الجزائر: محاكمة لواء سابق في المخابرات العسكرية بتهمة مخالفة التعليمات

الدفاع يقول إن الجنرال حسان «ضحية صراع أجنحة في النظام»

الجزائر: محاكمة لواء سابق في المخابرات العسكرية بتهمة مخالفة التعليمات
TT

الجزائر: محاكمة لواء سابق في المخابرات العسكرية بتهمة مخالفة التعليمات

الجزائر: محاكمة لواء سابق في المخابرات العسكرية بتهمة مخالفة التعليمات

تنطلق اليوم (الخميس) بمحكمة وهران بغرب الجزائر، محاكمة ضابط كبير برتبة لواء، اشتغل مدة طويلة في صفوف المخابرات العسكرية، بتهمتي «إتلاف وثائق عسكرية ومخالفة تعليمات المسؤولين».
واحتج محامياه، أمس، على «كون القضية تعكس صراع أجنحة في هرم النظام السياسي، وأن الضابط ضحية هذا الصراع».
وقال خالد بورايو وأحمد الطيب، وهما محاميا الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، في بيان إنه «أحد الضباط العسكريين الأكفاء ممن أنقذوا البلاد من خطر الإرهاب، وجنبوا الشعب الجزائري الاندثار المبرمج». وذكر المحاميان أن «الجنرال حسان (كنيته الشهيرة وسط العسكريين والإعلاميين)، يواجه حكمًا ثقيلاً بالسجن».
وذكر البيان أن حسان المعتقل منذ نهاية أغسطس (آب) الماضي «ألقي عليه القبض في جنح الليل وفي ظروف غير لائقة، وهو أمر لا يشرّف دولة تزعم أنها تحترم القانون». وبحسب المحاميين، فالجنرال «يقع تحت طائلة تهمتين لا أساس لهما»، وأن ذلك «تسبب في تلطيخ سمعته»، وأشارا إلى أن اعتقاله «خلّف استياء كبيرًا وسط كل الجزائريين الغيورين على بلدهم، لا سيما الضباط الذين اشتغلوا تحت إشرافه. كل هؤلاء يعترفون له بإخلاصه للوطن ويشيدون بميزاته الإنسانية». واشتهر الجنرال حسان (65 سنة) بمحاربة الإرهاب واختراق صفوف أعتى الجماعات الإرهابية، وأبرزها «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» و«القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وعلى يديه تم قتل وسجن قيادات بارزة في الجماعات المسلحة.
وتساءل المحاميان في بيانهما، عن «الرسالة (غير الإيجابية في نظرهما) التي ستقدمها الجزائر للعالم ولكل الذين يحاربون الإرهاب من خلال محاكمته.. إذ لن يتفهم أحد كيف ستدين الجزائر، ظلمًا، أحد صانعي معاركها ضد الإرهاب بينما يشاع أنه بلد رائد في محاربة هذه الآفة».
وتُعدّ التهم التي يُفترض أنها وُجهت للضابط الكبير، حجر الزاوية في القضية. فبعض المقربين منه يقولون إن رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح، الرجل القوي في المؤسسة العسكرية حاليًا، وصل إليه تقرير مفصّل عن «تجارة غير شرعية في السلاح» تورط فيها الجنرال حسان، فأعلم وزيره للدفاع، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بذلك، فقرر سجنه. ومصادر أخرى تقول إنه لم يبلِّغ القيادة العسكرية بعملية استخباراتية خطط لها، ونفذها، بفضل مجموعة من الضباط العاملين تحت إشرافه، ضد مجموعة مسلحة متشددة كانت بصدد نقل أسلحة حربية من مالي إلى الجزائر. ويشاع أنه أجهضها.
ولمح محاميه في مقابلة مع صحيفة محلية، إلى احتمال تعرّضه لـ«تصفية حساب على أيدي حاقدين عليه في الجيش»، بحجة أنه حقق نجاحًا كبيرًا في الحرب المعلنة على الإرهاب منذ سنين طويلة. أما قطاع من الصحافة، فيجزم بأن الرجل «تمت التضحية به في سياق الصراع المحموم الذي كان بين جماعة الرئيس ورئيس جهاز الاستخبارات محمد مدين»، الذي عزله بوتفليقة من منصبه في 13 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وكان حسان أحد أبرز مساعدي مدين المعروف حركيًا بـ«الجنرال توفيق»، الذي جرّده بوتفليقة منذ سنتين من أهم الأدوات التي صنعت نفوذه على مدى 23 سنة، أي منذ توليه جهاز المخابرات عام 1990. ومن أبرز هذه الأدوات، جهاز الشرطة القضائية الذي أجرى تحريات في أكبر فضائح الفساد التي مسَّت مسؤولين كبارًا في الدولة، وأهمهم وزير الطاقة السابق شكيب خليل، صديق بوتفليقة الحميم. زيادة على نشاط التنصت على المكالمات الهاتفية للمسؤولين، والتكفل بأمن الجيش وأمن الرئيس. ويحلو للبعض القول إن مصالح المخابرات العسكرية «أضحت قوقعة فارغة» بعد التغييرات التي أحدثها بوتفليقة في أجهزة الأمن بعودته من رحلة علاج طويلة بفرنسا عام 2013.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.