ليبيا تستعد للعام الدراسي وسط تحديات اقتصادية وسياسية

وزير التعليم بحكومة الدبيبة يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن بعضها

موسى المقريف وزير التربية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة (الوزارة)
موسى المقريف وزير التربية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة (الوزارة)
TT

ليبيا تستعد للعام الدراسي وسط تحديات اقتصادية وسياسية

موسى المقريف وزير التربية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة (الوزارة)
موسى المقريف وزير التربية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة (الوزارة)

ينطلق العام الدراسي الجديد بليبيا في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، وسط تحديات سياسية واقتصادية تعاني منها البلاد، وشكاوى مواطنين من ارتفاع أسعار السلع.

وكانت وزارة التربية والتعليم بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عدلت عن إطلاق العام الدراسي في موعد سابق. وقال الوزير موسى المقريف، إن العام الدراسي الجديد سيبدأ في الغرب، وأي مديرية تعليمية تكون المدارس بها مستعدة لاستقبال الطلاب في 17 سبتمبر، لافتاً إلى أن «بعض مناطق الشرق والجنوب التي شهدت أمطاراً وسيولاً تبدأ الدراسة بها في 29 من الشهر الحالي».

وأرجع المقريف تأخر انطلاق العملية التعليمية ببعض مناطق شرق وجنوب ليبيا، لما شهدته أخيراً من سيول وأمطار غزيرة. وتحدّث عن «توفير الكتاب المدرسي للمراحل كافة بعموم البلاد طبقاً لخطة موحدة، إلا أن السيول والأمطار ألحقت ضرراً بعدد من المؤسسات التعليمية في بعض بلديات الشرق والجنوب»، وقال إنه تم «تحويل عدد آخر منها إلى مقار للأسر النازحة التي تضررت منازلها، كما هي الحال بمناطق في الجنوب الليبي».

ونوه المقريف بوجود أعمال صيانة تُجرى راهناً في بعض المؤسسات التعليمية بالمنطقة الشرقية، «ومن المرجح الانتهاء منها في غضون أسبوعين». وأشار إلى أنه قد تم «التعاطي مع مشكلة قلة أعداد المعلمين في المدارس بالمناطق والمدن الحدودية، التي تشهد تدفقاً لنازحين من السودان»، وقال: «تم التعاقد مع معلمين ليبيين، وندعو للاستفادة من المدرسين النازحين».

ووفقاً لإحصاءات وزارة التعليم بحكومة «الوحدة» فإن عدد المدارس في ليبيا بالمرحلتين الأساسي والثانوي يبلغ 6532 منشأة، ويدرس في المرحلتين نحو 2.3 مليون طالب.

وأبدى المقريف تفهمه لازدياد الضغوط على الأسر الليبية نظراً للأزمات التي تمرّ بها البلاد حالياً وتداعياتها على أوضاعهم المعيشية، «مما يشكّل ضغوطاً عليهم في تأمين احتياجات أبنائهم التعليمية». وأضاف: «العوامل المادية مؤثرة، فالمجتمع كله يتأثر بالأزمات سواء من طلاب وأسر، أو كوادر ومسؤولين بقطاع التعليم؛ ولكن نأمل بأن تكون هناك انفراجة قريبة».

إلا أن رؤية عبد العزيز، وهي أرملة وأم لأربعة أطفال تعيش في طرابلس، ترى أن أزمة السيولة التي تعيشها البلاد منذ شهور، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار ستشكّل «عائقاً كبيراً» أمام شراء احتياجات أبنائها اللازمة للعام الدراسي؛ مثل الزي المدرسي والأحذية.

وقالت رؤية لـ«الشرق الأوسط» إن التعليم بالمدارس الحكومية مجاني، ولكني مطالَبة بدفع قرابة 450 ديناراً للزي المدرسي والأحذية لثلاثة من أبنائي، في حين أحصل على ألفي دينار راتباً، وللأسف تأخَّر صرفه، والسيولة غير متوفرة. (الدولار يساوي 4.77 دينار في السوق الرسمية).

ومن الغرب إلى الجنوب، تتشابه الحكايات عن صعوبة الأوضاع الاقتصادية، فيقول الأكاديمي بجامعة سبها، الدكتور منصور جبريل المقرحي لـ«الشرق الأوسط» إن «البضائع كافة يتم استيرادها من الخارج سواء ملابس أو حقائب وأحذية، ومع ارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية هذا العام بالسوق الموازية، ازدادت الأسعار بدرجة كبيرة». وأوضح: «متوسط سعر أي حقيبة مدرسية لا يقل عن 70 ديناراً، بينما الأحذية الجيدة لا يقل سعرها عن 120 ديناراً». وأضاف: «الشراء يتم في أضيق الحدود، لمواءمة توزيع دخل الأسرة بما يكفي لشراء مستلزمات الدراسة من أقلام ودفاتر، بالإضافة إلى شراء أطعمة للوجبات المدرسية للأبناء».

ووجه المقرحي اللوم للسلطات التشريعية والتنفيذية كافة، التي تدير صراعاتها على السلطة ومؤسساتها، كما هي الحال بأزمة إدارة المصرف المركزي دون أي استشعار بمعاناة المواطن. وتساءل: «ما الفائدة من صرف الرواتب دون وجود سيولة؟ الجميع يعلم أن معظم الليبيين يعتمدون على راتب شهر أغسطس (آب) لتدبير نفقات العام الدراسي، بالنهاية الجميع سيضطر لاستنفاد ما لديه من مدخرات بسيطة، أو الاستدانة».

ويُقدِّر خبراء ومحللون اقتصاديون متوسط الرواتب في ليبيا بين 1200 و1600 دينار.

ولا تقل التحديات بالنسبة للتجار في ظل الأزمة المالية التي تمر بها ليبيا، فيؤكد أحمد الآغا، وهو مالك لعدد من المحال التجارية لبيع الملابس في بنغازي شرق البلاد، أن حركة المبيعات هذا العام «أقل بكثير مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي».

وقال الآغا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع سعر صرف الدولار يجعل التاجر يستورد البضائع نفسها بقيمة أغلى، وبالتالي يبيع بسعر أغلى».

من جهته، أكد الدكتور عبد الحميد الفضيل، أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة، أن أزمة السيولة في ليبيا بدأت منذ نهاية العام الماضي، ولكنها وصلت لذروتها حالياً مع بروز أزمة الصراع على إدارة المصرف المركزي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مع الاستعداد للعام الدراسي أفرغت بعض فروع المصارف السيولة سريعاً رغم ضخ الحكومة رواتب الشهر الماضي، وذلك نظراً للسحب المتزايد من المواطنين الذين يواجهون تحدي ارتفاع أسعار كثير من السلع بنسبة تقترب من 30 في المائة، خصوصاً بعد فرض ضريبة بقيمة 27 في المائة على سعر صرف الدولار».

وكان عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة أمر بصرف منحة لكل طالب قدرها 100 دينار لتوفير أدواتهم المدرسية. وهو الأمر الذي رحّب به الفضيل، لكنه يرى أنها «لا تمثل نقلة كبيرة».


مقالات ذات صلة

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في المناورات البحرية التي نفذتها «أفريكوم» (السفارة الأميركية)

تعهد أميركي بدعم القوات البحرية الليبية

تعهدت واشنطن بمواصلة العمل لدعم القوات البحرية الليبية في تعزيز جهود الأمن البحري الموحدة.

خالد محمود (القاهرة )

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
TT

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قام بزيارة قصيرة إلى المغرب في وقت سابق الخميس.

وقالت الوكالة إن ولي العهد الأمير مولاي الحسن يرافقه رئيس الحكومة عزيز أخنوش استقبلا الرئيس الصيني في مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء مشيرة إلى أن الزيارة تعكس روابط الصداقة والتعاون والتضامن القوية بين الشعبين المغربي والصيني. وقام شي بالزيارة بعد حضوره قمة مجموعة العشرين في البرازيل.

كثفت الصين استثماراتها في قطاع البنية التحتية والسكك الحديدية في المغرب في السنوات الأخيرة. ويجذب المغرب مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الصينيين في ظل موقعه الجغرافي بالقرب من أوروبا، واتفاقياته للتجارة الحرة مع أسواق رئيسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وصناعة السيارات القائمة في المملكة.

وفي يونيو (حزيران)، اختارت شركة "جوشن هاي تك" الصينية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية المغرب مقرا لأول مصنع ضخم في إفريقيا بتكلفة إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار.