سيول جديدة تدمر مدينة في شرق السودان وتخلف قتلى ومئات المفقودين

نداءات لإنقاذ العوائل العالقة... وغياب تام للسلطات

إحدى القرى التي غمرتها مياه الفيضانات في طوكر (مواقع التواصل)
إحدى القرى التي غمرتها مياه الفيضانات في طوكر (مواقع التواصل)
TT

سيول جديدة تدمر مدينة في شرق السودان وتخلف قتلى ومئات المفقودين

إحدى القرى التي غمرتها مياه الفيضانات في طوكر (مواقع التواصل)
إحدى القرى التي غمرتها مياه الفيضانات في طوكر (مواقع التواصل)

دمرت السيول بالكامل مدينة طوكر في أقصى جنوب ولاية البحر الأحمر (شرق السودان). وأشارت أنباء مؤكدة إلى مصرع 10 أشخاص على الأقل في حصر أولي، وفقدان مئات أثناء محاولاتهم الخروج من المنطقة، في حين أطلق الأهالي نداءات استغاثة عاجلة لإنقاذ العالقين في العراء.

ووفق سكان محليين، فقد وصل منسوب الفيضانات التي غمرت المدينة إلى مستوى المترين، وأدى إلى انهيار كل المنازل بالكامل جراء المياه التي تدفقت بغزارة من 3 اتجاهات، بعد أن دمرت وادي «بركة».

من السيول الجارفة في طوكر (متداولة)

وتسبب انهيار «سد أربعات»، الذي يغذي مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة، في عزل الكثير من المناطق بالولاية الشرقية جراء انقطاع عدد من الطرق الرئيسية.

وأفاد سكان في طوكر «الشرق الأوسط» بأن الوضع «كارثي للغاية»، وهنالك حاجة عاجلة للقوارب لإجلاء المئات من النساء والأطفال وكبار السن وهم بلا طعام ولا مياه شرب منذ ليل الأحد - الاثنين. وعبروا «عن مخاوف كبيرة من سقوط المزيد من الضحايا حال لم تتحرك السلطات على نحو عاجل».

وتبعد طوكر نحو 250 كيلومتراً من مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، ويقطنها أكثر من 170 ألف نسمة، وظلت تعاني لفترات طويلة من الإهمال الحكومي المركزي والولائي.

وتشير المعلومات الأولية إلى تدمير وتضرر أكثر من 20 ألف منزل، وتشريد قرابة 120 ألف مواطن، وأضرار كبيرة في القطاع الزراعي والحيواني يتعذر حصرها في الوقت الحاضر.

مياه السيول والفيضانات غيرت معالم المدينة بالكامل (مواقع التواصل)

وتقول المصادر المحلية، التي تحدثت لــ«الشرق الأوسط»، إن هنالك «العشرات من العائلات التي لجأت إلى الجبال والمناطق المرتفعة هرباً من السيول وخوفاً من انهيار المنازل فوق رؤوسها... وليس هنالك أي تحرك من جانب السلطات».

وأكد «تحالف القوى المدنية لشرق السودان» عدم توفر إحصاءات موثوقة لأعداد الضحايا في مناطق طوكر والمربعات والمرافيت؛ حيث لا يزال عدد من الناس في عداد المفقودين في مناطق محاصرة المياه.

ودعا المتحدث باسم التحالف، صالح عمار، سلطات الأمر الواقع في بورتسودان إلى إرسال طائرات لإنقاذ المحاصرين بالمياه، ورفع القيود عن حركة المنظمات المحلية والدولية.

من آثار الكارثة الجديدة (مواقع التواصل)

بدورها، قالت وحدة الإنذار المبكر بهيئة الأرصاد الجوية، الاثنين، إنه يُتوقع هطول أمطار غزيرة جداً مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية في 10 ولايات بالبلاد. وأضافت، في النشرة اليومية، أن الأمطار الغزيرة قد تؤدي إلى جريان سيول جارفة وفيضان الأودية والخيران.

كما توقعت هطول أمطار غزيرة في الهضبة الإثيوبية ومرتفعات إريتريا، التي قد تؤدي أيضاً لفيضان الوديان والخيران ونهري القاش وعطبرة.

ووفق وحدة الإنذار المبكر، فإن الأمطار الغزيرة ستهطل في كل من ولايات: البحر الأحمر، والشمالية، ونهر النيل، وكسلا، والقضارف، والخرطوم، والجزيرة، والنيل الأزرق، ودارفور.

وكشفت السلطات الحكومية بولاية البحر الأحمر، الأحد، عن أن السيول والأمطار مسحت 5 بلدات بالكامل جراء انهيار «سد أربعات» الرئيسي الذي يغذي العاصمة بورتسودان بمياه الشرب.

ووفق التقارير الحكومية الرسمية، لقي نحو 60 شخصاً مصرعهم بسبب الأمطار الغزيرة ومياه السيول الجارية، التي اجتاحت البلدات حول بورتسودان، لكن مصادر مستقلة تتحدث عن وقوع أعداد أكبر من الضحايا لم يشملهم الحصر الرسمي.

وقدر مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان (أوتشا)، في أحدث تقرير له، مطلع الأسبوع الحالي، تأثر ما يقدر بنحو 317 ألف شخص، (56 ألف أسرة) بالأمطار الغزيرة والفيضانات في 60 منطقة عبر 16 ولاية في السودان، منذ بداية هطول الأمطار في يونيو (حزيران) الماضي.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

خاص وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لقاء حاكم اقليم دارفور و نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (فيسبوك)

مناوي: أجندتنا المحافظة على السودان وليس الانتصار في الحرب

قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، إن أجندة الحركة «تتمثل في كيفية المحافظة على السودان، وليس الانتصار في الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا «مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

«مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان

استنكرت الجزائر باسم «مجموعة أ 3 بلس» بمجلس الأمن الدولي، التقارير الحديثة عن عمليات القتل الجماعي والاختطاف والاغتصاب في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».