً من الاتحاد الدولي منذ الاستحواذ، واحد منها لماذا القدية ترعى الهلال والنصر، ولا ترعى الاتحاد والأهلي؟ وهناك شركة في جدة ترعى الاتحاد والأهلي، ولا ترعى الهلال والنصر، وطلبوا منا إلغاء هذه العقود، وكان الرد بأن هذه العقود سبقت نقل الملكية، وأن هذه العقود تجارية، واقتنعوا بالأمر».
وبيّن الإبراهيم أن هناك اختلافاً بين كل نادٍ وآخر، حسب الموجود، فهناك أندية لديها إدارة استثمار، وأخرى ليس لديها ذلك، فلا يمكن في هذه الحالة أن تطلب من الناديَين تكوين إدارة استثمار، وتبدأ معهم من الصفر.
وأضاف: «سقف الطموح والتوقعات ارتفع بدءاً من بداية الموسم الماضي، والتغيير يتطلّب السير بسرعة كبيرة، وقد واجهَتنا بعض المفاجآت في بداية الاستحواذ، حيث وجدنا في أحد الأندية صكوكاً قديمة محوّلة باسم النادي بأراضٍ صغيرة منذ السبعينات، وأيضاً في أحد الأندية هناك مكبّ للنفايات، وعند إزالة النفايات وجدنا سيارة (رانج روفر) تحت النفايات، وما تفاجأنا منه أن عدد الموظفين رقم، ومسيرات الرواتب تشير لرقم آخر، وهذه الأمثلة تعكس الواقع الذي كانت تعيشه الأندية».
وزاد: «هناك أحد الأندية لاعبها في السجن، وما زال يُصرَف له رواتب حسب العقد، أيضاً أحد الأندية لديه رئيس معه عدد كبير من الفريق مساعدون له، وهذا يعكس التحديات، حتى بعدما تقوم بدراسة مفصلة للوضع، ومن الأمثلة أيضاً أن هناك قضية من أحد أعضاء الشرف الداعمين ويريد المبلغ الذي دفعه».