مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

شددت على ضرورة احتواء التصعيد العسكري

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية». كما أدانت مصر سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية. وشددت على ضرورة احتواء التصعيد العسكري.

واستنكرت مصر في بيان لوزارة الخارجية والهجرة، الأحد، السعي الإسرائيلي المستمر لتوسيع رقعة المواجهات داخل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية، والإمعان في استخدام القوة العسكرية المفرطة وعمليات القتل غير القانونية وتجريف الطرق وتدمير البنية التحتية المدنية والمنازل، بالإضافة إلى عمليات الاعتقال وما يصاحبها من تعذيب.

وشددت القاهرة على أن تلك الانتهاكات لا ينبغي أن تمر دون حساب، وأنه على إسرائيل التقيد بالتزاماتها القانونية كقوة احتلال، وحماية أمن السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بدلاً من سعيها المستمر للتصعيد وتأجيج الصراع في الأراضي المحتلة.

كما جددت مصر تحذيرها من مخاطر «سياسة الأرض المحروقة»، التي تستهدف تقويض كل مقومات الدولة الفلسطينية المستقبلية والقضاء على ما يتبقى من أمل للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وطالبت الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، بموقف حازم يوقف تلك الممارسات غير الشرعية، ويوفر الحماية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

وفي إفادة أخرى، شددت مصر على «ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، واضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للسكان الفلسطينيين بوصفها قوة احتلال، بدلاً من ترويعهم وانتهاك حقوقهم الإنسانية كافة، من خلال عمليات القتل والاغتيال والاعتقال والتعذيب».

جاء التشديد المصري خلال لقاء وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، الأحد، في القاهرة، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، سيغريد كاغ.

ورحّب الوزير عبد العاطي بالتعاون بين الآلية الأممية و«الهلال الأحمر المصري» فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية المقدمة إلى قطاع غزة عن طريق مصر، مشدداً على أهمية تسهيل عملية إدخال المساعدات الإنسانية والسماح بالانتهاء من الإجراءات ذات الصلة في أسرع وقت ممكن بعيداً عن العراقيل التي تفرضها إسرائيل، مؤكداً «ضرورة مواصلة إطلاع مجلس الأمن بشفافية وبوضوح على التطورات الخاصة بعمل الآلية ومدى تعاون الدول معها في تنفيذ الولاية التي أوكلها إليها مجلس الأمن، سواء فيما يتعلق بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية أو بإنشاء الآلية الأممية».

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

وحسب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، أحمد أبو زيد، الأحد، فقد رحّب وزير الخارجية والهجرة المصري بالمسؤولة الأممية في القاهرة، مؤكداً «مواصلة مصر تقديم الدعم اللازم لها لتمكينها من تنفيذ مهام ولايتها التي نص عليها قرار مجلس الأمن المنشئ لها رقم 2720، والتأكيد على الرغبة المصرية في استمرارها في تنفيذ مهام ولايتها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني».

وأعرب عبد العاطي عن انزعاج مصر الشديد من محاولات تكرار ما يحدث بغزة في الضفة الغربية.

من جانبها، حرصت المسؤولة الأممية على استعراض أبرز الجهود التي بذلتها خلال الفترة الماضية في سبيل تسهيل إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بما في ذلك المشاركة في حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي بدأت، الأحد. وأشارت إلى الصعوبات التي تواجهها الآلية الأممية في ظل استمرار العمليات العسكرية وتدهور الوضع الأمني في القطاع، مشددة على حرصها على التعاون مع مصر خلال الفترة المقبلة لحشد المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية من مجتمع المانحين الدوليين، واتخاذ الترتيبات اللازمة لدخولها القطاع فور سماح الظروف بذلك.


مقالات ذات صلة

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء فلسطين

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفيًا، الأحد، من رئيس وزراء فلسطين وزير الخارجية والمغتربين الدكتور محمد مصطفى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية العسكرية في جنين بالضفة الغربية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي خلال عمليته في الضفة الغربية

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، مقتل أحد جنوده في رابع أيام عمليته في الضفة الغربية المحتلة حيث يتركز القتال في مخيم جنين للاجئين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
تحليل إخباري قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
TT

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة، موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسط مطالبات بتحركات عاجلة تهدف إلى إنجاز اتفاق لإنقاذ حياة المحتجزين المتبقّين أحياءً.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن التطورات الجديدة تضع حكومة نتنياهو تحت ضغط كبير، خصوصاً مع تبنّي وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، ونقابات عديدة، للاحتجاجات، والمطالبة بإبرام الصفقة التي يعطّلها رئيس الوزراء لـ«الحفاظ على بقائه السياسي» أطول فترة ممكنة. وأكّدوا أن إدارة الرئيس جو بايدن أمام خيار صعب بعد تأكد مقتل أحد الرهائن الأميركيين، مع قرب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

في حين تباينت آراء الخبراء حول ما إذا كان مقتل الرهائن والانتقاد داخل إسرائيل سيدفعان إلى «تقدّم ملموس في ملف هدنة غزة خلال الفترة المقبلة».

وقال بايدن، الأحد، إنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن، بينهم أميركي، مؤكداً أنه «سيواصل العمل على مدار الساعة للتوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن المتبقين»، بعد ساعات قليلة من حديثه أن الاتفاق «وشيك». وأكّد الجيش الإسرائيلي، في إفادة، العثور عليهم في نفق تحت الأرض، متهماً «حماس» بقتلهم.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وعقب الإعلان عن العثور على جثث الأسرى، انضم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، إلى المطالبة بإعلان إضراب عام في إسرائيل، واحتجاجات ومطالب بانعقاد جلسة خاصة للكنيست (البرلمان)؛ لمناقشة صفقة وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، بينما الكنيست لا يزال في فترة راحة، ويتطلّب عقد جلسة عامة عادية دعم 25 نائباً.

وجاء بيان لابيد بعد أن دعا «منتدى عائلات الأسرى والمفقودين»، الأحد، في بيان نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إلى إضراب عام للاحتجاج، الاثنين؛ لعدم التوصل إلى صفقة لتبادل المحتجزين المتبقين في قطاع غزة، والخروج في مظاهرة ضخمة لإغلاق الطرق بشكل كامل.

كما دعا رئيس حزب «معسكر الدولة»، بيني غانتس، الجمهور الإسرائيلي للخروج إلى الشارع؛ للتظاهر ضد حكومة نتنياهو. وأضاف أنه «حان الوقت لاستبدال حكومة الفشل المطلق»، موضحاً أن نتنياهو يتردّد ويخاف، ويلعب على فكرة «كسب الوقت» لصالحه، لاعتبارات سياسية.

ورداً على الاتهامات ضده، قال نتنياهو في بيان إن «الجهود لتحرير المخطوفين متواصلة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، و(حماس) ترفض إجراء مفاوضات حقيقية»، مؤكداً أن إسرائيل «لن تهدأ حتى تصل إلى قتلة الرهائن في (حماس)».

في المقابل، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، عزت الرشق، الأحد: «من يتحمل مسؤولية موت الأسرى هو الاحتلال الذي يُصِرّ على مواصلة حرب الإبادة الجماعية، والتهرب من الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والإدارة الأميركية، بسبب انحيازها ودعمها وشراكتها في هذا العدوان»، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

امرأة فلسطينية ترتب الملابس على خط في مخيم بالقرب من مستشفى ناصر بخان يونس (إ.ب.أ)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، يرى أنه ليس من مصلحة «حماس» التخلص من الرهائن؛ كونها ورقة رابحة في يدها، لكن الاتهامات الإسرائيلية تأتي في إطار «حرب نفسية، والرد على عدم حسم اتفاق حتى الآن».

ولا يعتقد الحفني أن ضغوط الشارع الإسرائيلي ستسمح بتغيّر موقف نتنياهو، الذي يحتاج إلى ضغوط أكبر من ذلك ليتقبل الذهاب لاتفاق لا يريده؛ حفاظاً على بقائه السياسي، مشيراً إلى أن الأحاديث الأميركية بقرب التوصل لاتفاق «أحاديث استهلاكية انتخابية تُسمع من شهور بلا أثر».

في المقابل، يعتقد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن نتاج مقتل الرهائن، والتصاعد اللافت في الاحتجاجات والانتقاد داخل إسرائيل، سيدفع إلى «تقدّم حاسم وملموس، خصوصاً من واشنطن في ملف الهدنة».

ويرى أن موجة الغضب هذه المرة مختلفة، وتتبنّاها جهات عديدة، بخلاف المعارضة ضد نتنياهو، متوقعاً أن تجبر نتنياهو - لو تواصلت بنفس القوة - للقبول باتفاق، وتغيير مواقفه في العقبات الرئيسية، وأبرزها البقاء في «محور فيلادلفيا».

وليست المعارضة أو عائلات المحتجزين التي تطالب بموقف مغاير من نتنياهو، بل أيضاً يوآف غالانت، الذي دعا، الأحد، عبر تغريدة بمنصة «إكس»، إلى دعوة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) للانعقاد، وإلغاء القرار الذي صدر عنه، الخميس الماضي، بشأن استمرار بقاء الجيش الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا»، للذهاب لاتفاق محتمل حول صفقة تبادل أسرى.

الحفني يرى أن نتنياهو لن يستجيب لغالانت، وسيستمر في مساعي عرقلته أي اتفاق حتى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، على أمل وصول حليفه دونالد ترمب؛ للحصول على دعم أكبر لبقائه السياسي، مؤكداً أن المطلب المصري السعودي حلٌّ آمِن وسريع لإنقاذ المنطقة مما يقودها إليه نتنياهو، ويجب الاستجابة لها في أقرب وقت.

وبحذر يتفاءل فؤاد أنور بإمكانية أن يتراجع نتنياهو تحت الضغوط الداخلية المتصاعدة عن عقبة محور فلادليفيا، مؤكداً أن بايدن بحاجة إلى الاتفاق قبل الانتخابات الرئاسية، ولن ينتظر كثيراً، والفرصة حالياً بعد حادث مقتل الرهائن مهيّأة، مشيراً إلى أهمية الاستجابات للمطالبات العربية بإنجاز اتفاق يُهدّئ التصعيد بالمنطقة.