روسيا تشن أكبر هجوم على البنى التحتية الأوكرانية

موسكو تواجه محاولات التمدد حول كورسك وزيلينسكي يطالب الحلفاء بـ«قرار حاسم»

رجال إنقاذ يعملون على إخماد حريق تسبب به القصف الروسي في منطقة أوديسا الاثنين (أ.ف.ب)
رجال إنقاذ يعملون على إخماد حريق تسبب به القصف الروسي في منطقة أوديسا الاثنين (أ.ف.ب)
TT

روسيا تشن أكبر هجوم على البنى التحتية الأوكرانية

رجال إنقاذ يعملون على إخماد حريق تسبب به القصف الروسي في منطقة أوديسا الاثنين (أ.ف.ب)
رجال إنقاذ يعملون على إخماد حريق تسبب به القصف الروسي في منطقة أوديسا الاثنين (أ.ف.ب)

شنت القوات الروسية الاثنين، هجوماً صاروخياً واسعاً ومتزامناً على عدد من المدن الأوكرانية، استهدف منشآت البنى التحتية ومحطات تزويد الطاقة ومراكز تجميع ونقل العتاد العسكري. وعُدّ الهجوم هو الأعنف منذ اندلاع الحرب في فبراير (شباط) 2022، وتزامن مع هجمات مركزة شنتها قاذفات استراتيجية روسية على مواقع تجمع القوات الأوكرانية في مناطق كورسك ومحيطها داخل الأراضي الروسية.

وبدا أن التطور شكل الحلقة الأولى من «الرد الحتمي»، وفقاً لتعبير الكرملين، على توغل القوات الأوكرانية في منطقة كورسك ومناطق حدودية مجاورة. في حين دعا الرئيس، فولوديمير زيلينسكي، حلفاء بلاده إلى اتخاذ «قرار حاسم» بالسماح لبلاده باستخدام الأسلحة الغربية في توسيع هجومها داخل العمق الروسي.

وفي مؤشر الأوكراني إلى إطلاق الكرملين تحركاً عملياً واسعاً بعد مرور نحو 20 يوماً على التوغل الأوكراني في كورسك، أكدت الرئاسة الروسية الاثنين، أن الرد «حتمي»، وأن إجراء محادثات لوقف إطلاق النار مع كييف «لم يعد مطروحاً».

منازل دمرها القصف الروسي في منطقة كييف الاثنين (أ.ف.ب)

وتوغل آلاف الجنود الأوكرانيين بالأراضي الروسية في 6 أغسطس (آب)، في هجوم مباغت قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إنه يهدف إلى تعزيز موقف كييف في المفاوضات المزمعة وإبطاء تقدم القوات الروسية على الجبهة.

وقال الناطق الرئاسي الروسي، دميتري بيسكوف: «لا يمكن أن تمر هذه الأعمال القتالية دون رد مناسب... الرد آتٍ لا محالة»، بينما نقل موقع الكرملين عن بوتين قوله إن أوكرانيا ستتلقى «الرد الذي تستحقه» من دون مزيد من التوضيح.

ونفى بيسكوف صحة تقارير إعلامية تفيد بوجود نوع من مفاوضات وقف إطلاق النار بين موسكو وكييف. وقال: «لم تكن هناك مفاوضات... هناك كثير من التقارير في وسائل الإعلام عن وجود مفاوضات؛ لكن ليست كلها صحيحة». وأضاف: «لم تعد لمسألة المفاوضات أهمية كبيرة في الوقت الحالي».

وأضاف بيسكوف: «نحن لا نتحدث عن قرار منفصل هنا، وبالطبع لا يمكن أن تستمر مثل هذه الأعمال العدائية دون رد مناسب». وأضاف أن بوتين يتلقى باستمرار معلومات مباشرة (حول سير العملية العسكرية (...) الرئيس يعطي الأولوية للحصول على البيانات والمعلومات مباشرة من المشاركين في الميدان ومن يتولون تنفيذ العملية العسكرية».

وأشار بيسكوف إلى أنه «تم تنفيذ الضربات على منشآت البنية التحتية، وهي مرتبطة بشكل أو بآخر بالبنية التحتية العسكرية».

وفي ترجمة عملية لهذه الأقوال، أطلقت روسيا نحو 200 صاروخ ومسيّرة باتّجاه أوكرانيا، الاثنين، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وسدد ضربة لشبكة الطاقة الضعيفة أساساً في البلاد، حيث انقطع التيار عن عدة مناطق، بحسب ما أفاد مسؤولون.

ووقعت انفجارات في جميع أنحاء أوكرانيا تقريباً، وتم الإعلان عن حالة التأهب للغارات الجوية في البلاد بعد الساعة السادسة صباحاً بتوقيت موسكو.

وأعلن الجانب الأوكراني في الصباح، عن مواجهة هجمات مكثفة على منطقة دنيبروبيتروفسك (وسط)، وزابوريجيا (جنوب) إلى مقتل آخر، وجيتومير (وسط)، ولوتسك (غرب).

كما هاجمت روسيا البنى التحتية لشبكة السكك الحديدية في منطقة سومي الشمالية، ما أسفر عن إصابة رجل بجروح وتضرر أبنية، وفق ما أفادت شركة السكك الحديدية الأوكرانية الوطنية، التي أوضحت أن «بعض محطات السكك الحديدية التي انقطعت عنها الطاقة نتيجة الانقطاعات في شبكات المدينة، انتقل لاستخدام المولّدات الداعمة».

أضرار تسببت بها مسيرة أوكرانية أصابت مبنى سكنياً في بلدة ساراتوف الروسية الاثنين (إ.ب.أ)

وبدا أن الهجوم الروسي الواسع امتد ليشمل عشرات المدن والبلدات. وذكرت وزارة الدفاع الروسي أن الهجوم الضخم استهدف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، وضرب محطات فرعية للكهرباء ومحطات ضغط الغاز ومواقع تخزين للطائرات في 12 منطقة بالدولة المجاورة.

وأشارت الوزارة إلى أن «أهداف الهجوم كانت محطات فرعية للكهرباء في مناطق كييف وفينيتسا وزيتومير وخميلنيتسكي ودنيبروبيتروفسك وبولتافا ونيكولاييف وكيروفوغراد وأوديسا».

كما ضرب الجيش محطات ضغط الغاز في مناطق لفيف وإيفانو فرانكيفسك وخاركيف، التي تضمن عمل نظام نقل الغاز في أوكرانيا.

أوكرانيون يحتمون داخل محطة للقطارات في كييف خلال الهجوم الصاروخي الروسي الاثنين (رويترز)

بالإضافة إلى ذلك، تم وفقاً للوزارة الروسية، ضرب مواقع تخزين أسلحة الطيران التي نقلها الغرب إلى القوات المسلحة الأوكرانية في المطارات بمنطقتي كييف ودنيبروبيتروفسك.

وأبلغت السكك الحديدية الأوكرانية عن انقطاع التيار الكهربائي عن منشآتها في عدة مناطق، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للسكك في منطقة سومي التي تشكل نقطة انطلاق رئيسية للإمدادات التي تصل إلى القوات الأوكرانية المتوغلة في كورسك.

بالإضافة إلى ذلك، أبلغت السلطات المحلية في مناطق مختلفة عن أضرار لحقت بالمنشآت الصناعية والطاقة.

وقال زيلينسكي إن روسيا شنت أقوى ضربات منذ عامين ونصف العام، وزاد أنها استهدفت أوكرانيا بأكثر من 100 صاروخ ونحو 100 مسيّرة هجومية مصممة في إيران، ودعا حلفاء بلاده للمساعدة في إسقاط الصواريخ والمسيرات الروسية.

وزاد على وسائل التواصل الاجتماعي: «في مختلف مناطقنا الأوكرانية، بإمكاننا القيام بالكثير من أجل حماية الأرواح إذا عمل جيراننا الأوروبيون مع مقاتلاتنا من طراز (إف - 16) وأنظمة دفاعنا الجوية».

وأفاد رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك، بأن الهجوم أظهر أن كييف بحاجة للحصول على إذن لضرب «عمق الأراضي الروسية بالأسلحة الغربية».

قرار حاسم

وناشد زيلينسكي الشركاء الدوليين اتخاذ «إجراء حاسم» في أعقاب الهجوم الروسي.

وأضاف: «كل قائد، كل شخص من شركائنا يعلم أن هناك حاجة لقرارات حاسمة لإنهاء هذه الحرب بطريقة عادلة».

زوجان أوكرانيان في موقع سقوط صاروخ روسي بمنطقة أوديسا الاثنين (أ.ف.ب)

كما ناشد مجدداً رفع القيود على استخدام الأسلحة طويلة المدى التي يقدمها الشركاء الغرب، الذين يمنعون أوكرانيا حالياً من استخدامها في ضرب عمق الأراضي الروسية.

وقال زيلينسكي: «لا يمكن تقييد القدرات طويلة المدى لأوكرانيا عندما لا يواجه الإرهابيون مثل هذه القيود».

وأضاف: «أميركا وبريطانيا وفرنسا وشركاؤنا الآخرون لديهم القدرة على مساعدتنا في وقف هذا الإرهاب. حان وقت اتخاذ إجراء حاسم».

في المقابل، أفادت وزارة الدفاع الروسية في وقت متزامن تقريباً، بأن قاذفات مقاتلة من طراز «سوخوي - 34» هاجمت قوة بشرية ومركبات مدرعة تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية في المنطقة الحدودية لمنطقة كورسك.

وجاء في البيان العسكري أن الضربات تم تنفيذها على أهداف معادية مموهة ومستكشفة باستخدام قنابل جوية حديثة مزودة بوحدة تخطيط وتصحيح شاملة.

وقالت الوزارة: «بعد تلقي تأكيد من المخابرات بأن الأفراد والمركبات المدرعة التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية قد تم تدميرها، عاد الطاقم إلى مطار المغادرة».

كما أفادت وزارة الدفاع بأن جنود مجموعة قوات الشمال صدوا وأحبطوا هجمات شنتها مجموعات هجومية أوكرانية في اتجاه 8 بلدات بمنطقة كورسك. وعدّ هذا الإعلان رداً على تأكيد كييف الأحد، أن قواتها واصلت التقدم باتجاه عدد من المناطق في محيط كورسك.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تعلن إسقاط 200 صاروخ وطائرة مسيّرة أطلقتها روسيا

أوروبا جنود أوكرانيون (أرشيفية - أ.ب)

أوكرانيا تعلن إسقاط 200 صاروخ وطائرة مسيّرة أطلقتها روسيا

قال قائد القوات الجوية الأوكرانية إن الجيش أسقط 102 من أصل 127 صاروخاً إضافة إلى 99 من 109 طائرات مسيّرة أطلقتها روسيا في هجوم واسع، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم تمثال لفلاديمير لينين أمام عَلم روسي وسط مدينة كورسك (أرشيفية - إ.ب.أ)

أوكرانيا... من حرب الثبات إلى الحركيّة

يرى الخبراء أن أوكرانيا تعتمد الهجوم التكتيكي والدفاع الاستراتيجيّ، أما روسيا فتعتمد الدفاع التكتيكي والهجوم الاستراتيجيّ.

المحلل العسكري (لندن)
الاقتصاد روسية تشتري البقالة في أحد المحال بموسكو (رويترز)

بوتين يدعو إلى اتخاذ إجراءات منسقة لكبح التضخم

حثَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حكومته والبنك المركزي اليوم الاثنين، على اتخاذ إجراءات منسقة لكبح التضخم.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على مدينة دنيبرو الأوكرانية اليوم (رويترز)

هجوم روسي واسع النطاق على أوكرانيا بـ200 صاروخ ومسيّرة

سُمع دوي سبعة انفجارات على الأقل في العاصمة الأوكرانية كييف، اليوم (الاثنين)، في ظل تحذير على مستوى البلاد من هجمات جوية روسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

زيلينسكي يعلن «تقدماً» أوكرانياً في منطقة كورسك الروسية

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأحد)، إن قوات كييف حقّقت تقدماً محدوداً في كورسك الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف )

ماكرون ينفي وجود خلفية سياسية لاعتقال بافل دوروف مؤسس «تلغرام»

بافيل دوروف الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لـ«تلغرام» خلال فعالية في 21 سبتمبر 2015 في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا في الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
بافيل دوروف الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لـ«تلغرام» خلال فعالية في 21 سبتمبر 2015 في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا في الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
TT

ماكرون ينفي وجود خلفية سياسية لاعتقال بافل دوروف مؤسس «تلغرام»

بافيل دوروف الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لـ«تلغرام» خلال فعالية في 21 سبتمبر 2015 في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا في الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
بافيل دوروف الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لـ«تلغرام» خلال فعالية في 21 سبتمبر 2015 في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا في الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

نفى الرئيس إيمانويل ماكرون، اليوم (الاثنين)، وجود أي خلفية سياسية لاعتقال مؤسس تطبيق «تلغرام» بافل دوروف، بعد أن أمضى قطب التكنولوجيا يوماً ثانياً في الحجز، إثر اعتقاله المفاجئ في مطار باريسي.

وأُثيرت تساؤلات عديدة حول توقيت وظروف اعتقال دوروف، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت مصادر قريبة من القضية إن دوروف متهم بعدم الحد من انتشار المحتوى غير القانوني على تطبيق «تلغرام» الذي يضم أكثر من 900 مليون مستخدم، فيما نفى التطبيق هذه الاتهامات.

ولد دوروف في الحقبة السوفياتية لعائلة مثقفين في لينينغراد المعروفة اليوم بسانت بطرسبرغ وأمضى طفولته في إيطاليا قبل أن يؤسس أكبر شبكة اجتماعية في روسيا آنذاك «فكونتاكتي» (VK) عندما كان في العشرين من عمره. وأنشأ تطبيق «تلغرام» بعد مغادرته روسيا قبل عقد. وتقدر مجلة «فوربس» ثروته الحالية بـ15.5 مليار دولار.

وكتب ماكرون على منصة «إكس» أنه يصحّح «معلومات كاذبة» تتعلق بالملف، قائلاً إن توقيف دوروف «جاء في إطار تحقيق قضائي لا يزال جارياً».

وكتب في تعليق استثنائي على ملف قانوني: «ليس قراراً سياسياً بأي شكل من الأشكال. القرار يعود إلى القضاة الذين يتولون القضية».

ويحمل دوروف (39 عاماً) جواز سفر فرنسياً، بالإضافة إلى جنسيته الروسية.

«ليس لدوروف ما يخفيه»

وقرر قاضي التحقيق تمديد حبس دوروف، الأحد، بحسب مصدر مقرب من التحقيق. وقد يستمر الاحتجاز الأولي بداعي الاستجواب لفترة تصل إلى 96 ساعة.

عندما تنتهي هذه الفترة، يجوز للقاضي إما إطلاق سراح دوروف وإما توجيه تهم إليه ووضعه في الحبس الاحتياطي.

وقال مصدر مقرب من القضية إن دوروف وصل إلى باريس قادماً من العاصمة الأذربيجانية باكو وكان يعتزم تناول العشاء في العاصمة الفرنسية.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن حارساً شخصياً ومساعداً كانا برفقة دوروف ويلازمانه في جميع تنقلاته.

ونقطة الاستفهام الرئيسية هي لماذا توجه دوروف إلى فرنسا عندما كان على الأرجح يعلم أنه مطلوب. وقال مصدر مقرب من القضية طلب عدم ذكر اسمه: «ربما كان لديه الانطباع بأنه سيفلت من العقاب».

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في باكو، في زيارة دولة لأذربيجان في 18 و19 أغسطس (آب)، لكن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف نفى أن يكونا قد التقيا.

ودوروف متهم بعدم اتخاذ إجراءات للحد من استخدام منصته لأغراض إجرامية.

وقال مصدر آخر إن المكتب الفرنسي المكلف بمنع العنف ضد القاصرين أصدر مذكرة توقيف بحق دوروف في تحقيق أولي في جرائم مزعومة، بما في ذلك الاحتيال والاتجار بالمخدرات والمضايقات عبر الإنترنت والجريمة المنظمة والترويج للإرهاب.

وقال تطبيق «تلغرام»، رداً على ذلك: «ليس لدوروف ما يخفيه وهو يتنقل كثيراً في أوروبا». وأضاف: «يلتزم (تلغرام) بقوانين الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك قانون الخدمة الرقمية - ويحترم معاييرها». وتابع: «من غير المنطقي الادعاء أن منصة أو مالكها مسؤولان عن سوء استخدام تلك المنصة».