سعت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، إلى تعزيز زخم حملتها مع بدء سباق الخريف لانتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، عبر الحصول على دعم العمال فيما يسمى ولايات «الجدار الأزرق»، محذّرة من خطورة منافسها الرئيس السابق دونالد ترمب الذي شرع في استراتيجية هجومية جديدة، محاولاً تحطيم صدقيتها وصورتها بصفتها داعية إلى التغيير.
وظهر الرئيس جو بايدن في نشاط انتخابي هو الأول من نوعه لدعم هاريس منذ تخلّيه عن السباق الانتخابي لمصلحتها قبل 6 أسابيع. وبينما كانت هاريس إلى جانبه في قاعة نقابة عمال الصلب في بنسلفانيا، قال بايدن: «أيها الناس، أحرَزنا الكثير من التقدم، وكامالا وأنا سنبني على هذا التقدم، وهي ستبني عليه»، مضيفاً: «سأكون أنا على الهامش، لكنني سأفعل كل ما بوسعي للمساعدة».
وبعدما تحدث طويلاً عن إنجازات إدارته، قال: «يشرفني أن أُعَدّ الرئيس الأكثر تأييداً للنقابات على الإطلاق»، مضيفاً أن هاريس «ستكون رئيسة تاريخية مؤيدة للنقابات»، وإذ أشار إلى أن إدارته عملت على استقرار خطة معاشات النقابات، ودعم تقاعد أكثر من مليون عامل، ذكر أن متطلبات عمل النقابات كانت جزءاً من مشروع قانون البنية التحتية الفيدرالي. وقال إن «المشاريع الفيدرالية تبني الطرق والجسور والطرق السريعة الأميركية، وسيتم تصنيعها بمنتجات أميركية من قِبل عمال أميركيين»، وعندما دعا المرشحة الديمقراطية للكلام أطلق الحشد هتافات: «كامالا، كامالا، كامالا»، وسط تصفيق صاخب.
دعم النقابات
بدورها أشادت هاريس بجهود بايدن لدعم العمل المنظّم والنقابات، وقالت: «نحن فخورون للغاية بكوننا الإدارة الأكثر تأييداً للنقابات في تاريخ أميركا».
وكانت هاريس نشطت خلال عيد العمل الأميركي، الاثنين؛ إذ بدأت حملتها في ميشيغان، وهي ولاية متأرجحة أيضاً، قبل أن تتوجه إلى بنسلفانيا، فيما كان مرشحها لمنصب نائب الرئيس حاكم مينيسوتا، تيم والز، يخاطب تجمعاً نقابياً في ويسكونسن المتأرجحة، وتمثل هذه الولايات ما يسمى «الجدار الأزرق» لضمان فوز الديمقراطيين في الانتخابات بعد أقل من 9 أسابيع.
وانضم إلى هاريس وبايدن حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو والسيناتور الديمقراطي بوب كيسي، بالإضافة إلى ليز شولر من اتحاد العمل الأميركي، وكيني كوبر من جماعة نقابة عمال الكهرباء. وفي ميلووكي ظهر والز إلى جانب الحاكم توني إيفرز والسيناتورة الديمقراطية تامي بالدوين من ويسكونسن.
ويحظى جميع حكام الولايات الـ3 الديمقراطيين في «الجدار الأزرق» بشعبية واسعة لدى الناخبين، ويتوقع أن يضطلعوا بأدوار رئيسية في إثارة الحماسة لهاريس. وقال شابيرو: «هذا هو الوقت الذي يجب أن تطرقوا فيه يا قادة العمال أبواب زملائكم، يجب أن ترسلوا لهم رسائل نصية، يجب أن تتصلوا بهم».
وبعدما عقدت حدثاً في ديترويت مع رؤساء نقابات عمال صناعة السيارات، وعمال المرافق العامة والمعلمين، توجّهت هاريس إلى بيتسبرغ في ميشيغان، حيث قالت إن شركة «يو إس ستيل» لصناعة الصلب يجب أن تظل أميركية، مردّدة كلمات بايدن في مارس (آذار) الماضي، حين حذّر من استحواذ عملاق المعادن الياباني على هذه الشركة الأميركية. وقالت: «ذكر الرئيس ذلك، (يو إس ستيل) شركة أميركية تاريخية، ومن الضروري لبلدنا الحفاظ على شركات الصلب الأميركية القوية (...)، ولا أستطيع أن أتفق أكثر مع الرئيس بايدن، يجب أن تظل شركة (يو إس ستيل) مملوكة لأميركيين، ومدارة أميركياً، وسأكون دائماً داعمةً لعمال الصلب الأميركيين».
ومع ذلك، كان السؤال المعلق فوق موجة أحداث الحملة هو مدى أهمية النقابات في قوة العمل الأميركية؛ لأنها تمثل واحداً من كل 10 عمال، أي نصف النسبة التي كانت تمثّلها ذات يوم في الثمانينات من القرن الماضي، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان أعضاء النقابات الصناعية والعمالية القديمة، سينحازون إلى الحزب الديمقراطي بنفس القدر من الغلبة، كما فعلوا ذات يوم مع استمرار ترمب في مغازلة الطبقة العاملة.
إجازة العيد
وعلى النقيض من اليوم المزدحم للديمقراطيين، بدا أن ترمب أخذ يوم هذا العيد إجازة، ولكنه أصدر بياناً أشاد فيه بالعمال الأميركيين من دون ذكر النقابات، وكتب على منصته «تروث سوشال»: «كنا قوة اقتصادية، كل هذا بفضل العامل الأميركي!»، مضيفاً: «لكن كامالا وبايدن ألغيا كل ذلك».
وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا يمكن نكران جاذبية ترمب لجزء من الناخبين من الطبقة العاملة. وواصل رئيس نقابة سائقي الشاحنات شون أوبراين، الذي لم يكن ضمن حملة هاريس، مغازلة الرئيس السابق، مقاوماً الضغوط من منظمة أخرى لسائقي الشاحنات التي أعلنت تأييدها لهاريس.
وبجانب الزخم الذي تحظى به هاريس، بدا أن الانقسام لا يزال يمزق التحالف الديمقراطي بسبب الخلاف على طريقة التعامل مع الحرب في غزة، وكانت النقابات من أعلى الأصوات الأميركية التي تدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري، ووقف المساعدات العسكرية لإسرائيل.
ففي ديترويت التي يعيش فيها عديد من الأميركيين العرب والمسلمين، واجهت حملة هاريس نحو 30 متظاهراً بمكبرات الصوت خارج حدثها، وفي ميلووكي رفع بعض الحاضرين الكوفيات الفلسطينية بصمت بينما كان والز يتحدث.