إسرائيل تمدّد عمليتها شمال الضفة وتدرس توسيعها جنوباً

غالانت قال إن جيشه يركز الآن على «صحوة الإرهاب»

TT

إسرائيل تمدّد عمليتها شمال الضفة وتدرس توسيعها جنوباً

آليتان إسرائيليتان في مخيم طولكرم بالضفة الغربية الأربعاء (أ.ب)
آليتان إسرائيليتان في مخيم طولكرم بالضفة الغربية الأربعاء (أ.ب)

مدّد الجيش الإسرائيلي عمليته الواسعة في مناطق شمال الضفة الغربية، ويدرس تنفيذ عملية أخرى واسعة في جنوبها، مع تزايد التحذيرات من عمليات جديدة يشنّها الفلسطينيون في المنطقة.

وذكر موقع «واللا» الإسرائيلي أن القتال في مخيم جنين كان يُفترض أن ينتهي الثلاثاء، لكن وزير الدفاع، يوآف غالانت، وجّه بمواصلة العملية «ما دام يتم تلقي معلومات استخباراتية عن بنى تحتية إرهابية في المكان». وبحسب الاستخبارات الإسرائيلية، «ثمة نشاط مستمر في المخيم وعمليات إضافية قيد التحضير».

وفي تصريحات وُزّعت بعد ظهر الأربعاء، قال غالانت إن جيشه يركز الآن على «صحوة الإرهاب في الضفة في كل لحظة». وأضاف خلال زيارته مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية: «هذه قضية نحتاج إلى التركيز عليها في كل لحظة... الآن نحن نجز عشب الإرهاب، ستأتي اللحظة التي يتعين علينا فيها اقتلاعه من جذوره». واعتبر غالانت أن العملية الدائرة الآن في الضفة الغربية هي «عبارة عن هجوم لمنع تعاظم الإرهاب».

وقال غالانت: «في الواقع، عندما نقوم بجزّ العشب، ستأتي اللحظة التي نقتلعه فيها من الجذور، وهذا أمر لا بد منه. يجب أن نضع حداً لاستخدام السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وعمليات إطلاق النار في كل مكان، هذه التنظيمات الإرهابية التي تطلق على نفسها أسماء مختلفة في نور شمس أو طولكرم أو في جنين وغيرها يجب القضاء عليها». وتابع: «يجب أن نقتل أو نعتقل كل إرهابي ولا يوجد شيء آخر... مطلوب منا استخدام كل قوتنا للقضاء على الإرهاب المتصاعد من هناك. في الحقيقة نحن نبذل جهوداً للهجوم من الجو حيثما كان ذلك ضرورياً من أجل منع تعرض جنودنا للخطر، ويتعين علينا القيام بذلك دوماً».

طريق جرفتها الآليات الإسرائيلية في جنين شمال الضفة الغربية الأربعاء (أ.ف.ب)

«بؤرة إيرانية»

وبدأت إسرائيل الأسبوع الماضي عملية واسعة في شمال الضفة، أطلقت عليها اسم «مخيمات صيفية» استهدفت مخيمات جنين وطولكرم وطوباس، باعتبارها «مراكز إرهاب» و«بؤرة إيرانية» على «خط التماس» يجب إحباطها فوراً قبل أن تمتد.

وجاءت العملية الأضخم في الضفة منذ عام 2002 في ذروة تحذير الاستخبارات الإسرائيلية من تصعيد متوقع في الضفة الغربية، لدرجة أن الأمر قد يتطور إلى انتفاضة. ونقلت دائرة الاستخبارات تقديراً ينذر الأجهزة الأمنية بأن التصعيد في الضفة متوقع، وقد يكون حتى بحجم انتفاضة، ويشمل هجمات بالمتفجرات وعمليات انتحارية في إسرائيل.

وقال مصدر عسكري إسرائيلي إن الجيش عزّز تواجده في شمال الضفة بقوات من حرس الحدود، وآليات هندسية، وقوات خاصة احتياطية، بالإضافة إلى قوات من المشاة، وقتل أكثر من 30 مسلحاً واعتُقل نحو 30 فلسطينياً آخرين مطلوبين، مقابل قتيل وخمسة جرحى من الكتيبة 906 في الجيش الإسرائيلي.

وأكد المصدر أن العملية في قلب مخيم اللاجئين جنين، «التي تشمل تدمير مبانٍ وطرق تم زرع متفجرات قوية تحتها وزنها أكثر من 100 كلغم»، تهدف إلى إرسال رسالة بأن الجيش الإسرائيلي «ينزع القفازات في القتال» في الضفة الغربية.

وقتلت إسرائيل منذ الأربعاء، 28 أغسطس (آب) الماضي، 34 فلسطينياً، بينهم 19 في محافظة جنين، و8 في طولكرم، و4 في طوباس، و3 في الخليل؛ ما يرفع حصيلة الضحايا في الضفة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى 685.

وأشارت مصادر محلية في الساعات الماضية إلى تفجّر مواجهات مسلحة في جنين وطولكرم بين جيش الاحتلال ومقاتلين فلسطينيين. وقالت «كتائب القسّام» التابعة لـ«حماس» إن مقاتليها وبقية الفصائل يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في مخيمي طولكرم وجنين وأوقعوا جنوداً بين قتلى وجرحى.

وسط مدينة جنين عقب هجمات الجيش الإسرائيلي الأربعاء (أ.ف.ب)

عملية أخرى في الجنوب

لكن في خضم عمليته في الشمال، يبدو أن الجيش الإسرائيلي لن يكتفي بذلك، ويخطط لشن عملية أخرى في الجنوب.

وقال موقع «واللا» إنه يوجد اعتقاد أنه بالنظر إلى التحذيرات المتزايدة من الجنوب، فإن الجيش سينفذ عملية أخرى واسعة النطاق هناك.

وخلال أسبوع واحد قتل مسلح 3 إسرائيليين في عملية إطلاق نار في الخليل في حين أصيب آخرون في 3 محاولات لتفجير سيارات مفخخة.

وأشار موقع «واللا» إلى أنه على خلفية الكشف عن سيارات مفخخة وإطلاق النار على الطرق السريعة، لن يكون هناك بديل عن نقل قوات إضافية إلى الضفة الغربية لتوسيع النشاط ضد «بنى الإرهاب التحتية» في مخيمات اللاجئين.

وقال مصدر أمني للموقع: «بُنى الإرهاب في الضفة الغربية في مرحلة بناء القوة. لا يجب الانتظار حتى تزداد قوتها. يجب التعامل معها الآن. وألا تنتظر».

وفيما يبدو بداية تصعيد، اقتحمت قوات إسرائيلية كبيرة مخيمات في رام الله وبيت لحم جنوب الضفة ونفذت حملة اعتقالات واسعة، طالت كذلك مناطق في مدينة الخليل، كبرى محافظات الضفة المحاصرة في الجنوب.

وقالت «حركة الجهاد الإسلامي» إن توسيع الاحتلال الإسرائيلي عدوانه إلى مختلف مناطق الضفة المحتلة «لن يحقق أهدافه في كسر صمود ومقاومة شعبنا». وأضافت أن «ممارسات الاحتلال الهمجية وعمليات الاعتقال التعسفية وهدم المنازل وطرد أهلها منها، وحصار المستشفيات، واقتحام الجامعات والمدارس» تمثل «عدواناً صارخاً وإعلان حرب ضد شعبنا».


مقالات ذات صلة

غالانت: قواتنا «تستأصل التنظيمات الإرهابية» في الضفة

المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)

غالانت: قواتنا «تستأصل التنظيمات الإرهابية» في الضفة

أكّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الأربعاء، أن قواته «تستأصل التنظيمات الإرهابية» في مختلف أنحاء الضفة الغربية، من خلال العملية العسكرية الواسعة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي مركبة عسكرية إسرائيلية تمر على الطريق خلال مداهمة في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

مقتل فتاة فلسطينية في عملية إسرائيلية بالضفة

قتلت فتاة فلسطينية، تبلغ من العمر 16 عاماً، برصاص القوات الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، في بلدة كفر دان غرب جنين بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي شاحنة مساعدات لغزة في مرفأ أشدود الإسرائيلي يوم 30 أغسطس الماضي (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

جنود إسرائيليون يعتدون على سائقي شاحنات الإغاثة لأهل غزة

أفاد تقرير بأن جنوداً من جيش الاحتياط الإسرائيلي هاجموا سائقين فلسطينيين يعملون في منظمات إغاثية دولية خلال نقل مواد الإغاثة للمواطنين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطيني يحمل علم بلاده أمام جرافة عسكرية إسرائيلية في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

نصفها بُني في آخر 5 سنوات... ارتفاع سريع في عدد البؤر الاستيطانية بالضفة

أظهر تقرير جديد نشرته شبكة «بي بي سي» البريطانية ارتفاعاً شديداً وسريعاً في عدد البؤر الاستيطانية «غير القانونية» في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطيني يحمل عَلم بلاده ويجوب (الاثنين) شوارع بمدينة جنين بالضفة الغربية (رويترز)

إسرائيل تواجه مزيداً من «المفخخات» والهجمات في الضفة

واصلت إسرائيل اقتحاماتها في الضفة الغربية، في حين ارتفعت وتيرة العمليات الفلسطينية عبر واقعة إطلاق نار جديدة بالخليل، ومحاولة تفجير سيارة مفخخة في رام الله.

كفاح زبون (رام الله)

أهل غزة يتمنون دوام وقف القتال بعد حملة التطعيم ضد شلل الأطفال

TT

أهل غزة يتمنون دوام وقف القتال بعد حملة التطعيم ضد شلل الأطفال

امرأة فلسطينية تحمل طفلاً خلال حملة تطعيم ضد شلل الأطفال وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في دير البلح وسط قطاع غزة 4 سبتمبر 2024 (رويترز)
امرأة فلسطينية تحمل طفلاً خلال حملة تطعيم ضد شلل الأطفال وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في دير البلح وسط قطاع غزة 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

وقف آباء قلقون في طوابير، اليوم (الأربعاء)، مع أطفالهم للحصول على اللقاح المضاد لشلل الأطفال في وسط قطاع غزة، وهم يعدون الدقائق قبل أن تنتهي ساعات وقف القتال في المنطقة، مما ينذر بمزيد من الموت والدمار في حرب تدور رحاها منذ 11 شهراً.

وبينما كان مسؤولو الصحة يوزعون الجرعات، تساءلت أم من غزة تدعى هدى الشيخ عن الجدوى التي قد تعود على أطفالها من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال بعد أن يرجعوا لمواجهة مزيد من الضربات الجوية والقصف الإسرائيلي، حسب تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت هدى: «حالياً بتطعموا أطفالنا من شلل الأطفال، يعني من فيروس بسيط، طيب ما هم كل يوم بيقتّلوا فيهم، مفيش أساساً حماية إلهم وخلال ساعات بسيطة هتخلص الهدنة، وهيرجع قصف الأطفال وقتل الأطفال، مفيش أي حماية غير هيك بخلاف هاي الست ساعات».

وأضافت: «أتمنى وقف إطلاق نار دائم. يعني إحنا تنفسنا أكتر من ساعة عشان أطفالنا يعني، فما بالك عم بيصير وقف إطلاق نار دائم. الأطفال عمالة (باستمرار) بتموت كل يوم، جايين اليوم يعطونا تطعيم شلل الأطفال، خايفين عليهم يموتوا مثلاً؟ طيب من أنتم بتموتوا فيهم كل يوم، فإحنا (نحن) بنتمنى بيصير فيه وقف إطلاق نار دائم».

طفل فلسطيني يتلقى لقاحاً ضد شلل الأطفال وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في دير البلح وسط قطاع غزة 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

وانطلقت حملة التطعيم الطارئة ضد مرض شلل الأطفال في قطاع غزة بعد اكتشاف إصابة رضيع بشلل الأطفال الشهر الماضي، وهي الحالة الأولى في غزة منذ 25 عاماً. ووافقت إسرائيل وحركة «حماس» على هدن لثماني ساعات يومياً في مناطق محددة سلفاً للسماح بالمضي في حملة التطعيم. ولم ترد أنباء عن أي انتهاكات.

لكن لا نهاية للحرب تلوح في الأفق فيما يبدو. وتعثرت الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة والإفراج عن سجناء فلسطينيين في إسرائيل.

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على القطاع رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، واحتجاز أكثر من 250 رهينة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية، فيما قالت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في القطاع إن أكثر من 40861 فلسطينياً قُتلوا، وأُصيب 94398 في الحملة الإسرائيلية على غزة، ونزح معظم سكان غزة وعددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم.

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، اليوم (الأربعاء)، إن تقدماً جيداً يتحقق في حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، لكن وقف إطلاق النار الدائم في الحرب الدائرة منذ 11 شهراً ضروري لتخفيف المعاناة الإنسانية.

وأضافت الأونروا أنه بعد ثلاثة أيام من بدء الحملة في مناطق بوسط غزة، تلقى نحو 187 ألف طفل اللقاح. وستنتقل الحملة إلى مناطق أخرى من القطاع في المرحلة الثانية.

طفل فلسطيني يتلقى لقاحاً ضد شلل الأطفال وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في دير البلح وسط قطاع غزة 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

ويقول الفلسطينيون إن السبب الرئيسي وراء عودة شلل الأطفال هو انهيار النظام الصحي وتدمير معظم مستشفيات غزة. وتتهم إسرائيل «حماس» باستخدام المستشفيات لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.

وقالت هديل الدربية التي أحضرت ابنتها الرضيعة للتطعيم ضد شلل الأطفال، إنها غير متفائلة مثل الآباء الآخرين في غزة.

وأضافت: «زي ما أنتم شوفتم التطعيمات اليوم للأطفال اللي من الحرب، طيب ما ليش ما تتوقف الحرب، بدل ما تجيبوا (تحضروا) تطعيمات جيبوا (حققوا) حل وقف الحرب، جيبوا حل للناس المنكوبة اللي تشردت من بيوتها وتشردت في الخيم، الناس، الأطفال، أنا بشوف أطفال أشلاء ونشوف حاجات ما بنعرفش كيف... إحنا حتى الآن مش عارفين إن إحنا كيف عايشين وشايفينها. فإحنا بنطلب منكم توقفوا الحرب وبالوقت نفسه جيبوا لنا الشغلات اللي إحنا نقدر نعيش فيها، يعني فيه حرب ودمار ووساخة يعني لا في منظفات ولا في أمان ولا في سلام ولا في مصادر الواحد يقدر يعيش فيها، فإحنا بنطلب منكم أن تقفوا معانا وتساندونا وتشوفوا احتياجاتنا».